syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
المتلاعبون بالعقول...بقلم : هيفاء ديب

يقوم مديرو أجهزة الإعلام الأميركية بطرح أفكار وتوجهات لا تتطابق مع الحقائق المحيطة بنا,  وبذلك هم يتحولون إلى متلاعبين بالعقول عن عمد لإنتاج وعي زائف مضلل وبعيد عن الواقع ..


هذا ما بينه لنا هربرت أ. شيلر  في كتابه ( The Mind Managers ) أي المتلاعبين   بالعقول, فكيفيّة تسخير ومعالجة وتنقيح وتحويل الصور والمعلومات التي ترد إليهم لتتلاءم  عند النشر مع أهداف الشبكة الإعلامية يمثل جوهرا واضحا في عملية التلاعب.

  فتسهم هذه المعالجات في صياغة وتشكيل قيمنا ومعتقداتنا ومواقفنا من القضايا التي من  حولنا والأدهى من ذلك أنها تحدد سلوكنا في النهاية.

 

ومن الطرائف الصحفية التي تثبت كذب وزيف الإعلام, ان صحفيا شابا أراد الحصول  على مقابلة مع أديسون صاحب الألف اختراع, ولكن العالم الأخير رفض فما كان من    الصحفي الاّ ان نشر في اليوم التالي حديثا مطولا مع أديسون تحت عنوان:

   ( أعظم مخترع في العالم ) فاتصل أديسون بالصحفي وقال له: ( بل أنت أعظم مخترع   في العالم وليس أنا)..

  مما لا شك فيه ان الاعلام بات آلة العصر الجهنميّة, ومازال التطور التكنولوجي في الاتصال والتصوير والإخراج يكتب فصولا جديدة عن كيفية تسخير هذه الآلة التي أبدع   الخبراء في تشكيلاتها واستخداماتها..

 

  واذا كان هذا حال الاعلام في اميركا فإن اعلامنا بات مع التطور التكنولوجي لا يختلف  كثيرا عن الاعلام الاميركي في ادراكه لأهمية هذه الآلة الجهنمية والامكانيات الهائلة   التي توفرها لخدمة أهدافها ومصالحها ولكن بسبب تجاذبات وسياسات الأنظمة العربية فإن قلة من الأنظمة العربية تحاول النأي عن تعميق الخلافات فيما بينها, فصياغة الأخبار  والصور ولقطات الأفلام وانتقائها وتضخيم بعضها وحذف آخر ورغبة بعض الفضائيات  في تحقيق السبق الإعلامي ساهم بشكل كبير في تعميق الخلافات العربية, وإيقاع المجتمعات    العربية في مصائد توجهات هذه الفضائيات.., أحد مصادر هذه الخلافات ليس في نقل  الأخبار والتقارير وإنما في الطريقة والأسلوب اللذين ينقلان الخبر...

  فبعض هذه الفضائيات كانت وراء انعطافات إعلامية هامة لكن مع الممارسة العملية  والظروف المحيطة أصبحت تقاريرها محملة بوجهة نطر محددة فسلبت الآخر وجهة نظره, ليتأثر رجل الشارع بمثل هذه الأخبار والتقارير بشكل يدفع القنوات الأخرى لفعل الشيء نفسه, وهذا ما يزيد حالة التوتر بين الفضائيات من جهة وبين الحكومات من جهة أخرى.

 

   لقد أثار اهتمامي كتاب ( المتلاعبون بالعقول) اذ يظهر جليّا جهد الكاتب في معاينة الواقع عن كثب ليقدم تحليلا موضوعيا لواقع الاعلام الاميركي ودراسة تتبعية لآلية العمليات المتحكمة بوسائل الاعلام ودور الشركات العملاقة في قيادة تلك الوسائل والسيطرة عليها لخدمة أهدافها  ومصالحها في داخل الولايات المتحدة الأميركية وخارجها لتحقيق الهيمنة على العالم.

