syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
لماذا لا نحول مؤسسة البريد إلى مؤسسة عصرية ذات حس تجاري وتنافسي ؟؟؟ عبد الرحمن تيشوري

يعد البريد اليوم من مرافق الدولة الهامة وهو الوسيلة الوحيدة من وسائل الاتصال حين تنعدم الاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة لاسيما في الأرياف و المناطق النائية .


ويلعب البريد دورا غير منظور كعامل من عوامل التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في أي بلد من بلدان العالم مما يستدعي بالضرورة منحه ما يستحقه من اهتمام.

إن الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية الحديثة يجب أن تكون قادرة على دعم التنمية في البلد. ومن الواضح أنه بدون بنية تحتية كافية في مجال الاتصالات، لا يمكن لبلد مثل سورية أن ينجح في تحقيق تقدم في مسيرته التنموية.

لذلك فإن الاستثمار في الاتصالات ليس بديلاً، بل هو ضرورة ذات أولوية عليا، يؤدي إغفالها إلى خلق تعقيدات في النمو الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة.

وبما أن البريد جزء أساسي من قطاع الاتصالات، فمن غير الممكن التطلع إلى مستوى أعلى من التنمية الوطنية، دون البدء باتخاذ الإجراءات اللازمة لإصلاح القطاع البريدي. وتشكل البنية التحتية القوية التي ينتفع منه المجتمع أساساً لهذا القطاع.

وتشير الدراسات حول البريد في مختلف أنحاء العالم أنه من أجل كل زيادة بمقدار 1% في الناتج المحلي الإجمالي للبلد، يكون النمو المتولد في الحركة البريدية بمقدار 0.8-1%. كما أن النمو في هذا القطاع يعبر عن النمو السكاني، فكل نمو 1% في عدد الأسر، يؤدي إلى نمو 1% في الحركة البريدية.

وهذا يدل على أن القطاع البريدي يعبر بشكل واضح عن التقدم الاجتماعي والاقتصادي في البلد.

وبالتالي فإن محاولات إصلاح قطاع البريد، وتطويره وتقييمه ليس مجرد حل لمشاكل هذا القطاع، بل هي أيضاً استثمارات تدعم التنمية الاجتماعية الاقتصادية في البلاد. اولا - الرؤية المستقبلية والأهداف الإستراتيجية : أين نحن اليوم؟؟ مؤسسة تقيدها التعليمات والروتين، موازنتها خاسرة،غير تنافسية ، قليلاً ما تستغل إمكانيات اسمها، تستخدم آليات عمل يدوية وغير اقتصادية ، كادر بشري من ذوي الكفاءات الواعدة لكنهم غير محفزين وغير مدربين للمستقبل.

مـاذا نريـــــد ؟ مؤسسة عصرية ذات حس تجاري.

التطلعات الآن نحو ضمان تقديم خدمات أساسية جديدة وابتكار منتجات وخدمات جديدة، احتضـان الإبـــداع في ظل طاقـم عمـل مُحفــز، مـرونـة اقتصاديــة، نمــو ربحــــــــــي،اسم تجاري قـــوي، الحرية التجارية والتوجه نحو السوق، تنفيذ العمل استناداً إلى معايير الجودة، تركيز على العملاء و كسب ثقتهم وتلبية احتياجاتهم.

هل بالإمكان التغيير؟؟؟ نعم ، بإمكاننا أن نجعل البريد السوري مكاناً ديناميكياً ، منافساً، تجاري الوجهة ،يركز على الزبون، و صاحب سمة تجارية جذابة و مكاناً يرغب الجميع العمل فيه حيث التدريب جيد و فرص التقدم متاحة. وهذا يتطلب تدريب جيد وبرنامج تطويري لتجنيد استخدام مهارات الطاقم الإداري وجميع العاملين لتنفيذ إستراتيجية المؤسسة، وهذا لا يتم إلا من خلال تحفيز العاملين وإقناعهم بالإستراتيجية وأهدافها بتحقيق المصلحة العامة أولاً،و النفع الذي سيعود عليهم بعد ازدهار عمل البريد ،وهذا لن يتم إلا من خلال تنمية ثقافة المؤسسة . فالعاملين عادة إما أن يكونوا عائقا في وجه التغيير، أو أن يزيدوا من سرعة هذا التغيير. يجب النظر بعين الاعتبار إلى النقاط التالية كجزء من العمل على تطوير البريد:

