ماكان مستحيلاً عند أسلافنا في الماضي ، أصبح
ممكناً ومحققاً في زماننا الحاضر .
وبالمثل ، فإن مانراه مستحيلاً في زماننا الحاضر ، قد يكون ممكناً ومحققاً في
المستقبل القريب أو البعيد .
وأكبر مثال على ذلك ، الاختراعات التي من حولنا . فإنك لو أخبرت أحداً من الماضي
البعيد عن إمكانية التحدث مع الآخر وهو يبعد عنك مسافاتٍ طويلة تبلغ مسيرة أيام
وشهور ، وذلك بواسطة قطعةٍ صغيرة بحجم الكف ، لسخر منك سخريةً شديدةً ، ولكان اتهم
عقلك بالمرض والجنون .
فلا تتعجب من كوْن ماتراه مستحيلاً الآن ، أن يتحقق في غداً في المستقبل .
وقد يشهد العالم غداً ظهور شركات نقل للأشياء
كقلم أو كتاب أو كرسي أو ربما سيارة أو حتى منزل ، من أقصى الشرق لأقصى الغرب ،
بلمح البصر . وقد قرأتُ مرةً أن ذلك ممكنٌ من الناحية الفيزيائية ، وذلك بتفكيك
الجسم المادي إلى ذرات وجزيئات ، وتحويلها إلى أمواجٍ وذبذبات ، ثم إرسالها بواسطة
الأقمار الصناعية إلى المكان الآخر مهما قَرُب أو بَعُد ، ثم إعادة تركيب هذه
الذرات والجزيئات كما كانت عليه في المكان الأول .
وأرجو أن لا تسخر مني أخي القارئ ، فقد ورد في القرآن الكريم شيئاً عن هذه التقنية
، وذلك في سورة النمل عندما طلب النبيّ سليمان عليه السلام أن يُؤتى إليه بعرش ملكة
سبأ ، فتطوع لهذه المهمة رجلٌ (عنده علمٌ من الكتاب) وأحضر له عرش الملكة بلمح
البصر .
قال تعالى:
(قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ
يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ
أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي
عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ
طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي
لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ
لِنَفْسِهِۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)..[سورة النمل 38-40]
يقول الله تعالى (وما أُوتيتم من العلم إلا قليلا) ، وقد يكون ذلك الرجل الذي أتى
بعرش الملكة سبأ للنبيّ سليمان قد آتاه الله تعالى شيئاً من ذلك العلم القليل الذي
لم نعلمه بعد ، والذي يمكن أن يؤتينا الله جل جلاله إياه بعد حينٍ من الزمان.