وردة . . . . . تلك الزهرة الندية التي لم تتفتح بعد
وردة . . . . . لم تتجاوز عامها الثالث عشر ولم يقول لها أحد إن هذا الرقم مشئوم
وردة . . . . . تضم في طياتها ذلك العبير الذي لن يشم عطره احد و سيبقى في كنزه للأبد.
تلهو مع أقرانها كالفراشات . . . . ترن جرس الجيران وتتوارى وراء الجدران تضحك بصوتٍ عالٍ فيبتهج المكان وتشدو العصافير على ضحكاتها أحلى الألحان.
وبينما هي في اشد الأوقات حلاوة وأكثرها شقاوة همس احدهم في أذنها أن أمها في البيت تريدها ودعت رفيقاتها على مضض وذهبت لتلبي نداء أمها وأمام البيت شاهدت سيارة سوداء فارهة , استغربت لحال هذه السيارة وكيف حملتها عجلاتها إلى هذه الشوارع الضيقة والحارات المنسية وما أن دخلت إلى البيت حتى أسرعت أمها إليها وغسلت يديها من أثار الشقاوة وألبستها ثوب العيد وأعارتها كندرتها ذات الكعب العالي .ولأول مرة في حياتها تفرد للريح ضفائرها وتسمح لنسمات الصيف أن تنساب وتدغدغ شعرها الأسود الطويل.
وكادت أن تهوي إلى الأرض من فرط فرحتها فثوب العيد والكعب العالي كل ذلك مقابل أن تدخل وتسلم على ضيف والدها ذو السيارة السوداء الفارهة.
دخلت ونسيت أن تسلم على الضيوف كما طلبت منها أمها جلست بينهم ولم تعرف عن ماذا يتكلمون سمعت كلاماً عن دين والدها القديم وعن القسمة والنصيب و بازار طويل بين الغالي والرخيص و يرتفع صوت الرجال و تحلف بسوالفها النساء بأنها تساوي أكثر من ذلك بكثير ولم تنفرد أسارير وجه أبيها إلا عندما بدء يعد نقوده ... ويبارك لضيفه
و بينما كانت وردة تقلب ناظريها بخجل بين الضيوف لفت انتباهها ذلك الضيف الثقيل ذو رأس ضخم وفك بارز كبير. و كم ارتعدت أساريرها و دب الرعب بقلبها عندما تبسم و كشف لها عن أسنان كبيرة مصفرة , ولم تتأكد إن الزيارة انتهت إلا عندما وقف الأب وراء الباب و أكد أن الموعد إن شاء الله يوم الخميس القادم . وبعد أن غادرت السيارة السوداء المكان طلبت من أمها أن تسمح لها بالذهاب إلى رفيقاتها ولكن الأم نهرتها وأنبتها وقالت أصبحت الآن صبية ومن تلبس الكعب العالي لا يمكن أن تخرج من البيت وتلعب بالحارات والأزقة.
ومضى عليها الأسبوع التالي وهي سعيدة مبتهجة الكل يهتم بها وأمها تشتري لها كل يوم ثياب جديدة وأغراض مثيرة وجاء يوم الخميس وعادت تلك السيارة الفارهة ولكن بحلة جديدة و زينة ملونة و ما هي إلا دقائق معدودة و عندما كانت أمها تلبسها الثوب الأبيض و تضع الألوان لأول مرة على وجهها فزادتها حسناً فوق حسنها وألقاً فوق جمالها سمعت من خلف الباب صوتُُُ أجش يقول لها هل أنت موافقة فنعرتها أمها بكوعها و طلبت منها أن تقول نعم موافقة.
و عندها لم تستطع الأم إلا أن تضمها إلى صدرها وتعانقها دقائق طويلة ولم تدري وردة لماذا كل هذا البكاء حتى دخل الأب وانتزع البنت من حضن أمها وقال لها الجماعة يريدون الذهاب.
وعلى صوت زغاريد الجيران وقبلات الصديقات انطلقت السيارة السوداء بسرعة تلتهم الشوارع وتطوي المسافات وجلست هي في المقعد الخلفي وجلس بجانبها ذاك الرجل العتيد ذو الفك الكبير حاول أن يلمس يدها ويقترب منها فنفرت منه والتصقت بباب السيارة وكم تمنت أن ترمي نفسها من هذه السيارة و تعود راكضةً إلى بيت أهلها ولكن هيهات فالطريق طويل والليل مظلم والسيارة تسير بأقصى سرعتها .
ولم تدري ما كان ينتظرها في بيتها الجديد إلا عندما أوصد عليهما باب واحد وسمعت بأذنيها صوت طقطقة عظامها الطرية وذلك الفك المفترس يجثو فوق هامتها . . .ويعتصر أنفاسها . . . ويمتص رحيقها . . . . ويتركها بعد ذلك حزينة باكية كم كرهت بعد ذلك اسمها لأنه تلفظ به وكم اشمأزت من نفسها وقرفت من جسدها و حاولت أن تتقيأ مشاعرها فدخلت الحمام وحاولت الاغتسال من دنسها ولكنها لم تشعر بطعم النظافة أبداً لأنها أحست أنها متسخة من الداخل
وتمنت لو ينتهي كل ذلك الآن وبلحظة وأن يكون مجرد حلم مخيف وكابوس طويل ينتهي عندما تستيقظ.
