syria.jpg
مساهمات القراء
فشة خلق
أمور تجعل الحليم مجنوناً...بقلم: وحيد كامل

أيقنت أن الأمور التي نمر بها تجعلنا ننسى أسماءنا، وأسماء آبائنا، وأولادنا وليس فقط أين نركن السيارة. إنها أمور تجعل الحليم مجنوناً. والله المستعان.
..
قبل عدة أيام، خرجت من منزلي صباحاً متوجهاً لعملي. بعد خروجي من البناية متوجها نحو سيارتي نسيت أين ركنتها بالأمس. فكرت، وفكرت، حاولت جاهداً أن أتذكر فلم أتمكن، أدركت أني في ورطة. الشوارع والمواقف مكتظة بالسيارات. كل يوم أركن سيارتي بمكان، أحيانأً يكون بعيداً مئات الأمتار عن منزلي، وأحياناً تحت البناية مباشرة.
 


سرت في الشارع تائهاً، وبدأت أتذكر مراحل خروجي من عملي أمس، والطريق التي سلكتها إلى البيت، وهل كنت أستمع للقرآن الكريم في السيارة أم للأغاني؟ اثناء السير والبحث وجدت سيارتي أمامي. فرحت، وانحلت المشكلة وتوجهت إلى عملي دون تأخير؛ لكوني عادة، في معظم الأيام أصل قبل موعد الدوام بما لا يقل عن عشر دقائق.

في اليوم التالي، حدثت معي نفس القصة، أيضاً نسيت أين ركنت سيارتي. اليوم الموضوع مختلف. ظننت أنها أعراض مرضية خطيرة جداً. هل سببها الأخبار السامة للبدن؟ أم ضغوط العمل المزعجة؟ أم فراق الأهل والحبايب؟ أم أحوال أهلنا وناسنا، أدت إلى هذا التشتت وعدم التركيز، أم ربما بداية مرض خطير؟!

بعد جهد وجدت سيارتي. حمدت الله كثيراً. جلست خلف المقود وانتابني شك؛ ترى هل سأعرف الطريق إلى العمل أم أني سأضيع؟ داهمتني مخاوف وشكوك وبدأت أفقد الثقة في نفسي!

تماسكت، وتحديت نفسي. ذهبت إلى مكتبي. وباشرت عملي بهمة عالية. وبدأت عملي باستخدام الهاتف. اتصلت بجميع المندوبين التابعين لشركتنا، بالاعتماد على ذاكرتي فقط لطلب الأرقام. واتصلت بعدد من الموظفين في المواقع على هواتفهم المتحركة أيضاً بالاعتماد على ذاكرتي. ثم اتصلت بعدد من الأصدقاء ألقيت التحية عليهم بنفس الطريقة . وعدت للعمل واتصلت بعدد لا بأس به من عملاء الشركة على ارقامهم المتحركة، والثابتة أيضاً، للتأكد من وضع ذاكرتي وسلامتها، دون اللجوء إلى ذاكرة الهاتف، أو دفتر أرقام. وتم ما أردت بنجاح.

بعد أكثر من ساعتي اختبار لنفسي، أدركت أني بخير. وأن ذاكرتي بحالة جيدة. وأن دونالد ترامب وهو في السبيعنات من عمره، ذاكرته ليست أفضل من ذاكرتي؛ وأنا لازلت في بداية الخمسينات. حمدت الله كثيراً، واطمأنيت.


بالأمس، وأنا أركن السيارة بعد عودتي من عملي، تذكرت ما حصل سابقاً. قلت وهذا تحدٍ آخر. سأرى ما سيحصل غداً. إن السيارة اليوم أمام مكتب الطباعة، جانب بائع الخضرة.

صباح اليوم، وأنا أحتسي قهوتي قلت في نفسي: أمام مكتب الطباعة، جانب بائع الخضرة، ثم نزلت مباشرة إلى سيارتي، وتوجهت إلى عملي، دون أدنى إزعاج.

أيقنت أن الأمور التي نمر بها تجعلنا ننسى أسماءنا، وأسماء آبائنا، وأولادنا، وليس فقط أين نركن السيارة. إنها أمور تجعل الحليم مجنوناً. والله المستعان.
 

2017-11-09
التعليقات