syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
الإصلاح 6- مآل الحوار في المحافظات والجامعات - هل يشكل ورقة عمل للحوار الوطني المركزي ... بقلم : علاء الدين مريم

الحوار الوطني كما يبدو لي ومن حيث الشكل ، غاية بحد ذاته ، فقد جاء استجابةً مباشرة لمتطلبات الإصلاح وعكس صورة حقيقية لممارسة الديمقراطية وجسّد عملياً نوعاً من حرية التعبير ، وهو بذلك يلبي حاجة مجتمعية لدى المشاركين فيه - وهم يمثلون معظم شرائحه وأطيافه - من خلال إتاحته المجال أمامهم لإثبات ذواتهم كأفراد معنيين بهموم بلدهم ، وإبداء آرائهم وحسن نواياهم تجاه وطنهم ، وتنفيس احتقانهم بعد أن ضج صمتهم ، لأن عند معظمهم جوع عتيق للكلام والبوح وتوجيه النقد .


و أصبح الحوار كما ينفذ حالياً حراً ومتاحاً للكثير ممن كانوا مهمشين قصداً أو نسياناً ، وأضحى مفرحاً لهم ، وغدا أشبه بمهرجان احتفالي ، وأمسى فرصة رحبة لإبداء الرأي من قبل أناس لم تكن تصل أصواتهم إلى بيت جيرانهم ، ولم يكونوا يروا صورهم إلا بمرآة حماماتهم ، هذا النهم للحوار والمشاركة وإبداء الرأي -  والذي كانت قد غيبته من قبل أغلب وسائل التواصل الثقافية والإعلامية والاجتماعية المتاحة ، والتي لم تستطيع يوماً اجتذاب المتلقي وإقناعه  - يعكس حالة عامة كانت سائدة لإشكالية واقعية ، مفادها تغيب الآخر.

 

والحوار من حيث المضمون ، وكما رسم له يبدو وسيلة لاستشراف رؤية مستقبلية لغاية بناء سورية الحديثة ، وقد توضحت ملامح هذه الرؤية بعد أن أشبعت نقاشاً وحواراً تفاوت مستواه بين المشاركين ، وتنوعت اتجاهاته وتكاملت الأفكار والآراء فيه ليصل إلى مآله وفق ما حدد له من محاور.

 

سياسياً :

 أصبح تعديل الدستور لتجاوز الإشكالات المطروحة أمراً متفقاً عليه مع ضرورة الحفاظ على المبادئ والمنطلقات والأسس الثابتة التي تنطلق منها سياستنا الوطنية ، وقد أكد الحوار على التوسع في سياسة التعددية السياسية والحزبية والتي مهد لها إصدار قانون الأحزاب بصيغة متطورة ، بحيث تمهد هذه السياسة لانتخابات تشريعية تنافسية وفق قانون الانتخابات الجديد إضافة لانتخاب المجالس المحلية ليساهم ذلك كله في بناء دولة مدنية ديمقراطية ، يقوم الإعلام فيها  بدور السلطة الرابعة بأساليب متطورة مستفيداً من صدور قانون الإعلام الجديد  .

 

اقتصادياً :

 مآل الحوار سيكون اعتماد نهج التشاركية واتباع سياسة التعددية الاقتصادية بما لا يتعارض مع التوجه نحو اقتصاد السوق الاجتماعي ، بحيث يتم توزيع الأدوار بين القطاعات المختلفة المعنية ، فتقوم الدولة بتنفيذ سياساتها الاجتماعية وتقديم الخدمات المتعلقة بهذه السياسات في مجال الأمن والصحة والتعليم والدعم التمويني بشكل مباشر ولكافة المواطنين ، وتتدخل الحكومة لضبط آليات عمل السوق عندما يكون حاجة لذلك ، ويؤمّن القطاع العام الاقتصادي الخدمات العامة للمواطنين المستهلكين لها في المجتمع المحلي خاصة في مجال الكهرباء والماء بأسعار مناسبة لدخولهم ، ويوفر البنى التحتية اللازمة للوطن وراحة مواطنيه ، ويهدف عمل مؤسساته في هذا المجال إلى تحقيق أهداف اجتماعية بحتة حتى لو لم يحقق الربح ، ويمكن لهذا القطاع أن يعمل بشكل تشاركي وإيجابي مع القطاع الخاص في هذا المجال ولك للاستفادة من ميزات القطاعين ، أما القطاع الخاص فينتج الخدمات والسلع الخاصة ويسوقها للمستهلك النهائي وفق ما يراه مناسباً لمصالحه الخاصة وبما ينسجم مع التشريع والأنظمة والقوانين السائدة والمعمول بها والتي تشجعه على الاستثمار سواء كان محلياً أو خارجياً وذلك في إطار الضوابط المحددة لعمله ونشاطه .

 

اجتماعياً :

 تتصدر مشكلتي البطالة وتأمين السكن هموم الشباب ومن المفيد في هذا المجال وضع إستراتيجية وطنية شاملة للشباب تكون من أولوياتها حل هاتين المشكلتين ومن المقترح في هذا الصدد إحداث مجلس أعلى للشباب ينفذ هذه الإستراتيجية كما يعتبر - صدور قانون متطور ناظم لعمل الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية بما يعزز دور الدوائر الاجتماعية المختلفة في تطوير المجتمع وتقدمه - موضوعاً هاماً أثير خلال جلسات الحوار

 

تربوياً :

 يتجه الحوار إلى ضرورة أن تعمل كل أنواع التربية واتجاهاتها نحو تكوين منظومة أخلاقية قيمية لدى الجيل الناشئ قوامها تمكينهم وإعدادهم ليكونوا فاعلين في تطوير بلدهم وتقدمه .