ولكن في الصباح وعندما استيقظت وجدت ذلك الرجل يشخر بجانبها والزبد الأبيض يخرج من فمه وفكه المفترس يفتح ويغلق مثل ناقوس الساعة المزعج .
وبعد يومين جاء والديها لزيارتها وللاطمئنان عليها فركضت وبكت بحضن أمها ونزلت وقبلت رجل أبيها ومسحت دموعها بحذائه وتوسلت إليه أن يعود بها إلى البيت لتمسك بأيدي أصدقائها وتذهب إلى مدرستها ولكن قهقهات ذلك الفك المفترس قطعت كل حديث ودمدم ضاحكاً : الخروج من الحمام ليس مثل الدخول إليه .
أصبح الآن هذا البيت سجنها الكبير وغرفة نومها هي زنزانة التعذيب ولكن بمرايا بدل القضبان و زوج يقوم بدور الجلاد و السجان ولم تمض خمسة أعوام إلا وكان لها ثلاثة أطفال ابنتان ورديتان مثل قطر الندى وطفل صغير مثل أبيه ذو فك كبير .
نسيت زوجها وقصة أمسها و تفرغت لتربية أطفالها وبثت فيهم كل الرعاية والاهتمام وأغدقت عليهم الحب الذي حرمت طويلاً منه وشاء الزمان أن لا يطوّل سجنها فأصبحت الأرملة الشابة ولم تتجاوز الخامسة والثلاثين همها الوحيد أن تضمن لبناتها أعلى درجات العلم والتحصّيل أما ابنها الوحيد فقد رفض أن يكمل دراسته واستلم متجر أبيه وهو الآن يبحث لوحده عن عروس صغيرة لان أمه رفضت أن تزوجه فتاة دون العشرين ولكنه أصّر إلا أن يقطف زهرة صغيرة مثل أبيه فحذار أن تكون هذه الزهرة من بستانكم تقطف لتروي بطولة زائفة .
تمت
انا كقارئة أحسست أنك مهتم جداً بالقضايا الإجتماعية وخاصة قضايا المرأة فكم هو جميل أن يشعر الرجل بمعاناة المرأة وتضحيتها قصتك جميلة ورائعة و أجمل شيء فيها خاتمتها لأنها جديدة ومبتكرة وأن شاء الله ذاك الرجل لن تقبل أي فتاة بفكه المفترس وستتحضر العقول و تتغير العادات وإن شاء الله سينعم المجتمع بفرح يعم على الجميع
كل الشكر لمن قرأ و مزيد من الشكر و الامتنان لكل من شارك و أغنى الموضوع من وجه نظره و أكد لكم ان هذه القصة حقيقية و اسسم صاحبتها الحقيقي يبدأ بحرف النون و أرجو ان لا تقرأ هذه القصة بسبب خصوصية الموضوع و أقسم بالله ان الحب الذي حرمت منه في وقته المناسب عاشته بعد سن الأربعين و فشلت فيه لأن كل شيىء حلو في وقته و الانسان يحب أن يعيش كل المشاعر و يجرب كل شىء فعلى الأهل المراقبة و التوجيه و ليس المنع و الزجر و خاصة بعصر هذاالانفتاح و العولمة .
شكراً أستاذ أحمد .. أعجبت بتعابيرك اللطيفة وكلماتك الرقيقة وقصتك الحزينة والجميلة التي تجذب كل من يقرأها، الحماقة والجهل هما سببان في انهيار تلك الأسرة فأهل وردة زوجوها من أجل المال فقط رجل دميم قميء وكبير السن هذا ما استنتجته من ترملها المبكر ولقد نسوا أهلها الشرع الذي يقضي بالقبول والإيجاب بين العروسين أشكرك مجدداً وتفضل بقبول تحياتي وسأصبح متابع دائم لقصصك وسردك الجميل
قصة حلوة كثير بس ما بظنها من زماننا فأطفال هذا الزمان ومن سن 8سنين بيعرفوا الزواج والعرس وكل شي ويمكن ليصيروا 13 هنن يعلموا أهلهم وعكل حال الزواج المبكر خطأ كبير وغالبا ما ينتج عنه تفكك للأسرة بعد فترة عندما تكون الفتاة قد استيقظت من حلم الفستان الأبيض والعريس الذي يحمل في فمه أجمل الكلام
انشا الله ما بتكون هالبنت وحدة من بناتنا ابدااااااااااا وانشا الله بضل بلا جواز
شكرا لك سيدي فقد زينة صباحي بباقة من اجمل الكلمات وعبرة لمدى الحياة فبناتنا لسن للمتاجرة وقد آن الاوان لنضع حد لهذا التفكير البدائي
اعتب عليك لتسميتي الفك المفترس فانا عريس الاحلام المنتظر بفك كبير بفك صغير كلو بدو يتجوز
السيد أحمد شكراً لجرأتك على تناول هذا الموضوع و مازالت الألاف من البنات تعيش هذه المئسات و حرمانها من التعليم و من حقها في الاختيار و في العيش في منزل والدها مازال الجهل سيد الموقف و نرجو وضع سن أدنى للزواج
القصة حلوة و معبرة و تصلح لكي تكون مسلسل تركي و ب 500 حلقة النهاية مختصرة و لكنها مؤثرة و حاولت اعادة المشكلة عن الطريق الفك المفترس