syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
حياة متقاعد ( موت اجتماعي ) او سوداويه النظره .. بقلم متقاعد

ان كان التقاعد في دول العالم المتقدم هو حلم لكل موظف او عامل ليبدأ حياته من جديد ، حياة دون هموم مليئه بالهويات من سفر أو رياضه ....
و بأختصار ليعمل كل ما كان يحلم به و كان عمله يمنعه أو يحد منها ..


أما المتقاعد عندنا يعيش كابوس من الملل و انعدام القيمه و كثيراً ما تكون سبب في نهاية حياته بعد أن يصاب بالعشرات من الامراض النفسيه و العضويه ذات المنشأ النفسي ...

فبعد أن كان إستاذاً أو موظفا ً أو ضابطاً الان اصبح قليل القيمه لدرجة ان الجميع يشكو من جلوسه بالبيت و تدخلاته التي لا معنى لها ...

فزوجته تشكو من تداخلاته بالمطبخ و اولاده يشكون من توجيهاته التي زادت و احفاده يعتبرنه متحكم بحياتهم  و مع كل صرخة تأفف منهم يتحرك شعور الحزن لديه ليعلق السبب على تقاعده ، فان مرَّ بجانبه انسان و لم يتلقى التحية تبدأ الصور و تعود الذاكره لأيام زمان عندما يبح صوته من رد السلامات المتتاليه رشا ً على أذنيه .


مع هذه الصوره المأسويه لحال اكثر المتقاعدين لدينا ، تنتعش عمل المقاهي و التي كانت ملقى المثقفين و للتحول مع وضعنا الحالي لمكان للعاطلين عن العمل و محبي الصراخ الرياضي  و الأن انضم لهم هذا الانسان المتقاعد من عمله .


كل هذه الصور السوداء حصلت عليها اليوم بالذات بعد ان قررت ان اهرب من حرّ المنزل لمكان استطيع به قراءة جريدتي ، و لأدخل مقهى صغير في اسفل بيتنا و اشاهد عشرات الموتى ، ولكنم يتنفسون ، لم يتعدوا الستين إلا قليلا ً ولكن الهم و الغم و الملل اخذ منهم الكثير كان المقهى يعج  بالرواد ولكن ان دخلته مغمض العينين تشعر انه فارغ ولا يكسر صمته سوى ضربة نرد او رنه ملعقه تحرك السكر او رشفه قويه لفنجان قهوه ....


اما الكلام فمحرم في هذا المكان و الصوره ابلغ كلاما ً من اللسان .

جلست افكر بوضعهم و بوضعي بعد سنوات ماذا سأفعل عندها ...

فان حاولت ان اقلد الاوروبين ، أجوب العالم سفرا ً أو مساهما ً فعالا ً في الجمعيات الخيرية  فسأصحوا على حقيقة ان راتبي على مدار كل تلك السنوات كان (( ما – عاش )) اي انه لا يعيش لأكثر من شهر في أحسن الاحول و تقاعدي هو ضمانتي الوحيده ان لا امد يد الحاجه و انا بهذا السن.

 

فبدأ أفكر بامر اخر ...

فقررت ان ابحث عن عمل ٍ جديد يناسب سني ولكن اي بديل ٍ هذا و انا ارى طوابير العاطلين عن العمل و الباحثين عن لقمة العيش دون جدوى و هم في سن الشباب و القادرين على العمل أكثر مني بكثير


و اتعمق بالتفكير اكثر و اكثر و اقلب البدائل و الاحتمالات ولكن بالنهاية اكتشف اني سأنضم لهم بعد سنوات و الحل الوحيد ان أعَود نفسي على سماع الأخبار من الان و اتعلم لعب الطاوله و انتظر ملاك الموت ليأخذ امانته فالمتقاعد بعد هذا السن في مجتمعنا  هو ميت ولكن في داخله روحٌ

تقاوم الحقيقه و تعارض القدر .


قد نجد من يتهمني بالسوداويه واليأس ... كم اتمنى ان تكون هذه هي الحقيقه

ولكن هل كل هؤلاء المتقاعدين هم سوداوين اما هذه هي الحقيقه التي سنصل لها جميعا بعد سنوات .

و أليس طلبات التمديد التي تعج بها الوزارات كل عام من المتقاعدين الجدد دليلا على هذا اليأس و الخوف من الموت الإجتماعي في ظل مجتمع يحترم الكرسي و اللقب و المنصب

 
اتمنى ان اكون سوداويا و انتم اصحاب النظره الصائبه .
 

2010-10-05
التعليقات
نبيل حاجي نائف
2010-10-06 16:36:53
أنني أتمتع بالتقاعد
لقد تقاعدت منذ حوالي 10 سنوات , لقد عشت فيها أفضل وأجمل سنين حياتي . أقرأ وأكتب وأتنزه وأمارس رياضة السباحة والسياحه في بلدي وضمن إمكاناتي المادية, والسهر مع عدة شلل من الأصدقاء والرفاق

سوريا
ابن دمشق
2010-10-06 13:32:46
يا ساتر على هيك احساس
وصفت الوضع بكل امانة و دقة000 ياريت المقالة القادمة منك تكون عن الحلول لتلك المشكلة..بانتظار حلولك..كلنا لها .تحياتي

سوريا
hazarba
2010-10-06 07:29:56
لا تحزن
عزيزي .. أنا أتفهم شعورك جيداً و لكن دعني أقول لك بأن الموظفين الذين لا يزالون على رأس عملهم و تحديداً ( الشرفاء منهم ) يشعرون الى حدٍ كبير بما تشعر به فهم في سبات وظيفي لا يتطورون معه و لا هم يستطيعون استبداله بآخر فالوصوليون لم يتركوا لهؤلاء سبيلاً، و لعلّ أحدهم إذا ما تقاعد أن ينجو بنفسه من هذا كله، و أما و أن تثقل على نفسك بالمقارنة مع الأوربيين، فدعني أقول لك بأن هناك بون شاسع بيننا و بين بعض البلدان العربية في هذا المضمار فما بالك بالبلدان الأخرى، فابحث يا صديقي عمّا يسعدك و يملي عليك وقتك

الإمارات
سام حيدر
2010-10-06 02:21:38
لماذا
لماذا لا تتفرغ لعبادة الله وفعل الخير وفعل الاشياء التي لم تكن تستطيع فعلها وانت بعملك اعتقد ان ذلك افضل شيئ يمكن ان تقوم به عند ذلك ستكون نظرتك للحياة مشرقة متفائلة

سوريا
سوري
2010-10-05 20:34:57
100% كلامك صحيح
عزيزي الكاتب إن ملاحظتك صحيحة مئة بالمئة..فالمتقاعد عندنا كما وصفته يتنقل بين المقاهي و يقضي وقته بالملل و إضاعة الوقت.. و في أحسن الأحوال إذا كان يملك أرضاً خارج المدينة ينتقل للقرية و يقضي وقته في الزراعة و هي التي من أفضل الأعمال كانت و ما زالت و ستبقى,,و لكن السؤال هل كل المتقاعدين لهك أراضي زراعية؟؟ الله أعلم!!أعتقد أن يكون في بلدنا برنامج خاص للمتقاعدين يملؤون فراغهم بالمتعة و نفس الوقت بالفائدة العامة و الخاصة..و شكراً

سوريا
سامر
2010-10-05 19:38:42
مبروك
مبروك الشكل الجديد

سوريا