syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
ما فائدة تغيير الوزارات إن لم تتغير معايير اختيار الوزراء... بقلم : د. عبد الحميد سلوم

**ها قد أصبح لدينا مجلس شعب جديد ، وكما تمّ تعيين أعضائه بقرار ، فقد تمّ تعيين رئيسته ونائبها بقرارٍ أيضا !! وأجمل ما قيل في هذا المجال أنها نجحت بالتزكية !!. طبعا ستنجح بالتزكية ، فمن سيجرؤ على ترشيح نفسهِ وهو يعرف سلفا أنه سيفشل لأن أسماء رئيسة المجلس (ونائبها) مُقرّرة مُسبقا من أعلى السلطات !!.


**السؤال لماذا تمّ اختيار سيدة لهذا المنصب وفي هذه الظروف بالذات ؟؟ هل هي لتدعيم دور المرأة أم هناك أسباب أخرى ،، لاسيّما أن نائب رئيس الجمهورية هي سيدة أيضا !!. أم أن النساء هنَّ الأفضل لتحمُّل المسئولية إن ما طرأ أي تطورٍّ ما في البلد مستقبلا وفرغت بعض المناصب لصالح الحل السياسي الموعود !! وعلى قولة صباح جزائري في مسرحية غُربة (شغلات الحكومة ما بتحلها إلا الست ْ) !..
 

 


** طبعا ، باعتبارنا بلد ديمقراطي جدا، وكما أي بلدٍ ديمقراطيٍ ، كان لا بُدّ من حل الوزارة واعتبارها وزارة تصريف أعمال ريثما تتمكن الكُتل السياسية والحزبية البرلمانية من تشكيل الوزارة الجديدة ونيل ثقة البرلمان ، لاسيما أن حزب البعث لم يعُد بالدستور الحالي هو القائد الوحيد بالدولة والمجتمع ، بل أصبحت كل الأحزاب قائدة ، باسم أصحابها رؤساء (الأجـ ...... ة) التي لا يمكنُ لأحدٍ منافستها في قيادة الدولة والمجتمع !!. ولكن السؤال : ما هي المعايير التي سيتمُّ بموجبها اختيار الوزراء الجُدد ؟؟.
 

 


**في المرّة السابقة ظهر رئيس الوزارة الحالي ، وكذلك إحدى المسئولات في الدولة ، وقالوا أن هناك معايير للاختيار وبموجبها تتمُّ الأمور (والشغلة مو دشرانة) ، فأرسلتُ فاكسا لكليهما أقول فيه : لا يوجد شيء اسمه معايير ، يوجد شخصنات ومحسوبيات وواسطات ومحاصصات طائفية وجغرافية ومذهبية ،، ولو كانت هناك أدنى حدود المعايير ما كان الكثيرون في بيوتهم ومن لا يصلحون من طلّابهم يشغلون مناصب وزراء وسفراء، لا علاقة لهُم بالمهنة ، ولا يعرف واحدهم كلمة بلغة أجنبية في الدنيا ، على حساب أهل الكفاءة والخبرة والمؤهلات العلمية واللغوية !.
 

 


**لا أعرف إن عُرِضَ الفاكس على رئيس الوزارة حينها ، ولكن أعرف أنه عُرِض على سعادة المسؤولة ، بدليل أنها غضبتْ لأنني على ما يبدو تجاوزتُ الخطوط الحُ%¨ے¶G1 في التشكيك بكلامهم ، وهُم من لا ينطق عن هوى ، فكانَ من غضبها أن نسِيتْ أزيد من أربع عقود من المعرفة والمودِّة ، وباتت تتحسّس من قراءة أو سماع اسمي !. هكذا هي الثقافة الشفافة الديمقراطية التي تعوّدوا عليها !!. لا يناقشونك في شيءٍ ، ولا بِأمرٍ ولا برأيٍ تطرحهُ أو تكتبهُ ، ولا يعرفون سوى لغة الغضب واتخاذ المواقف السلبية والاتهامات والتقليل من قيمة وقدَر الآخر الذي يقول كلمة الحق والصدق والأمانة !. فكلمة الصدق جارحة ونحن لم نتعوّد على مثلِ هذه الجروح !!. لقد تعوّدوا فقط على لغة الإطراء والمديح ورش العطور والبهارات على كل ما يقولونه !!.
 

 


**أصلا لو سادَ مبدأ المعايير ما كنا شاهدنا في حياتنا أمثال أحدهم !!. ولو كانت هناك معايير حقيقية وتكافؤ فُرص لأمضى حياته في المهنة وتقاعدَ على عُمرِ الـ 60 واختتمَ حياتهُ حيث بدأها في (طنزانيا) ، (قولة دريد لحام) !.
 

