syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
ثرثرة في معرض الكتاب الدمشقي ... بقلم : سليمان عباسي

تعمدت الذهاب الى معرض الكتاب المقام في مكتبة الأسد الساعة الثالثة ظهراً رغم درجة الحرارة التي تجاوزت ال 40 درجة مئوية لتأكدي أن الإذدحام في مثل هذة الساعة سيكون مقبولاً ولأتجول في أقسام دور النشر على راحتي ولإنتقاء ما يناسبني من الكتب المعروضة على أقل من مهلي .


الملاحظة الأولى : كانت ان 90% من دور النشر المتواجدة سورية وماتبقى لبعض دور النشر اللبنانية .
الملاحظة الثانية : غياب الأسماء المشهورة من الأدباء والسياسيين العالميين عن معظم عناوين الكتب المعروضة لصالح اسماء شبه معروفة في الأدب والسياسة تغري عناوينها ومضمونها الزائر بشرائها وإقتنائها .


الملاحظة الثالثة : الأسعار المرتفعة لتلك الكتب والتي تشكل عائقاً وكابحاً عند الرغبة في الشراء لمعظم زوار المعرض مما دفعني وبإلحاح لسؤال أحد أصحاب دور النشر عن السبب فأنطلق لسانه كالبلبل بالشكوى من إرتفاع أسعار الورق والحبر والطباعة ومبررات أخرى لم تنجح في إقناعي بكل ماقال وارتسمت إبتسامة ساخرة على شفتاي فقال لي مستهجنناٌ : شو استاذ ماعجبك الكلام !!

 

 ولكي أمتص غضبه قلت له بجدية : أرى في في مبرراتك بعض المبالغة و أرى هامش ربحكم المضاف على سعر التكلفة مبالغاً فيه ايضاً فهل تستطيع أن تفسر لي ان رواية ب100 صفحة من الحجم الصغير يستطيع القارىء الإنتهاء منها خلال ساعة أو ساعتين على أبعد تقدير بسعر 2000 ليرة سورية !!


بنفاذ صبر وغضب حاول كتمانه : انت لاتريد أن تشتري تريد أن تتسلى فقط .
إبتسمت له وقلت : أو ربما لا أملك المقدرة المادية على الشراء بتلك الأسعار .


بشعور المنتصر ارفقه بإبتسامة صفراء : الله يفرجها .


أجبته  محاولاً تغليف كلماتي باللطف والمودة : يا استاذي العزيز انت بلا شك تدرك حجم المؤامرة على وطنك سورية فهز رأسه موافقاً فأردفت : وتدرك بعد مرور اكثر من 5 سنوات على تلك المحنة التي يعيشها شعبك ، وقود تلك المؤامرة كان البعض من ابناء هذا الوطن نتيجة الجهل وتدني نسبة المعرفة والوعي بإعتراف الكثير والكثير منهم مما جعلها حقيقة ثابتة غير قابلة للنفي والنكران ألاتوافقني ؟؟

 

فهز رأسه مرة أخرى موافقاُ فأردفت : ومن حق الوطن عليكم بما انكم تسيطرون الى حد ما على الطباعة والنشر محاربة تلك الأفة ( الجهل وتدني نسبة المعرفة والوعي ) ببيع الكتب بسعر التكلفة هذا إذا أردتم بسد الدين الذي على رقابكم للوطن الذي منحكم المال والأمان لعقود طويلة ليتعافى ويدحر كل من شارك في تلك المؤامرة الكونية .

 


شعرت ان عيناه خرجت من محجريهما وفتح فمه كالأبله ثم قال : صحيح .. صحيح .

ابتسمت له وقلت : الأن كم ستبيعني هذه الرواية فقال بلا تفكير : 500 ليرة مبسوط .

 أدركت حينها انه مازال يعاني من البله : شكراً ياستاذي العزيز لااريد الشراء فقد اتيت للمعرض للتسلية كما قلت لي واستدرت خارجاً وصدقاً شعرت بنيران نظراته الغاضبة تحرق ظهري .


