لابد أن نُذّكر في البداية بأن سورية اليوم تحدد
النظام الإقليمي الجديد وتعيد رسم خارطته السياسية، بعد أن حقق الجيش العربي السوري
انتصارات عديدة غيرت الواقع وقلبت المعادلات والموازين في المنطقة، حين خسرت أمريكا
وعجزت أدواتها من الجماعات المسلحة من تحقيق أهدافها التي اصطدمت بقوة الجيش وصموده
الذي أثبت بأن سورية أرض العزة والكرامة ستبقى مرفوعة الراية عالياً مهما كانت قوة
وقدرة المؤامرة التي حيكت وتحاك ضدها في الغرف السوداء التي يديرها رعاة لا يعرفون
للإنسانية أي معنى.
اليوم تعيش القوى المتطرفة وأخواتها أوضاعاً
مزرية وصعبة، بعد أن إشتد عليها الجيش السوري، فالمحاولات الخائبة التي قام بها
الأعداء لم تنجح في ثني الجيش عن أداء واجباته لغاية تحرير آخر شبر من أرض سورية،
فالمشهد الذي تشهده دول المنطقة تؤكد بما لا يدع مجال للشك بأن المشروع الغربي
يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب دمشق، وأدلة الفشل على ذلك كثيرة، بدءاً
بسقوط وفشل جميع العمليات الإرهابية داخل سورية في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية،
ومن هنا فإن مخطط توسيع ضرب المقاومة فشل في مهده بعد الإنتصار الساحق الذي حققته
دمشق وحلفاؤها على القوى المتطرفة وأتباعها لذلك باتت هذه القوى مرعوبة أكثر من أي
وقت مضى من أي مواجهة مقبلة مع الجيش السوري، وهي في هذا السياق تعيد حساباتها في
تجنب أي مواجهة غير محسوبة العواقب مع الجيش السوري بعد أن وجدت نفسها مرتبكة
وضعيفة أمام الصواريخ الروسية السورية.
في هذا السياق إن إستعادة دمشق لمكانتها العربية والدولية يعيد بريق الريادة
والقيادة مرة أخرى فى المنطقة رغم التدهور الحاصل فى بعض الدول العربية ورغم الظروف
الإستثنائية التى تعيشها، وبنفس الوقت هي نظرة جديدة على ان سورية أصبحتتيتعافى
وتدخل مرحلة الخروج من الأزمة، وهنا نجد إن هذه الخطوة هي إعتراف بقدرة الدولة
السورية على تجاوز أزمتها وبنفس الوقت إعتراف بأن الرهان على الجماعات المسلحة كان
خاطئا وإن هذه الجماعات قد فشلت في إسقاط الدولة السورية.
مجملاً...إننا اليوم أمام مشهد الإنتصارات الإستراتيجية التي يحققها الجيش السوري
في المحافظات السورية، فإدعاءات ترامب وكبار عساكره بطول مدة الحرب الى سنوات طويلة
أسقطها السوريون بعد تحرير مناطق كانت تحت سيطرة المسلحين وسحقهم بأقدام سورية،
وقلب الطاولة على الأمريكيين بما عليها من إستراتيجيات ومخططات، ويمكن تلمس ذلك من
خلال القلق الذي تشعر به أمريكا وحلفاؤها، إزاء تطورات الأوضاع في سورية، وهي التي
كانت تعتبر خيوط اللعبة في هذا البلد بيدها تديرها كيف تشاء، فإذا بالسوريين يثبتون
للعالم أجمع بأنهم قادرين على هزيمة تنظيم جبهة النصرة ومن يقف وراءه، ويبرهنوا
إنهم مقاتلين أقوياء لا يقف أمامهم شيء ، ويبقى أمام واشنطن وحلفاؤها فرصة أخيرة قد
تلجأ إليها لتحقيق مكسب إيجابي يتمثل في إمكانية تغيير سياستها في المنطقة العربية
من خلال إيجاد قنوات إتصال مع الدولة السورية والتعاون معها للقضاء على الإرهاب
ومساعدة دمشق في إعادة ترميم ما دمرته الحرب.
نقولها باختصار... عادت سورية الآمنة المستقرة... الراسخة القوية التي لا تأبه
التنظيمات المتطرفة وأسلافها... لتبعث برسائلها المبشرة بأن مشروع الإرهاب يلفظ آخر
أنفاسه، وهذه هي صرختهم الأخيرة، صرخة الموت، وأن هذه المرحلة ستشهد القضاء على
الإرهاب وإجتثاثه من كل الأراضي والمناطق السورية، فيما ستبقى سورية صامدة رغم
التآمر الأمريكي والإسرائيلي عليها .