 


*طبعا من خلال ما شاهدناه خلال هذه السنوات ، وتدنّي فظيع لمستوى المعيشة ، وغلاء كافر ، وانخفاض هائل لقيمة الليرة السورية ، وعدم حصول أي خرق على الصعيد الدبلوماسي والسياسي لا عربيا ولا إسلاميا ولا دوليا، واستمرار الإعلام بذات الأسلوب الإنشائي الإطنابي ذا اتّجاه واحد في الحوار والنقاش والتقديم ووووووو ، كل ذلك أثبتَ أن الاختيار لم يكن صحيحا ،لأنه لم يكن يستند إلى معايير بحسبِ ما كنا نسمع من تصريحات ، وإلا لماذا ساءت الأوضاع ، إن كان الاختيار صحيحا والناس ناجحة في عملها ووزاراتها ؟.
 

 


** هذه كانت دوما أخطر مآسي الحالة السورية ، وهي اعتماد الشخصنات والمحسوبيات والدعم والواسطات ، ومبدأ التنفيع والمحاصصات القائمة على الاستزلام والرياء والتملُّق والنفاق والانبطاح ... وما شاكلها ، اعتمادها أساسا في الاختيار لمناصب ومراكز الدولة !!.
 


** إن كان ذات النهج في الاختيار هو الذي سيمضي فلا حاجة لتغيير شيء !!. وإن كان سيتمُّ البحث عن ذات النوعيات
 

التي تضعُ الولاء لهذا وذاك من أولياء نعمتها ، قبل الولاء للوطن ، وتمارس ذات السلوك والعقلية في التملُّق والإطناب والمديح لِتُثبِت ولاءها ، فمعناها أن البوصلة ستبقى منحرفة عن اتجاهها الأساسي !!.
 

 


**البلد ، وخاصّة في هذه الظروف ، لا تحتاج إلى مُجرّد مسئولين روتينيين يمضون معظم أوقاتهم في مكاتبهم ، وينفذون فقط التعليمات والأوامر ، ولا يجيدون إلّا هز الرأس للأدنى ، أي أنهم موافقون دوما ، وإنما هي بحاجة لنوعية مختلفة تماما .. إنها بحاجة لمسئولين قادة حقيقيون في مؤسساتهم ويمتلكون عقلية القادة وليس عقلية الموظف الروتيني الذي يجلس بانتظار التعليمات ، وشتّان بين العقليتين !! مسئولين متواضعين ميدانيين يتابعون أعمال وزاراتهم ميدانيا من خلال الحركة الدائمة على المؤسسات التابعة لها ، ويتمتعون أولا بالمؤهلات ، والخبرة ، والأهمُّ مسئولين يتمتعون بالثقة الذاتية وبقوة الشخصية والمقدرة على المبادرة ، والمقدرة على اتخاذ القرار (ولكن ليست القرارات الكيدية التي كان يتخذها صاحب المزرعة التي كنتُ أعمل بها ، فهكذا قرارات هي خِسّة وليست رجولة ) ، والمقدرة على تحمّل المسئولية ، والمقدرة على الإقناع ، والتطوير الدائم ، والتفاعل الدائم مع عموم البشر والتحاور معهم ، والقدرة على النقد وتفنيد السلبيات ، وإعلاء كلمة الحق مهما كانت جارحة لهذا وذاك ،، وعدم المجاملة في أمور الوطن والمواطن ، والقول للأعور أنت أعور بعينهِ ،، والتحلّي بالضمير والوجدان والعدالة والعقل والمنطق ، والبُعد عن الشخصنات واللؤم والكيديات والنرجسيات والغرور ، ، ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب (ولكن إذا كان رأس أية مؤسسة ليس في مكانه المناسب فكيف له أن يحترم هذا المبدأ الأساسي والحيوي ) ؟؟.
 

 


**إن العقلية القيادية وقوة الشخصية لأي مسؤول (وهذه لا تعني المنفخة والنرجسية والتعالي على البشر والابتعاد عنهم وإغلاق الأبواب في وجوههم ) وإنما تعني ، كما أشرتُ سابقا المقدرة على محاكمة الأمور بشكلٍ صحيح وسليم واتخاذ القرار وتحمّل مسئوليته !!. أما الجبان الذي يخشى المبادرة ويخشى اتخاذ القرار حتى لا يتحمّل أية مسؤولية ، فهذا لا يصلح للمسئولية !!. وللأسف الشديد هذه هي النوعية التي كانت دوما مرغوبة !!. وهذا ما كنتُ أراهُ في المزرعة التي كنتُ أعمل بها ، بعضهم يحملون ألقاب سفراء ولا يجرؤ واحدهم على اتخاذ قرار في أبسط الأمور فيطلب توجيهات الوزارة ، حتى يكون كل شيء على مسؤولية الوزارة وليس على مسؤوليته ،، واستطيع أن أذكر أسماء وأمثلة عديدة ، عايشتها ، وكنا نسخر من هكذا نوعية ، ومِمّن رشّحوهم لهذا المنصب وخدعوا مسئولي الدولة بهم ،، بعد أن استحوذوا على مرسوم رئاسي (رقم 4 للعام 2010) سحبوا بموجبه بعض صلاحيات القيادة والرئيس ومنحوها لأنفسهم ،كما ترشيح السفراء والتمديد للكوادر ، مما عمّقَ عقلية المزرعة !!.
 