لكي لاأطيل فقد تعمدت رواية تلك الدردشة معه للتعريف بمدى جشع تجار الأزمة بدءاً بتجار الكتب وانتهاءاً بتجار المواد الغذائية مما يبرر القول بانهم شركاء فعالين في تلك المؤامرة الكبرى على الوطن .


إتجهت مباشرة الى القسم الخاص بوزارة الثقافة السورية واول ما لفت نظري ابتسامة المسؤلين عن البيع   ثالث فتيات واثنان من الشباب في عمر الورود .
القيت عليهم التحية فأجابت إحداهن : اهلاً وسهلاً إتفضل استاذ

 

 لا أعرف  لماذا إنتابني شعور بالإرتياح عندما نظرت إلى وجه تلك الصبية التي تضج تفاصيل وجهها بالأمل والتفاؤل والنقاء .
إتجهت الى الرفوف المتخمة بالكتب لإدباء سوريين أقل ما يمكن القول عنهم أنهم يشكلون حالة ابداعية ومشرقة لسورية .

 


تناولت احد الكتب وهو عبارة عن مجموعة قصص قصيرة للكاتب حسن-م-يوسف مؤلف اخوة التراب وسالت عن ثمنها فقال احد الشباب بأدب جم : 150 ليرة سورية
فقلت له ضاحكاً : يعني ثمن سندويشة فلافل فشاركن الضحك وقال : هيك شي استاذ .

 


اتجهت الى الرفوف وانتقيت 25 كتاباً لادباء مبدعون كناديا خوست وقمر كيلاني وغيرهم لم يتجاوز سعر الكتاب منهم ال300 ليرة سورية فدفعت الحساب وخرجت فرحاً بتلك الثروة الادبية التي أحملها واتجهت القسم الخاص بإتحاد الكتاب العرب استقبلني شابان في مقتبل العمر بإبتسامة عذبة ولاأحلى فقلت لهما ممازحاً: انشاءالله الأسعار عندكم رخيصة كأسعار قسم وزارة الثقافة ابتسما وقال احدهم : اتفضل وشوف بعينك .

 


اتجهت الى الرفوف وتعمت ان انتقي كتاباً لاحد الادباء المعروفين (600) صفحة من الحجم الكبير سألت عن سعره فقال لي ضاحكاً :250 ليرة سورية

  قلت له مستغرباً : معقول فأشار بيده الى الرفوف : اتفضل إنتقي ماتشاء .

 


إنتقيت 18 كتاباُ لم يتجاوز سعر الكتاب منهم ال300 ليرة سورية . هنا بدأت أشعر بالتعب فقلت له : ممكن أستريح قليلاُ على كرسيك فاندفع قائلاً باللهجة الشامية المحببة : ولو استاذ اتفضل اهلاُ وسهلاً وخرج ليعود لي بكأس ماء بارد .


اثناء جلوسي بدأت أدقق النظر في الزائرين بعد ان بدأ المعرض بالاذدحام وكم كنت مسروراً عندما رأيت ان اكثر الزوار من الشبان والشابات ممن هن في عمر الورود يتنقلون بين أرفف الكتب يتصفحون ويتناقشون في مضامين الكتب سواء الادبية أو العلمية أو السياسية والكثير منهم قام بالشراء واعتقد لو كانت الاسعار اقل وطأة لشاهدنا إقبالً منقطع النظير على الشراء .

 


جعلتني تلك المشاهدة من التيقن من حقيقة ثانية ثابتة بإن سورية ستكون في القادم أجمل وأجمل وسيصدح السوريين من أعلى جبل قاسيون (( من قاسيون أطلياوطني وأرى دمشق تعانق السحب )) وإن ناظره لقريب .

 

 


https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts

2016-09-09
التعليقات