syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
شباب القرن الواحد و العشرين .. بقلم : محمد عصام محو

  لم تنسَ أقلام العلماء و المفكرين مداعبة كل واقع عاشه البشر في تاريخ وجودهم  , فتلونت صفحاتهم مع تلون  كل واقع عاشوه


ولكن واقعا ًمفاجئاً سبى  سطور مفكرينا فجأة , و حيَّر كلماتهم ,  نعم  , انه الواقع الذي جعل ملامسيه يغردون خارج السرب مهما حاولوا الإقتراب من تفاصيله العميقة ,  فهو واقع أكبر من كل المعاجم  , على الرغم من  انه ما زال في طفولته و صباه , إذ لم يتجاوز العاشرة من عمره و مع هذا   أدهش  عقول معاصريه , انه ما يسمى ( القرن الواحد و العشرين  ) .

  و موضوع البحث  الآن يدور حول  الفئة الأكثر تأثيراً في المجتمع الإنساني  والأكثر  تؤثرا في هذا الواقع الجديد ,  انهم  الشباب فرسان الواقع و بناة المستقبل , انهم الكوثر الذي يسقي كل مجتمع ظمئ التمدن و التقدم  بثقافتهم و وعيهم فهم ملح كل مجتمعٍ  و حضارة ٍ, و بسواعدهم فقط يُوارى جثمان التخلف و الضياع

 

   لقد حمل هذا القرن لشباب العالم  ثورة تكنولوجية ضخمة , و غزى بشبكته  الصغيرة  التي باتت تسمى ب (الانترنيت) و  التي جمعت العالم  في بوتقة  قرية صغيرة  أفئدة َ الشبابِ و عقولهم نعم ,  و لم لا ؟  فأنت في القرن الواحد و العشرين !!

  ( في القرن الواحد و العشرين ) لا تستغرب إذا رأيت الجهاز   الجوال  ( الموبايل )  يعرف طريقه إلى أيدي معظم  أفراد المجتمع بشكل مخيف  و مفاجئ  ,  ولكن الذي يدعو للدهشة  أكثر هو  أنه أصبح من غير المستغرب أن تصطدم  يوميا  بأحد  المارة في الطريق  كل قليل فأنت الآن أصبحت في القرن الذي انهوس  فيه  الفرد  بكل بساطة و وهبَ عينيه  لجهازه الجوال  !!   

 

(في القرن الواحد و العشرين)  لا تتعجب إن وجدت آباء ً و كأنهم عاشوا في غرب العالم و ابنائهم في شرقه ,  حيث تعتبر الفجوة العمرية بين الطرفين شديدة الاثر بذلك ,  فقديما كان الفرق في العمر بين الأب وأبنائه يتراوح ما بين الخمس عشرة و العشرين عاما  و لكنه  أصبح الآن يتراوح ما بين  الثلاثين و الخمس و ثلاثين  عاما  ! وهذا يرجع للظروف الإقتصادية والإجتماعية  , و التي  ينتج عنها تأخر سن الزواج .   حيث يؤمن  الأب احيانا  بسطحية أفكار أبنائه  و يقتنع  الأبناء بعدم مقدرة آباءهم  على فهم أفكارهم وطموحاتهم و توقفهم عن تقبل الرأي الأخر ,  و التعامل مع كل ما هو حديثٍ من تكنولوجيا متطورة تـُظهر المفارقات المستمرة بين الآباء والأبناء و تزيد  الفجوة بين الطرفين  , إذ أنها  تظهر بكافة أشكالها  الفكرية والثقافية و الإجتماعية ما يؤدي لاختلافٍ  في العادة و المعتقد احيانا   , فبين ابٍ غير قانع ٍ بأي تصرفٍ يبدر عن  ابنه و رافضٍ للنقاش المتبادل ,  تجد جسورا ًمن اليأس والبغض رسمت مكانها راسخةً في صلب  الحياة الإجتماعية  لبعض شبابنا .

 

( في القرن الواحد و العشرين) لا تحزن ان رأيت بساطةً  للهدف ! فقد  زاد معدل البطالة في العالم كله  , ما أدى بشكل طبيعي لارتفاع  نسبة المحتاجين  للعمل حيث أصبح هاجس ما بعد التخرج  وحشا يطارد الطالب طوال سنوات دراسته الجامعية  فاضمحل  بذلك الهدف عند كثير من شبابنا  , حتى أصبح لا يعدو كونه مجرد سيارة ! أو شقة ! أو غير ذلك  من الأمور المادية و ضاعت بذلك الأهداف الكبرى ,  و انقلبت هذه الأهداف البسيطة من كونها وسائلاً لتحقيق أهدافٍ كبرى إلى كونها أهدافاً نهائية عند كثيرين  . . و هذه كارثةٌ بحدّ ذاتها .