 

 


**أحدهم (على سبيل المثال ) يسأل الوزارة إن كان يستطيع التنسيق إعلاميا مع السفارة الروسية في البلد اللاتيني الذي يتواجد به ، بعدما اقترح عليه ذلك المسئول الإعلامي الروسي بنفسهِ (فكَم هذا شخص فهيم وجدير بالمسئولية ؟) !!. ولذلك رضوا على أنفسهم لاحقا أن ينحدروا من سفراء إلى مُجرّد قائمين بالأعمال ، يعني مثلهم مثل أي مرتبة دبلوماسية صغيرة تشغل مهمة قائم بالأعمال !!. بلْ مِثل أي موظف إداري يُصبِح قائما بالأعمال حينما يذهب رئيس البعثة في إجازة ، ولا يوجد في البعثة سوى رئيسها + الإداري !. لا يهمهم التكسير من سفير إلى قائم بالأعمال طالما القبض بالعملة الصعبة ، بل حتى كسر الظهر لا يهم !. هذه نوعيات غير مؤهّلة لاستلام مناصب في الدولة ، ومن يأتي بها يجب محاسبتهُ مهما كان ، لأنه أكبر مُخرِّب في الدولة !.
 

 


**نعم هناك مصيبة كبيرة في الدولة ، وهي أنه لا يوجد مسؤول يرغب في أن يجد من هُم أكفأ وأقدر منه في مؤسسته وبين كوادره ، فيحاربُ هذه النوعية ويسيء لها ويُهمِّشها ويقصيها ، كما فعلَ السائق الذي كان يشغل مدير مكتب وزير ، ويُدير لِثمان سنوات المزرعة التي كنتُ أعمل بها ،، وكلمته أهم من كلمة مُعلِّمهِ ، فكانت لديه عقدة نقص من أصحاب الشخصية القوية وأصحاب المؤهلات والخبرة ، ولذا كان هو خلفَ إقصائهم جميعا ، وكل ما كان يرتئيه يُصبحُ حالا قرارا وزاريا !!. هذا ليس كلاما خياليا ، هذه حقيقة يعرفها كل أبناء تلك المؤسسة ، بل وكل مسئولي الدولة !!. وتابِعوا قصص مروان المنتقم في هذه الصحيفة فهي تفضح كل شيء بالتفاصيل !.
 

 


**البلد لم تعُد قادرة على التحمُّل أكثر ، والنهج البيرورقراطي الروتيني الذي تعوّدنا عليه في اختيار الوزراء ، وغير الوزراء ، يجب أن ينتهي ،،ويجب البحث أولا عن الوطنيين الذين لا يجاملون ، ولا يتملقون ، وعمّن يرفعون الصوت في وجه كل الأخطاء والسلبيات ، وليس من يغمضون عيونهم ، ويبلعون ألسنتهم ، ويسدُّون أذانهم ... فهؤلاء مصيبة على أي مستوى كان ، وصديقك من صدَقَك لا منْ صدّقك ، وإن لن نعمل بهذه القاعدة ، فليس هناك من أملٍ في تغيير شيء مهما تغيّرت الوجوه !!.
 

 


*أتوجّهُ إلى القيادة السياسية في البلد ، وهي ذاتها قيادة الحزب ، وإلى أكبر أعضائها سِنّا وخبرة وتنقُّلا في المناصب ، والذي جمعتنا وإياه سنينا طويلة في الجامعة من العمل الحزبي والنقابي ، وأسأل ، هل تعملْ اليوم بِما قلتهُ من زمان في أحد الاجتماعات الحزبية بالجامعة ، بِما معناهُ : ( لا ترشِّحوا لي زملاء ولا رفاق لا يعرفون إلا التمسيح والمديح والتملّق ، أريد زملاء ورفاقا جريئون يرفعون الصوت في وجه الأخطاء والسلبيات ويكشفون العيوب والنواقص ولا يجاملون ويتملقون) ؟؟.
 