  فيخرج الكاتب باستنتاج هام: هو ان استطلاعات الرأي لم تقصر في خدمة أهداف الديمقراطية  بل خدمتها بطريقة تؤدي الى كارثة فقد كرّست مظهرا خادعا من روح الحياد والموضوعية  كما عززت وهم المشاركة الشعبية وحرية الاختيار من أجل التغطية على جهاز توجيه الوعي,  والسيطرة على العقول يتزايد بتزايد توسعه وتطوره يوما بعد يوم  ص160.

 

   اذ يقوم الاعلام الاميركي على التضليل الإعلامي والوعي المعلّب, وهما بدورهما يقومان على عدة أساطير منها اسطورة الحياد: فيضلل الشعب بحيادية مؤسساته ولكنه في الحقيقة  ليس حياديا هو يلبي مصالحه وطموحاته, وكذلك أسطورة التعددية الإعلامية على أساس هناك  تعدد هائل في وسائل الاعلام ولكن هذا من حيث المظهر فقط فالواقع مختلف, فعلى الرغم من  تنوع وسائل الاعلام يظل المضمون واحد  والفرق يتمثل في وهم حريّة الاختيار.

 

  ومما لا شكل فيه أن الفضائيات العربية باتت جزءاً لا يتجزأ من عملية التلاعب بعقول الجماهير  على الرغم من ان هرم الاعلام بات مقلوباً فلم يعد من القمة الى القاعدة بل بات من القاعدة الى  الهرم... فتنبهت الفضائيات الى المدونين والفيديوهات على الفيس بوك وكافة شبكات التواصل  الاجتماعي الى درجة اصبحت تستقي معلوماتها منها لتتناسب بما يخدم المصالح الشخصية  لتلك المؤسسات الإعلامية.

 

2011-06-23
التعليقات
هيفاء
2011-06-25 17:32:09
إلى قراء سيريا نيوز الأعّزاء..
شكرا لكل من علق وأبدى رأيه...شكرا لوعيكم ولمساحات ادراككم..التي تقاطعت والتقت مع أفكاري..

سوريا
فراس
2011-06-25 12:32:13
اعلام العار
اجل سيدتي انها لعبة العصر وعلينا اتقانها فلا يكفي ان نكون اصحاب حقوق ليقف الاخيار الى جانبنا بل الاهم هوقدرتنا على ايصال اصواتنا والاعلام هو افضل الطرق لذلك وللاسف فنحن اختيارك لهذا نتذيل هذه القائمة ولكن مايزال لدينا امل في ان نلحق بالركب وليكن الله معنا وفقك الله فقد كنت موفقة في اختيار الموضوع وطريقة طرحه

السعودية
عصام حداد 2
2011-06-24 23:50:02
شكرا للكاتبة
والثقة تحتاج لوقت ولقليل من الوطنية أيضا عند أي مواطن وأظن هذا ماحصل بإعلامنا اليوم وبدأ بأخذ منهجه الصحيح ولو متأخرا ومع هذا نتمى شفافية أكثر وسرعة أكبر .. وقد شعرت ممن هم حولي بزيادة ثقتهم بإعلامنا الوطني فمعظم اليوم باتوا يتابعون المحطات السورية والدنيا واستغنوا نهائيا عن الجزيرة والبي بي سي لكذبهم الذي بات مكشوفا ومقززا .. هذا رأيي وشكرا للعزيزة هيفاء .

سوريا
عصام حداد 1
2011-06-24 23:49:18
السرعة والشفافية فقط
رأيي لايوجد شيء اسمه مسح للعقول ولا برمجتها.. وجعجعة الإعلام مهما كان قويا تنتهي بعمل بسيط جدا وغير مكلف في أي دولة مهما كانت فقيرة .. وحتى ممكن أن يكون عبر الصوت فقط أي بالإذاعة .. وهذا العمل يتمثل بالشفافية وسرعة نقل الخبر مما يؤدي لثقة المواطن بإعلامه وترك أي محطة مهما صرف عليها من المليارات .. فعندما يثق المواطن بإعلامه سيسرع عند سماع أي خبر لمحطته أو إذاعته ليعرف الحقيقة ..

