إنها المرّة الأولى ربّما تلك التي أملك فيها القدرة على ابتداع موضوعٍ لكلماتي قبل حتّى أن أبدأ بها...

وإنما أردت اليوم أن يكون حديثي بوحاً إليكم.. ففيكم أحباب قلب .. و أصدقاء درب.. ومن بعضكم تعلّمت الكثير الكثير.. ولا يزال أثر بعضكم في داخلي إلى أن تفارقني الحياة يوماً...

يعتريني شوقٌ غريبٌ للكتابة كلّ حين أمسك قلمي دوماً لتبدأ كلماتي في الهروب و كأنّها في عصيانٍ على سطوري.. وكأنّها ربما ملّت ذاك النّمط الرّتيب الذي اعتدت وضعها فيه دوماً.. وذاك الحزن الذي يسمح لها أن تُبعَث إلى الحياة.. وأستسلم لرغبة كلماتي فلا أقوى على كتابة أيّ شيء.. أو ربّما أكتب قليلاً لتبقى كلماتي تحت الظلام.. دون رغبةٍ منّي بأن أضعها على مرأى منكم.. لأنّني أدرك أنّها تناشدني بوحدةٍ غريبةٍ بعيدةٍ عن كلّ البشر..

وأعود دون موعدٍ سابقٍ إلى موقعي الحبيب "سيريانيوز" الّذي كان نقطة لقائي بكم.. أرى مساهماتكم وتعليقاتكم.. وأدرك أنّني في حربي مع كلماتي قد نسيت روعة وجودي بينكم.. ويختنق الشوق في داخلي.. يطالبني بأن أعود.. دون أن أجد مخزوناً لأفكاري..

واليوم فقط أتعبني شوقي كثيراً للحدّ الذي قرّرت فيه أن أبوح لكم برغبتي أن أكون بينكم.. فبين كلماتكم أدركت الكثير من الحكم الخفيّة .. والبعض منها لامس شغاف القلب .. والكثير منها كان مصحوباً بآفاق جديدة خُلِقت في عالمي لم أكن أدير لها بالا.. وبعضها وضعنا أمام واقعٍ نهرب منه جميعاً ..

ربما وأنا أتحدث الآن يعبر في مخيّلتي الكثير من أسمائكم وكأن كل اسمٍ بات مقترناً بصفةٍ ما .. ولن أذكر هنا أسماءً لكثرتها و خوفي من نسيان بعضها.. فمنهم الحكيم.. ومنهم الناقد المبدع .. ومنهم الشاعر المرهف .. ومنهم ذاك الذي يسلّط الضوء على الحقيقة .. ومنهم و منهم .... 

أشعر الآن وأنا أكتب بصخب أسمائكم في داخلي .. ربما ذاك الصّخب وذاك التنوّع هو ما جعلنا نبني عالماً متميزاً لنا هنا .. أسرةً صغيرة .. نحنّ إليها بشوقٍ غريبٍ كلّما ابتعدنا عنها.. وتعيدنا كلماتنا إليها كلّ حينٍ رغماً عنّا بل ربّما دون إدراكٍ منّا...

اعذروا مشاعري اليوم .. اعذروا حنيني .. اعذروا ربما جنون كلماتي وأفكاري .. اعذروا بوحي .. ولكن.. اعلموا أن لا روعة لكلماتي إلا بوجودكم ..

أحبّكم .. و أحبّ صدى كلماتكم ..