لكي أكون أول من يكتب لك في عيد الام .............والدتي الحبيبة

تتوقف جميع مشاهد الدنيا من غربة ودمار وخراب ومسابقات المواهب..............تصمت جميع محركات وسائل النقل المسافرة والعائدة ...بتوقف موج البحر فجأة .......و الشمس تغير لونها خجلا ............................................

تتراجع الايام مسرعة لأرى نفسي صغيرا رافعا يديه للأعلى طالبا منك أن تحمليه........يصعد على يديك ويعانقك باكيا ,,تمسحين دموعه بيدك التي ضربته مرارا......وتعانقينه بدفء فلا يلبث أن ينام في حضنك خلال ثوان ليست بطويلة.......تتابعين حديثك فيما يخلد ذلك الباكي نوما هانئا في أغرب أسرة الكون تصميما وأكرمه أمنا وعاطفة ...........تخلد هذه الصورة في مخيلة ابنك الذي يكبر قليلا قليلا ,,,غير مدرك ان هذا القليل قد كلفك غاليا من شبابك وسعادتك.........

تمر سنين بعدها,,, يصبح ولدك لا يكفيه حضنك سريرا ولا يلبث ان يهرب من أسئلتك وأجوبتك ,,,,لا يعرفك إلا عندما ييفتح عينيه ليلا وقد بلغت حرارة رأسه الاربعين بعد أن سقط ظل رأسك على وجهه وحجب ضوء المصباح ......تعود نفس اليد التي مسحت الدموع منذ سنوات  لتطفئ حرارة المرض لتقدم ساخنا أو شيئا ما ليس هو إلا ببلسم روحي من حنانك.......وفي الصباح يعود ابنك للغياب مجددا بينما تبقى يداك تحضران له ملابسه التي سيرتديها ليهرب في اليوم التالي ................

تعدو الحوادث مسرعة.. وها أنت يا حبيبتي تودعينه في حرقة تختصر سنينا من عمرك....لا يواسيكي فيها إلا دموعك المقدسة والتي طالما ذرفت فرحا بأبنك ......تمضين جيئة وذهابا ليله سفره ....تنقطع في مخيلتك جميع وسائل الاتصال بالناس وتغيب في هذه اللحظات كل همومك لتتجسد في حقيبة سفر فلذة كبدك.....        ها انت يا غاليتي صامدة أيضا ........كل يوم يكبر فيه ابنك تكبرين في قلبه أكثر ...كل لحظة تخطر فيها صورتك, تورق حقول من بنفسج وياسمين ...........قد تجف الكلمات من ذاكرتي وتتراءى دموعا.....شوقا ......وآلاف الذكريات والذكريات والذكريات

أمي الحبيبة :

 صعدت بي الطائرة ألاف الأقدام ورأيت طريق الحرير,,وجبال الثلج الشامخة ....وتضاريس نصف الكرة الارضية  شاهدت يا حبيبتي مشرق الشمس من كل الجهات ...والقمر من جميع الزوايا...والمطر الصيفي أيضا .............................وتبقى رؤية وجهك المنير صباحا أحلى المشاهدات

لا تخلو أحلامي من صوتك رغم أنني لم أسأل عنك من ستة شهور, أكلت بنهم جميع مأكولات البلاد,, ويبقى الكف من يدك أشهى الوجبات...لأنه الوحيد الذي بنى في وجداني لبنات من حقيقة......

لا أستطيع إيقاف دموعي في غيابك مع انك تعلمين أني أغادر إلى المطار وحيدا وأنني لا ابكي ولا أودع........في الحقيقة هو صمت ما قبل العاصفة .....

ألف قبله لكل يوم من ايام رعايتك...ولكل دمعة من دموعك السخية....ولكل كلام الحب وأغاني حبيتك تنسيت النوم   يا حبيبة قلبي ...

بتكسر جدار القسوة ليخرج طفلك باكيا طالبا منك حمله مجددا...ويعانقك بقوة لينسى قسوة الأيام في فيء حنانك

أطال الله عمرك يا حبيبتي لكي أعود فأراك معافاة سليمة ودون وعود.....لن أطيل الحديث

تأكدي يا غاليتي أن من زرع وردا لن يجني إلا جمالا وبيارق حنين