syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
حوار مع صديقي المثقف ... بقلم : قصي الحكيم

بعد أن أكمل لف لفافة تبغه وضعها داخل مشربه المعتق العائد لأحد أجداده و أمسكها بين سبابته و اصبعته الوسطى أردف قائلا...
نحن الآن أصبحنا في زمن تجوله العولمة و قد بدأ واقعنا المزري ينكشف على العالم و في مجتمعنا من هم متعلمون يسعون لاستيراد عادات و تقاليد و أساليب حياة من المجتمعات الاخرى بما لا يليق و اعتقادنا و طبيعة تفكيرنا و أخلاقنا....


بكامل إصغاء له وبحركة مباغتة سحبت من يده لفافة تبغه و كنت أعلم كم يكره هذه العادة اذ ستكلفه هذه الحركة عناء لف لفافة اخرى من ذاك التبغ العربي الفاخر و هو ما كان يكرهه اثناء النقاش... فقد كان يفضل لو وجد منها لفافات جاهزة لا تقطع وصلات كلامه....
عند أذكياء السياسة أو المفكرين يعمدون لحشو الغليون أو سرقة ثوان للف لفافة تبغ كي يكون لهم ما يكفي من الوقت للتفكير و التخطيط لسياق حديثهم و ترك محاورهم يلهو بما ذكر قبل البدء بحشو التبغ....

 

أما صديقي فكان يكره هذه المراوغة و هذا الاسلوب فقد كان يعتبره شيئا يزيف شفافية الحوار الذي برأيه يعتمد على البديهة و سرعة الاجابة... أخالفه أنا في رأيه ولكن أيا كان فهذا رأيه وعلي احترامه....

أشعلت لفافة التبغ و رحت أزفر أول زفرة لألوث مدى عينيه. ... لكني فشلت
فهاهو بتلك النظرة يقول هكذا ألاعيب لا تمر من أمامي دون أن ألحظها...

قلت له ماذا تقصد أتريد أن ننغلق على أنفسنا و نعيش في قوقعة مغلقة 
بإحكام على أن لا نحتك بفكر الاخرين...

رمقني و قال.. انا أسعى لتوعية هذا الشعب و هذا الاطار الاجتماعي المحيط حولي و منه لباقي المجتمع. .. نحن بحاجة لتوجيه و تثقيف و العمل على نشر الوعي و الدعوة لإعمال العقل...
وها أنا وضعت هنا جدولا لنبدأ كل حسب محيطه هنا نكتب الاسم و هناك نكتب الاختصاص و نكتب الى جانب اسم كل شخص ماينقصه من دفع ليتجه نحو الادراك و التفكير...
و من ثم علينا البدء باللقاءات و رويدا رويدا شخصا شخصا سنرفع من شأن هذا المجتمع...

وضعت السيجارة الى جانب فنجان القهوة و قلت له مستهزءا :
إن شخصا لا يدعو عقله لحفظ رقم هاتف او كلمة سر حسابه في احدى المواقع كيف تريده ان يفكر. ..

نحن سنبقى على تلك التبعية العمياء الى ان يشاء الله..

امتعض و راح يحشو تبغه في سيجارة جديدة عله يزفر بها حزنه على هذه الأمة و بعد أن انتهى قال لي أ تعلم...؟

التبغ هو المفكر الوحيد الذي يستحق منا كل الاحترام. .. انظر كيف يحترق في سيجارة تلو الأخرى و هو يعلم أننا سنرميه الى جانب من سبقه من سجائر بعد أن نزفر الألم بواسطته و لكنه دوما يقدم كل ما بوسعه لندرك حقيقة الألم...

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-01-28
التعليقات