لا شكّ أن ما شهدته سوريا من أحداث في الأسابيع القليلة الماضية، فاجأ كثيرين من المواطنين والمسؤولين السياسيين والأمنيين السوريّين والعرب.
والمفاجأة الكبرى كانت للمخططين للفتنة انفسهم ولكن ليس من حيث حدة الأذى والضرر الذي خططوا لإلحاقه بهيبة الدولة السورية والمواطنين فحسب، بل في ما يتعلق بالتوقيت المسبق.
مما لا شك فيه أن قوة الممانعة لدى سورية في مواجهة مشروع الشرق الأوسط الجديد، وفي نصرتها لقضايا الأمة المحقّة:
من قضية فلسطين الى دعم المقاومة في لبنان الى إحتضان مسيحيي العراق، جعلا منها هدفا من الضروري إزالته، لما يشكل من إزعاج و إعاقة للمخططات التي تحاك لتطبيق هذا المشروع.
فكانت الشرارة الاولى من درعا، فإن ما حصل من تصرف لأولاد المنطقة وردّة فعل محافظها سواء عن قصد او عن غير قصد، عن براءة في التصرّف او عن خبث، كان له الأثر الكبير لإنطلاق الأعمال التخريبيّة الجاري الإعداد لها، وتقريب ساعة الصفر التي خطط لها المخربون من دون أن يستطيعوا تأجيلها لتتلاءم مع اكتمال التحضيرات المناسبة لها، على غرار ما حصل في لبنان خلال عدوان تموّز، عندما اسرت المقاومة جنديين إسرائيليّين، من أجل تحرير ما تبقى من اسرى لبنانيين في السجون الاسرائيلية، وكانت الذريعة لشن أشرس حرب على لبنان قبل الموعد المحدد لها بحسب قول الإسرائيليين انفسهم، اي قبل ان تكتمل تحضيراتهم اللوجستيّة والإعلاميّة والنفسيّة سواء في الداخل الاسرائيلي او على الصعيد الإقليمي والدولي لشنّ حرب كهذه، ما ادى الى فشلها، وانتصار المقاومة على أعتى قوةٍ تدميريةٍ في المنطقة.
كذلك فإن المشهد السوري يبدو مشابها من حيث التخطيط وتقريب ساعة الانطلاق، إذ ان أحداث درعا سرّعت بانطلاق المشروع التخريبي قبل إكتمال نموّه، ولم يجد المخربون انفسهم إلا امام امرٍ واقعٍ، فباتوا بين خيارين: إما البدء بتنفيذ "المشروع" على رغم عدم الإنتهاء من التحضيرات الكافية له وإما الإنتظار حتى استكمالها، وربما عندها لن تكون الأرضيّة خصبة للمشروع المذكور في ضوء إقرار الإصلاحات التي كانت وهنا يكمن أحد الجوامع المشتركة بين عدوان تموّز وحوداث سورية .
أما الجامع المشترك الثاني والاهم فهو: سقوط "المشروعيّن" الاول تحت قبضات المقاومين والاحتضان الشعبي لهم، والثاني من خلال وعي الشعب السوري والتفافه حول قيادته الماضية في طريق الاصلاح والتغيير، وقواته المسلحة العازمة على التصدي لأي إخلالٍ بالامن، واستهدافٍ للاستقرار.
أعتقد أنه بإمكاننا إضافة مواقف و ردود أفعال بعض الملوك العرب و كيفية محاولة إعطاء الصبغة الشرعية لهذا العدوان بناء على عداوات طائفية. و لو كان هذا خارجا عن موضوع المساهمة فإنه يحضرني كلام أحدهم حين خاطب العدو الإسرائيلي قائلا: "خسارتكم هي خسارتنا". جزيل الشكر لمن يستطيع مقاربة هذا مع الحدث في الساحة السورية.