syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
ملف حزب البعث العربي الاشتراكي القسم الثامن: مشروع دليل عمل نظري مكثف للحزب مقترح - الجزء الأول ... بقلم : نصر زينو

من الدراسة والمقترحات وتعليلاتها كورقة عمل مطروحة للإغناء والتطوير اللازمين.


أولاً: مفهوم الالتزام الحزبي:

1- ما تعريف الالتزام الحزبي:

- هو التزام العضو الحزبي، بكل ما آمن به، عند انتسابه للحزب، باختياره الحر وإرادته المطلقة. من المبادئ الأساسية والعامة، والأهداف الرئيسية، إلى ما ينبثق عنها من سياسات ومواقف جوهرية إستراتيجية، داخلياً وعربياً ودولياً. وتبنيها، والدفاع عنها، والنضال الدؤوب لإنجازها.

 

- وتنفيذ كافة المهام الحزبية النضالية التي توكل إليه، وكافة تعليمات وأوامر وقرارات قياداته المتسلسلة حتماً.

- والمشاركة الفعالة في حياة الحزب ومستقبله، بتوضيح وشرح سياساته ومواقفه، من مجمل القضايا، التي تتناولها في حينها، للجماهير بالمنطق والعقل والشفافية، وتعبئة هذه الجماهير حيالها، وحيال دعم الحزب فيها، ومساندته الصلبة في نضاله، ضد خصومه وأعدائه المتربصين به.

 

- والإخلاص والنزاهة، في كل ما يسند إليه من أعمال ومهام ومسؤوليات، والابتعاد بشكل مطلق، عن كل ما يمكن أن يسئ، لفكر ومبادئ الحزب، وسمعته بين الجماهير.

- وهو أي الالتزام الحزبي، بالنسبة للمؤسسات الحزبية، يتجلى بإطاعة وتنفيذ، المؤسسات الدنيا لكافة تعليمات وأوامر وتوجيهات وقرارات المؤسسات الأعلى، في كل ما يتعلق بالنشاط الحزبي الشامل.ويتجلى أيضاً، بالتزام الأقلية برأي الأكثرية، في المؤسسة الحزبية، في اجتماعاتها النظامية، في كل المسائل والقضايا المطروحة، لأنه في النهاية، يُعتبر هذا رأي الحزب فيها. مع ضرورة احترام الأكثرية لرأي الأقلية، فقد يكون الصواب إلى جانبها، هذا ما تقتضيه الديمقراطية المركزية في الحزب.

2- ما هو الرفيق الحزبي:

 

هو الرفيق، الذي يلتزم بكل ما تضمنه الالتزام الحزبي أعلاه، بالإضافة إلى التزامه بالنظام الداخلي للحزب، الذي الزم نفسه فيه طواعية، وما ينجم عن ذلك من:

- وجوب حضور الاجتماعات الحزبية الدورية، التي يفضل أن تكون كل شهر، إلا استثناءً للضرورة الملحة. وإغنائها بالمشاركة بالنقاشات والحوارات، والأسئلة والمقترحات البناءة، وبالآراء والأفكار المبدعة. فالوضع الراهن للاجتماعات، غير مرضي، ولا يفي بالغرض منها. فهي تبدو مملة وباهتة ورتيبة، خالية من كل جديد مشوق، وغير مجدية، ولا مقنعة، وفاقدة لجاذبيتها والقها أيام زمان. الكل يخرج منها، كما دخل ... وهل هناك حزب بلا اجتماعات؟ فكيف يطرح مثل هذا السؤال؟!!

- ووجوب مشاركة الرفيق الفعالة، في الندوات والمحاضرات والمناظرات، وفي المسيرات والمظاهرات التي يقرّها الحزب.

- وجوب دفع الاشتراكات الحزبية بانتظام، مساهمة في مالية الحزب اللازمة والضرورية للنضال.

