syria.jpg
مساهمات القراء
خواطر
نحن وأنتم...بقلم : سورية

إلى القتلة الذين اغتصبوا براءة الأطفال وقتلوا ومثلوا بأجساد الناس تحت اسم الإسلام...


 نحن أبناء الكآبة وأنتم أبناء المسرّات.

نحن أبناء الكآبة، والكآبة ظلُّ إلهٍ لا يسكن في جوار القلوب الشريرة.

نحن ذوو النفوس الحزينة، والحزن كبير لا تسعهُ النفوس الصغيرة.

نحن نبكي وننتحب أيها الضاحكون، ومن يغتسل بدموعه مرةً يظل نقياً إلى نهاية الدهور. 

نحن نتنهد ومع تنهداتنا يتصاعد همس الزهور وحفيف الغصون وخرير السواقي، أما أنتم فتضحكون وقهقهة ضحككم تمتزج بسحيق الجماجم وحرتقة القيود وعويل الهاوية.

 

نحن نبكي لأننا نرى تعاسة الأرملة وشقاء اليتيم، وأنتم تضحكون لأنكم لا تسمعون سوى رنة الأقداح.

نحن نشفق على صغاركم وأنتم تكرهون عظمتنا، وبين شفقتنا وكرهكم يقف الزمان محتاراً بنا وبكم.

نحن ندنو منكم كالأصدقاء وأنتم تهاجموننا كالأعداء، وبين الصداقة والعداوة هوّة عميقة مملوءة بالدموع والدماء.

نحن نبني لكم القصور وأنتم تحفرون لنا القبور، وبين جمال القصر وظلمة القبر تسير الإنسانية بأقدام من حديد.

 

نحن نفرش سبلكم بالورود وأنتم تغمرون مضاجعنا بالأشواك، وبين أوراق الوردة وأشواكها تنام الحقيقة نوماً عميقاً أبديّاً.

منذ البدء وأنتم تصارعون قوانا اللينة بضعفكم الخشن. تغلبوننا ساعة فتضجون فرحين كالضفادع، ونغلبكم دهراً ونظل صامتين كالجبابرة. قد صلبتم الناصري ووقفتم حوله تسخرون به، ولكن لما انقضت تلك الساعة نزل من على صليبه وسار كالجبار يتغلب على الأجيال بالروح والحق ويملأ الأرض بمجده وجماله.       

 قد سممتم سقراط، ورجمتم بولس، وقتلتم غاليلو، وفتكتم بعلي بن أبي طالب، وخنقتم مدحت باشا، وهؤلاء يحيون الآن كالأبطال الظافرين أمام وجه الأبدية. أما أنتم فتعيشون في ذاكرة الإنسانية كجثث فوق التراب لا تجد من يدفنها في ظلمة النسيان والعدم.

 

نحن أبناء الكآبة، والكآبة غيومٌ تمطر العالم خيراً ومعرفة، وأنتم أبناء المسرات ومهما تعالت مسرّاتكم فهي كأعمدة دخان تهدمها الرياح وتبدّدها العناصر.

جبران خليل جبران

 دينكم رياء، ودنياكم ادعاء، وآخرتكم هباء... فبئس الجهاد ما تفعلون.

 

2011-05-24
التعليقات