للمرّةِ الأولى
من سنين ملله وصلَ إلى بوّابةِ دوامهِ المرتفعةِ كأسوار خيبته ، متأخراً على غير
عادته ، تراجع خطوتين عادلاً عن فكرة صعود الدّرج ، فأسرعَ إلى المصعد الكهربائي
وما كان يدري بأنه .........................ملغّ
أهي ساعتهُ التي وسوست لهُ كي يسرع ، أم إحساسهُ بوجودها في نطاق وعيه وإدراكه اللاواعي لحضورها بتردّدات جسدها والتي حفظها جسدُهُ غيباً ، أسرع به هكذا .
شيء ما عصف في داخله بأن يصعد المصعد وهو الذي ماتعوّد حتى أن يتجوّل بين طوابق أعماقه بدونها ، تفاجأ بذلك الوجه الذي أدمنهُ لسنوات ، بذلك العطر الذي احتلّهُ وقفز إلى ذاكرته مراراً وتكراراً فكان ترياقاً للّيالي الجليدية .
لكن ظلال سنين أيامه كانت قد ألقت تعبها عليه أكثر من عينيها اللتين لازالتا تحتفظان بذيّاك البريق العسلي الاستثنائي لعواطفه .
ما الذي أوعز له في هذا الصباح المراوغ أن يلبس تلك الكنزة بالذات بدون وعيٍ منه ، لطالما حذف هذا اللون من رزنامة ملابسه كي لا يشتمّ عطرها في ثناياه فيوقظ فيه برد السنين .
كان كلّما رأى عينان عسليّتان ، يشتعلُ حنينهُ وينتفضُ قلبهُ بالدقات كأجراس الكنائس في العيد .
لكن وفي تلك الدقائقِ بالذات تباطئت الساعة ومرّت السنوات أمام عيني عقله ، فقد كانت تلبس نفس اللون الذي عشقه لأجلها ( والذي احتال عليه صباح اليوم ليلبسه )،
مع قرطٍ يحمل نفس اللّون يهسهسُ بأحجاره الخضراء المزرقّةِ اللامعة .
صفعتهُ العاصفة وسقط فريسةَ أشواقهِ الدّفينةِ والتي قلّم أشواكها لأعوامٍ مضت :
كيف أيّامُكِ
؟.............................
وأنت
؟.............................
( توقّف الزمن للحظاتٍ لتعلق الإجابة في حبالهِ الصوتية )
ثم نطق :
عاديّة........................
صرخت الأسئلةُ بداخله : لماذا هذا اللون بالذات ؟ وهذا اليوم بالذات ؟ وهذا العطر بالذات لازال متوحداً معكِ ؟
أجاب الصمت بين جناحيه : نبتَ للحنين عندي أصابعٌ وأقدام فركضَ مراراً نحوكِ ، وأشارت أصابعهُ مراراً لكِ ..................لكنكِ رحلتِ .
تركتني على قارعة الدهشة ورصيف الألم ...............ورحلتِ .
لماذا عدتِ الآن بعد أن تعوّدتُ غيابكِ ؟ لماذا بعد أن اجترعتُ آخر قطراتي من كأس صبري وكدتُ أُشفى منكِ ؟
نزلت من عينيها دمعةٌ أحرقت كلَّ غاباتها الخضراء وفكّت قيود الذكريات ، وكأنّ أصوات أنين أعماقه رنَّ صداها في أعماقها .
فُتِحَ بابُ المصعد ، لتخطو قبلهُ خطوتين على وجعهِ وجرحهِ النّازف الذي خيّطهُ مئاتُ المرات في غياب شمسها من حياته .
توقّفت ثانيةً وكأنها أرادت أن تعطيه إجاباتٍ لما تبقّى من نداءاته الخفيّةِ لها ، ولكنّها خطت بعيداً مخفيةً دمعتها الحارقة ، فهي حتى الآن ليست مستعدةً لانهيار حصونها عندما تشرحُ لهُ أسباب ضعفها وهروبها من دروبه إلى دروب مرضها.............؟؟؟؟؟؟؟؟
https://www.facebook.com/you.write.syrianews
أدام الله دفئ كلماتك الذي ينساب إلى مسامعنا ويراقص مشاعرنا ويوقظ فينا الحنين إلى أيامٍ خلت ..............وفقك الله.
توقف الزمان لحظاتٍ لتمر عاصفة أنفاسك المغامرة على حروف هذا المشهد الجميل والحب الجميل .... بالتوفيق