 

- وجوب ممارسة النقد والنقد الذاتي، في مؤسسته الحزبية، وفي اجتماع نظامي. على أن يكون، موضوعياً وغنياً، بناءً وشفافاً، مفيداً ومسؤولاً، صادقاً وأميناً. للوصول إلى الغاية النبيلة منه، وهو إصلاح الذات والآخرين، والمؤسسة، وبالتالي الحزب.

- وجوب العمل بمقتضيات الديمقراطية المركزية في الحزب، وممارسة حقه في الترشيح والانتخاب والتصويت، وكواجب عليه يجب تنفيذه – عدم إبداء رأيه في كل ما يتعلق بالحزب، إلا ضمن مؤسسته الحزبية وفي اجتماع نظامي لها، والى غير ذلك، مما ورد في النظام الداخلي.

 

- وجوب تنفيذه لكافة ما يصدر إليه، وما يكلف به، من قياداته المتسلسلة، بشكل أمين وصارم، والاهم فيه تنفيذ المهام الموكلة، مهما كانت، وفي أي وقت، وتحت أي ظروف، ومهما تطلب ذلك من تضحية وجهد، حتى حد الاستشهاد في سبيل ذلك. وهذا حقيقة ما يميزه عن غيره.

- وجوب العمل بكل ثقة وجدية، في صفوف الجماهير، ومشاركتها آلامها وأمالها، والحراك معها وبها، لتحقيق ما تصبو إليه، ضارباً المثل الأعلى، لما يجب أن يكون الرفيق الحزبي، والمناضل الطليعي، ومحققاً لمقولة \" جلُّ وقت الرفيق الحزبي هو للحزب أولاً وأخيراً \".

 

- وجوب أخيراً، التعبير عن انتمائه الحقيقي للأمة والوطن، وانتمائه الصادق لحزب الطليعة المناضلة، بكل الوسائل المتاحة، وتجسيد هذا الانتماء بكل سلوكه ونشاطاته الحيوية بأنواعها وأشكالها وألوانها. متواصلاً مع رفاقه ومع الجماهير. بأخلاق البعث السامية ومثله وقيمه الرفيعة، التي هي بالفعل من حضارة وتراث الأمة العريقة، ومن صميم رسالتها الخالدة، في الخير والسـلام، في الحق والعدل، في الجمال والمحبة، في السعادة والأمن والأمان ... ... وفي مساهمتهـا الخلاقـة، في الحضارة الإنسانيـة التي هـي بأمـس الحاجـة لهـا الآن ... مما يجعلـه مناضـلاً حقيقيـاً، وممـــا يؤهله ليكون في طليعة الجماهير، حاملاً راية البعث العظيم، ومؤكداً بكل هذا، التزامه الحقيقي والصادق بهذا الانتماء وتبعاته مهما كانت، وهكذا يكون الرفيق الحزبي الملتزم كما اعتقد.

 

ثانياً: التنسيب للحزب:

أولا يجب إعادة النظر بأسلوب التنسيب الحالي، الذي اثبت من خلال التجربة، قصوره عن تحقيق المطلوب منه، ويجب إجراء ما يلي أيضاً:

1- يجب العودة إلى تنظيم حلقات الأصدقاء، التي من خلالها يتم شرح مبادئ الحزب وأفكاره وسياساته، وأهدافه الوطنية والقومية. واكتساب من خلال ذلك المزيد من الأصدقاء والمؤيدين للحزب، ويتيح أيضاً الفرصة، للرفاق لاختيار، من يجدون فيه الكفاءة والقدرة والإيمان والرغبة، لطرح عليه فكرة الانتساب للحزب، بكل ما يقتضيه ذلك من مجاهدة النفس وتهيئتها لهذا الالتزام، وتحمل تبعاته، وتنفيذ مقتضياته، بكل مسؤولية وأمانة وصدق النية والفعل.ومن ثم إخضاعه إلى فترة اختبار، فإذا لم يكن أهلاً أو راغباً، يبقى صديقاً للحزب حراً ومؤيداً.