سوريا
جمال
2011-06-24 14:23:45
استعباد الجماهير بالإعلام
أشكرك على لفت النظر إلى هذا الكتاب المهم الذي نشرته الكويت منذ عقود؛ وأود أن اذكر بأن صاحب المال هو المتحكم عادة فمثلاً بعد أن بدأ العمال في بريطانيا بمقاطعة منتجات المستوطنات اشترى تايكون الإعلام "روبرت مردوخ" الاسترالي المتصهين جريدة "الصن" البريطانية المشهورة ثم أعلنت الجريدة أنها ستتوقف عن دعم حزب العمال وخسر الحزب الانتخابات بعدها ! .. ولكن هذه الحقيقية لا تغطي القصور والفوضى وعدم النزاهة في الإعلام الحكومي البعيد عن الحرفية وعن أمانة النقل الصحفي.

سوريا
محمد عصام الحلواني
2011-06-24 11:38:16
أحسنت وأبدعت
أسعد الله أوقاتك أستاذة هيفاء المحترمة تحليل رائع وياليت عندنا ممن يمتلكون وعيك وتبصرك الكثير لكنا بألف خير أعجبتني قصة أديسون نكتة لطيفة وليت الزمان يطوى فتعودي لبلدك سالمة غانمة لقد لمست حنينك للوطن من كتاباتك أستاذة وهنيئا لأهلك بك تقبلي مروري

سوريا
احمد العربي
2011-06-23 23:24:13
ايتها الهيفاء
ومن المغرب ومن العراق ومن مصر وتونس اكدوا لي عبر رسائلهم الالكترونية انهم ضد هذا التجييش الاعلامي الملفق والكاذب ضد سوريا واكدوا لي انهم يعتمدون اخبار الاعلام السوري"على قلته"بعداكتشافهم زيف تلك القنوات واعتمدوا ايضا المواقع الالكترونية السورية اشكرك على هذا المقال الذي يؤكد على وجود المؤامرة ضد سوريا ولننتظر غدا الجمعة "جمعة الشرعية"هل سيتم التلاعب بالعقل السوري وكم هو حجم هذا التلاعب اشكرك مرة اخرى وننتظر المزيد منك.

سوريا
احمد العربي
2011-06-23 23:10:48
ايتها الهيفاء
في كل مرة تجيدين تقديم الموضوع وفي هذه المرة ربما تركت للمعلقين ابداء الرأي فلم اجد رأيا لك بالموضوع المطروح عموما اجد ان تعليق الحمامة البيضاء معبر جدا واضيف ان الشعب العربي في سوريا اخذ موقفا نهائيا من قنوات الفتنة كالجزيرة والعربية وغيرها وحذفها من ذاكرته فيمكن ان يحدث التلاعب بالعقول في اي مكان غير سوريا لان شبابها وشيبها العقلاء وحتى الاطفال لايمكن التلاعب في عقولهم"ارسل لي احد الاصدقاء من السعودية انه لو استطاع اغلاق العربية والجزيرة لما تردد لحظة واحدة لما تبثه من سموم ضد سوريا"وغيره كث

سوريا
Deema Sultan
2011-06-23 23:04:26
Hopefully not to late ( part 2)
such a channel would not have a huge cost and we would have intimidated others of manipulating our minds . instead of playing this defensive role all the time , we could have been the initiators of the event and others would have had to defend themselves and discover the tricks! hopefully we will learn and I feel it is so soon we will have all the broadcasters who resigned from Aljazeera working in Syrian supported channel that can take over the role other channels played .  

