syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
تفسير الأحداث الجارية في سورية (2)... بقلم : العميد المتقاعد نصر علي زينو

الفصل الثاني : القول الفيصل في تفسير الموقف التركي واللبناني


وقبل أن أختم، لا بد لي استكمالاً للبحث وإتماماً للفائدة المرجوة من المرور على موقفين بارزين وهامين، هما موقف الجار التركي، وموقف الشقيق اللبناني.

 

أولاً: فأما موقف الجار التركي العزيز، المثير للدهشة والخيبة والسخط لا بل الإدانة الشديدة، لا بد من التعليل الجوهري لهذا الموقف، بأن أمريكا الاستعمارية استطاعت بكل خبث ودهاء، النفاذ إلى العقل الباطن للسيد طيب اردوغان، رئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء، المتّخم بجنون العظمة حتى العظم، وكذلك للسيد أحمد داوود أوغلو مهندس  السياسة الخارجية التركية بإتقان ومهارة فائقة وذكاء حاد، ووقع اردوغان في الفخ المنصوب له بعفوية زائدة، فعندما خاطبت أمريكا هذا العقل المعجب بنفسه لدرجة النرجسية، وقالت له لما لا تزال تقف على عتبة الاتحاد الأوروبي تستجدي الدخول، فنظموا قائمة الشروط المطلوبة فتطول وتتجدد، وتمتد المفاوضات التي جرت ولا تزال إلى ما شاء الله، وأنت على معرفة ويقين، بأن ذلك شبه مستحيل ، فهناك دولاً أكثر تأثيراً وفعالية في الاتحاد لا ترغب بذلك، ومنها فرنسا وألمانيا وايطاليا وغيرهم، وإذا ما قبلت بعد الإجهاد والإهانات ومعاناة الانتظار الممل والمرهق، ستكون على الهامش على الأغلب ...،لذلك لماذا لا تكون إمبراطوراً على المسلمين في الشرق وتعمل على إحياء الدولة العثمانية عبر الخلافة الإسلامية، وتقوم بتحقيق مصالحنا المشتركة، في هذه المنطقة الغنية بالثروات التي نحتاجها، ونعمل على سلبها بكل الوسائل، وحتى العسكرية منها، ونضمن بالتالي أمن وسلامة إسرائيل فيما يدور وتنطلق يدها في الهيمنة المفيدة لنا جميعاً

 

 وهذا بيت القصيد فيما يدور فصدق المسكين الأمر وغرّه ذلك واستجاب للمطالب الأمريكية فجاء الموقف التركي المخزي، بعد بناء علاقات إستراتيجية للصداقة والتعاون ، مع سوريا الأسد، الذي فتح لها أبواب المنطقة العربية على مصارعها وألغت تأشيرات الدخول وأذونات السفر بين البلدين، وكأنهما في طور التحول إلى تحالف واتحاد ... لكنه خان كل ذلك وانقلب عليه وبدأ يصدر النصائح بقوالب آمرة وبأسلوب فظ وبعيد عن الدبلوماسية وأصول التعامل بين الدول والرؤساء، لدرجة اعتقد انه الباب العالي، كما كان الأمر أيام حكم العثماني للأمة العربية الذي دام/400/ سنة من 1516 إلى 1916 وكأن الرئيس أحد ولاته!! وللأسف أضر بنفسه كزعيم إسلامي حر، ونموذج للحكم الديمقراطي العلماني بقاعدة إسلامية عريقة وقوية، وأضر بمصالح تركيا أيضاً، والحمد لله أن الأمر توقف عند هذا الحد، قبل أن يتورط أكثر بأعمال عنف مدانة سلفاً، خدمة لأمريكا والغرب وبالتالي لإسرائيل حصراً، كما لم يساهم وللآسف بأسطول الحرية الحالي لكسر الحصار الظالم على غزة فهذا المجد والاعتبار والقامة الكبيرة الإنسانية الحرة قد صنعتها له مواقفه من الحرب الإسرائيلية على غزة، ومن الحصار عليها، فيا ليته يعود إلى رشده ويتوب إلى ربه، فخير الخطائين التوابون والسلام.... عليك يا طيب وعلى تركيا المحبة والسلام وألف تحية وسلام أما السلاح الفتاك في جعبة أمريكا وإسرائيل والغرب للإجهاز على سوريا ولبنان والمنطقة وهو السهم الأخير المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وسنمر على ذكر ذلك لاحقاً

