syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
عشرون تحت القلب ... بقلم : محمود أغيورلي

زوجي العزيز ... ترددت كثيراً قبل أن أدخل غرفتك هذه وان اجلس على مكتبك الخشبي هذا .. لانك كنت دائما تُصر على أن هذه الغرفة ملك لك وحدك دون غيرك.


ولأنني أريد أن اتحدث إليك مباشرةً .. دفعت نفسي فدخلتها وأعتديت  على اوراقك واقلامك  فأرجو أن تعذرني لذلك ..

 

أتعلم يحضرني اليوم أول مرة تحدثت معي عن هذه الغرفة وعن قواعدها وشروطها .. وكيف أصررت حينها  على أن أحث اطفالنا  على اللعب بعيدا عنها لكي لا يزعجوك بأصواتهم أو طلباتهم المستمرة إليك بأن تخرج إليهم وكنت دوما  اعمل على هذا فأبعدهم عنها .. وأُبعد نفسي أيضاً فهذا ما تريده ولم أفعل يوماً غير ما تريد  ... ويحضرني أيضاً الساعات التي أنظر إلى بابها أتأمل بأن يتحرك ولو برهة لكي تمد لي صوتك من خلفه تأذن لي بالدخول أو حتى بقراءة ما تكتبه من حين إلى آخر ولكن طالت الساعات وما سمعت النداء .

سأسر إليك شيئاً يخالجني الآن ...

انا  أشعر قليلا بالخوف بأن أستخدم أوراقك .. أو ما تسميه أنت بسلاحك أي قلمك ضدك أنت بالتحديد ,

 

ليس خوفاً عليك إنما على نفسي بأن أعتاد على خط الحدود وبأن أخلد إليه وأترك نفسي كما حدث معك

فهذا القلم الذي لا يكتب سوى الحدود والقيود .. وغرفتك هذه معزلك عن كل شيء يجمعك بنا – أنا وأنت – نعم انا وانت ..

فأنت ما عدت نفسك منذ دخلت دوامتك تلك التي تسميها الافكار .. .. وأوراقك  البيضاء التي ما امتلأت يوما بشيء سوى الفراغ

تلك-الاوراق- التي لطالما شاركتني بك كما تشارك النسوة رجلٌ واحد .. كلٌ منها تحتج لقلة حصتها منه والكل لا يرضى ويدعي

أنه يأخذ الفتات منه ..وأنت .. أنت وحدك كنت تعلم من يأخذ ومن لا يأخذ ..

 

آه يا زوجي العزيز .. أتذكر المرة الأولى التي صفعتني بها .. والثانية والثالثة ... نعم فمازلت أتذكر .. ولا تستغرب من هذا

فليس إن دمل الجرح يذهبُ .. عندما جاءت والدتي في ذاك اليوم الأول وسألتني .. بنيتي من فعل بك أجبت الحياة والثانية أردفت أيضاً انها الحياة والثالثة الحياة وكانت تقول لي دوما في كل مرة " يكفيك أنك بقرب رجل يواسي دمعك إن صفعتك الحياة " كنت على بعد برهة من أن أجيب .. " بل إني بقرب رجلٌ يصفعني كلما إبتسمت لي الحياة "

.. لا تتفاجأ نعم لا تتفاجأ صحيح أنك كنت تعتذر لي وتواسيني بعد أن ينال الدمع من ثوبي ..

وكنت أبتسم لك معلنة أن الغبار سيطال تلك الصفعة ولن تُذكر يوماً ... ولم أكن أكذب حينها فما كنت أعتقد أنك ستصفع الثانية أو الثالثة .. فقد

 

كنت أعول عليك بأن تنسيني إياها تلك الاولى لا أن تعيد الكرة ثانية وثالثة.. ولكن جرت كما تجري الأمور دوما .. صفعٌ .. بكاءٌ ومن ثم صفحٌ فصفعٌ وهكذا ..

أتعلم يا سيدي .. اقصد يا زوجي ..وربما كلاهما سيانُ عندك ! أستغرب على غرفتك هذه أنها لا تحوي شيئاً يعكس الضوء أربما لأنك لا تريد ان تنظر إلى نفسك من برهة إلى أخرى

إعذرني فقد كتبت شيئاً خارج نسق النص .. ولكني أكتب ما يجول في فكري دوما دون أن أنقح أو أعدل الكثير لأنني هكذا أعتدت .. أتذكر عندما قلت لي كتاباتك تحتاج الكثير من التنقيح .. وكيف كنت أجيبك أن  هكذا تخرج من صدري وهكذا يجب أن تُقرأ

 

ربما بهذا نختلف أنا وأنت فأنت تضع الكثير من مساحيق التجميل على كلماتك وأنا لا .. رغم أني أرشق الكثير منها على وجهي لكي أخفي الكدمات التي كنت تتفنن في كتابتها على صفحات جسدي ..