سوريا
Deema Sultan
2011-06-23 22:57:54
Hopefully not too late
Dear Haifa, thanks for bringing up the topic of this book, " 3alam el ma3refe" published it in arabic probably 20 years ago . I know we are smart in discovering any conspiracy and uncovering the truth , but why do we have always to play this role ?! it was high up time since Al jazeera then Alarabiya were established to establish a competitive channel with variety and wide broad spectrum of opinions and good margin of freedom , it would not have cost us a lot ( to be followed)

سوريا
فواز بدور
2011-06-23 21:52:50
الرائعة هيفاء ديب
أشكرك على هذا التحليل الذي يأخذ موقع محايد من القضية ويستند إلى مقالات ومعطيات حقيقية وما يزعج في المؤامرة الإعلامية على سوريا أن المتمترسين خلف الإعلام المضلل هم أخوة وأشقاء ونحن من رسخ مصدقيتهم ولكن أخيراً لن يصح إلا الصحيح

سوريا
الشيخ عبد القادر الخضر
2011-06-23 18:23:07
الاعلام اليهودي هو الرائج !
أشكرك على طرح الموضوع الهام وأزيدك علما" هناك نظرية { التنافر الادراكي } وضعها العالم الامريكي ليون فستنجر !ومفادها إدخال معلومات خاطئة في وعي الانسان وبتوالي تكرارها تتشكل بوعي المتلقي قناعة بعدم تصديق غيرها أي مسح العقول وبرمجتها كما يشاء الماسح وقد تم غختزال وكلالات الأنباء العالمية المعروفة إلى خمسة وملاكها الخمسة يهود !!!!

سوريا
Abo-Lounious
2011-06-23 18:14:52
Lucie Carltrell
Schiller said that "information control has become part of national policy”. This is right, I feel that He was right when he said that the forces that control our mass media would prefer if this sort of thing did not happen. However, I feel that the Edgeley Valley story also supports his statement that mind management is not entirely successful and that here and there, in small ways, heightened consciousness does emerge. Thanks Mme Haifaa for this interested

فرنسا
د وهيب
2011-06-23 16:34:15
تحليل علمي
لقد ارتقيت في تحليلك وتسلسل افكارك. كم كنت اتمنى لو عند السوريين عشر محطات تحلل الخبار,وتبث من الموقع, وتشارك في صنع فكر عربي متطور.

سوريا
نبراس الصوصو
2011-06-23 14:47:51
صحيح .. ولكن !!
إن الاعلام بمعظمه مسيس ومن الصعب أن نجد وسيلة اعلامية حيادية فالغرب يبني توجهاته الاعلامية وفقا لمصالحه ونفس الأمر بالنسبة للفضائيات العربية وبما أن الموقف السوري مخالف لسياسة هذه القنوات فإنها ستسعى دون شك لتبني أسلوب تعاطي اعلامي يضعف هذا الموقف من خلال التأثير في المجتمع السوري بتقديم المعلومة التي يتوق مواطننا لمعرفتها والتي لا يجدها في اعلامه والإنسان بسبب فضوله يبحث عن مصدر للتزود بالمعلومات وبالتالي يفترض باعلامنا نقل الصورة الكاملة دون تعتيم وحينها لا نترك الساحة السورية "للمغرضين"

سوريا
الحمامة البيضاء
2011-06-23 13:14:26
صباح الورد
استطاعوا أن يفرقوا التجمع والالتحام والوحدة في نفوس الضعفاءاستطاعوا أن يشعلوا الفتنة والبغض في القلوب الهشة استطاعوا أن يحرضوا على القتل والخراب في العقول الصغيرة التي لاترى ولا تبصر لكن النفوس المتينة والقلوب القوية والعقول الراجحة لم ولن يستطيعوا أن يغيروا فيها مهما فعلوا ومهما نشروا من أكاذيب

سوريا
مواطن
2011-06-23 12:02:11
الحقيقة ناصعة
ان للاعلام دور هام ومثال على ذلك هو سيطرة الصهاينة على الاعلام الامريكي. ولكن لما يجري في سورية حاليا فللاسف المواطن يرى على ارض الواقع ما يجري وما يشاهده الانسان لا يمكن تغييره باي وسيلة اعلام

سوريا