جاء في الحديث القدسي أن القلوب جبلت على حب من أحبها و على بغض من أساء إليها ...
و يحكى أن هنري أرسكين النائب العام في اسكتلندة في أواخر القرن الثامن عشر , كان يتلقى علومه على يد أستاذ خاص اشتهر بضعف ذاكرته , و كان التلميذ أرسكين شديد الحب و الإعجاب بأستاذه العجوز هذا , و في أحد الأيام التقى التلميذ بأستاذه بعد تخرجه و قد أصبح محامياً مشهوراً في اسكتلندة , فسأل الأستاذ العجوز تلميذه السابق قائلاً : (لقد علمت بمزيد الأسف يا بني أن أحد أفراد أسرتك قد أصيب بالحمى و أنه قضى نحبه , ترى هل كنت أنت أم شقيقك هو الذي مات بهذه الحمى ؟!...)
و ذهل التلميذ السابق أرسكين و هو يستمع إلى سؤال أستاذه الغريب فما كان منه إلا أن قال له بكل حب و احترام و ذكاء : ( كنت أتا يا سيدي الذي أصيب بالحمى و مات ..) , و هنا مد الأستاذ يده مصافحاً تلميذه ثم قال : ( آسف جداً يا بني , أرجو أن تبلغ أسرتك خالص تعازي الحارة !...) و انصرف الأستاذ العجوز و ظل حب أرسكين لأستاذه قائماً في قلبه أبد الدهر ...
و هنا أقول ليس كل طفل متأخر في دراسته هو طفل غبي أو كسول , فالطفل يولد بالفطرة على جانب كبير من الذكاء , و على الأبوين و المربين مساعدة الطفل في تنمية ذكائه و معرفته بجو ملؤه الاحترام المتوازن و المتبادل بين الطفل و مربيه و هذا الاحترام شرط أساسي في نجاح التربية و التعليم و التطور الطبيعي له , و في أكثر المواقف المنحرفة شيوعاً عند الأهل و المعلمين هو طلب الكمال من الطفل , و الافراط في انتقاده أو اهماله و نبذه و عدم الثقة به بل الذهاب بعيدأً إلى حد معاقبته ؟!...
و مع الأسف الشديد كنت قد سمعت أن مديرة إحدى المدارس الخاصة بحلب قامت بفصل مجموعة من الأطفال في بداية العام الدراسي الحالي 2011م ؟!...بعد اتهامهم بالغباء و الكسل و المشاغبة !... و تفضلت وزارة التربية مشكورة بالتحقيق بهذه الواقعة الخطيرة و غير المسبوقة , و أنا أقول لأمثال تلك المربيات : ليس كل طفل متأخر في الدراسة هو طفل غبي أو كسول كما ينعته بعض الناس أو المربين !...فقلوب و عقول الأطفال تعد الأكثر صفاء و نقاء و رقة على كل صعيد و تحتاج لعناية خاصة من كافة أفراد المجتمع, فالتأخر الدراسي لدى بعضهم عرض له أسبابه و معظمها بيئية تربوية و القليل منها ينجم عن النقص العقلي أو الأمراض النفسية أو الجسمية أو اضطراب حالة السمع أو البصر , كل هذه الأمور تحدد مقدرة الطفل على التحصيل و التعليم و المعرفة , فالطفل الذي يصادف صعوبات شديدة في سني الدراسة الأولى لسبب أو لآخر قد يعاني في السنين التالية كثيراً من الصعوبات التعليمية , و خاصة اذا كان يعيش في بيئة ملؤها الحزن و القلق من جراء تخاصم أو انفصال الأبوين مثلاً , و تؤثر هذه البيئة في حالته النفسية و على قدرته الفكرية في المتابعة المدرسية و الدراسية , كما أن التأخر الدراسي قد يكون نوعاً من العقاب الذاتي كنتيجة حتمية لسوء التربية المنزلية أو المدرسية و فقدان الحنان و المحبة أو العطف !....
و عندما يهمل الأهل أو المربين الطفل و لا يعطونه الوقت و الانتباه الكافيين لمساعدته في التعليم و تنمية ذكائه بل و في لعبه أيضاً , فإنه يحرم من لذة مشاركتهم له و بالتالي فإنه لا يتعلم , و يصعب عليه أن يتعلم فيما بعد , إن وجود العلاقات الودية الجيدة مع المربين و الأهل , هو السبيل الأكيد الذي يتعلم منه الطفل , أما الطفل المعذب نفسياً فيكون سلوكه المدرسي غير نظامي , فهو مشاغب لا يعرف الانضباط أحياناً , و على المربين السرعة في معرفة الأسباب الحقيقية لذلك , عن طريق مد جسور الصداقات العاطفية بين الأهل و المدرسين و عمل مجالس دورية بين الأهل و المدرسة , حتى تتحسن التربية و التعليم و المتابعة المثلى للطفل .
وهنا أذكر قصة أحد الأطفال الأذكياء الذي طلب منه أستاذه في علوم الحياة أن يعرف له العمود الفقري للإنسان و لم يكن بعد قد درس هذا السؤال , فأجاب الطفل بكل عفوية و ذكاء قائلاً : ( إن العمود الفقري هو سلسلة طويلة من العظام رأسك يجلس على أحد طرفيها و أنت تجلس على الطرف الآخر !....) , فبهت الأستاذ من جواب تلميذه الصغير و قال في قرارة نفسه : إنهم حقاً أطفالنا أكبادنا (قلوبنا) تمشي على الأرض , و علينا أن نحبهم و نعلمهم و نحترمهم شئنا أم أبينا !...
د.مصطفى ماهر عطري
حلب 10/04/2011م
أنا والد أحد الطلاب المفصولين من مدرسة شمس الأصيل بحلب ...بسبب المشاغبة و ضعف التحصيل حسب ادعاء الادارة علماً أن ابني مسجل في المدرسة منذ المرحلة الابتدائية ....و بدلاً من أن تتحمل المدرسة مسؤولية ما تدعيه كونه قد قضى معظم طفولته في هذه المدرسة ..ها هي الادارة تستهتر ممستقبل هذا الطفل و غيره من زملائه و تسير على مبدأ أسهل العلاج الكي ...
وأعطي نصف عمري،يجعل طفلا باكيا يضحك... وأعطي نصفه الثاني، لاحمي زهرة خضراء ان تهلك... فمــأساتي التي أحيا هي جـــــزء من مآسيكم... ترى ما ذا يعطي أساتذة العلم والأدب في الوقت الحاضر بعد ان فقدناا التربية والتعليم واتجهنااا نحو المدارس والجامعاات التجارية البائسة والتي لا تبغي سوى جمع وجني اليــــــــــراات والدراهعم وةالدولاراات.. سؤال يطرح نفسة وبتصرف المسئول... ونحن منهم طبعااا..!!؟ شكراا للكاتب وشكراا لسيرنيوز وارجو النشر للحرية الرأي والتعبير
مقالة مفيدة، شكرا دكتور.
شكرا يا دكتور فقد أتيت بالحقيقة عينها ولا بد لنا كآباء ومسؤلين أن نكون كما أراد الدكتور من رسالته نعم الرسالة يا دكتور