 

2- يجب التخلي نهائياً عن أسلوب التنسيب الحالي، شبيه الإلزامي، بأسلوبيه، الإذعاني، والانتهازي، إلا القليل الجيد لا شك، الذي أثبتت التجربة عدم فعاليته وجدواه، خاصة في الملمات، وما جرى في الاتحاد السوفيتي، وما جرى في العراق، رغم ملايين الحزبيين فيهما. مثال حيّ وقريب. فالعبرة ليست في الكم بل بالكيف حتماً. وللحقيقة فان ما بقي من هؤلاء على عقيدته ومبادئه ومواقفه، وعلى ولائه المطلق لها، فهم الحزبيون الحقيقيون الذين يفخر بهم الإنسان.ولو هم في العديد قليل.

 

3- يجب اعتماد أسلوب دقيق وصارم، موضوعي وعلمي في التنسيب إلى الحزب، خاصة في ظروف، وجود الحزب بالسلطة. فهذا وحده كفيل بتدافع الناس للانتساب، رغبة في منفعة آنية أو مستقبلية، أو حرصاً على السلامة من الآتي كما يُتوهم ربما. ومن خلال ذلك تسرب إلى صفوف الحزب الانتهازيون والمنافقون وهم كُثر للأسف. ولا بد هنا من تخلص الحزب والسلطة من الأخطاء، التي أدت إلى ذلك وما زالت ... خاصة لجهة، عدم التزام الموضوعية والكفاءة والأخلاق، في اختيار من سيعملون في الشأن العام، مسؤولين كانوا أم موظفين، لا فرق. وهذا يجب إعادة النظر به، بشفافية وجدية، كيما ينزع الناس من ذهنهم وتفكيرهم، أن الانتساب للحزب هو بطاقة مرور لكل ما يصبون إليه، أو حتى ما يؤمن لهم معيشتهم وكفايتهم ولو بحدودها الدنيا ليس إلا. وهذا يصل حدود الكارثة على الحزب ومكانته ودوره النضالي الأصيل، تشويهاً وإساءةً وضرراً، ليس بقليل، وليس هذا يعني، أن كل من يرغب في الانتساب، ليس له فيه مصلحة. لكن هذه المصلحة هي وطنية وقومية وشعبية، ومصلحة عامة للجميع، يكون الخلاص فيها جمعياً، وليس فردياً، وبذلك تتحقق مصلحة الفرد من خلال مصلحة المجموع. لذلك تقع على عاتق المسؤولين عن التنسيب، مسؤولية وطنية قبل كل شيء، ومسؤولية أخلاقية ومهنية أيضاً، بتأدية الأمانة وتنفيذ المهمة، بكل الإخلاص والجدية، بضم الكوادر، الأكثر كفاءة، والأصدق إيماناً، والألمع غيرية، والأطهر سلوكا ومعاملة، والأرفع وعيا وثقافة، والأقدر على الإبداع والابتكار والمبادرة، الذين سيتمتعون بنيل شرف الانضمام إلى طليعة الشعب المناضلة والجسورة. وهنا لا بد من مراعاة مبدأ النسبية وليس الإطلاق. في المواصفات المذكورة. وربما يسال هنا سائل، من أين نأتي بهؤلاء؟ أقول الشعب غني بأمثالهم، ولا يحتاج الأمر لأكثر من البحث عنهم وإيجادهم، والسعي الجدي لضمهم إلى صفوف الحزب. للاستفادة منهم ككوادر جيدة، يكونون عوناً للحزب، وليس عبئاً عليه، كما هو جارٍ الآن في الأغلب ...