 

في مجال الإصلاح الإداري :  

وبعد أن قدمت لجنة الإصلاح الإداري تقريرها المتضمن إستراتيجية الإصلاح وقد أعدت وفق محاور سبعة رئيسة واعتمدتها رئاسة مجلس الوزراء وأقرت تشكيل لجنة متابعة لوضع الخطوات العملية لتنفيذ ما جاء فيها   ينتظر اتخاذ إجراءات سريعة وآنيّة لما هو ممكن ومتاح من الأمور المتعلقة بالشؤون الإدارية ، والتي يحتاج إصلاحها إلى قرارات فوريّة  ، على أن تكلف الجهات الإدارية المعنية ، بالعمل في هذا الاتجاه ، خاصة فيما يتعلق بمتطلبات المواطنين من جهة وبمتطلبات العمل من جهة ثانية مثل : ( إحداث مكاتب المتابعة ، تكوين فرق عمل داعمة – تفعيل عمل النافذة الواحدة – تبسيط إجراءات المعاملات – استخدام أسلوب حل المشكلات على المفتوح وبشكل فوري – فتح أبواب المكاتب أمام المواطنين وتلبية طلباتهم وتقبل شكواهم ومصارحتهم بكل ما يتعلق بأمورهم )

 

أما في مجال مكافحة الفساد :  

وبرأيٍ شخصي : فإن تقرير اللجنة المشكلة لهذا الغرض لم يف بالمطلوب فهو في الشكل : لم يأت على ذكر كل ما يجب توضيحه في متن التقرير ، ولم تتم صياغته وفق الأصول أو النماذج المتعارف عليها في صياغة التقارير الإدارية ، مما يوحي لقارئه بأنه موضوع إنشائي وصفي بعيد عن العلمية ، وقد جاءت عباراته غير مترابطة وألفاظه عمومية وأفكاره متداخلة ومتكررة ، مما يوحي بعدم الدقة والوضوح ومن حيث المضمون : لم يتعرض لأمور أساسية في الموضوع ، لعدم توفر الأفكار الإبداعية فيه وفي صلب التقرير تتطرأ لأمور غير هامة ، وبالمحصلة فقد كان بحثاً نظرياً بالمطلق ، ولم يأت على تحديد الآليات العملية لمكافحة الفساد ، ولم تكن اقتراحاته واضحة ومحددة ، لذلك أعتقد بأن الحكومة لم تدرسه بعد - لهذه الأسباب - كما فعلت بتقرير لجنة الإصلاح الإداري ولتجاوز هذه الإشكالية من المفيد إعادة النظر بالتقرير المنوه عنه وصياغة مقترحاته بشكل واضح ومحدد وقابل للتطبيق ، وهنا يمكن لفت النظر إلى أنه على أرض الواقع لم يعمل شيئاً في موضوع مكافحة الفساد .

 

وفي محور الخدمات :

 والذي كان من أهم المحاور نظراً لاهتمام المتحاورين الكبير به ، وضع المشاركون السلطات التنفيذية في المحافظات بصورة الموضوع بكل تفاصيله ، وبما تحتاج محافظاتهم من خدمات تمس حياتهم اليومية ، وأرجو ألا يفعل المسؤولون بها - فيهولونها أو يجيبون عليها بكتب تبرير وتسويف وتهرب من العمل - كما كان يحدث سابقاً في اللقاءات الجماهيرية التي كانت تقوم بها مجالس المحافظات ومديرياتها ، حيث كان المواطنون يعرضون هممومهم ومشاكل مناطقهم على مسؤولي المحافظة ، على أمل حلها والاستجابة لها ، فيدير المعنيون ظهورهم للمواطنين بمجرد خروجهم من اللقاء ، وكأن شيئاً لم يكن وأن هذه الهموم والمشاكل لا تعني أحدهم ، ولا بد هنا من تغيير أساليب العمل وطرق الأداء ، لتجاوز مثل هذه المشكلات التي تمس حياة المواطنين مباشرة.

 

وبعد فإننا نتوق بمزيد من الأمل ، لمزيد من العمل وفق أجواء ديمقراطية ، سادت حوار المحافظات والجامعات ، لوصول الحوار الوطني بمجمل فعالياته ، إلى مآله المنشود لتكون سورية بحق مثلاً يحتذى كما قال  السيد الرئيس بشار الأسد .

 

2011-09-24
التعليقات
ابراهيم
2011-09-24 10:27:12
التربية التربية
الاهتمام بالتربية والتربية فقط هو السبيل لأكبر وأوسع إصلاح

سوريا
عمار
2011-09-24 10:13:03
مساهمة جادة وموضوعية
ياهيك الحكي يا بلا أنا مع كل هالحكي الجميل

سوريا
عمر ضو القمر
2011-09-24 10:10:38
كل شيء واضح
سمعنا في حوار عبى مستوى المناطق ، لسابدنا ننتظر ، يمكن صار كل شي واضح

سوريا
المهندسة م.م
2011-09-24 10:08:06
بوح
أعجبني تعبير جوع عتيق

سوريا
ام محمد خير
2011-09-24 10:01:17
هل يقرأ المسؤولون مثل هذه المقالات
لقد وضغت يدك على الجرح يا أستاذ ، فقد آن الأوان لتجاوز المرحلة بنجاح

سوريا