 

ثانياً: وأما الموقف اللبناني الشقيق، فإنني سأتكلم بصراحة وقد تكون جارحة وبوضوح ودقة ومسؤولية حقيقية  وبالتحديد من موقف القوى الوطنية بأطباقها وأنواعها المتنوعة كلها، وقادتها الكرام العظام الحكماء الصادقين المجاهدين، وجماهير أغلبية الشعب اللبناني الوطني المقاوم الأوفى والأسمى قيماً وشمائل وأخلاقاً لقد كان موقفاً نبيلاً ومشرفاً، وفياً ومسؤولاً، داعماً بحدود وهدوءاً سياسياً وإعلاماً ومعنوياً، بما لديها إمكانات وطاقات سلمية ومؤثرة، يستحق الجميع كل الاحترام والشكر من الشعب السوري وقادته والمفكرين، وأخص بالذكر هؤلاء الرجال المثقفين الأبطال المقاومين بالبراعة والجدارة والإيمان، الذين ساندوا سوريا عبر اللقاءات التلفزيونية المطولة الفاعلة بقوة والمؤثرة بامتياز بمواقف وآراء محددة شديدة الوضوح والجلاء، معللة بالأدلة والقرائن والوقائع الموثقة والقاطعة ،إلا لأعمى البصر والبصيرة، وملتزمين بروح المسؤولية العالية بكل ما ينطقون به من كلام وما يطلقون من تصاريح شديدة التمايز والدقة والبيان في الحورات ولقد أجادوا أبدعوا وساهموا بذلك، بنشر الوعي والمعرفة، ونثروا الورود والرياحين على دروب الوطن، وادخلوا السكينة والطمأنينة إلى قلوب المواطنين الشرفاء والمخلصين لبلدهم بكل فئاتهم وانتماءاتهم وولاءاتهم وأطيافهم المتعانقة بمحبة وتسامح وتعاون، في وحدة وطنية راسخة وقوية أذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر: رفيق نصر الله غالب وناصر قنديل وايلي فرزلي ووئام وهاب والتونسي غسان بن جدو والسوري خالد عبود وغيرهم من كرام الرجال وأشرافهم الذين تقدموا الصفوف بشجاعة وأقدام إلى ساحات الصراع في عز الهجمات الإرهابية القذرة والمدانة على الأبرياء من المواطنين جيشاً وقوات مسلحة ومدنيين، ولا يزالون، بلا خوف ولا تردد ولا مجاملة أو مسايرة لأحد أياً كان فالعدو عدو والصديق صديق، عندما غابت الوجوه السورية المفكرة والمثقفة وسلاطين البلاغة والكلام في السياسة وفي كل شيء غابت بشكل مثير للعتب وللأسف، وربما الريبة المبررة، والتاريخ لن يرحم أحداً ...، فأين هم؟! ولماذا أخلوا الساحات، متخاذلين مترددين وربما جبناء أو متهاونين أو متواطئين وربما متآمرين أيضاً؟!، لكن على ما اعتقد أن أغلبهم كان ينتظر ولا يزال جلاء غبار المعركة، وإلا لماذا تركوها أي الساحات الإعلامية والثقافية والفكرية، لأعداء سوريا، الأقوياء والشرسين والمتأهبين والماكرين، ولأتباعهم المأجورين والعملاء والأدعياء المنافقين؟! لماذا يا ترى فعلوا ذلك؟ لماذا اختبأوا خلف أصابعهم؟! إلا ما ندر من هؤلاء كخالد عبود ومن اتبعه من الصادقين ولو بمستوى اقل مشكورين جداً، ولولا هؤلاء الرجال العمالقة اللبنانيين المتحمسين بقوة والمقاتلين بضراوة، بالكلمة الحرة الصادقة وبصوت الحق المدوي ونور العدل الساطع، الذي أضاء الطريق للشعب المتعطش للحقيقة والأمن والسلام والازدهار ...، وللمشتغلين بالشأن العام وعلى رأسه السياسة ... أقول هؤلاء من يستحقون الإكبار وتقبيل جباههم، بكل الحب والتواضع والعرفان بالجميل العظيم، ولا تكفي الكلمات ولا العبارات مهما بلغت لإيفائهم حقهم المستحق، بالمطلق.