 

- والاسلوب المطلوب تطبيقه، ليس اختراعاً أو معجزة إطلاقاً، بل كل ما يحتاجه، هو العودة إلى الأصول التربوية، السياسية والعقائدية والأخلاقية للرفيق الحزبي، من خلال حياته في الحزب ، كمدرسة نضالية، خلاقة ومبدعة، والعودة إلى روح المبادرة والجرأة والصدق للرفيق أيضاً. من خلال نشاطه وعمله في هذا المجال، كانسان على خلق عظيم، ودراية كافية، وخبرة متراكمة ومكتسبة، وابتكار ناجح في اختيار الاسلوب المناسب لكل حالة معاشة. فإذا ما تتحقق له تنسيب أحد، يكون نسب إنسان الغد، ورفيق الدرب، وأنجز المهمة بشعور رائع بالفوز والرضى...

 

4- لا بد من جعل الانتساب، اختيارا حرا بالمطلق، ليكون المنتسب مسؤولا مسؤولية كاملة، عن اختياره، وتحمل كافة تبعاته، من مسؤوليات وواجبات. وحتى حقوق ... وليكون كذلك، لا بد أن يكون قد بلغ من الوعي والنضج، ما يؤهله لذلك. وهذا النضج الذي لن يكون دون سن المسؤولية المدنية والحقوقية حتماً.

 

5- لا بد من إجراء، دراسة دقيقة ومفصلة وشاملة وموضوعية، لمن يرغب في الانتساب للحزب، مما يساعد على إجراء اختبار له، نفسي واجتماعي وثقافي وسياسي، والاهم أخلاقي، بالوسائل المختلفة، لتحديد ومعرفة الهدف بدقة، من رغبته في الانتساب للحزب. فان استوفى الشروط المطلوبة، أُخضع لفترة اختبار تمهيدية مؤهلة للتنسب في نهايتها.. وإلا تمددت... إلى أن يتوفر القرار السليم، بالتنسيب أو عدمه عملياً وواقعياً، وفي حال السلب يجب عدم خسارته كصديق مؤيد للحزب قدر المستطاع.

 

6- لا بد هنا، وفي النهاية. من اقتراح جريء وفعال وجدي، على ما اعتقد: وهو توجيه سؤال حقيقي، يجب الإجابة عليه حتماً. بشكل صريح وواضح ودقيق، لا لبس فيه، ولا غموض، ولا مواربة. مع توفير كافة الضمانات الإنسانية والأخلاقية والحقوقية للرفيق، وإعلامه بان السؤال المطروح سري للغاية، والإجابة عليه سرية للغاية أيضاً وهو:

 

هل ترغب في الاستمرار بالانتساب للحزب؟ أم لا ترغب وتفضل البقاء كصديق له؟

بدون أن يترتب عليك أية مسؤولية مطلقاً، في هذا الاختبار، بضمانة الرفيق القائد والقيادة حتماً.

 ويوجه السؤال ضمن مغلف مغلق بإحكام وسرية، والرد يكون مهما كان على ورقة السؤال نفسها، ويعاد المغلف نفسه. ولا يفتح إلا أمام لجنة، برئاسة الرفيق عضو القيادة القطرية رئيس المكتب الأمن القومي، الذي يختار أعضاءها. يُصادق الرفيق الأمين القطري عليها، وعلى قراراتها المعللة ...

 

واقترح ألا يطرح السؤال، إلا بعد أن يأخذ الحزب وضعه الجديد والمتجدد. تجنباً لوقوع أخطاء يندم الرفاق المستفتون عليها.

- وهكذا يكون الحزب قد أعطى لكل رفيق حرية إعادة النظر باختياره السابق، ليختار من جديد بحرية مطلقة ومكفولة، ويكون مسؤولاً عن اختياره في البقاء في الحزب، بشكله ومضمونه الجديدين ... وان كان الجواب سلباً، فيعود مواطناً عادياً، بلا أية مساءلة مهما كانت، ومن أي جهة كانت قطعاً. وان بقي صديقاً للحزب فلا باس عليه، وهذا مرغوب فيه.

