كثيرا ما يكون مشهد المتسول في المسلسلات العربية مؤثراً ومؤلم وكنا نتمنى أن المخرج لا يضع ذلك المشهد حفاظاً على المشاعر العائلية من الخدش والنظر للشارع نظرة سلبية وخصوصية الموقف ونحن نشاهد هذا المسلسل بحضور العائلة والأطفال.
بطبيعة الحال وخوفاً من انقلاب المفاهيم لدى هؤلاء الصغار ونحن نتحدث عن العطف والأحسان وأغاثة الملهوف وما يحثنا علية ديننا الحنيف وأخلاقنا الراقية التي تربينا عليها ونبدأ بشرح المشهد أيام كثير لأبنائنا لكي نمحو تلك الصورة السلبية وحجتنا أنها مجرد تمثيلية في التلفاز موضوعه عن مكان بعيد وزمن غير محدد .
بعد الانتهاء من هذه المهمة الشاقة بإقناع الأطفال لا ندرك أن مشهداً واحداً من الواقع سوف يفقد ثقتة بنا الى الأبد ولم يقبل بأن هذه المشهد مجرد توظيف للنص وحبك للرواية مهما بذلنا من جهد وحاولنا أن نفسر ذلك الشيء وعند نزول الطفل الى المحيط به يرى العجب العُجاب عن أنواع وأشكال المتسولين فالمنظر يعتبر صدمة كبيرة لذلك البريء الذي لم يكن يتمنى المرور بهذا الطريق ورؤية هذا المنظر بالأضافة للأشكال التي دائما نقنع أنفسنا أن الشحاذين يملكون عمارات وعقارات لكي نخفي خيبة المجتمع أتجاههم ومحاولة بترهم من قاموس كل شيء بل والزج بهم بكل شيء قبيح نريد أن نشرحه لأبنائنا .
ونسمع الكثير من الأصوات الصادرة منهم وتكون محزنة مستجلبة للعطف والرقة اتجاههم لكي نجود ونتكرم عليهم ببضع فلوس وهذه الفكة ما أسترجعناها من بائع الأكسسوارات بل ونمشي الخيلاء ونحن ننفق ونمد يدنا الى جيوبنا لكي لا تعلم يميننا ما أنفقت شمالنا .
في أحيان كثير يكون وقع صوتهم ذو قافية وملحنة بطريقة ملفتة للانتباه ( صدقة قليلة تمنع بلاوي كثيرة ) وغيرها من المختصرات والعبارات الموزونة شعرياً والمكسورة مالياً لم يخطر ببالنا أن هؤلاء المتسولون هم جزء بسيط من الفقراء والمحتاجين فالغالبية العظمى لم يسعفهم الحظ للخروج بقضيتهم الكبرى الفقر الى الشارع لأسباب كثيرة خافية علينا هو يعلمها صاحب الفاقة التوسل .
فالاستجداء العاطفي من هذه الفئة كبير ومُلح على المجتمع الكبير الذي الكثير منه ليس أحسن حالاً من هذا المتسول الذي يبحث عن لقمة يسد بها رمقه في وسط مغالطات ومفاهيم خاطئة عنه طوتها تلك المشاهد الدرامية أما في الواقع فهو مرير الى درجة الصبر لم يعد يطاق من تلك المعاناة المزرية لحال هذا الثقب الأسود في جسد المجتمع المتآخي فأول ما يخطر ببالنا هو أين جمعيات المجتمع المدني مُنزلين المسؤولية عن الدولة لأننا لم نعد نطيق التوسل والتسول على أبوابها الكثيرة فمن يطبق القانون يسيره حسب رغبته.
فالقانون لا يملك عيون ولا قلب فهؤلاء يحتاجون الى قلب حنون وعيون حانية فتلك الجمعيات الكثيرة بفئاتها المتعددة المشارب الثقافية والدينية والمعيشية أين هي عن الوضع المزي للكثير من المحتاجين هل لنا بهذا السؤال الكبير بحجم الجبال والبسيط بحجم لقمة العيش ففي أيام العيد كل ما نتمناه من جمعيات الخير والبر والأحسان هو التخلي عن مبدأ ( والعاملين عليها ) لفترة العيد فقط لكي يحصل الفقير الحقيقي على شيء يسد به رمقه فهناك الكثير من المحتاجين الى حد عدم المقدرة على النهوض لكي ينادي بأعلى صوتة ( صدقة يا محسنين ).
فلم يعد يملك ذلك الصوت الذي سُلب منة في نحيب الأقدار . دعونا نبحث عن الفقير بكل مكان ليس كل المتسولون فقراء وليس كل الفقراء متسولون فالمسئولية كبيرة على مجتمعنا وما يمثله من جمعيات خيرية هناك من ينتظرها بفارغ الصبر خلف جدران التعفف فقد وقع بين سندان العفة ومطرق الفقر من المنقذ له سيكون ليس العاملين عليها بل المنفقون بالليل الباحثين عن الفقير في النهار .
كلهم كذابين، ما اختلفنا هنن فقراء، لكن صار التسول "مهنة" تدر اموالاً طائلة، لأنه لو كان المحتاج فعلاً محتاج، ما كان ضل 10 ساعات بالشوارع عم يشحد، لانه ساعة وحدة بيقدر يأمن فيها قوت يومه، وأنا مالي مضطر أعطي شحاد عم يطلع بساعة انا بحتاج يوم كامل لاحصل عليه، فبهيك حالة مين صار محتاج أكتر .. أنا أم هال"محتاج" ؟؟