syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
وجهة نظر حول موضوع التأمين الصحي ... بقلم : أحمد راتب

التأمين الصحي .. نظرة تاريخية قانونية


بداية , لابد من القول , بأن مطالعات الصديق الدكتور هيثم محروس , و التي نشرت في موقعكم حول التأمين الصحي , و التي يغلب عليها الأمل , ينقصها الدراسة العملية, لذلك وجدت أنه ولكي تكون الصورة أكثر وضوحاً حول التأمين الصحي , لابد من نظرة تاريخية قانونية حول أنظمة التأمين الصحي السابقة ( الصندوق المشترك ..الخ ) و من ثم نناقش نظام التأمين الصحي المقترح الآن .

 

لابد من التمييز مبدئيا بين مفهوم التأمين الصحي و مفهوم الضمان الصحي , فالمرسوم التشريعي ذي الرقم /65/ لعام  2009 الذي فتح الباب أمام التأمين الصحي المبحوث فيه .

ينص و في مادته الأولى : إن هذه الأنظمة الصحية تبقى سارية المفعول إلى أن يوضع قانون الضمان الصحي موضع التنفيذ .

 

هذا يعني أن مفهوم الضمان الصحي هو مفهوم أشمل من التأمين الصحي. ومفهوم الضمان الصحي يقضي بالتزام الدولة اعداد و تطبيق نظام للضمان الصحي و ربما الاجتماعي أيضا و عليها توفير الرعاية الطبية للمواطنين وفق أسس موحدة دون النظر الى أوضاعهم الشخصية أو الوظيفية و تغطى تكاليف الضمان الصحي من الخزينة العامة, وفي الحدود التي يقررها النظام المعتمد لذلك و الذي يحدد عادة نسبة ما يتحمله المواطن من هذه الأعباء وما تتحمله الدولة .

 

و قد شهدنا في الجمهورية العربية السورية سابقا عدة أشكال من التأمين الصحي , و أول هذه الأشكال هي الصناديق التعاونية , و معلوم أن التكاليف التي تؤديها هذه الصناديق التعاونية تغطى بالكامل من المساهمات الشهرية للعاملين المنتسبين إليها طوعاً. وقد كان لهذه الصناديق التعاونية أنظمة مختلفة لتحديد الخدمات الصحية التي تغطيها و امتداد هذه الخدمات الصحية إلى أسرهم في بعض منها .

و الشكل الثاني من التأمين الطبي كان قائماً في بعض مؤسسات القطاع العام الإداري التي تخضع لنصوص قانونية يجري فيها توفير بعض الخدمات الصحية للعاملين لديها من خلال التنظيم النقابي للمعلمين و غيرها من النقابات المهنية .

 

الشكل الثالث من التأمين الصحي كان قائماً في معظم جهات القطاع العام الاقتصادي و بموجبه تقوم المؤسسة أو الشركة بتوفير بعض الخدمات الصحية للعاملين لديها و على حساب أعمالها و أعباء ترتبط بتكلفة الإنتاج الذي تقوم بإنتاجه  ( وفق الشروط التي يقررها قانون العمل النافذ في حينه )  .

 

و نخلص من العرض السابق إلى ضرورة استيعاب خلاصة التجارب السابقة قبل الانتقال الى تجارب جديدة تتخلص فيها الجهات العامة من التزاماتها و تنتقل نوعيا الى أوضاع جديدة لا سوابق مشجعة لها ، كما في حالة التأمين بأنواعه على السيارات حيث تتضخم حلقة المقاولات و السمسرة بين شركات التأمين المتعددة المشتركة في العملية النوعية الواحدة .

 

و نرى في المسعى الحالي اتجاها لإقرار مبادئ و أسس جديدة تجاه العاملين في الجهات العامة و توفير الخدمات الصحية لهم ( في المرحلة الأولى يمكن أن تشمل عائلاتهم لاحقا ) وفق أوضاع جديدة عبر الدخول في تجربة جديدة ليس من اجتهادات مستقرة بشأنها .

 

و تجربة التأمين الصحي الجديدة بدأت مع المرسوم التشريعي رقم /65/ لعام 2009 و الذي ينص في مادته ب أنه : يجوز للجهات العامة إبرام عقود تأمين صحية للعاملين لديها مع المؤسسة العامة للتأمين بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير المختص و وزير المالية .

هذا المرسوم وفر الأساس القانوني للبدء في إطلاق مشروع التأمين الصحي على جميع العاملين في القطاع الإداري في الدولة

و قانونياً أصبح التأمين الصحي كمنتج تأميني هو علاقة بين أربعة أطراف أساسية:

 

الأول : شركة التأمين : و المتمثلة هنا بالمؤسسة العامة السورية للتأمين و هي من يرتبط بعقد توفير الخدمات الصحية للعاملين في الجهات العامة .

الثاني : شركات إدارة النفقات الطبية : و عددها 6 شركات ( حتى الآن ) , و هذه الشركات قانونياً تعمل لدى المؤسسة العامة السورية للتأمين من كمتعهد تنفيذي من الباطن و هي تبرم بدورها العقود اللازمة لإكمال التواصل بين منفذ الخدمات الصحية و المستفيدين منها .

الثالث : مقدموا الخدمات الطبية : و المتمثلين بالمشافي و الأطباء و الصيدليات  ...

 

الرابع : المؤمن عليه ( الزبون ) .

كل هذه المنظومة تمثل تضخيما لأعباء و كلفة الضمان الصحي التي تتقاسمها في النهاية الجهة العامة و العامل فيها

و تخضع المنظومة الجديدة لتوجيهات وزير المالية الذي يترأس هيئة الإشراف على التأمين . و من ذلك تنظيم  عمل شركات إدارة النفقات الطبية و شروط ترخيصها , كذلك برامج التأمين الطبي , حتى الشكاوي الطبية و الادارية توجه الى شركة التأمين  , وهيئة الأشراف على التأمين , و تعاقد شركات إدارة النفقات الطبية مع صناديق الرعاية الصحية يجب أن تمر عبر هيئة الإشراف على التأمين .

 

و من اللافت للنظر أن وزارة الصحة بقيت خارج منظومة هذا النظام المستجد و التالي فليس من أي دور أو مسؤولية تطلب منها و هي الجهة الوحيدة المختصة فنيا و طبيا في موضوع الخدمات الصحية مهما كان من يقدمها أو يستفيد  منها و هي المسؤول أصولا عن حسن تنفيذ و تقديم خدمات الطبابة و الاستشفاء في الدولة .

و للموضوع صلة لاحقة .

2011-02-23
التعليقات
أبو سعيد
2011-03-05 08:34:11
دعم الضمان الصحي
نتمنى توسيع نطاق الضمان الصحي التكافلي

سوريا
agha
2011-02-24 02:45:01
التامين ...غير واضح حتى الآن
في حقيقة الامر...أنا مع الكاتب شلاك وموضوعا..فشركات ادارة النفقات الطبية هي عمل طفيلي ينمو على حساب المؤمن له و مقدمو الخدمة.واذا كنا قد اعتدنا ان القطاع الخاص اجدر بالادارة من القطاع العام فهذا لايعني ان يأكلو معظم كعكة التامين,أو أن يخترعوا قوانين غير مقنعة او منصفة.لا بد من وضع ضوابط فعالة اكثر لعمل شركات ادارة النفقات الطبية.

سوريا