افترشت سجادة الصلاة ..لتتوحد بروحانية تامة مع ركعات الضهر الأربعة ...
أنهت صلاتها ليبدأ سيل الدعاء ..ذلك الدعاء الذي ما خيب الرجاء ولو لحظة بيقين الإستجابة
دعت لأحمد ولشقيقاته.. دعت للرزق و{ لهداة البال } دعت لزينب بالستر وبإبن الحلال ..
وغرقت ببحور الدعاء بالرحمة لأبو احمد .. قبل أن تقاطعها أم علي صديقة الطفولة وصديقة الحال الضيقة..
تقبل الله أم أحمد . منا ومنك صالح الأعمال .شلونك شلون هالاولاد؟ .لله الحمد والفضل .خالصة والله..
زينب كاستين شاي يا { يما }...
هالأيام بتركض ركض والله يا أم أحمد مبارح كان رمضان وبعد كم يوم جاي رمضان الله يعيدو علينا وعليكي بالخير ..
خير؟؟ قالتها أم أحمد باستغراب .ومن وين الخير يا أم علي .والله تعدميني اذا ببيتي ليرة وحدة وبتعرفي رمضان ومصروفو .
والله لما بجي رمضان بحس جبل على صدري .استغفر الله العظيم .قاطعتها أم علي ..والله من قهري بحكي يا إختي .
طيب شو رأيك ريحك من مصروف رمضان ؟؟ شلون يا أم علي إيدي بزنارك ...؟
مؤسسة الاسمنت بتعطي على كل{دفتر عيلة }2 طن اسمنت .
إي وشو نعمل بالاسمنت يا أم علي بس ما يكون بدك تطعمينا على السحور إسمنت؟..
ضحكة منقوصة اطلقتها ام احمد وام علي .. قبل ان تكمل ام علي كلامها ولكن بجدية هذه المرة..
لك بتروحي على مؤسسة الاسمنت وبتسجلي على 2 طن اسمنت وبعطوكي وصل فيو رقمك .
بتروحي عل برا المؤسسة وبتعطي الوصل لشي تاجر اسمنت وبعطيكي ألفين ليرة مربح وبترجعي على بيتك ..
عنجد أم علي ؟؟
والله جد الجد أنا أبو علي عمل هيك نص ساعة زمان كان ربحان ألفين ليرة .. والله ما بسمع من ساكت..
قاطعت زينب المخطط.. محضرة ابريق الشاي .. بينما غرقت أم أحمد في متاهات التفكير بالثروة القادمة ...
ومن السادسة صباحاً ...كانت أم أحمد منطلقة إلى درعا بإتجاه مؤسسة الإسمنت ..
وفي تمام الساسة والنصف.. إفترشت باب المؤسسة تنتظر وصول الموظفين ...
كانت نسائم تشرين الثاني الباردة تحفر عظامها .بينما { ثوبها الحوراني } الرقيق لا يسمن ولا يغني من جوع جمعت كلتا يديها ونفخت فيهما لعل وعسى أن تمنح هذه النفخة يديها دفئاً يوازي دفء الألفين ليرة المرتقبات
تسارعت الساعة وتكاثف وجود الناس أمام مؤسسة الإسمنت وعيون أم أحمد ترتقب { دفاتر العيلة } الموجودة بإيديهم..
{ يا حسرتي } كل هالعالم مشان الإسمنت رددت أم أحمد.. { أميت ْ} رح يلحقني دور ؟؟
فتحت بوابة المؤسسة وتراكض الرجال للداخل وركضت ورائهم لا تلوي على شيء.اصطفوا بطابور طويل ينتهي بشباك صغير.
جاءت من الخلف بتردد وتلبك ووقفت وراء الرجال .إلتفت أحد الرجال خلفه فرآها .وعاتبها لقدومها هنا .
وما هي إلا لحظات حتى شرحت له كامل القصة ليردف كلامه بلاحول ولا قوة إلا بالله ..
تقدم بها الى أول الصف ووضعها وجهاً لوجه أما الشباك الصغير ..
بينما لسانها يلهج بالشكر وبقول {الدنيا بعدها بخير}...
لحظات وفتح الشباك فإذ بشاب بمقتبل عمره ..{ خوذ يما } أعطته دفتر العائلة ...وصمتت لعلمها التام
بأنه يعرف ماذا سيفعل .. وعيونها متمسمرة تجاه وصل الإستلام ..
