syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
نحو سورية الجديدة _ الجزء 2 ...بقلم : د. أحمد الناصر

المحور السياسي


ويتضمن البنود التالية :

أولا-التحديات السياسية الراهنة والمستقبلية التي تواجهنا كعرب بشكل عام ومن ضمنها سورية : لقد بدأت المسألة بشكل واضح وجلي بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وانحسارها إلى ما يعرف في الوقت الحاضر بتركيا ثم ظهور الاتفاقيات السرية التي أدت إلى تجزيء الوطن العربي إلى دول كل منها يتعلق ويرتبط بجهة محددة ، منها الفرنسي ،أو البريطاني أو الإسباني ...إلى غير ذلك . وكان من الطبيعي أن تختلف سياسات تلك الدول وباختلاف تبعياتها ومن هنا بدت الخلافات والصراعات بين تلك الدول واضحة مع العلم أن كل تلك الدول كانت ذات طابع شمولي ومع هذا كانت القوى التي تصف نفسها بالنظم الديمقراطية ذات علاقات وثيقة مع تلك الأنظمة الاستبدادية الشمولية .

 

ثم كان من نتاج القوى الغربية والشرقية في العالم أنها زرعت بذور القوميات ودعمتها بشكل مطلق ونحن نعلم أننا مواطنون متعددي الأعراق والقوميات والمذاهب نعيش على هذه الأرض منذ آلاف السنين ، وبدعم القوى الغربية لهذه الفكرة بدأت تظهر حالات الإقصاء للقوميات التي تعتبر وفق هذا المقياس أقلية .

 

كما أن القوى الغربية سعت ذرا للرماد في العيون إلى تشكيل ما سمي بجامعة الدول العربية ، حتى لا يظن أحد أن الجامعة العربية كانت بنتيجة جهد عربي محض ، ومن هنا لم نشهد حتى ولو نجاحا ملحوظا لتلك الجامعة إذ في عهدها نمت الدولة الغاصبة لفلسطين وعجزت عن اتخاذ أي قرار ذو قيمة لكبح جماح الدولة العبرية ، بل أخذت تطرح المبادرات للسلام معها أو ما سمي بالمبادرة العربية ، ثم توالت المهازل بوضع المبادرة المذكورة على طاولة الحوار مع الدولة العبرية رغم تجاهل الأخيرة لهذه المبادرة ، أي أن الجامعة العربية أبدت عجزا كاملا حتى عن نجدة أهلنا في غزة وانتظرتهم حتى قتلوا وهدمت بيوتهم ثم بادرت بتقديم العزاء والأموال بحجة الدعم وإعادة الإعمار – أي أن الجامعة صندوق للعزاء والمواسات فقط .

 

وبالعودة إلى الفترة التي تلت نهاية الحرب الباردة صدرت التصريحات عن الإدارة الأمريكية والتي لا تستطيع أن تعيش دون أن يكون لها أعداء مفترضين (إن العدو الأول للولايات المتحدة الأمريكية هو العدو الأخضر)، بحيث تحقق الغاية المرجوة لتجار السلاح والشركات التي طبيعتها عدوانية بالأساس . لقد كان الاتحاد السوفييتي سابقا هو العدو الأول ومعه برزت مظاهر الحرب الباردة وسباق التسلح والذي لم يكن مقتصرا على كل من أمريكا والاتحاد السوفييتي بل تعدى ذلك إلى الدول الحليفة لكل من الدولتين السابقتين وهذا ما أدى إلى رواج تجارة السلاح في جميع بلدان العالم . بالإضافة إلى ذلك كانت الصراعات على مناطق النفوذ في العالم ومنها منطقتنا العربية من المحيط إلى الخليج .

 

أما في الوقت الحاضر الذي رأينا فيه أن السودان أصبح سودانين ، والآن ليبيا الفيدرالية ولا ندري ماذا ستجر الفيدرالية على ليبيا فيما بعد ..، ثم العراق والوضع فيه غني عن التعريف والشرح وكل ذلك كان بمباركة من الجامعة العربية !!!!.

