عم الفرح و الحبور أرجاء المنزل السعيد و اجبابا. زوج و الأولاد لوداع والدتهم قبل سفرها لإحدى الدول العربية المجاورة لزيارة أختها و الاطمئنان على صحتها و الوقوف إلى جانبها بعد عملية الولادة القيصرية التي أجرتها مؤخرا حيث تعتبر نفسها بمثابة والدتها بعد وفاة أمهم و هي معروفة بسعة الصدر و رحابة القلب وقت الأزمات .
وفي تمام الساعة الخامسة مساءاً جاءت سيارة الأجرة لتقل الأسرة إلى المطار لتوديع والدتهم و لم يكن هذا الحدث طبيعياً بالنسبة لهم فهذه أول مرة تسافر الأم و تفترق الأسرة و على طريق الذهاب تركز الحديث عن الفترة التي ستقضيها الأم عند أختها و أكدت أنها لن تغيب أكثر من أسبوع بينما أصر الجميع أن تكون الزيارة أطول فالمشوار بعيد و السفر طويل و خالتهم بحاجة من يرعاها و يكون بجانبها في هذا الظرف العصيب .
وساد صمت طويل في طريق العودة من المطار و استنشق الجميع هواء الحرية لأول مرة و قد مليء صدورهم و فاض إلى قلوبهم و عقولهم فالكل يفكر في كيفية قضاء هذه الإجازة السعيدة فالبنت الكبرى فكرت في دعوة أصدقائها إلى حفلة راقصة في المنزل و أخوها الشاب قرر الاتصال برفاقه و الاتفاق على السهر خارج المنزل و حتى الطفل الصغير حمودة لم يخفي رغبته بلعب كرة القدم طوال النهار دون أن تؤنبه أمه و تجبره على الدراسة و كتابة الوظائف و حفظ الدروس ,أما الأب فقد وعد نفسه بأيام سعيدة خالية من الغم و النق و وجع الرأس و كثرة المطالب .
أوصل الأب الأولاد إلى البيت و مضى إلى متجره ليطمئن على سير العمل بعد انقضاء ثلثي النهار في ترتيب إجراءات السفر و مشوار المطار .
و عند عودته مساءاً إلى البيت فوجئ بالأنوار تضيء البيت و صوت المسجل يصدح ملئ الآذان ....دق الجرس فلم يسمعه أحد , أخرجه مفتاحه و دخل إلى المنزل فوجد الفوضى تعم المكان و ابنته الكبرى تتحدث مع صديقتها على الهاتف و ابنه الصغير مازال يلعب على الكومبيوتر و قد احمرت عيناه من شدة الإجهاد و ابنه الكبير مازال خارج المنزل... طلب من ابنته إنهاء مكالمتها و الاتصال بأخيها وتذكيره بأن الساعة قد تجاوزت العاشرة و عليه العودة فوراً إلى البيت.
وفي صباح اليوم التالي استيقظ الجميع متأخرين على صوت باص حمودة و هو يغادر دون أن ينتظر الطفل الصغير النائم و هب الجميع لارتداء ملابسهم و الذهاب إلى مدارسهم بينما انهمك الأب في إعداد بعض الشطائر للمدرسة و تسخين الحليب و هنا صرخت البنت الكبرى بانزعاج شديد بابا ... بابا الماء بارد لماذا لم تشعل السخان ورد عيها أخوها بابا ... بابا أين ثياب الرياضة و تابع أخوهم الصغير بابا ... بابا أين فردة حذائي الثاني و بينما كان يحاول مساعدتهم شم رائحة شيط الحليب على النار فهرع إلى المطبخ لحمل إناء الحليب فاحترقت يداه و هنا طاش حجره و شتم أولاده و أنبهم على سهرهم طوال الليل.
و غادر الجميع المنزل و تركوه قائماً على ساق واحدة و الفوضى تعم المكان و كل ما في البيت ينادي أين أنت يا أم المؤمنين و أين تلك الأيادي البيضاء يا سيدة الزمان و المكان.
و لم يمض اليوم الثاني إلا بشكوى شديدة اللهجة من الجوار بسبب كثرة الصخب و الضوضاء و عندها لم يستطع الأب إلا أن يعلن حالة الطوارئ بالبيت و نبه الجميع إلى حالة الفلتان و الاستهتار و طلب منهم رفع الجاهزية و العودة إلى الصراط المستقيم .