 

ثالثاً: المحاور الفكرية:

1- مسألة الوحدة العربية:

 

الوحدة العربية، مفهوم سياسي، اقتصادي، ثقافي، أمني، وتاريخي حضاري، وهدف جوهري استراتيجي حقيقي أيضاً. والطريق إليه يتأمن بعدة عوامل مؤثرة وواجبة:

- العامل الاقتصادي: من التنسيق والتعاون، إلى التكامل، فالوحدة الاقتصادية، وله الأولية والأفضلية، في مسيرة الوحدة الشاقة والعسيرة، والدور الضاغط والحاسم على جميع الدول العربية ولمصلحتها حتماً.

 

- العامل السياسي: الأهم والأساسي بالإرادة والقرار، والدور الأميز المسيطر، على كافة النشاطات والجهود الوحدوية الحيوية، وتقويمها وتصويب مساراتها. ووضعها في الاتجاه الصحيح والفعّال، والتي تؤدي بالنتيجة، إلى وحدة الصف والموقف، والأداء والفعل المثمرين، وبالتالي إلى الهدف المنشود. وبدون هذا العامل، لن يكون هناك عملية اقتصادية مثمرة، ولا فاعلية مؤثرة لبقية العوامل.

 

- العامل الثقافي والإعلامي والنفسي: الذي يعمل على رفع سوية وعي الجماهير، وإدراكها لمصالحها، وقناعتها بان هذه المصالح تتحقق بشكل افضل في الوحدة، ويعمل أيضاً على تهيئتها لقبول فكرة الوحدة، لا بل النضال الحثيث لتحقيقها، لان فيها سيكون، الأمن والكرامة، والحضور الإقليمي والدولي المؤثر والفعال والمحترم. وهذا لن يكون بدون إرادة سياسية.

- العامل التاريخي والمصير المشترك: المحفز للسير في طريق الوحدة، صيانة للتاريخ المجيد ودفاعاً مشروعاً عن المصير والوجود المهدد، ولن يفيد التغني بالأمجاد والمآثر والحضارة، بدون التصميم والعمل، على بعثها بأبهى صورها والقها، ولن يفيد بالتصدي للأخطار المحدقة بالأمة، ولا بمقاومة التحديات والأخطار التي تهدد الحضارة والوجود والمصير العربي. ولا بالقدرة الفاعلة على صيانة الحاضر، وبناء المستقبل المجيد أيضاً.

 

- عامل التدرجية والمرحلية في تحقيق الوحدة: لن يكون له، لا أهمية ولا دوراً في مسيرة الوحدة، بدون إرادة سياسية قادرة، على تحديد وتفعيل الخطوات اللازمة، بدءاً من التنسيق والتعاون، إلى توحيد السياسات والمواقف والتضامن الفعال، وصولاً إلى الهدف، بعد اختيار شكل الوحدة الواقعي والممكن الاتفاق عليه وتحقيقه، كما سيأتي.

 

- العامل الداخلي الذاتي والموضوعي: من خلافات عربية عميقة، فأنانية ذاتية قطرية كرست التجزئة وعمقتها، إلى سلب الإرادات خارجياً، بكل السبل والوسائل، الكريهة واللئيمة المتوفرة والمستمرة، إلى عدم استيقاظ العرب من سباتهم، على وجودهم والمصير المهدد والمجهول، رغم زلزال العراق الهائل والمدمر. بالإضافة للمخزون النفسي والاجتماعي، المليء بالخيبات والانكسارات والاحباطات والمعاناة والمكابدة المريرة، والتجارب الخائبة والمؤثرة سلباً على الهدف.

 

- العامل الخارجي: الإسرائيلي الصهيوني، والأمريكي بشكل خاص، عامل خطير ومؤثر، وعقبة في مسيرة التضامن والاتحاد. ومعيق بشكل جدي لكل توجه وحدوي عربي، بكل ما يتوفر لديه من وسائل التأثير والتضليل والتآمر. وهي لا شك كثيرة.