 

والسؤال لماذا ؟ ومن المسؤول عن ذلك ؟ ومن المسؤول عن الحراكات الشعبية التي استغلت استغلالا بشعا من الخارج ؟ قد يكون الحراك الشعبي في أي قطر من الأقطار العربية بما في ذلك سوريا حراكا مطلبيا ذو مطالب مشروعة نتج عن احتقانات شعبية بسبب ظروف موضوعية إلا أنه استغل استغلالا بشعا من قبل المنظمات الأمريكية غير الحكومية والتي وضعت استراتيجية تهدف إلى تقسيم الكيانات العربية الموجودة حاليا ، مع عدم إغفالنا للأسباب الداخلية ، فسعت تلك المنظمات (الموقع الإلكتروني non officinal international bisnes corporations ) إلى استغلال الحراك الشعبي بهدف إسقاط الأنظمة القائمة سعيا وراء تحقيق مصالح ليست خفية على المتابع لما يجري في العالم . وتوالت النصائح والتصريحات والانتقادات من كل حدب وصوب وكل له مآربه وأطماعه !!!! .

 

إن المهم أن نستمع إلى ما يريده الشعب من مطالب شرعية ومحقة ولا يهمنا ما يتم التصريح به في الخارج ... المهم ماذا يريد الشعب ... ما ذا يختار الشعب (فالشعب يؤيد التغيير والإصلاح) ، فالارتباط به قوة والابتعاد عنه ضعف، مع التركيز على مبدأ المواطنة فقط والمساواة في الحقوق الوطنية والواجبات تجاه الوطن (لا فرق لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود ولا طائفة على أخرى إلا بمقدار المساهمة في خير هذا البلد) ؟؟؟؟!!!.

 

وهنا السؤال : إذا كان لديك بيت فيه عيب فهل تقوم بهدمه أم بإصلاحه ؟؟ ثم هل من الأنسب أن نبنيه بما يناسبنا أم بما يناسب غيرنا ؟؟

إن ما يؤلم القلب ويدميه هو سقوط الضحايا من أي طرف كان فكلهم إخوتنا وأهلنا فهل سنستمر في ذلك؟؟ ، أتمنى أن تحقن الدماء بأسرع ما يمكن وبأقرب وقت وأن نجلس نحن السوريون جميعا لنبني سورية الجديدة ، فنحن أدرى بمصالحنا وأدرى بشعابنا !!!.

 

ثانيا: أما كيفية المواجهة لما يحيط بنا فهو يتلخص في :

1: رفض التدويل مطلقا ولا نحتاج لأحد أن يحل لنا مشاكلنا فنحن أخبر بواقعنا .

2: تعميق مفهوم المواطنة والمواطنة فقط ومدنية الدولة ونفي كل أشكال المذهبية والعرقية والطائفية (فلا طغيان لقومية على أخرى ولا مذهب على آخر ولا طائفة على أخرى) من خلال التأكيد على أن مبدأ المواطنة هو الأساس وسيادة القانون هو الغطاء الذي يحمي الجميع .

ثالثا: الغاية هي الانتقال من الحالة الشمولية إلى حالة التعددية الحزبية والديمقراطية النيابية والدولة والمدنية ، الأساس فيها المواطن وحقوق الإنسان ، ويمكن تلخيص المبادئ الأساسية للدستور بالتالي :

1- إلغاء المادة الثامنة وما يتعلق بها(واعتبار حزب البعث حزبا كما هو حال الأحزاب الأخرى).

 

2- ضمان حرية تشكيل الأحزاب دون إقصاء حتى ولو بلغ عدد الأحزاب عددا كبيرا مع الإشارة إلى أن عدد الأحزاب الذي كان في بداية التجربة الأسبانية يصل إلى مائة حزب إلا أنه مع الزمن تقلص العدد إلى حزبين وذلك لأن البقاء للأصلح .

3- ضمان حرية انتساب المواطن لأي حزب يشاء من الأحزاب والكيانات التي يتم تشكيلها.

4-العمل على إيجاد برلمان منتخب من قبل الشعب المؤطر ضمن كيانات سياسية وأحزاب .

5-للبرلمان له الرأي الأول والأخير في مسألة الموافقة على القرارات ولا يتم اعتمادها إلا بعد موافقة البرلمان .

 

6- للبرلمان الحق في محاسبة جميع الوزراء ومساءلتهم بشأن الخطط والبرامج المنفذة وحجب الثقة عن الحكومة ، ولا تتخذ القرارات ولا تجيش الجيوش إلا بموافقة البرلمان .

7- للبرلماني الحق في أن ينتقد ما يشاء دون تعرضه للمسائلة وهو آمن على حياته.

