كثيرا ما يتداول موضوع الزواج في معيشتنا اليومية , وما بين مازح وجاد ورافض وراغب يبقى الزواج القضية الأكثر أهمية على الأرض ومقصد يبدو أن عممنا الرغبة فيه والزحف اتجاهه نكون غير مغالين على الإطلاق.
بداية وقبل أن نبحر بالزواج علينا أن نعترف بضرورة الزواج في حياتنا كأشخاص , و أي نية للتملص منه أو مقاطعته هي ضرب من ضروب اللامنطقية واللا موضوعية , فالزواج مؤسسة عظيمة وعماد قوي لمجتمع ينعم بالعافية والاستقرار , و مصرف آمن لرغبات وشهوات الشباب و لا أحد يكذب أو يريب في ذلك بالطبع ما من أحد ينكر الدور العظيم للزواج لكننا أيضا شبه ملزمين بالاعتراف بإشارات الاستفهام الكبيرة التي تقترن بكلمة الزواج في هذا العصر وكم هي غفيرة , فما تأخر سن الزواج ولا تقديمه ولا لوازمه المتطورة بشكل مستمر إلا إشارات استفهام تلتصق بوضوح مع الزواج وتندرج تماما تحت سمائه وتبقى الكثير من الأسئلة برسم الإجابة .. فما مشكلة الشاب مع الزواج ؟ ولماذا يطلبون الشباب الزواج في سن مبكرة و البعض يرجئه لأعوام بعيدة ؟ هل يفكر الشاب في المسؤولية الجديدة والمهام الجمة التي ستلقى على عاتقه مع أول تهنئة يسمعها ؟ وهل الشاب في زمننا قادر على تحمل مثل تلك المسؤولية ؟ ترى هل يثبت على تحمل مسؤوليتين وحتى ثلاث ولربما أكثر إضافة لمسؤوليته عن حياته وشخصه ؟ ما الوازع ؟ الضرورة , الشهوة أم التقليد ؟ أم الموضوع مجرد دخول بمرحلة يجب الدخول فيها لا محالة ؟ هل طلب الزواج مؤشر على رجاحة عقل الشاب واكتماله وبلوغه مرحلة النضج ؟ لماذا الزواج ؟ ومن يبت بأن الزمن قد حان حتى يدخل الشاب الفلاني هذه المرحلة الدقيقة ؟ وكم هو عدد الشباب في عصرنا الذين يعرفون معنى الزواج ومدلوله الحقيقي ؟ وبصورة أشمل كم يبلغ عدد المتزوجين الذين يعرفون معنى الزواج ومدلوله الحقيقي ؟
بدون ريب أن مقصد الزواج و مطلبه هو أمر شرعي وحق يحتم علينا الإقرار والاعتراف به دون ما إبداء لوجهة نظر أو رأي مناف , لكن على أعتاب هذا المطلب تشيد على ما يبدو الحدود وترفع الحواجز والتي تكثر هذه الأيام لكن ما يستوقفني طلب الزواج .. والذي يتساوى عند كلاهما الشاب والفتاة , " فهو " ذو الإمكانيات المتواضعة يطلب العفة و " هي " وعائلتها المتواضعة و ربما المتواضعة جدا يريدون العفة لعذرائهم الجميلة أيضاً وهنا ما زلنا نبصر سلمية الموضوع وطبيعيته للغاية لكن أين الطبيعية والمنطقية في تعدد المتطلبات اللازمة كانت أم الشكلية ؟ أين عقلانية الآباء عندما يجرمون بحرمانها من الزواج من فلان لا يمتلك سوى بيت متواضع ودخل يُسير به أحواله ببساطة ووسطية ؟ ماذا يقصد والدها من رفع مهرها وطلب الأموال الباهظة أحيانا من شاب يبني اللبنة على اللبنة ؟ هل يريد الأب أن يبني مستقبل ابنته بناء عجز أن يرفعه هو ويحققه لأبنته وأسرته في ظروف يبدو أنها كانت أسهل وأيسر من ظروف الشاب اليوم وذلك نظرا لتطور الحياة تطورا متضحاً وضوح الشمس ؟ هل الغلاء في المهور وتكاليف الزفاف هي التي تحدد مدى التوافق ومجال السكينة التي ستكون بين الشاب والفتاة ؟ هل برقشة بطاقة دعوة الزفاف هو الذي يحدد جمال وبهاء مستقبل هذا الزواج ؟ هل ننسى الحب وكل شي معنوي آخر ونتجاهل تأثيره إلى جوار الجانب المادي الذي لا نية لي لإغفاله ؟ تكثر الأسئلة عندما نبهم الشؤون المعنوية ونتجاهلها ونتعداها للمادية البحتة لمرتبة نعتدي بها على الأولى , صحيح أن الحياة ليست قصائد وشاعرية و أضواء خافتة طيلة ليل ونهار لكن وجودهم لدقائق أفضل بكثير من وجود أموال تختزن بالجيوب أو ذهب يركن على الرفوف أو ممتلكات تعود لأسماء و ظاهر متجاهلة تماما كل ما هو روحيٌ وباطني.