 

- عامل العروبة والإسلام: جناحا الوجود والمصير والحضارة والإنسان، وعلاقتهما ببعضهما، علاقة جدلية متفاعلة بقوة، وعلاقة تكامل وتضامن وتناغم، وعلاقة ابتكار وإبداع وتطور وازدهار واستقرار وأمن، وعلاقة إحقاق الحق، وسيادة العدل، وتوفير الكفاية للجميع.

 

- العامل القومي: بأحزابه ومنظماته الشعبية أساسي وفعال، في إحياء وإغناء الفكر العربي القومي، وفي المساهمة الخلاقة في النضال الشاق، والكفاح الجدي المستنير، في سبيل تحقيق الوحدة العربية، بتهيئة الجماهير، وتعبئتها باتجاه هذا الهدف الكبير. باستخدام كافة الأدوات والوسائل والأساليب المتوفرة لديها، المؤدية لهذا الغرض. وباختصار سيكون دورها مشابه أو مماثل لدور حزب البعث العربي الاشتراكي، في هذا المجال كما عرضناه، وهذا من الأماني والآمال، التي تعلقها الأمة على تنسيق وتعاون وتضامن الجهود المخلصة جدياً، لأداء هذه الأدوار لمهامها واستحقاقها الملحة جداً في هذه المعركة المقدسة.

- عامل تحديد شكل الوحدة المقترح: الذي يتلخص، بقيام اتحاد الدول العربية، بغض النظر عن أنظمتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبما يتطلبه ذلك من إنشاء كافة المؤسسات والإدارات والأنظمة وغيرها ...، الضرورية لاستكمال بناء هياكل دولة الاتحاد حسب الواقع والإمكانيات، وبالمنطق والعقل، وبالجدية والشفافية والصدق في الإرادة والتصميم، على إنجاز هذا الهدف الغالي والمصيري. مستفيدين إلى الحد الأقصى من تجارب الأمم، وخاصة تجربة الاتحاد الأوربي الأقرب والأحدث.

 

- وأخيراً، كل العوائق والحواجز، ستزول في الوحدة، لو يدرون، فالعرب عبر التاريخ، هم عرب الحضارة والإنسان، وعرب اليوم ليسوا بأقل من أسلافهم وأجدادهم. إذا ما توفرت لديهم الإرادة السياسية القوية، والعزم الأكيد على، إعادة صياغة الحاضر، وبناء المستقبل، وتقرير مصير الأمة الماجدة الخالدة، في أن يكون لها وجود وحضور لائق ومتألق تستحقه بجدارة، وكل هذا يقتضي أن يكون مضمون الخطاب السياسي، النظري والعملي، العقلاني والموضوعي والواقعي، الحالي والمستقبلي، تحدد فيه الأهداف والوسائل والسبل والخطوات اللازمة، للوصول إلى قيام دولة الاتحاد العربي المنشودة، مع مراعاة كافة العوامل الإقليمية العربية والدولية، المعوجة بشدة والمتغيرة بقوة واستمرار، و استغلال وتطويع تلك العوامل لمصلحة العرب ووجودهم ومصيرهم المشترك.

 

والخلاصة: بعيداً عن الاستبيان، وبغض النظر عن الآراء والأفكار والعقائد والنظريان المطروحة، وبخلاف الآمال والطموحات المشروعة المعقودة عليها.ووفقاً للظروف والعوامل والأحداث العربية والإقليمية والدولية، الخطيرة والمجلجلة والمعوقة جداً، وانعكاساتها وارتكاساتها المضرة والمدمرة في كثير من الأحيان. وعبرة من التجارب الوحدوية الماضية الخائبة، والتجارب الحالية المتواضعة والمترددة كالاتحاد المغاربي، ومجلس التعاون الخليجي، وإعلان دمشق ...والمحاور والتكتلات والتجمعات الآنية التي تظهر هنا، وهناك، لأغراض وأهداف عارضة ... لن تؤدي إلى الوحدة المنشودة. رغم إنها قد تساعد إلى حد معين، في تمهيد وتسهيل وتهيئة الطريق إليها، حسب الظروف والنوايا والإرادات العربية، واقتناص الفرص المواتية، في الوقت المناسب حين توفرها، بكل الجدية والسرعة الممكنة.

