كان وقت الظهيرة في يوم ماطر عندما وقفنا أنا و أخي الأكبر أمام الطبيبة في المشفى حيث كانت أمنا فيه قلنا لها و بحرقة بأن أمنا تكاد لا تستطيع التنفس، أومأت برأسها بأسف و قالت: أرجوكم أن تسمعوني جيدا نحن فعلنا ما بوسعنا و أكثر و لكن أمكم استنفزت جميع طرق العلاج أفضل أن تأخذوها إلى البيت و ذلك لأننا لا نستطيع أن نقدم لها أي شيء بعد اليوم و الأفضل لها أن ....
قاطعتها قائلا و عيناي دامعتان: يا دكتورة
يعني أن أمي سوف تموت هكذا بكل بساطة
ألا يمكن أن نفعل شيئا لأجلها أرجوكي افعلي شيئا... غص الدمع في عيني الطبيبة و لم
تجبني بشيء ثم
قالت: الأعمار بيد الله وحده و أنتم لم تقصروا تجاهها.
لأول مرة عرفت اليأس الذي لا يقهر و أحسست بذاتي تتآكل و أن العالم توقف فكيف لا و
أنا تعودت أن أتنفس أمي
و أقبل قدميها الطاهرتين و أنا الذي عودتها كما عودت نفسي أن أظل بجانبها طيلة فترة
مرضها التي تجاوزت الخمس
سنين جعلتني أقدس أمي فهي من بعد الله و هي التي جعلت لفرحي معنى و لسعادتي معنى و
لا لسعادة من دون أمي أي قيمة.
.
تركت الطبيبة أنا و أخي و مسحت دموعي التي كانت تأكل من وجهي و عندما وصلنا إلى
غرفة أمنا قلنا لها
بأن تهدأ و أننا سنأخذها للبيت و ما كدنا أن ننهي كلامنا حتى صرخت بوجهنا: لماذا كي
أموت هناك ؟ لماذا ستأخذوني؟
تركت أخي معها و خرجت وحيدا من غرفتها و قلبي يتناثر ألما... أمشي بخطى مشلولة
أتنفس لهب الموت.
يا الله أنقذها يا الله احفظها.... دعوات سمعها الله السميع العليم و سمعتها أجراس
الكنائس و مآذن المساجد.
كانت مشيئة الله أن يتوفاها بعد أن قاومت مرض السرطان مدة خمس سنوات قاسيات
عندما قرأنا الفاتحة على قبرها و جاء وقت المغادرة لم أعرف ما هو الشعور الذي
انتابني
شعور طفل مسكين مكسور الجناح مقهور ضعيف لم تنفعني رجولتي من حبس دموعي
رحم الله أمي و أمهاتنا جميعا فهن عبق الحياة بل هم أمهات الحياة نفسها.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews
.