الحوار أي النقاش بين أناس متحضرين يحترم كل منهم الآخر , ويحاول الجميع الوصول في نهايته إلى تفاهم أو نقاط اتفاق بينهم , والحوار ربما يكون أحيانا بين الأعداء , وأيضا يكون الحوار بين الأحباب والأصحاب , أو يكون بين سائل ومجيب - الحوار الصحفي - وهناك حوار الطرشان ( كل يغني على ليلاه )
في النهاية الحوار هو تواصل حضاري بين بني البشر.
هنا في سورية تمت الدعوة إلى اللقاء التشاوري تمهيدا للحوار الوطني .
فمن المتحاورون ؟
مما لا شك فيه أن أحد أطراف الحوار هي السلطة , ولكن في الجانب الآخر المعارضون والمستقلون , هل هم ممن يمكنهم أن يحركوا أو يضبطوا الشارع جميعهم أو بعضهم , أم هم نخب وشخصيات مشهورة في المجتمع السوري تم دعوتها أو جلبها ليكتمل مشهد ديمقراطية الحوار إعلاميا , ليصبح الحوار دردشة بين الأصدقاء ( بيت فستق ) مجاملات و تنظير , وبالتالي هم لا يمثلون أحدا على ساحة الواقع .
أيها الأخوة : مع احترامي وتقديري لكل من تصدى لهذه المهمة السامية , نحن في منعطف كبير من تاريخ سورية الحديثة والظرف لا يحتمل التجريب ولا التبسيط , نحن بحاجة لتشخيص الواقع على الأرض تشخيصا دقيقا , ووصف العلاج الناجع , ويمكنني أن أقول الإسعافي للوضع الراهن , فيجب على الجميع – كل سوري – الانفتاح والتحاور الإيجابي .
إن المكابرة وما تجره من إقصاء لأي فئة كانت , وسواء اختلفنا معها أم اتفقنا , ومهما ذهب المدى بهذا الحوار الحالي ومهما توصل إليه من نتائج سوف يكون بالمحصلة ناقصا إذا لم يشمل الجميع وسوف يعود بنا للمربع الأول - مع رفضنا القاطع لكل من استخدم العنف والقتل من أي جهة كانت –
إذا تمت الدعوة للجميع , عند إذ من يرفض الدعوة للحوار , ويريد لغة الفتنة والدمار ويرفض لغة الحوار , فعذرا للقول يكون قد اختار لغة الحمار , وسيكون صوته من أنكر الأصوات .
أيها الأخوة : إن الإقدام على خطوة جريئة اليوم تضعنا في مرحلة متقدمة , ربما يكون الإقدام على هذه الخطوة غدا لا يكفي لمواكبة الزمن وتطوراته , أو الوضع على الأرض ومستجداته .
لذا ......لنتسامح , ولننسى جميعنا ما مضى وننطلق بمرحلة جديدة عنوانها سورية أولا , يكون الجميع فيها شركاء , لا وصاية لأحد على الشعب , ولا حكم إلا لصناديق الاقتراع , ونطبق الديمقراطية السورية التي نتفق عليها جميعا , يكون فيها الحكم للأغلبية , وتحترم فيها الأقلية ما تفرزه الانتخابات الشفافة , لتكون هي – الأقلية - بالتالي العين الرقيبة على أداء الحكومة المنتخبة , ولنقرر بعدها تعديل أو تغيير الدستور ليكون هو العقد الاجتماعي الحديث الذي يقره الشعب السوري .
أيها المتحاورون : أسأل وعذرا لفظاظتي
هل نزل أحدكم إلى الشارع وسأل المواطن البسيط ماذا يريد قبل أن يذهب إلى الاجتماع التشاوري أو التحاوري ؟
سأقول لكم ماذا يريد منكم المواطن البسيط بداية – وهو الأهم – إنه يريد أن يعيش مكتفيا بمعيشته ومصانة كرامته .
فإذا استطعتم أن تحققوا له هذا في البداية , أبشركم بنجاح اجتماعكم التشاوري , أما إذا كانت البداية بمناقشة مواد الدستور الثامنة والثالثة وأخواتها , فصدقوني أن الغالبية العظمى يهمها تحسين الوضع المعيشي ومكافحة الفساد والإصلاح الإداري أكثر من مواد الدستور التي لم يطلعوا عليها .
لذلك أقول : ما المانع من أن تكون هناك اجتماعات في الأحياء والمناطق والمدن - بدل التظاهر - يكون فيها الحوار والاستماع إلى مشكلات المواطنين من قبل قادة الرأي والعقلاء والمثقفين , فترفع هذه المطالب إلى لجان محلية , وتجمع لتطرح على المؤتمر الوطني للحوار .
فواقع الحال إن مسودات قوانين الأحزاب و الإعلام و الانتخابات , و رفع حالة الطوارئ وإلغاء المحاكم الاستثنائية - مع ضرورتها وأهميتها – لم تحسن الحالة المعيشية للمواطنين الغير موظفين , وهم الغالبية في مجتمعنا السوري , فلم يجدوا فيها تغييرا لواقعهم المعاش .
أخيرا... إذا أردنا أن نكون شفافين ؟ فلتكون وسائل الإعلام حاضرة لهذه الاجتماعات التحاورية , وليكون المواطن على اطلاع وعلم بكل ما يجري فيه مباشرة , وذلك لنفوت الفرصة على الأبواق التي تنفخ في نار الفتنة بالتحليل وبث السموم كما يحلو لها , ونؤسس لإعلام جديد يكون قدوة للإعلام في المنطقة , كما ستكون الديمقراطية السورية هي نظرية جديدة للحكم في المنطقة إن شاء الله .
في كل الأحوال إن كل حوار بين أفراد الأسرة السورية هو خير , وكل خطوة للأمام هي خطوة نحو مستقبل أفضل , أتمنى لكم التوفيق في مهمتكم الجليلة , وأرجوا من الله أن يلهمكم سبل الرشاد وأن يسدد خطاكم لما فيه الخير لشعبنا ولبلدنا الغالي سورية .