syria.jpg
مساهمات القراء
خواطر
في ذكرى أمي... بقلم : بقلم :سراب اليوسف

اليوم أكرهك أكثر وأكثر,,,


أتعفر برائحة العرق العالقة تحت إبط ثوبك

العن كل التواريخ التي انهزمت بها,,

 

العن الغربة التي تحتويني

اليوم أعود تارة أخرى لكتابة آخر الفصول في الموت

أعود لحزني

وأعود لتمزيق ذاكرتي المشبعة بالحزن

 

ارجوكِ تغادريني بروحكِ كما فعل جسدك

تغادريني فلم اعد قادرة على احتمال ما يفعله غياب صدرك

أرجوك لا تعودي لاحتضاني غيابيا

أرجوك اذهبي بعيدا فانا لا أريد ان أكرهك أكثر وأكثر

أرجوك ارحلي ارحلي من جدي

 

اليوم كان مخدعي عابق برائحتك..

وكأني بك تعاتبين ذاكرتي التي فرغت منك وملأها إله آخر...

كانت يداك تلملم ليلا شعري..أخبرتني أنك تشتقيني

ولكن تغزراني الجفاف وعجزت عن الارتماء على صدرك..بقيت صامتة

دعيني الآن أحدثك فأنا متيقنة أنك تريدين سماعي..

ساعات وسيغادر الرجل الذي ملأ حياتي وألغى من

 

تاريخي كل هزائمي ..أعلم أني كل نساء الدنيا في عينيه..

وأني وطنه الوحيد..ولكني أكره أن يخلو معبدي من صوته ورائحته وجنونه

أحب سريرنا الضيق والسماء التي رفضناها أرضا لنا..

أحب كل تفاصيله وسأنتظره في رائحة الياسمين..

وأنا متيقنة أن كل الطرق لا تودي إلا إليّ

 

أمي صلي من أجل فرحي .. من أجله..فهو أهداني

الحياة بعد أن تربص الموت بطريقي وخلقني من جديد... هكذا حدث,,,توقف النبض وزاد دوران الأرض فغدوت نقطة صغيرة لا تقوى على الصمود ,,انسحبت كل الخيوط ولم يعد هناك مقامرة من جديد ,,,وغرابتي قالت كلمتها الأخيرة في التقدم موتك وفي كل خطوة دمار جديد

أمي الساكنة في دبيب فؤادي,,,ما بالك غدوت غريبة عني غربة أهل المشرق عن مغربها؟أحاول ان استحضر وجودك فتتلاشين كما تتلاشى موجة هاربة في عرض البحر,,,بت أخاف منك كثيرا وأخاف أن تنتزعي من عيوني ما تبقى من مئونة دهري من الدموع,,,خذيني إليك من جديد خذيني فما عاد في القلب متسع خذيني فجسدي يوشك على أن يغدو قطعة من الجليد,,,

 

ابنتك لم تعد قادرة على العطاء لا تجد فسحة من السعادة في أي شيء

 امنحيني نفسي من جديد فالقسوة حاكت شرنقة حول جسدي وعيناي صحراء قاحلة لا بريق يحويهما ولا عاطفة تشع منهما ,,حتى جديلتاي أماه حتى جديلتاي غادرتاني فاعذريني,,,لم اقوى على النظر إليهما بعد الخميس الأسود ,,,فحكايتي معهما وصلت فصلها الأخير,,,

كنت اعتقد أن لا علاقة بين انسدال شعري على صدره وقلبي,,ولكن عندما كسر قلبي اقسم علي أن لا يعود هناك جدائل من جديد وبدون إحساس قصصتهما أماه ,,,سامحي ضعفي سامحي سقوطي فالوقوف يحتاج إلى دهر جديد ولا اعلم أن كان هناك شيء ينتظرني ,,,فالشمس نسيت طقوس شروقها وقلبي غارق في دمائه لا سبيل لنجاته,,,

 

اشتاقك فاشتاقيني أرجوك

اليوم,,

استيقظت على صوتكِ,,,,

اقسم أني استيقظت على صوتكِ

هززتني برفق

شعرت للحظة أن عليّ أن أنهض كيلا أتعبكِ,,,

أن أنهض كي أشتم رائحة الصباح في أحضانكِ,,,

وعندما أفقت ,,,

علمت كم كان حلمي جميل وأنا بين يديكِ

 

 

اليوم أنا أحتاجكِ,,,أشعر أني مهيضة الجناح

اليوم تنتابني ألف وعكة

اليوم أكره الجميع إلاكِ

 

ولكني أيقن أيضا أن اليوم سينتهي والحزن يلفعني

لأني أيقن أيضا أني سأكرهك مع حلول المغيب,,,,

 

أحتاجكِ جدا,,,أحتاجكِ كأي وقت مضى,,,,

أمــا زلــتِ تشــبهيــن احتــضارات الشــجــر في فصــل الخـــريف

أنظــر إلـــى عيـــنــيــكِ المتعبتيـــن ...

أغـــار مــن تـــلـــك الجــديـــلتــــيــن اللتين التــصقتا بكتفيكِ بدلا مني

 

أمـــاه ...

أقـــســـم أنــي أراكِ تقتربيـــن منــي تزيلين غبــار الـــزمـــن عن كــاهـــلي...

تخـــفيـــن دمـــعة أم تـراقب طفلتها وهي تكبر وتكبر معها فصولــها...

 

أشــعر الآن أني بحاجــة إلى أن تبتعدي...

تلاشي كذاكرة أيلول

ولا تنسي أن تجمعي كل ما تبقى من آثاركِ

حتى دمعتكـ فلتصطحبيها معكـِ في رحلة غيابكش

فأنا أخاف أن تغتال فرحتي حين أتلفت فلا أجدكِ

 

وجعي بالفقد سهي يجاسد السماء

يهزئ بكــل العناوين المغتالة مع فجر الإنسانية

 

غادرتني مرة أخرى ولا زالت دمعتي عذراء تبحث عني...

لا زلت بحجـــم السماء كانت...

 

تلاشت

 

رحلت

 

أظلمت

 

لم تعلم أن رحيلها قصم ظهري

 

ولم تدرك أني ما زلت بحاجتها....

 

أمي...

 

لم غادرتني؟؟؟؟

 

وبعد ثمانية عشر عاما تماما....أعود محملة بخسائري...لا أبحث إلا عن حضنها...

 

أشتاقكِ أمي أبحث عنك علني أجد علّني..

2011-03-21
التعليقات
المحامي سري حاتم كحيل
2011-03-23 13:45:13
بوحك ترنيمة قيثارة الوجد
بين كلماتك تهيم المعاني لتلثم شفاه الوصف حتى اصطبغت الجمل بمداد الروح القاني أيتها البنفسجة الفتية واصلي البوح فنفوسنا ثكلى لحنانك الدافق .... دمت بخير

سوريا
سيمون جرجي
2011-03-21 14:25:18
هل أنتِ هي؟
عزيزتي سراب، هل أنتِ التي أعرف؟! كلماتك المؤثرة وجدت لها صدىً في صدر الكون الواسع... طوبى لجميع الأمهات!

إيطاليا