 

ـ وأخص بالشكر وبالانحناء وإجلال ومودة واحترام للشباب العرب السوريين، الذين شكلوا جيشاً رديفاً قادراً وماهراً وفاعلاً بجدارة وجرأة ومثابراً بصبر وأناة وتفان بكل ما لديه من وسائل وأدوات اتصال ونقل الصور والمعلومات العملياتية المتطورة، متصدياً وفاضحاً للأكاذيب والافتراءات والأضاليل المعادية، المتدفقة كسيل هادر وقادر وجبار، مدمر لكل شيء يقف في طريقه، عبر المحطات الفضائية المشبوهة والعميلة جداً، وغيرها المخادعة والمزورة والمنافقة بامتياز التي اجتاحت الفضاء العربي والإقليمي بكل وسائلها وأدواتها الماكرة، ولا تزال معلنة عمالتها بلا خجل ولا وجل ولا هم يحزنون فكان هؤلاء الشباب في نضالهم ماضون، واستطاع هؤلاء الشباب أن يشكلوا درعاً واقياً للأمة وحصناً قوياً للحق والعدل، سواء عبر الفيس بوك و تويتر وغيرها .... نَصركم الله على أعدائكم أعداء سوريا ونصر قائدكم العظيم القادم بإذن الله.

 

وفي هذه المناسبة العصيبة، أجد أن لدي اعتقاد لا بد من إيراده قبل فوات أوانه، قد يكون صائباً أو ربما خاطئاً، وعلى كل حال اترك الحكم لكم، وهو أن المعارضة اللبنانية بجلال قدرها وبراعة أدائها وعظيم انتصارها التاريخي الفريد في العصر الحديث، على عدوها إسرائيل المتخم بالعقيدة العدوانية وبالتوسع، وبالدعم الأمريكي اللامحدود واللامسبوق بامتياز، بأنها أي المعارضة قد أخطأت خطأً فادحاً وربما كاراثياً لا سمح الله، عندما سهلت على المخططين لاغتيال الحريري، عملية استثمار الاغتيال بكل المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها إلى أقصى حد ممكن، وبأيسر وأسرع ما كانوا يحلمون، ذلك بتكريسها أي جريمة اغتيال الحريري النكراء الإرهابية، هي بمثابة زلزال ضرب لبنان والمنطقة ...، وانه شهيد لبنان كل لبنان، وشهيد العرب والمسلمين وربما الإنسانية أيضاً، وكأنه أسطورة إغريقية، وأن الدنيا بعده لن تقوم لها قائمة خاصة في لبنان وربما في المنطقة ويا لطيف ...

 

 و أوكد قبل كل شيء إنني لا أريد الإساءة للرجل ولا لشهادته ولا لقيمه ولا لشأنه لا بل أعلن الاحترام الشديد للشهادة والشهداء كافة ...، أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر وأقدر عالياً دوره المشرق في دعم المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي التي جعلت منه زعيماً وربما كان في هذا مقتله ؟!  بينما هو رجل عادي بريء، ورئيس وزراء سابق، جاء إلى البلد والسياسة والسلطة بشكل طارئ ومفاجئ بأسرع من الريح، على حصان سعودي فرنسي ودولي بالمال والدعم البارزين، فاغتنى وأغنى، وترك لبنان بدّين خارجي تجاوز الأربعين مليار دولار ؟! يكاد لا يكفي للدخل الوطني لسداد فائدته وتجاوز بحكم الوريث سعد الخمسين مليار دولار فهل هذا انجاز عظيم لآل الحريري.

 

