syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
شبح الحرب يقرع أجراسه مجدداً بين روسيا وأمريكا ... بقلم : الدكتور خيام الزعبي

 لقد أصبحت الأراضي السورية ملعباً لحرب بالوكالة بين بعض القوى الإقليمية والدولية التى تقدم المساعدات العسكرية والمادية واللوجستية لكل من المعارضة المسلحة والجماعات التكفيرية، وعلى رأسها داعش، التي إنتهزت الفرصة لتستولى على مساحات واسعة من الأراضي السورية، وتذبح الأهالي وتدمر التراث وتتبع سياسة الأرض المحروقة، والشعب السوري وحده هو من يدفع الثمن


 فهذا الشعب يواجه موجة التطرف والإرهاب المدعومة أجنبياً لتحقيق أهداف غير شرعية، فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن إستمرار الأزمة في سورية وإنتشار المجموعات المتطرفة فيها ينذر بنتائج كارثية على المنطقة والعالم، وهذا يستدعي حل سريع لهذه الأزمة، ينهي معاناة الشعب السوري بما يحفظ وحدة أراضي سورية وإستقلالها السياسي في المنطقة.



بعد أكثر من أربع سنوات على إندلاع الصراع في سورية لا تجد واشنطن وموسكو لغة مشتركة عن سورية، إذ تبادلتا تصريحات نارية خاصة بعد أن توالت الأنباء عن زيادة الدعم العسكري الروسي لنظام الأسد قي دمشق، وعن وجود تحركات عسكرية روسية في الأراضي السورية وهو الأمر الذي يثير قلق واشنطن، ففي الوقت الذي حذرت فيه واشنطن من أن التعزيزات العسكرية الروسية فى سورية قد تشعل مواجهة مع القوات التحالف الدولي، ردت موسكو بإتهامها بالوقاحة

 

 

 وأوضحت الخارجية الروسية وجود خبراء عسكريين روس فى سورية، بأنهم يساعدون السوريين على التعامل مع التقنيات العسكرية الروسية، وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، "نحن لم نجعل من التعاون العسكري مع سورية سر"، مشددة على أن بلادها تورد أسلحة ومعدات عسكرية إلى سورية منذ فترة طويلة وفقاً للعقود المبرمة مع الحكومة السورية ووفقاً لقواعد القانون الدولي.



وبالمقابل أكد الرئيس الروسي بوتين إن موسكو قد أرسلت فعلاً مساعدات إلى السوريين متمثلة في التجهيزات والتدريبات العسكريّة على الأسلحة الروسية وهي مساعدات جاءت في سياق خارج الصراع الدائر في سورية، وقال معلقاً على أنباء نشرتها بعض وسائل الإعلام عن إحتمال زيادة عدد السفن الأميركية في البحر المتوسط إنه "يمكن أن تعزز روسيا مجموعة سفنها في البحر المتوسط كخطوة جوابية، وأظن أن ليس لديها خيار آخر للحيلولة دون وقوع عدوان"، ويرى بوتين أن على روسيا أن تكشف بشكل واضح الخروقات الفاضحة للنظام الداخلي لهيئة الأمم المتحدة بخصوص سورية، وقال بوتين إنه "يجب علينا الإعلان بشكل حازم عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية"، من خلال تأكيده بأنه يجب على واشنطن أن تحترم علاقات موسكو مع الدول الأخرى وعلى وجه الخصوص دمشق.



في السياق ذاته لا ترى واشنطن وعواصم أوروبية إنه من السهل عليها جعل موسكو تكسب معركة سورية، لأن ذلك يعني تسليماً من الغرب بإنهيار النظام وسياسته العالمية وبروز روسيا كقوة عظمى في العالم تضاهي قوة واشنطن، لذلك عملت الولايات المتحدة بكل ما بوسعها على إشاعة الفوضى الخلاقة وتحويل الأزمة الى حرب إستنزاف طويلة الأمد لبلورة الصورة المستقبلية خصوصاً أنّ الحرب السورية إستعرت نيرانها على خلفيات تمرير الخط النفطي عبر أراضيها الذي يربط المتوسط بجنوب أوروبا

 

 

 ما يعني بصورة أو بأخرى أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء التدخلات الأميركية الجديدة في المنطقة، لذلك لم تستطيع كل محاولات الأمريكية الحد من النفوذ الروسي ـ السوري المتنامي في المنطقة، برغم من محاولات الإعاقة التي مارسوها، سواء بإستخدام الأوراق التي بحوزتهما ومنها الورقة الإرهابية، أو العقوبات السياسية والإقتصادية، بل على العكس فالتعاون الروسي ـ السوري يتقدم بإضطراد، تجلى ذلك بصمود النظام السوري بوجه محاولات الإسقاط، وتحقيق إنجازات سياسية وميدانية على مختلف الصعد.


لا شك... إن ما تمر به سورية حالياً هي فترة قاسية ومؤلمة ولكن مؤقتة في تاريخ هذا البلد الكبير، وإن سورية وروسيا في مرحلة بناء إستراتيجية جديدة في المنطقة، وأن كلا منهما يحتاج الآخر، خاصة أن دمشق لها دور مؤثر وكبير في المنطقة، وأن الهدف من تقوية العلاقات السورية الروسية مهم لإحداث توازن في العلاقات الدولية بين سورية وباقي الدول الأخرى فضلاً عن أن قوة العلاقة بين سورية وروسيا يعطى لأمريكا رسالة قوية وواضحة بأن سورية لديها علاقة متنوعة مع الدول الكبرى.


مجملاً.... إنه في المدى المنظور، ستستمر معركة شدّ الحبال بين روسيا والولايات المتحدة خاصة بعد أن حمل بوتين أوباما مسؤولية إنتاج الأزمات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط وذلك من أجل تغيير وجهها الحقيقي وتقسيمها الى دويلات لتبقى إسرائيل اليد العليا والقوة الوحيدة عسكرياً في المنطقة، هنا يمكنني القول أن هناك تغيير كبير حاصل الآن على المسرح الدولي بما فيه من تراجع ثقل وتأثير واشنطن وتقدم موسكو وعودتها بكل زخم وقوة لمقارعة واشنطن، وقضية صفقة الأسلحة أحد تلك المؤشرات

 

 وبالتالي فإن الصراع الروسي الأمريكي على الإقليم سوف يرسم طبيعة العلاقات في منطقة الشرق الأوسط، لذلك ربما يسهم إنتصار السياسة الخارجية الجديدة لروسيا في إنبثاق عالم جديد قائم على التعددية القطبية وإنهاء نظام القطب الواحد في العلاقات الدولية.


https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2015-09-21
التعليقات