وجاءه في اليوم الثالث ظرف صغير من المدرسة مكتوب عليه عبارات عتب لأن حمودة لا يكتب وظائفه و لا يحفظ دروسه و ينام في مدرسته وأما في اليوم الرابع فأن الأمور قد خرجت عن السيطرة فالثياب بحاجة للغسيل و وجبة الغسيل الماضية بحاجة للنشر و الثياب على الحبل تحتاج من يكويها و الثلاجة في البيت أصبحت خاوية على عروشها و تشتكي من وحدتها والأواني في المجلى تنتظر من يرثي لحالتها ويجفف دموعها و الحديقة الخارجية ذبلت ورودها وتحتاج من يسقيها و يعتني بها و البقال يسأل عن الحساب و الصغير لا يأخذ الدواء و الكبير بحاجة لقليل من الدلال والزوج يطالب بمزيد من الحنان و البنت الشابة عندها أكثر من سؤال ....وتاه الأب بين أعباء المتجر و هموم البيت وسأل نفسه ألف ألف سؤال من يستطيع أن يقوم بكل هذه الأعمال لابد أن يكون مارداً أسطوريا يخرج من مصباح ....أو سيدة عظيمة مخلصة تحب زوجها و الأولاد .
تمت
كم كنت سعيدة بشعورك اتجاه زوجتك و اعترافك بعظيم المجهود الذي تبذله كل زوجة لاسعاد زوجها و جميع أفراد الاسرة لكني أصبت باحباط كبير عن ما سيؤول له حال المنزل عند سفري القريب فزوجي و أولادي لا يختلفون عن ماورد في القصة
تتحدث عن النسوان و كأنهم ملاك و أنا شايف ان النسوان أما عقرب سام أو حية رقطاء أو سلحفاة عرجاء و على جميع الأحوال الله يعين كل الرجال على هذه البلواء ( جمع بلوة أي مصيبة ) هنن بلا و بلاهم بلا .
المرأة أما أن تكون نعمة و روضة من رياض الجنة أو نقمة و حفرة من حفر جهنم و بصلاح المرأة تصلح الأسرة و المجتمع و هي بيضة القبان في الموضوع فكم من أسرة تقوم على تضحية المرأة و صبرها و كم من أسرة ضاعت و تفككت والسبب هو نفسه المرأة فأظفر بذات الدين تربت يداك .
منحها الله التسامح بلا حدود والعطاء بلا شروط والمحبة بلا قيود انها الام فقليل عليها ان نقبل الثرى الذي تمشي عليه فهي ملاك منزل حباها الله القدرة لتتفانى في عطاءها دون ان تنتظر يوما الرد فشكرا لك لانك جعلتنا وعبر كلماتك الرقيقة نتذكر كرم امهاتنا وافضالهن علينا وجعلتنا ولو للحظة نتخيل الحياة من دونهن فيا لها من حياة قبيحة شكرا لك
و كأنك تتحدث بتلك الكلمات عن أمي و أمك و هذا لاينطبق بالمطلق على زوجتي و زوجتك و نسوان هذه الأيام الذين يقضون و قتهم في نوادي الرياضة و صالونات التجميل يشفطون الدهون من مؤخراتهم و يحقنون السيلكون في صدورهم و يرضعون أولادهم من حليب الثور خوفاً على نهودهم يأكلون من السوق و تربي السيرلانكيات أولادنا كانت النساء الذهب العتيق و هن الآن على قارعة الطريق طبعاً هذا لا يشمل الجميع الا من رحم ربك .
فعلاً عندما قرأت هذه القصة احسست براحة غريبة وانزاح عن كاهلي جناح التعب فالمرأة عندما تجد من حولها الاهتمام و التقدير تنسى تعبها و تعود من جديد شد همتها و معاودة العطاء أرجو ان يستمع كل الرجال الى هذه القصة و يشعروا بقيمة المرأة قبل فوات الآوان.
قديش بيوتنا بحاجة ليغيب عنها كل من الأب والأم لفترة قصيرة حتى الكل يشعر بقيمتهم لأن جد ما بنعرف قيمة هالجواهر ولو عرفنا قيمتهم كنا حطيناهم عراسنا لأنهم بيستاهلوا أكثر وأكثر ومرة شفت مسلسل بيتبادل فيه الأب والأم الأدوار لأسبوع استهانة من كل طرف بمسؤوليات الآخر وفعلا كان النتائج واضحة جدا أن كل طرف بيعرف يأدي دوره ودوره ما حدا بيعرف يقوم فيه غيره