وبهذه المجاملة والمسايرة أو ربما كان موقفها حقيقياً وصادقاً مما ذكرت وفي كلا الحالتين فالخطأ كان استراتيجياً بامتياز، و بالتالي جرّت على البلاد المصائب والويلات، باعتقال قادة الأجهزة الأمنية المخطط له ضمن سيناريو استثمار الاغتيال، ليكون لبنان مفتوحاً لكل لاستخبارات والعملاء والجواسيس يسرحون ويعبثون بأمن الوطن والدولة والمواطن، بالإضافة لاتهام سوريا بالمشاركة بذلك الاغتيال فور وقوعه، وهذا ظاهر وواضح حتى لقصير النظر، وزادت عن ذلك سكوتها عن قيام الجهة المستثمرة الضالة والمأجورة بقيامها بانقلاب مفبرك، وبضجيج إعلامي شعبي مصطنع وبطبول الحرب والنصر بطاقم حاكم الجديد ... عميل أكيد ومشارك حقيقي باستثمار دم الحريري، وأولهم ابنه سعد والسعودية وفرنسا وأمريكا وإسرائيل وغيرهم الكثير وكانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان للتحقيق في جريمة الاغتيال وكشف حقيقة المنفذين ومن ورائهم المخططين، وتقديم الجميع للعدالة، وكأنه في لبنان لا يوجد قضاء، وكأنه رفيق الحريري بمقام لومومبا أو أنديرا غاندي، أو رشيد كرامي أو ربما جمال عبد الناصر ولا ندري ...الخ عجيب غريب هذه المسرحية، والأغرب والأعجب من صدقها وقدرها وجذرها، فالكل يريد الحقيقة والعدالة، فكأن الجميع يخاف أن يتساءل أي حقيقة، وأي عدالة تريدون وما هو الأمر العظيم الذي يستحق كل هذا الاهتمام والانشغال اللبناني والعربي والمجتمع العالمي؟؟ وكأن الأمم المتحدة أصبحت لا شغل لها إلا كشف الحقيقة وتحقيق العدالة في جريمة اغتيال الحريري ( فهل أمريكا كشفت من قتل رئيسها كندي وقدمته للعدالة خلال أكثر من أربعين عاماً ) والله وأقسم بالله لو اغتيل بان كيمون لما اهتزت شعرة في ذقن أمريكا وحلفائها وإسرائيل والداخل اللبناني المهرج والمباع ...، فكانت المحكمة الدولية المسلوبة والمهربة والزائفة لقيامها بموجب الاتفاقية مع الأمم المتحدة لم تقر في المجلس النيابي اللبناني ولم توقع من رئيس الجمهورية كما تنص المادة /52/ من الدستور اللبناني والموظفة بالتأكيد لدى أمريكا وإسرائيل، هو اليوم السهم الأخير في جعبة المفلسين جميعاً، لتوجيهه للبنان وسوريا والمقاومة في كل مكان في المنطقة العربية والإسلامية، ياعالم من المستفيد من القتل، هو القاتل، يا عالم من الذي استثمر القتل حتى النخاع، هو القاتل، ومن طبل وزّمر لحقيقة خلبية وعدالة زائفة، اللتان لن تكونا أبداً، هو القاتل، وبهذا أقول القاتل هو إسرائيل ثم إسرائيل وأمريكا شريك وشريك فعال بذلك، فلماذا سكتِ يا معارضة على كل هذه المهزلة وهذه المسرحية القذرة؟!، ولماذا شاركت بمسيرة الاعوجاج والانحراف والتضليل والخداع والتزوير الشامخين؟! فأنتم الآن تحصدون اليوم ما زرعتم بإنسانيتكم ورحمتكم وحرصكم على سلامة الوطن واستقلاله وسيادته، وعلى سلامة العيش المشترك، ودوام السلم الأهلي فهذا هو الثمن الباهظ يدفعه الطيبون الشرفاء المخلصون أنتم المقاومون العرب الأقحاح.

 

واليوم أعلن القرار الاتهامي عن هذه المحكمة متضمناً المعلومات ذاتها التي نشرتها دير شبيغل الألمانية وغيرها من وسائل الإعلام منذ سنوات (2006) وحتى َتبلغ نصه السيد حسن نصر الله في 2008 وحتى أعلن بعض المسؤولين الاسرائيلين أن القرار الإتهامي الصادر الآن مطابق لما كانوا قد أعلنوه في السابق فافتخروا يا فريق العمالقة وأعلنت أمريكا وإسرائيل والحريري انتصارهم ...؟؟

 

واعتقد أن هذه الأسماء ليست أكثر من بالون اختبار لرد فعل حزب الله وحلفاؤه وهل ستحقق الفتنة المطلوبة أم يلزم تتابع إصدار قرارات اتهام أخرى تالية، يضاف فيها أسماء أخرى من مستوى أعلى في حزب الله.