 

أقول انه يبدو أن الوحدة العربية لن تحقق في المدى المنظور. لا بالقوة، ولا بالتفاهم والتفاوض، ولا بالتنسيق والتضامن الفعال، ولا بالتدريجية والمرحلية، ولا بتوحيد الأنظمة والأدوات والأساليب والهدف، ولا بما ذكرت من تجمعات وتكتلات سياسية أو اقتصادية أو ثقافية ... الخ، ولا بأي شكل من الأشكال المطروحة. بل لا يمكن أن تتحقق الوحدة العربية على ما اعتقد - كاقتراح -، إلا بتطوير الجامعة العربية، بهيكليتها وأساليبها وأدواتها، وطرق التمثيل فيها ونوعيته ومستواه، واسلوب اتخاذ القرارات الهامة والمصيرية فيها أيضاً. وبإحياء الاتفاقات والقوانين والأنظمة والقرارات الجوهرية والإستراتيجية، كالسوق المشتركة والوحدة الاقتصادية – نظام الدفاع المشترك – قرار اعتبار القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية ... وكل السياسات والمواقف المتخذة بشان الصراع العربي – الإسرائيلي وغيره ... الخ الكثير والكثير الذي بقي حبراً على ورق. وصولاً إلى تحويل الجامعة العربية إلى اتحاد الدول الغربية، بغض النظر عن أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ... التي تفرضها التطورات الجوهرية الهائلة والمتسارعة في العالم حولنا. والتكتلات الاقتصادية والسياسية والمالية القائمة، والتي في طور التشكيل. والتي تستوجبها أيضاً استحقاقات الحفاظ على وجود الأمة ومصيرها، ومصالحها وتاريخها وتراثها وحضارتها، واسترداد كرامتها وسيادتها على مقدراتها ومستقبلها، وصيانة حقوقها المشروعة ، واستعادة ما سلب من أرضها ، وتحرير ما احتل منها، وطرد الاحتلال الأجنبي الجاثم على صدرها في فلسطين والعراق والجولان وجنوب لبنان .. .. وآلا فهي في طريقها، بفعل التفكك والتشرذم والتمزق والتجزئة القاتلة، وبفعل العجز والتخاذل والتوقع والانعزال المدمر، وبفعل الرهاب النفسي على الذات والنظام، الذي أدى إلى عطالة وتخريب الفعل العربي المطلوب – فهي في طريقها إلـى الاندثار والزوال، سواء مـن الخارج الجبار المتربـص، الحامل معـه للأمة الكوارث والمصائـب والخـراب،والحروب والقتـل، والدماء والدموع، والذل والقهـر الملعـون. أو من الداخل اليائـس والمحبط والضائع والمقموع جداً، بما يطلق عليه التدبير الذاتي ... إلا إذا أراد القادة والزعماء العرب، بإرادة سياسية صلبة، ونية صادقة وإيمان حقيقي، وبأسلوب حضاري جليل، إنقاذ أمتهم ودينهم وعروبتهم، باستنهاض همم الجماهير، وقوتها العملاقة، وجبروتها الماحق، بالاستقواء بهـا ومعهـا على أعدائهـا جميعـاً، بإطـلاق حريتهـا، وباحتـرام إرادتهـا وقرارهـا، في مصيرهـا، وبمحبتهـا والإخلاص لها أيضاً. وتأمين حضور فعال على الساحة الدولية، بثقل كبير، بشري، سياسي، اقتصادي، وثقافي، وحضاري ...، بما تملك الأمة من طاقات وإمكانات وقدرات هائلة، تجعلها قادرة على أن تكون لاعباً دولياً صادقاً وقوياً.

