syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
هذه قصتي مع حفيدتي و التكنلوجبا ...بقلم : عفاف قصاب حسن

لقد كان حلماً أن تمر ذكريات طفولتي من أمامي، و أن أرى مشاعري التي عشتها بين عامي السادس و السابع من العمر من خلال حفيدتي.

فتذكرت حين صنع لي والدي سريرا خشبياُ لدميتي الصغيرة، بينما أخاطت لي والدتي المفرش و الوسادة، وقتها عشت أسعد لحظات عمري بترنيم أغنياتي اليومية لها قبل النوم. هكذا كانت من أحلى و من أجمل اللحظات للتمتع بأحلامي الطفولية بتلك الحقبة الزمنية.


ومضت السنين و انطوت الأيام و الليالي وجاء اليوم الذي قررت به زيارة حفيدتي (دانيا) والتي تبلغ من العمر ست سنوات و التي تعيش بمدينة مسقط برعاية والديها.

كدت أطير فرحاً حين اتخذت قراري بالسفر إليهم و التمتع بالسعادة إلى جانبهم، و تذكرت فرحتي ومشاعري الطفولية رغم الفارق الزمني. و حلمت برؤية حفيدتي (دانيا) وبريق ضحكتها الجذابة من خلال هديتي المتواضعة.

فصنعت لدميتها نفس السرير الخشبي الصفير و أخطت نفس المفرش و الوسادة، وما لفرحتي من حدود باللقاء القريب معها.

 

وصلت مدينة مسقط. وكان لقائي مع حفيدتي حلماً رائعاً، رافقه عناقاً طويلاً و التفت يدانا حول الأعناق، وكرقصة المولولية جلنا بأرجاء الغرفة مع القبلات وعندما انتهينا من جولتنا هذه قدمت لها هديتي المتواضعة منتظرة تعابير فرحتها لامزجها بفرحتي.

أخذت الهدية من يدي و قبلتني و عبرت عن سعادتها بكلمة (شكراً تيتة). وكان ما لا لم أتوقعه من طفلة صغيرة بعمرها أن تركن الهدية في إحدى زوايا الغرفة، و تعود لطاولة الدراسة التي تربع عليها جهاز الكومبيوتر لتتابع دراستها.

 

لقد أدهشني ما ترسمه على أوراق دفترها فسألتها؟ ماهذا يادانيا ؟ ماذا ترسمين؟ .. أجابت إنه مومياءً فرعونياً. لم أصدق أنها تعرف تلك المعلومة لصغر سنها، فكررت سؤالي وأين يوجد هذا المومياء؟ أجابت إنه في مصر. مرة أخرى لم أصدق مالم أسمعه فألحيت عليها بسؤال أخر ..أين تقع مصر؟ أجابت و بسرعة بديهية إنها في القارة الإفريقية.

لا .. لا.. ولم و لن أصدق أنها تعرف تلك المعلومة لصغر سنها.

 

هنا توقفت عن أسئلتي و تذكرت أننا اليوم لم نعد في عصر الدمية  والسرير ولا في عصر الحكايات و الأغاني ولا عصر الرومنسية، نحن اليوم في عصر التكنلوجيا  والكم الهائل من المعلومات. و نظرت إلى جهاز الكومبيوتر نظرة منافس ٍ و متحدٍ و تمنيت أن يكون له وجه و يدان لاصارعة وأتغلب عليه لكي أستعيد حفيدتي إلى أحضاني وأبثها أشواقي و أشبعها من حكاياتي و أغنياتي و حناني.

 

وهنا أيقنت بأنه هو الأقوى وأنه تغلب و تفوق على حبي ومشاعري الطفولية. وسرق مني حفيدتي وسرق معها حميميتي وأحلامي الطفولية.

 

ورغم كل هذا، إني أعترف وأنحني له بأنه هو الأقوى والأجدر وأنه خير خبير .. و خير دليل .. و خير صديق ولكن لطفاً أيها الجهاز التنكنلوجبي العظيم. ورغم إعترافي لك بكل حسناتك أرجوك و أطلب منك الرأفة بأن تترك لنا نحن (الجدات) فسحة نتبادل بها الحب والحكايات والأغاني و التواصل الدائم مع الأحفاد. وأن توسع المساحة التي تتبادل بها العائلة العلاقات الأسرية بالمودة و الحب بين الأهل والأصدقاء.

و شكراً

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-03-17
التعليقات
Rasha
2014-03-20 01:38:23
thanking to the writer
Very much beautiful article. Touches an important aspect in a very meaningful and emotional way. Thank you.

البرازيل