 

  ( في القرن الواحد و العشرين) قد لا تحتاج  لقراءة كتب التاريخ و عبر السالفين !! فنحن كشباب جامعي  كنا نسمع من اجدادنا كيف احتـُـلـَّت  فلسطين  و دُنِّست مقدساتها , و كيف رَسَمَت سياسة البطش و الجريمة لوحاتها في ارض القدس و غزة و رام الله  و الجليل . . . أما الآن  فلهذا القرن رأيُ آخر !  حيث  لم نعد بحاجة لمن يقص علينا  عبر  الماضي و يروي لنا قصص التاريخ , فقد رأينا في هذه السنوات العشر ما هو اكبر و أصعب و اشد على النفس من كل ما  قد قرأناه  و سمعناه ..  من خلال ويلات العراق و غزة و غيرهما .

 

     و نهاية ً لا نستطيع ان نخفي مع كل ذلك ايجابيات هذا التطور الذي حمله لنا هذا القرن  إذ أنه  صنع ثورة تكنولوجية منقطعة النظير و رفع معدل الثقافة و الوعي بين فئاتٍ لم تكن الثقافة تعرف طريقها اليها  ’  و لم يكن التطور هاجسا يوما عندها ,  و لكن مع كل ذلك يبقى لكل شيء ايجابياتٌ  تحترم  و تستحق ان  تذكر و سلبياتٌ حاولت ان اعرِّج الى بعضها فهي  تستحق منا الوقوف و التأمل و التجاوز ,  و هذا ما حاولت الوصول اليه  .

 

2011-04-13
التعليقات
عصام حداد
2011-04-14 22:48:00
مقالة مهمة وألف شكر أخ محمد
تلك هي الحضارة أخ محمد وكما تفضلت الأخت ريم هل هناك سيناريو آخر يقبله الجميع فنسير عليه ..؟ أنا أيضا لاأظن فلسنا لانحن ولاغيرنا من يصنع السيناريوهات بعد أن بات العالم قرية صغيرة حتى أصبحت الشعوب تأكل وتلبس وتتصرف مثل بعضها تقريبا وكله للسف رغما عنا .. والمحافظ يعتبر متخلف عن الركب .. وحقيقة ليس بالضرورة أن تعني كلمة حضارة أننا نتقدم أو ترتقي للأفضل ولكن للأسف رغما عنا اسمها حضارة .

سوريا
ريم فارس
2011-04-13 14:52:23
معك حق
أخي الكاتب, أنا أوافقك الرأي بكل ما قلته... أنا لطالما تسآئلت عن إذا ما كان هنالك سيناريو آخر يمكن وجوده غير الذي نراه الآن. لا أدري! ولكن ما أعلمه أن بقاء الحال من المحال... وأنّ الحياة عليها أن تتغير وتتطور.

سوريا
أخصائي تربية
2011-04-13 13:30:31
شكراُ
هذا موضوع هام جداٌ

سوريا
مو مهم
2011-04-13 12:00:24
كلام حلو
اخي محمد فعلا ومن دون مجاملة شكرا لك على هذا الكلام الذي اوضحت به العالم في وقتنا الحاضر وفي الماضي وفي المستقبل ايضا بكلام بسيط وواضح لكن السؤال الذي يطرح نفسه والذي يراودني منذ سنين ما الحل ؟؟ والى ماذا سوف نصل ؟؟؟ وما قد تكون النهاية نهاية هذا القرن لا اخفيك انا عمري 23 ولكنني بحق اتمنى اني لو خلقت في زمن ابي او زمن اجدادي حيث ان في ذلك الوقت كان لكلمة (( الحياة حلوة ) معنى لو قلتها لاحد لتواسيه لاقتنع بها حيث ان المتطلبات الاجتماعية كانت بسيطة وبمقدور اي احد متناولها مرة ثانية ما الحل

سوريا
سامح
2011-04-13 09:00:54
اشكرك عالمقالة
فيها نقاط جديدة تم طرحها لاول مرة بالموقع، متل فرق السن بين الاباء والابناء يلي بخلي في فارق كبير بالتفكير خاصة اليوم، انا معك انه فارق العمر كان اصغر من 100 سنة وقبل ذلك، بس هاد لا يعني انه كانوا الاباء متفهمين جدا، لا تنسى انه بمجتمعنا الاب هو بمثابة الرب بالاسرة ولا يمكن مناقشته، معارضته او حتى اقناعه، لذلك بعتقد انه هالمشكلة احدى مشاكل عدم التفاهم بس مو كلشي، وبشكل عام صرنا اسرى وعبيد للتكنولوجيا ..

سوريا