- وفي الختام اقترح الخطوات العملية الممكنة لتنفيذ الاقتراح السابق المتعلق بالجامعة العربية والوحدة العربية:

 

1.     تحويل مؤتمر القمة العربي ← إلى مجلس دولة اتحادي عربي، الرئاسة فيه دورية ... إلى حين.

2.   تحويل المجلس الدائم للجامعة ← إلى مجلس وزراء اتحادي ( أي حكومة اتحادية ) تتمثل كل دولة فيه بوزير تعينه بمحض إرادتها ... وتخضع تشكيلة الوزراء رئيساً ونواباً ووزراء إلى تصديق مجلس الدولة الاتحادي.

3.   إنشاء برلمان عربي موحد، بعدد متساو من الأعضاء لكل دولة، بغض النظر عن عدد السكان، مرحلياً، يمارس دوره التشريعي الحقيقي، وأول ما يقوم به صياغة مشروع دستور الاتحاد، بالاستعانة بخبرات عربية ودولية في هذا المجال إن أراد، يجري عليه استفتاء شعبي في أقطار الوطن العربي للمصادقة عليه. مع ملاحظة أن الحديث عن البرلمان العربي الموحد مطروح على ساحة البحث والحوار.

 

4.   إنشاء سلطة قضائية اتحادية عربية مستقلة، والإسراع بإنشاء محكمة العدل العربية، المزمع إنشاؤها حالياُ، لفض النزاعات العربية بالطرق السلمية والدولية.

5.   تحويل كافة مؤسسات، ومكاتب، ودوائر، ومجالس الجامعة، إلى مؤسسات الحكم الاتحادي بأنواعها وأشكالها ووظائفها المختلفة، الدستورية والحقوقية والتنفيذية والتشريعية والقضائية، أي بناء هياكل دولة الاتحاد العربي ومؤسساته وإداراته وغيرها كاملاً.

6.   وبهذا الاقتراح، لا يلزم لأي من القادة والزعماء العرب التنازل عن سلطانه وحكمه، ولا يلزم تغيير ذلك النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لديه إلا بالقدر الذي تفرضه مصلحته بذلك، بل اغلب ما يلزم التنازل عنه، تنفيذ أقوال الجميع بانتمائهم إلى الأمة العربية، واستعدادهم للنضال في سبيل رفعتها ومكانتها وسيادتها وكرامتها، وليس المطلوب حالياً على هذا الصعيد، اكثر من توحيد الخارجية والدفاع والأمن. وهل هذا كثير ؟!

 

7.     ومما تقدم يتبين أن بالإمكان الانتقال بالعمل العربي من حالة التشرذم والتفرقة والعجز، إلى حالة التوحد والقوة والفعل، فالنهوض الجبار باليات التطبيق والتنفيذ المجدية، والانتقال إلى حالة الافتخار بالانتماء لأمة كان لها دوراً حضارياً وإنسانياً في التاريخ، وكان لها أمجادها ومآثرها بالأكيد، يجب استعادتها، بالوحدة أو بالاتحاد. بالإرادة والصمود والممانعة والتصدي، وبخطاب سياسي عربي عقلاني موضوعي واقعي جدي وصادق وفاعل. يحترمه العرب قبل غيرهم، والعالم المتحضر، وليس الذي نرى زعامته الأمريكية ... ... وإن لم يفعلوا ذلك باختيارهم، فسيفعلونه رغماً عنهم وعن الذين يقفون خلفهم، ودوام الحال من المحال، والزلزال آت.

-    طبعاً هذه آراء وأفكار، مطروحة للحوار والمناقشة وإبداء وجهات النظر فيها، فإذا ما أراد العرب تحقيق وحدتهم كيفما كان شكلها ومضمونها، فهم قادرون والعلماء والخبراء عديدُ.

 

2011-09-08
التعليقات