وفي ختامها لا بد من الوصول إلى رأس المقاومة للسيد حسن نصر الله وقادتها للانقضاض على المقاومة وتدميرها وتدمير من يدعمها في سوريا وإيران، إن أمكن ذلك خدمة لأمن إسرائيل ووجودها أولاً ليس أكثر فالباقي من المصالح تأتي في المرتبة الثانية لكنهم خسئوا وألف خسئوا لن ينالوا ما يبتغون بإذن الله، لذلك لا بد من الحسم والمعالجة الجدية الحكيمة الموضوعية والتأني والذكاء اللازمين حتماً في هذا المجال للمحكمة الأخطر على الوطن والمقاومة والمنطقة، ويجب سحب الموافقة على إقرار تشكيل المحكمة بتنفيذ ظروفها وملابساتها لا بل  كشف الأخطاء المرتكبة في مسيرتها، لأنها كانت ولا تزال السلاح الأقوى والأسوأ والأخطر على لبنان والمقاومة العرب فاحذروا واعملوا بحزم وجد على إنهاء المحكمة ودورها الهدام بكل الوسائل المتاحة قانونية وشرعية وشعبية وثورية أيضاً فما قام على باطل فهو باطل وهي كذلك بالإضافة لكونها مصنوعة لخدمة إسرائيل بامتياز بكل شيء كما تعلمون ويعلم العالم ذلك.

 

وفي الختام نوجز أن معادلة توازن الرعب والسباق الحثيث لكسب الرهان بأي سلطان كان، أصبحت واقعاً بيّناً ملموساً وضاغطاً بشدة على طرفيها، فأما تزول إسرائيل ككيان فصل عنصري ( أبارتيد ) وتتحقق هزيمة المشروع الأمريكي الإسرائيلي الغربي في المنطقة ورحيلها عنها إلى الأبد، وترك أمورها لأصحابها الأدرى بشعابها بانتصار سورية ومن معها في هذا الصراع وكسبها الرهان.

 

وأما هزيمة سورية كدولة وكيان ومن معها ومن يؤازرها من العرب والمسلمين والعالم، لانتصار إسرائيل بالحفاظ على وجودها وأمنها وسلامتها لا بل واستمرارها بالتوسع والعدوان على حساب الدويلات العربية الناشئة المتناحرة بانتظار المشروع الشرق الأوسط الجديد الأمريكي الإسرائيلي وبالهيمنة المطلقة على شؤونها ومصائرها، مدعومة من أمريكا الحليف الأقوى والأصدق معها .

 

ـ وهذا ما تسعى إليه كل الدول المعادية التي تهاجم سوريا الآن لتحقيق ذلك، ولمصلحة إسرائيل وللمرة الألف مصلحة إسرائيل فقط، وهذا هو التفسير الأوحد لشراسة الحرب وضراوتها على سورية، ولا شيء آخر، وما قدمناه من تفسير للموقف المشين للجار التركي العزيز الحالم بإحياء الخلافة العثمانية العابرة، التي أيقظته أمريكا لدى أردوغان تحقيقاً لمصالح الطرفين في المنطقة والعالم ولا شيء آخر.

 

وأما ما قدمناه من تفسير الموقف اللبناني الشقيق الحقيقي المثير للفخر والاعتزاز فقد شرفنا ... أما تفسير موقف الفئة الحثالة وخاصة الساقطون المتآمرون العملاء الخونة المأجورين الصغار في كل شيء فهم يتحركون بأوامر مشغليهم بالأجرة صغيرة كانت أم كبيرة للأسف لخدمة أحد أهداف الحرب على  سوريا والمقاومة وتسهيلاً لانجازها لا سمح الله ومصيرهم بإذن الله إلا ما وراء البحار ومزبلة التاريخ.

 

وأخيراً يا شباب مصر وتونس الأشقاء الثائرين والعظام الفائزين، هذا الكلام يعنيكم جداً لأن ثورتكم قد سُرقت أو كادت، وإلا ما معنى القمع الوحشي الذي جرى في تونس مؤخراً، وما معنى استئناف إمداد الغاز المصري لإسرائيل، وما معنى تصريحات وزير خارجية مصر الجديد، حول لبنان والمحكمة الدولية الخاصة به وتناغمه مع المسار السعودي والأمريكي والإسرائيلي في هذا المجال فقد عاد به مبارك العميل يتسلل إلى ثورتكم هنا وهناك، فاحذروا ولا تترددوا ولا تتخاذلوا، وافعلوا ما يجب عليكم فعله، لانتزاع ثورتكم من فم الثعبان، والله ناصركم، أصلحكم الله وإيانا وجعل نهاية هذه المعمعة سلامة الأمة والنصر الموعود وزوال إسرائيل المأمول أيضاً.

وأعتذر من الجميع. 

  والسلام عليكم ......   

 

2011-07-20
التعليقات