syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
المتحذلقة ... بقلم : شريف رفعت

صديقي إنسان غريب، هو ذكي لبق يعمل في وظيفة مرموقة، له العديد من الأصدقاء و الكثير من الأنشطة الاجتماعية، لكن من وقت لآخر أثناء لقاءاتنا أراه ينطق بكلام في منتهى الغباء، ينطق به كأنه حقيقة مسلم بها رغم أن كلامه هذا لا يتناسب مع تعليمه و ثقافته و لا مع الموقف الذي يمر به، أحبه و أعتز بصداقته و إن كنت أسأل نفسي هل كلامه الغبي هذا يمتد إلى مكان عمله أم هو مقصور على المناسبات الاجتماعية التي تجمعه بأصدقائه؟


منذ حوالي ستة أشهر تعرف صديقي على "باربر"، فتاة رائعة الجمال، قدمها لي و لزوجتي على أنها صديقة دائمة له، عندما تعرفت عليها أكثر وجدتها ليست جميلة فقط و لكنها متعلمة و ذكية و مثقفة، تعمل في وظيفة جيدة و لها العديد من الأنشطة التطوعية و هو شيئا أقدره كثيرا، رغم ذلك كان عندها عيب واحد واضح فلقد كانت قمة في الحذلقة، موضوعها المفضل كان عن الحركات النسائية و أهميتها و تاريخها و دورها في المجتمع، تـُـحَـوِل أغلب المناقشات في جلساتنا لهذا الموضوع، و تقوم بدور حامية حمى الحركات النسائية و تهاجم من تعتبرهم الرجال الخنازير و النساء المغيبات و هم في عرفها كل فرد لا يتفق معها في أرائها.
 


رغم حذلقة "باربر" اضطررت لقبول صحبتها من وقت لآخر إكراما لصديقي، كنت أرى صداقتهما تتطور سريعا نحو علاقة جادة فأتمنى لهما السعادة و إن كنت في أعماقي أشفق عليه من وطأة كلامها المكرر المعاد الهجومي بخصوص حرية المرأة و دورها في المجتمع و الصعوبات التي تواجهها في مجتمعات ذكورية يقودها مجموعة من الخنازير.
 


في إحدى أمسيات نهاية الاسبوع خرجنا أنا و زوجتي مع صديقي و "باربر" إلى إحدى المطاعم الفخمة لتناول العشاء، كنت أتوقع حديثها المعاد المعتاد و أنوي ألا أعطيها الفرصة للاسترسال فيه، قررت أن أوجه أنا الحديث على المائدة و إذا جنحت هي لحديثها المفضل سأغير الموضوع حتى نستمتع بأمسية جميلة خالية من الحذلقة، مضى الوقت بدون مشاكل، قمت بدوري جيدا في توجيه الحديث نحو مواضيع عامة مثيرة كان النقاش يتم خلالها بطريقة متحضرة، إلى أن سألت "باربر" صديقي و لا أتذكر سبب السؤال و إن كانت نطقت به بطريقة تقرب من الشاعرية:
 


ـ ما هو أول شيء لفت نظرك في؟

و في لحظة من لحظات الغباء المطلق التي تصيبه ابتسم صديقي كأنه فرح بالسؤال و أجابها بحماس:

ـ صدرك، فهو كبير و مثير.

ابتسمنا أنا و زوجتي من تلقائيته و صراحته، لكن "باربر" كان لها رأي مخالف، فقد ثارت ثورة عارمة و أطلقت العديد من الأوصاف و النعوت عليه قائلة ضمن ما قالت:

ـ إذا كنت تقصد الهزار فهو هزار سخيف و قح و إذا كان رأيك جاد فهو إثبات أنك واحد من الرجال الخنازير كل ما يهمهم جسد المرأة، أين إعجابك بشخصيتي؟ أين إعجابك بعقلي و ثقافتي؟ ماذا عن طموحي الوظيفي و أنشطتي التطوعية؟

ارتبك صديقي فلم يكن يظن أن رده يستدعي كل هذه الثورة، أظنه توقع أن تثني صديقته على ذوقه و على إطرائه لجمالها متمثلا في جمال صدرها، شَعَرْت أن الأمسية ستتحول إلى كابوس، فقلت مهدئا الموقف:

ـ "باربر" لقد سألتِ عن أول شيء لفت نظره فيكي، من الطبيعي أن يكون أول شيء متعلق بهيئتك بمظهرك بملامحك، كيف له أن يدرك نواحي الامتياز في شخصيتك من أول نظرة؟ أشياء مثل العقل و الثقافة و الطموح لا يمكن إدراكها من أول نظرة.

تمعنت في كلامي غير مقتنعة تماما، لكنها وجدته كلاما معقولا فهدأت، نظر لي صديقي شاكرا، لكنها بادرته بسؤال آخر بطريقة متحدية:

ـ فليكن، الآن بعد ستة أشهر من بداية علاقتنا ما هو أكثر شيء يعجبك في؟

اتسعت عيني صديقي و غمرت وجهه ابتسامة بريئة ثم قال:

ـ صدرك، فهو كبير و مثير.

ارتسم غضب جامح على ملامحها، فتدارك صديقي الأمر بسرعة و قال:

ـ لا، لا، لقد أسأت الاختيار، أقصد عجيزتك.

تحركت أنا من مكاني في الوقت المناسب كي أتجنب رزاز كوب الماء الذي دلقته "باربر" على رأس صديقي.


https://www.facebook.com/you.write.syrianews
 

2015-08-13
التعليقات
نسونجي
2015-08-16 08:11:09
هههههههههههههه
ما بقصر فيها ههههههههههه

سوريا