خذي حجا دفتر العيلة تبعك قديم بدي دفتر جديد ما بمشي الحال ...شلون ما بمشي الحال؟ الله يرضى عليك ويخليك لشبابك.
ما بمشي الحال قلتلك العمى .. لا تنزعي صباحي ..
يا يما الله يوفقك من وين بدي جيب دفتر جديد يا حبيبي الله يوفقك ..
تعالت الأصوات من الخلف انو مشيها يا إستاذ .زفر { الإستاذ } زفرة طويلة وتناول دفتر العيلة .وابتدأ بتعبئة الوصل ..
شو الغرض من الإسمنت يا حجة ؟؟ ...شلون يعني يا يما ؟
يعني لبناء محل .غرفة .سياج ..ترميم شو بدك بالاسمنت ؟. بدي 2 طن ..إي فهمان بس لشو ؟؟
بدي أعطي الوصل للتاجر برا ويعطيني ألفين ليرة ...
شو؟؟ ياحجة انتي شو صايرلك ؟؟ صاحية شي؟؟ روحي من هون خالة الله يستر على عرضك .بدك تطيريني انتي ..
حاولت التوسل .ذلك التوسل الذي بات زادها في هذه الحياة ..لكن لا حياة لمن تنادي ..
خرجت من الصف وغيوم اليأس أطبقت على فضاءاتها...
ليش هيك يا ربي ؟؟ استغفر الله العظيم .جلست بجانب البوابة .وأسئلة أحمد الثقيلة تحولت إلى وحش إلتهمها بسرعة كبيرة.
يعني رح تجيبي معقود مشمش اليوم يما؟؟
كان هذا السؤال بمثابة أكسير الحياة .. استجمعت قواها ووقفت بالطابور الطويل من جديد ..
مرت الساعات بسرعة كبيرة.. وحل العصر ضيفاص ثقيلاً على ام أحمد ..
اقتربت من الشباك الى أن وصلت إليه ..دعت للإستاذ بأن يفتح الله قلبه ويرأف بحالها .
نظرت بعيونه وقالت له:
{ يايما } بدي اشتري لرمضان غراض والله ما معي وأملي على الله وعلى هالألفين ..
توقفت دقات قلب الشاب ..كان من حسن حظ ام أحمد أن قلب الشاب لم يكن مغلفاً بالسواد بعد ...
حسبي الله ونعم الوكيل .. رددها عدة مرات وقال لها :استني برا { يما }..
لحظات ليست طويلة كان الشاب قد جهز لها الوصل وأعطاه لأحد تجار الإسمنت وأحضر منه ألفين ليرة وأعطاها لأم أحمد..
وقال لها :يا خالتي الموضوع فيو مسؤولية .. لا تعيديها ..أنا مشيتك كرمال هالشهر الفضيل ..
التقفت أم أحمد الألفين .. وركضت فرحة ..فرحة يا أعزائي بشكل لا يوصف ..
أحست أنها ملكت قصر السلطان ... وأنها الآن أغنى من زوجة المختار ..
أحست بالفرح الصادق .. الذي يأتي كشمس دافئة تبدد برد كانون . لم يهمها تعب هذا اليوم الطويل ..
ولا ذلها وانكسارها .. لم يهمها نسائم البرد التي اخترقت جسدها .. ولا نظرات الرجال نحوها في المؤسسة ..
كان جل همها أنها وفت بوعدها لأحمد ...وهاهي الآن تشتري { معقود مشمش } ...
أه عليك يا وطني..اه على من سرق من هؤلاء لقمة خبزهم. لكن الله كبير. قصة رائعةو تحياتي للكاتب العزيز.
المغزى الذي فهمته من القصة أنه يحق للمواطن مخالفة القوانين إذا كان فقيرا يعني تجار الإسمنت ولا المازوت ولا أي شي كانوا كبروا أكتر لو مافي ناس عم تبيع ضميرها ؟ ولا الموظف ماشاءاله قلبو شوحنون ؟ تخلف تخلف تخلف وعواطف بلا طعمة مارح يخرب البلد غير هالعقلية يلي بتبرر الخطأ
ياويلي قديش بتوجع القلب هالقصة الله يعين العالم يارب