8- اعتماد مبدأ الاستفتاء العام على القوانين بحيث يكون الشعب هو الرقيب على عمل الحكومات.

9- ضرورة صياغة قانون السماح بالتظاهر السلمي صياغة عصرية.

 

10- ضمان حق التجمع العلني والتظاهر السلمي المطلبي وفق القانون العصري.

11-السماح بعمل منظمات المجتمع المدني وأقترح إحداث وزارة خاصة بحقوق الإنسان.

12- حظر الأحزاب التي تنتهج الجانب المسلح .

13-حصر السلاح واستخدامه في مؤسسات الدولة وحل جميع الميليشيات مهما كان نوعها .

14- تحييد الجيش عن الحياة السياسية ليكون جيشا لحماية الوطن والمواطن وهذا طبيعي في حالة النظام التعددي.

 

15- تبني المنهج الوطني للمؤسسة العسكرية بحيث تكون حارسا لقضايا الأمة وكرامة المواطن.

بهذه الخطوات نكون قد وصلنا إلى نظام برلماني دستوري وبالتالي نكون قد قطعنا شوطا كبيرا في الإصلاح ، فبإصلاح القاعدة تصلح القمة ويبقى الوطن سالما وآمنا وعزيزا .

ملاحظة: أقترح تشكيل لجنة من الحقوقيين والاختصاصين لمراجعة كافة بنود الدستور وكتابة دستور جديد للبلاد بما يناسب سورية المدنية الديمقراطية التعددية البرلمانية واعتماد أساس المواطنة والتركيز عليها في الدستور الجديد .

 

رابعا: الإدارة المحلية : من المعروف أن أية مؤسسة سواء كانت في الريف أم في المدينة سوف تتبع إلى قانون ينظم عملها وإداريين يقومون على إدارة المؤسسات ، أي كوادر فنية ، إدارية طبية ، خدمية ....إلخ . من أين سنأتي بهؤلاء ؟ وكيف ؟ لقد جرت العادة في أن يتم تعيين الإداريين أو مدراء الشركات أو رؤساء البلديات ..إلخ ، وبالتالي نتعامل مع أشخاص قد تكون خلفيتهم الشخصية والفنية والإدارية جيدة أو غير ذلك وهذا يتم بحسب التقارير التي ترفع إلى الجهات العليا ليتم القيام بالتعيين . إن هذا الأسلوب ، واسمحوا لي بهذا التعبير، زاد الطين بله ، فقد كان هناك رؤساء بلديات حافظوا على مناصبهم لسنوات وسنوات وأخيرا وجدنا إما تراجعا في تنفيذ المشاريع ، أو فشل في تنفيذ المطلوب ، وأحيانا ما رافق ذلك حالات من الفساد المالي . وحتى لو كان الأمر يتم بواسطة الانتخابات وهو ما تم التوجه إليه في الفترة الأخيرة ، إلا أن الانتخابات تتم غالبا عبر قوائم محددة معروفة مسبقا (قائمة الجبهة الوطنية التقدمية) بالإضافة إلى مجموعة من الأسماء المستقلة والتي يمكن أن تتاجر وتدفع مقابل نجاحها في الانتخابات ... إذا نحن أمام شكل سقيم من أشكال الانتخابات وهذا ما أثبته الواقع ....!!!! ، والمطلوب للمرحلة الجديدة :

1- تجنب مسألة التعيينات لمسئولي الإدارات المحلية وخاصة رؤساء البلديات والمحافظين إلخ والاعتماد على مبدأ الانتخابات .

 

2- اعتماد التمثيل النسبوي بحسب النسب الناتجة عن الانتخابات في المجالس المحلية أي لا بد من كيانات سياسية تتنافس فيما بينها في عملية الانتخابات وليست المسألة مسألة أفراد مستقلين.

3- الابتعاد عن القوائم الجاهزة كما كان يحدث سابقا وفتح الباب أمام الأحزاب والكيانات السياسية.

4- اعتماد الدورة الانتخابية المحددة وضرورة تقديم برامج مستقبلية يتم العمل على تنفيذها.

5- المحاسبة في حالة التقصير وعدم تنفيذ البرامج المطروحة .

