syria.jpg
مساهمات القراء
فشة خلق
بين الطريق الشرعي والتهريب ... بقلم : rim atassi

بين الطريق الشرعي والتهريب .. أموال منهوبة، ورحلة موت للوصول أو اللاوصول..


عندما بدأت الحرب في سوريا عام 2011، توقع الجميع على أنها أزمة وقت، وينتزع أحد الأطراف كأس الانتصار بغض النظر عن الضحية، وعن ارض الملعب التي دمرت، توقع الجميع أنها مسألة وقت وببعض عمليات الارهاب والاعتقال والقتل والخطف سيتوقف كل شيء وستعود سوريا كما كانت، وما بين ال2011ونهاية ال2014، يتساءل من بقي على قيد الحياة اليوم من أنا وكيف وصلت إلى هنا؟!


حملت الظروف بداية اصحاب الاموال على الهجرة، ثم مع تأزم الوضع شهدت سورية حركة نزوح بعيدة المدى بالنسبة للفئات المعدومة والفئات ذات الوضع المادي الجيد، فكان من فئة الطبقة الأخيرة أن تقدمت للجوء الانساني في بعض الدول العربية بتأمين ما تحمله من رصيد بنكي، وتابعت اعمالها وحياتها في نطاق جغرافي آخر، في مقابل الطبقات المعدومة التي لم يكن أمامها سوى أن تلجأ إلى حدود أقرب دولة عربية، حيث تم استقبالها داخل مخيمات مزرية، وكان التعامل معها ليس بما يليق بها وأقل، بل أقل بكثير، وشاهدي وسائل الإعلام التي كانت تتابع انتشار امراض اجتماعية كبيع الفتيات كسبايا، وامراض صحية كالتهابات الكبد، والانفلونزا، والايبولا اخيرا ..


فبين برج خليفة المرفه، وبين مخيم الزعتري المعدوم، بقيت شريحة كبيرة من السوريين محتجزة داخل الحرب، شريحة ممن دفعتهم قوميتهم ووطنيتهم للبقاء، وشريحة الطبقة الوسطى التي لم تكن تحارب الموت بكرامة وحسب، بل كانت تواجه ارتفاع الاسعار وانقطاع الشبكات، والتحرشات الامنية من الطرفين المتنازعين، ومن ضمن هذه الشريحة مجموعة من المتمردين، الذين لم يكن أمامهم لمتابعة مسيرتهم في الحياة إما الهجرة وإما مصير مجهول ..


لكن للأسف حتى في الهجرة كان مصير البعض مجهول، فبين طلبات الفيزة المرفوضة سلفا للسوريين، وبين طريق التهريب، ضاعت أحلام وانكسرت خواطر، ودهست كرامات، ونهبت اموال وفقدت ارواح ..
من تركيا التي تحولت إلى معقل للسوريين المهاجرين، إلى اليونان التي ترفض وجود السوريين في الوقت الذي تقف فيه على حدودها منعا لمغادرتهم، يتساءل الكثيرون إلى أين السبيل؟
مبالغ طائلة توضع في مكاتب تأمين على الأرواح، تترواح بين اﻷرقام (3000-6000€)، وليس لك أن تتساءل عن طريقة تحصيلها، أو عن ما تخلى المقدم على هذه المغامرة عنه لقاء تحصيل المبلغ..


أشخاص باعت منازلها وشقاء عمرها، واشخاص حصدت ما عملت لاجله طوال حياتها لتخرج عوائلها من دائرة النار التي تحصد كل شيء أمامها، أناس جمعت المال بطريقة استدانة، وأخرى بقروض، ووسائل كثيرة، لتقاجئ بأنها اليوم وصلت إلى طريق مسدود، وأن هذا المبلغ سيوصلها إلى الهلاك قبل دولة اللجوء..


بين خيار أن تسافر جوا أو بحرا أو سيرا على الأقدام، يتحدد مصيرك بملامحك، فإن كنت ذا ملامح عربية بحتة فليس أمامك سوى السير، وإن كنت محير الملامح، فأمامك الخيارات جميعها متاحة، ليتم التقامر بك عن طريق هويات وجوزات سفر مزورة، بعض وضع المبلغ الذي تحمله في مكتب التأمين ..


وهنا نصل إلى زبدة الحديث الحقيقة، إلى السوري مجهول المصير، الذي وصل إلى نقطة معينة فلا هو قادر على البقاء ولا على المسير، طريث الرجوع مستحيلة ولا سبيل للتقدم، وفي النهاية يقدم على رحلة، تدعى رحلة الموت، بين الغرق، او الموت تشردا في غابات نائية، او العيش على طعام القمامات، والنوم في الحدائق، هنا اتساءل بالنيابة عن هؤلاء الناس الذي منهم من خلف وراءه اطفال منذ اكثر من سنتين، ومنهم من ضحى بكل شيئ ﻷجل أن يحظى بحقه المشروع في الحياة، إلى متى سنظل محتجزين؟! وإلى متى سيظل خيارنا في مواجهة الموت قائما، بين الموت في مواجهة حرب لا تنتهي ومواجهة رفض تواجدنا؟!


https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-10-26
التعليقات