أيحضرك يا زوجي العزيز المرة الأولى التي دخلت فيها غرفتك .. كيف نهرتني وطردتني يومها وكأنني ارتكبت جرماً أثيم .. اتذكر كيف كنت تصرخ أني ما عدت أحترم خصوصيتك وما عدت أعي ما تريد ..

لعلك تذكر أنني لم أجبك حينها .. نعم لم أجبك .. فلم أكن أعلم أن خطأي الاول هو الخطأ الأخير معك وكأننا نمارس تلك اللعبة التي تقول أنها المفضلة لديك – الروليت يا سيدي – الروليت ....

 

ولكنك كنت يومها يا زوجي العزيز قد اطلت الجلوس في تلك الغرفة

حتى خفت ضوء الشمعة التي كنت تقرأ بقربها فتوجس قلبي ودفعني حبي بأن أنظر هنية إليك لعلك تحتاج شيئاً وما هي يدي تلامس المقبض حتى سمعت صوت كرسي يتحرك بشدة وبابٍ يُفتح وصراخٍ يصدح ..

ومنذ ذلك اليوم أصبحت أعي هذه اللعبة جيداً .. ولكني كنت أخطىء دوماً  لأنني لا أحب هذه الألعاب وكنت أنت الذي تعشقها  لا تغمض عينيك عن أمرٍ .. نعم فهكذا خطأ واحد كان  يكفي لأن يعيدنا إلى الصفر .. نعم درجة الصفر

 

لعلك  يا زوجي العزيز تسأل نفسك لماذا اليوم .. ولماذا دخلت غرفتك وما الذي دفعني لهذا رغم أنك لم تصفعني البارحة ..

ولكي أصدقك القول هذه المرة .. فإن ملامة هذا الأمر تقع على عاتقي تماما .. فالبارحة كنت أعيد ترتيب بعض الحاجيات وإذ بي أقع

على صندوق ذكرياتي .. وأجد فيه الحربة التي كنت أحارب الحياة بها –شهادة تخرجي -  والتي ركنتها جانباً لأنك أردت هذا ..

 

ولن تصدق أيضاً فقد رأيت ذلك القلم الذي كنت أكتب فيه عندما كنت فتية الفكر ولكي اصدقك القول لقد إحترت فعلا بأي القلمين أكتب لك اليوم ..

أبقلمي القديم الذي خط كلماتي على سطور الحياة ..

أم بقلمك الذي خط حدوداً وحواجزاً بيني وبين الحياة ..

أتعلم .... لم أعد أستطع الاستمرار في الكتابة فغرفتك هذه باردة جدا .. كما ولو ان الحرارة هنا عشرون تحت القلب .

 

ولكن سأشاركك  بسر جميل قبل هذا ..  نحن النسوة يا صديقي .. نوعان نوع يحلم فلا يستيقظ من حلمه الواهي وهو السعيد الأحمق ونوع يستيقظ منه باكراً وهو التعيس الأنبه  ... وأنت تعلم جيداً أني من أصحاب النوم الخفيف !

 

صحيح تذكرت شيئاً ايضاً ..  قلت لي ذات يوم.. أستغرب على محامية مثلك أن تحب بهذا الشغف وهي تجول كل يوم على هذا الكم من قضايا الطلاق  .. وأنا ارد عليك اليوم  وأنا أستغرب على رجل مثلك يعلم ما يعلم عن الحياة أن لا يحب غيره رغم انه يعلم ان الحياة لم تخلق لأجله !

 

وداعاً

زوجتك المخلصة سابقاً

حياة .

2011-03-07
التعليقات
ريم فارس
2011-03-17 14:07:06
بحب هنيك ع هالقصة الرائعة.
الحقيقة, في كتير كتير هيك أزواج... بدن يتزوجو وبنفس الوقت بدن يضلو عزابية ويعيشوا لوحدن... يعني اذا بيحبو يضلو لوحدن...وما يشاركو حدا بشي حتى بالمشاعر.. يا ريت يبقو عزابية ويعنسوا كمان

سوريا
خلود هاشم
2011-03-08 20:16:27
حلوة ومعبرة
رسالة رائعة بوفرة مشاعرها, مؤثرة جدا ,تلامس الروح , شكرا لك أخ محمود, صدقا استمتعت وتألمت.

كندا
الحمامة البيضاء
2011-03-08 04:12:04
صباح الورد
قصة غريبة جدا يعني كل هالتحفظ والحواجز بين زوجين بين اثنين تشاركوا الحياة بأكملها وبعدين الضرب اسلوب مرفوض بالتعامل

سوريا
....
2011-03-07 19:44:29
....
قصتك رائعة اخي الكاتب بس نهايتا ما حلوة ..لانو اللي بتصبر على زوجا لازم تصبر للنهاية ولأنو هي عبتصبر عليه لانو بدا الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى أولا ومشان ما ينقطع الأمل بالله أبدا ....ولما بينقطع الأمل بالله بيصير الانسان ميت وهالشي بيتنافا مع بطلة القصة حياة ...