بالطبع علينا ألا نكون مهاجمين لأسرة الفتاة وآراءهم ووجهات نظرهم لكن العيب لا يختبئ وتأبى الأصبع ألا أن تشير إليه وما هذه الإشارة إلا رفضا غير مباشر خاصة و أن أكثر الأصابع توجه مجمعة أمرها موحدة رأيها نحو ذلك , لكن الأهم على ما يبدو الشاب .. فماذا عن وضع الشاب في مثل هذه القضية يشكل هو فيها عنصر أساس وطرف رئيس ؟؟
لن نكثر القول لكننا لا بد أن نشير لعدم صحة الطلب المبكر للزواج , علينا أن نعترف بوجود مشكلة عندما يجهل الشاب وضعه ويرفضه ويهاجمه دون أن يطوره فيصرخ بصمت أن الوضع لن يتغير ويدخل الزواج مفرغ اليدين , حتى وان أردنا ألا نستفيض في نقطة الشاب والزواج علينا برسم إشارة استفهام سريعة عندما يقدم على الزواج وقد حكم عاطفته وتجاهل آراء الآخرين , عندما يقول أن الحق الشرعي هو ما يكتب على الورق ويتجاهل الالتزام فيه , عندما يتفوه برصيد والده ,عندما يصمت والده وخاصة عندما يرى بأن طلب ولده للزواج يتزامن مع ظروف سلبية وغيرها الكثير لكن مثل تلك الخطوط العريضة لا بد و أن وضوحها ومعايشتنا إياها يستلزم وقفة هامة عند كل تفصيل فيها و أتصور أن غياب الإجابات هو ما يخلق أنواع المشاكل التي ما زلنا نسمعها ونقرأها ونلمسها عند الكثيرين.
على ما يبدو أنه لم يبقى في موضوعنا اليوم سوى مابين الشاب والفتاة وموضوع الحب والاقتناع ما بين العاطفة والعقل , وكلاهما – الشاب والفتاة – واختيار كل واحد منهم الآخر يعد أمر هام وربما أهم من الأطراف التي ذكرنها سابقا من ظروف مادية و عائلية فإذا سلمنا جدلاً بتجاوز الأمور المالية وتعقيداتها وتجاوزنا العائلتين و تدخلاتهما فلا يمكننا بالتأكيد أن نتجاهل العلاقة ما بين الزوجين والتي تعود صحتها للحظة الأولى من لقائهما وهنا على الشاب أن يسأل نفسه هل الكيمياء المركب منها هو كرجل تتناسب مع كيمياء هذه الفتاة ؟ هل هناك إعجاب بجمال المنظر الظاهري فقط من عيون زرق ووجهه مشدود أم أن هناك عشق للداخل ؟ هل هناك إعجاب بنبرة صوتها فقط أم إعجاب بنظرتها للحياة ووجهة نظرها من القضايا و أكثر الأمور الحساسة والدقيقة ؟ هل منسوب حبه لها سيرتفع عندما تكون بحالة جمالية تتعلق بعطر ورسم ملون للوجه وينخفض هذا المنسوب عندما تكون بثوب الطبخ دون ما عطر أو تصفيف للشعر ؟ وهل هي تحب فيه كل شي سواء أكان داخلي أم خارجي وفي كل الظروف ؟ أم أن مدى حبها له متعلق أيضا بموهبة لديه أو قدرة له على فعل شي هو بتقدم العمر زائل لا محالة ؟
مجمل قولنا أن الزواج حق مشروع ومعترف به دون ما جدل بهذه القضية , لكن نتحدث عن الشاب والفتاة والعائلتين وغيرها من الظروف التي تؤثر سلبا كانت أم ايجابياً فمقصد القول أن على الشاب تحمل مسؤولية حياته بشكل كامل وأن على العائلتين قدر الإمكان تهيئة الظروف وتسهيل الأمور وخاصة أن أمور الحياة تتعقد شي بشي لأسباب كثيرة منطقية ولا منطقية , كما ومقصد الكلام عدم الاستهانة بالإقدام على الزواج لأن الخطأ بالبداية لن يجر إلا ما هو سلبي و أن الجمع بين المادي والمعنوي هو الأهم , وأن على العائلتين قدر الإمكان تهيئة الظروف وتسهيل الأمور, وبالتأكيد لا وجود لنية تعقيد هذه الخطوة – الزواج – لكن هناك ضرورة للتحدث بأهمية الموضوع وتفصيله , وما ذالك إلا لأن الإنسان يعيش حياة واحدة فليعيشها بسعادة وطمأنينة بصورة يبتعد بها عن المشاكل والضغوط وبالنهاية فالأغلب أن الواحد منا يعيش الفترة الأطول من حياته متزوجا أكثر مما يعيش عازباً فالأحرى به أن يبني السعادة ويصنعها له ولزوجته وعائلته بشي من المسؤولية والعقلانية التي تبدأ من الخطوات الأولى وما قبل الأولى حتى ولينفي البناء الباطل حتى تسير أموره كما يشاء.
في الزمان الماضي كان الزواج لستر والمحافظة على العفة والكرامة ... أما الآن فياحسرتن على الشباب يريدون من الشاب أن يكون ذا مال وان يكون لدية سياره آخر موديل وبيت وربما طلب تسجيل البيت باسم الزوجة.. هل تعلم أخي أن وبدون مجاملات العادات لدى العرب هي سبب مشاكل الزواج وخصوصا حب المال. قال سبحانة وتعالى : (كل من عليها فآن ويبقى وجة ربك ذو الجلال والأكرام )الآية