1 ــ روتين
العم حسن له بغل وطنبر يركب البغل كأنه يركب فرسا أصيلا ،يعتني بطنبره كأنه يعتني بسيارة فاخرة، يعلق أسفله فانوسا يضيئه في الليل لينير له الطريق، يعود إلى بيته منتصف الليل يغني العتابا والميجانا بين أشجار الجوز والحور. كل مساء يعود إلى بيته يُقبل أطفاله، تغسل زوجته رجليه وتمسح عرقه وتطعمه ،تلاعب شعر رأسه فينام، ليستأنف عمله المعتاد في صباح اليوم التالي .
2 ــ البيطري
سلمان بيطري يطبب الحيوانات صوته عميق وقوي كالرعد يصرخ في أذن الدابة فتنام ،يعالجها على رواق ثم يقبض أجرته كالطبيب، وعند عودته إلى البيت يعطي امرأته غلة يومه، تصب الماء عل يديه ،تذهب إلى غرفتها ،ينسى مهنته ،يتبعها مبتسما محملا بالشوق.
3 ــ الراعي
زيد خفيف كالثعلب صوته حاد كزمور سيارات الشحن جسمه صغير ونحيل يدخل في العباءة كالمغارة يحملها ويبقى خفيفا يسابق الريح، يستأجره الناس لرعي مواشيهم.
من رائحته تعرفه المواشي وتتبعه من السهل إلى الجبل كتلاميذ المدارس.أهل القرى يعرفونه من صوت شبابته، ينتظرونه فيعزف لهم ألحانا جميلة ،يُرقص حاجبيه وشاربيه كالمهرجين ،يعطونه المال والزاد ويرحل إلى مكان آخر.
4 ــ الفراشة
ذات مساء كنت جالسا في غرفتي مندمجا في مطالعة كتاب ،فجأة ركض احد أبنائي وشدني مشيرا بإصبعه إلى النافذة فصرخت به ،لكنه أصر على سحبي ، تقدمت فوجدت بقية أولادي الصقوا أنوفهم بزجاج النافذة يتأملون بطن فراشه خارج الزجاج ويتابعون دبيبها في عجب هادئ مطلقين بين الحين والأخر أصوات دهشة وتعجب. وإنا أراقبهم تملكتني مثل الرهبة التي تملكتهم .
https://www.facebook.com/you.write.syrianews
مع قصر هذه القصص وقلة كلماتهاإلا أنها تعبر عن ممعاني كثيرة بشخصياتها التي تحكمها البساطة والطيبة والعفوية, إنها تعبر عن جمال الحياة في وقت لم نعد نرى فيه سوى قسوة الكراهية والحقد والانتقام.