سوريا
.....
2011-03-07 19:40:12
...3
بالرغم من كل شي هي ضلت مخلصة له وبالعكس صارت تهتم بنفسا اكتر وتفرغت لبيتا وجوزا وولادا ...لحتى رب العالمين يصلحلا ياه .. .ولحد اليوم ما فكرت ولا مرة بحياتا انو تغشو أو تخونو ولو حتى بقرارة نفسا لانو هي ما كانت ترضى بخيانتو فكيف هي تخونو .؟؟شكرا حضرة الكاتب قصتك خلتني أتذكر العديد من القصص اللي بتكون الزوجة فيا ضحية قصص الحب للرجل اللي قبل الزواج ..وكيف هالقصص ما بتنتهي بعد الزواج وبضل الا تاثير...بتمنى من كل أم ما توقف بسعادة ابنا وتخطبلو البنت اللي بحبا لانو .بنت العالم مالا ذنب بكل هالقصة ..

سوريا
.....
2011-03-07 19:30:25
....2
وهيك تعودت انو تعيش معو ودائما عندا أمل بالله وما زالت تأمل انو يتغير لأجل ولادها ولأجلها ...صح هي ما كانت أول امراة بحياتو بس هو كان أول رجل بحياتا ...بكل ما تعنيه هالكلمة من معنى ..حاولت كتيير انو هالرجل يكون حبيبا بس هو كان دائما يبتعد ...وما يقدر ينسى حبو الأول .. ومرات كتير كان يذكر اماما الحبيبة دون ما يشعر ويناديها باسما وهي كانت تصبر عليه لانو كانت بدا تحافظ على بيتا وولادا..واخيرا قرر انو يتزوج حبيبتو السابقة حتى هي رضيت فيا بس لتحافظ على بيتا وولادا ..هههه غبيةماهالمرة ...

سوريا
....
2011-03-07 19:18:23
...1
هو أساسا ما كان معتبرهاحبيبة هو تزوجا بس لانه امو اختارتا الو ولانه بدو يتباهى فيا قدام الناس انو هو صحلوهيك بنت ...وبصراحة أكتر ما قدرت هالبنت تنسيه اول حب بحياتو واللي رفضت امو تزوجو اياها ..لهيك ما قدر يحبا ابدا وهي كمان كانت كتير تحاول معو وتخيلت انو لو جابت منو ولاد رح يحبا او رح يتغير شي بس كمان صار يعتبرها ام ولاده وبس ..وهي رضيت بهالشي وصبرت عليه لانو كان صادق معا لما تقلو قلي كلمة حب اواي شي تحسسني فيه انو اناانثى كان يقلامابقدراكذب عليك انا مابحس تجاهك باي مشاعر .!كان مكفيهاصدقه ..

سوريا
BEAUTY SOUL
2011-03-07 13:56:35
شكرا
شكرا لك ...فقد كان النص جميلا ...

سوريا
........
2011-03-07 13:54:54
...
أخلصت له وستظل كذلك ...لأنه أبو أولادها ..ولأن الله أمرها بذلك ...

سوريا
flowers
2011-03-07 13:33:30
رحيق الصمت
حلوة كتير سترسلت بقرائتها قصة جميله معبرة تشرح قلب الانثى لرقيق ولمعاناة اللي بتعيشها وحالة الصبر الي بتتوق فيها لما بتعيش مع انسان اناني جاحد بارد القلب مااسوء العيش مع هكذا انسان ومااصعب الصبر بهذه الحياة الله لايوقعنا باصحاب القلوب الجاحدة المجردة من الحب والمشاعر... فاالحياة بدون انسانيه ومشاعر جميلة متبادلة بين الزوجين جحيم لا يطاق

سوريا
وحدة فهمانة
2011-03-07 12:39:53
ما طلعت فهمانة
انتبهت متأخرة أن الكاتب رجل يكتب بقلم كل زوجة صفعها نأي زوجها عنها,لامست قلوب الكثيرات,شكرا لك

سوريا
وحدة فهمانة
2011-03-07 12:33:26
حلوة كتير كتير
ربنايكون مع كل امرأةظلمهازوجهاوكل رجل تظلمه زوجته,يارب تجمع النماذج الجيدةمع بعضهالتبني حياتهاوعيلتهاومجتمعها,العلاقةالزوجيةعطاءبدون حدود وأخد بدون حدود للطرفين,لتنعكس عطاءبدون حدودللأطفال,فتظهرنماذج غيرمشوهةنفسيا,أطالب بالوعي الشديدللشباب والشابات المقبلين على الزواج مع أن أغلب النماذج لاتدعوللتفاؤل,وأخيرا خليكي زوجةمخلصةلعل لازال هناك أمل,ولكن هذه المرةلاتعودي الىالاستكانةطالبي بجميع حقوقك ولكن أولا احرصي على اداء كامل واجباتك,بالتوفيق للجميع

سوريا