syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
الحذاء...بقلم: د.لانا ترك

في هذه البلدة الفقيرة ذات الطرقات الشائكة استجابت السماء أخيرا لدعوات الحفاة فأمطرت أزواجاً من الأحذية اصطدمت بالرؤوس التي أصابها الجفاف...
فرح أهل البلدة وهللوا شاكرين، ثم لبس كل واحد حذاءه لكن بما أن الدعوات لم تتضمن القياسات أتت الأحذية غير متناسبة مع الأقدام...
سار البعض بحذاء ضيق جعل أقدامهم مليئة بالفآفيل وحول السير إلى فعل تعذيب…


تشوهت الأقدام وتكسرت العظام...
أما البعض الآخر فجاء الحذاء كبيراً على قدمهم، يتخلف عن الخطوة عندما تخرج القدم منه فيتعثر صاحبه ويسقط...
تشوهت الأنوف وكثرت الرضوض والجروح...


لم يخطر على بال أحدهم أن يبادل حذاءه مع الآخر ظناً منه بأنه صاحب الحظ السيئ الوحيد...
كما لم يعترف أحد منهم بمشكلته خوفاً من سوء ظن الآخر به، فماذا لو كان الحذاء الغير ملائم عقوبة إلهية أو ربما تكفير مسبق لما سيرتكبه في المستقبل ؟
وعندما خطر لكل منهم أن يعود كما كان حافياً خشي من اتهام الآخرين له بالتكبر على نعمة السماء...
وهكذا أصبح الكل يحسد الكل على حذائه بينما واقع الحال أن الكل كان يعاني بصمت...


أيام تلوها شهور، عمَ فيها الوجوم وساد الاكتئاب، خفت الحركة في القرية، تلكأت الأعمال وزاد فقر الأحوال...
ومع ضيق الأحذية ضاقت النفوس واختلف الجار مع الجار...
طالت المعاناة ونسي الناس السبب الرئيس للمأساة، حتى جاء يوم غانم جزئياً وبينما هم يصلون ويبتهلون مرَ غريب بجانب المعبد... وعندما خرجوا كانت أحذيتهم قد اختفت...
فجأة تذكروا…
أشرقت وجوههم فانقشعت الغيوم…
عانق الجميع الجميع...
ثم نظروا إلى الأعلى شاكرين من جديد رحمة السماء
 

2018-08-02
التعليقات