 


**هل تعملون اليوم بموجب تلك القاعدة وأنتَ خير العارفين بان هذه الدولة حطّمها أولئك المنافقون المتملقون المدّاحون الذين لم يكونوا يرون إلا ما هو جميل حتى لو كان من أقبح ما يكون ؟؟.
 


**ماذا فعلتُم لـ (المخربين) في هذه الدولة الذين أقصوا خيرة كوادر الوطن وأنبلها وأكفأها ، وأنتم الأدرى بهم ، وبِكيدهم، ومعاييرهم المزدوجة وكيف ينظرون للقذى في عين الآخر ولا يرون الخشبَ والحطبَ في عيونهم وعيون أحبتهم وأزلامهم ومريديهم ؟؟. أولئك أصحاب المائة وجه ووجه ، ومائة معيار ومعيار ، يمطُّون الأنظمة والقوانين كيفما يريدون كما يمطُّ الدواعش الإسلام كما يريدون ؟؟. أولئك الذين جاءوا في هذا الزمن القبيح من خارج التاريخ ، إذ لم يكُن لهُم تاريخ نضالي بحياتهم ، كي يعطوا شهادات حُسن سلوك لِمن لا يصلون إلى رُكبِهِم في التفاني من أجل الشأن العام من خلال النشاط الحزبي والنقابي لسنين طويلة ، مجّانا لوجه الله ومن دون مُقابِل !.
 


** كتبتُ في الماضي مقالا بعنوان : ما الفرق بين المجرم الذي يغتال كفاءات الوطن وبين المسئول الذي يقصي كفاءات الوطن ؟؟. وكانت التعليقات متشابهة وهي أنه لا فرق بين الإثنين ، كلهم يُدمِّرون الوطن ولكن كلٍّ على طريقته !..



نعم هناك من دمّروا بالدولة على طريقتهم من خلال تحويل المؤسسات والوزارات إلى مزارع (وكأنها ملك أبوهم ) لا يحكمهم معيار ولا قانون ولا ضمير ولا وجدان ، وإنما الأمزجة والمحسوبيات والكيد والشخصنات ومقدار الدعم والواسطات !!. كلكم تعرفونهم وتعرفون أن أحدهم وضع مديرا لمكتبهِ شخصا لا يحمل أي مؤهّل علمي وكان هو صاحب القرار المُطلق في الوزارة ،، وكانتْ عُقدة النقص هذه كافية حتى يُقصي ويُهمِّش كل كفاءات الوزارة ولا يلتزم بمعيار الأقدمية والتراتبية ولا المؤهلات والخبرة والكفاءة ، وكان يبحث عن (الطنطات) الذين يَحنُون ظهورهم أمامهُ ليضعهم مدراء ويعطيهم الامتيازات من سيارات وقسائم بنزين وباب خاص للدخول والخروج ، وغير ذلك !!.
 

 


**هل ستحاسبون تلك النوعيات ثم ترمون بهم على (......) أم مازالوا مفروضين بحُكمِ الجغرافية ؟؟. إن كان الأمر سيبقى كذلك فلا أملٌ في شيء مهما تغيّرت الحكومات ، لأن أصل الداء لا تتمُّ معالجتهُ ، وإنما يتمُّ فقط اللجوء إلى المُسكنات ومحاولات التجميلٍ !!.



https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts
 

2016-06-14
التعليقات
قلب موجوع
2016-06-18 19:50:45
هدر لأبعد الحدود
أحب ان أزيد استاذ عبد في وزارة الخارجية موظفين يعملون في البعثات ويزيد عن حاجة البعثات ثلاثة أضعاف العدد المطلوب هل لك ان تقول ما كمية الواردات القنصلية التي تحصلها السفارة في تنزانيا او احدى دول أمريكا اللاتينية او شرق اسيا الا يكفي موظف واحد ليقوم بأعمال القنصلية والمحاسبة والثقافية لماذا يوجد بهذه البعثات جيش من الموظفين يلزمهم شهريا لكل واحد منهم ما يكفي

سوريا
ANWAR
2016-06-17 09:18:24
THANKS
thank u very much dr abdelhamid

فرنسا
Mk
2016-06-17 08:29:58
نظام المزرعة
وماذا يمكن لأكبر مسؤول مدني أن يفعل في نظام المزرعة ( في أي لحظة يمكن أن ينتحر بسبع طلقات) أو ..

سوريا
عرفان
2016-06-14 00:44:58
إذا بقي ...
ان بقي الوزير الذي كان بدير وزارته شوفيره ، في منصبه فيعني لا مجال للتفاؤل بشيء . يجب تكنيسه حالا هو وأزلامه وتعيين نائبه مكانه

سوريا