 

خامسا: تعميق مفهوم الديمقراطية: تشكيل الكتل السياسية أو الكيانات السياسية (الأحزاب) ودون إقصاء لأي طيف من الأطياف ،فالديمقراطية لا تعرف الإقصاء ، فهناك في ألمانيا الحزب الديمقراطي المسيحي وهناك الأحزاب القومية ، والليبرالية ، واليسارية واليمينية، كما يجدر بالذكر حزب الله في لبنان وهو ذو مرجعية دينية بحتة وعلى كل منهم أن يطرح برنامجا تنمويا (باعتبار الأمر يخص الإدارة المحلية ) وخدميا وعلى أساسه يتم انتخاب ذاك الحزب أو غيره وفي حال فشله في تنفيذ ما وعد به من برامج يتوجب محاسبته وبالتالي سيخسر الجولات القادمة من الانتخابات . من هنا يمكن أن تحدث عملية التنافس والتسابق على تطبيق أفضل البرامج التنموية ، سوف تتسارع وتيرة التنمية الخدماتية .

وحتى يتم تنشيط العمل الخدمي يتوجب تحديد فترة محددة أو ما يسمى بالدورة الانتخابية ، والبقاء يكون للأصلح لأن الشعب سوف يختار البرامج وليس الشعارات .

 

أما بالنسبة للدوائر الانتخابية فيتوجب زيادة عدد الدوائر الانتخابية بما يتناسب مع الكثافة السكانية في كل محلة أو قرية أو مدينة مما يسهل عملية الانتخابات . والأهم من ذلك أن تكون هناك رقابة قضائية محلية بالإضافة إلى الرقابة الخاصة بالمرشحين عن الأحزاب وكذلك رقابية دولية لضمان نزاهة الانتخابات ... ، إذا لا بد من :

1- تعميق مفهوم الديمقراطية ابتدءا من انتخابات الإدارة المحلية واعتماد مبدأ القوائم النسبية والكيان الذي يفوز بالأغلبية هو الذي يقوم بتشكيل مجالس المحافظات ومجالس البلديات وذلك بناء على برنامج مطروح يسعى لتحقيقه خلال دورته الانتخابية التي يفضل تحديدها بفترة لا تزيد عن أربعة سنوات .

2- وبما أن البقاء للأصلح فلا ينبغي إقصاء أي من الكيانات السياسية ومن هنا فإنني أقترح العمل على تسهيل وتسوية أوضاع السوريين في الخارج لكي يعودوا ليأخذوا دورهم كمواطنين سوريين .

 

3- ضرورة تفعيل دور المحاسبة لمؤسسة الرقابة والتفتيش على كل من المجالس المحلية والبلدية ومجالس الحافظة .

4- ضرورة ضمان نزاهة الانتخابات المحلية من خلال الرقابة القضائية ورقابة مرشحي الأحزاب والمراقبين الدوليين .

5- ضرورة التوزيع الأمثل للدوائر الانتحابية بما يتناسب مع خصائص كل منطقة وكثافة السكان فيها .

 

سادسا: قانون الإعلام :

1-القانون الجديد أحدث ما يسمى بالمجلس الوطني للإعلام، وهو أحد أهم إنجازاته، وواحد من أبرز ما كان الإعلاميون في سورية يطالبون به ، غير أنه اشترط ربطه بمجلس الوزراء، وهو ما قيد استقلالية هذا المجلس.

2. أكد القانون أنه لا يعد مساساً بالخصوصية الشخصية توجيه نقد أو نشر معلومات عن المكلفين بعمل أو خدمة عامة على أن يكون المحتوى الإعلامي وثيق الصلة بأعمالهم ومستهدفا المصلحة.

 

3- القانون أكد على حرية الإعلامي وعدم الكشف عن مصادر معلوماته إلا أمام القضاء وفي جلسة سرية.

4-ينص القانون على معاملة الإعلامي كموظف عام إذا ما تعرض للاعتداء ويضاف إلى ذلك عدم وجود رقابة مسبقة على الإعلام كما يترك الحكم في العلاقة بين الإعلام والجهات الأخرى للقانون والقانون فقط ، ولا يتضمن القانون عقوبات السجن للصحفيين.

5- نص القانون على منع كل ما يمس برموز الدولة (هل المقصود الأمور الشخصية أم توجيه النقد بالمعروف والموعظة الحسنة بما يخدم المصلحة العامة أم كلاهما أليس رموز الدولة من المكلفين بعمل أو خدمة ) فكلنا بشر وكلنا نخطئ ونصيب .

 

 

د. أحمد الناصر

أستاذ بقسم الطاقة الكهربائية

كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية

جامعة البعث

2011-09-26
التعليقات