المــفـهـوم الـتنظـيـمـي: لا يزال البريد السوري جزء من منظومة الخدمات العامة المدنية الحكومية التابعة لوزارة الإتصالات. في هذه الحالة، فهي في كثير من الحالات مؤسسة تقليدية ذات عدة طبقات، هرمية الإدارة و بيروقراطية يحكم فيها شأن التوظيف قوانين متعددة و تعليمات نافذة تجعل من الصعوبة بمكان و حتى من المستحيل إدارتها كتجارة، أو ممارسة أي نوع من الإدارة التقييمية، أو اتخاذ أي قرار تجاري متجاوب (مع متطلبات السوق).فالمدراء تقيدهم المتطلبات العامة و القانونية التي هي خارجة عن سيطرة البريد و التي لم تصمم للعمل التجاري أصلاً.

 الإدارة الأدائية (تقيم الأداء): بينما الراتب متعلق بمؤهلات الفرد و تحصيله العلمي، فإنه من الممكن تحصيل مكافآت مالية تصرف مقابل حسن الأداء،وهنا يجب ربط التقييم الدوري بالحوافز المادية وبنائها على أسس موضوعية ،إذ غالبا ما تطغى ثقافة التعاطف أو حتى العلاقات الشخصية على هذه التقييمات في كثير من مؤسسات الدولة.

(جرت العادة في الخدمة العامة أنه من الصعب تسريح الموظفين أصحاب الأداء الضعيف المستمر و الغياب المتكرر. ولا يفكر أحد بالتسريح إلا بارتكاب الموظف لجنحة كبيرة على الأقل . فالأداء الضعيف فهو محتمل إلى حدٍ ما ، أما الغياب أو المرض لأكثر من 180 يوماً يسمح بالتفكير للبدء بعملية التسريح والخطوة الأولى في حال المرض هي إحالة الموظف إلى لجنة طبية و خبراء مختصين. في بعض الحالات من عدم الكفاءة المستفحلة، فإنه من الممكن نقل الموظف إلى قسم أخر من أقسام القطاع العام.)

ج- الترقية والتطوير: المعلومات الموجودة عند كل موظف عن إدارة الموارد البشرية محدودة بمعلومات عن التحصيل العلمي (شهادات...)،خبراتهم (بما في ذلك تلك التي حصلوا عليها من وظائف سابقة). سجلات تدريبهم مدونة في سجل التدريب ولكن لا يوجد سجل عن جوانب القوة و الضعف لكل منهم أو المهارات و الكفاءات بما في ذلك المهارات الإدارية البدائية أو مهارات اختصاصية معينة أو علم. د- عـامـــل الســـن: إن الملاحظ بالنسبة للعمر أن معظم الموظفين في الفئة الثالثة سيحاولون على التقاعد خلال /20/ سنة القادمة، وهذا يعني أن ما يشكل 40% من الموظفين الحاليين .

فإذا رغب البريد السوري أن يحقق تحولا ملحوظا خلال السنوات الخمس القادمة عليه التركيز على تأهيل هؤلاء الموظفين وتدريبهم ليتمكنوا من العمل ضمن التوجيهات الجديدة وأن يتقبلوا إدخال التحسينات والتطويرات للعمل البريدي وإلا شكلوا عائقا أمام عملية التغيير والإصلاح. ه- تغيير ثقافة المؤسسة :إن عقلية القطاع العام للبريد السوري تشكل عائقا في وجه التغيير والتحول إلى مؤسسة تجارية هدفها التوجه نحو العميل و التركيز على الجانب التجاري والذي بدوره ضروري لتحقيق الإستراتيجية التجارية المخطط لها والمتفق عليها عام 2007 تشكل خطوة إلى الإمام على طريق البريد العصري الذي نتطلع إليه.

 أخيرا – الخـاتمــة: يمكن للبريد استخدام مركبة التدريب والتطوير كممكن قوي لدفع التحول الذي تحتاجه المؤسسة، وتغيير ثقافتها، ومخالطة طاقم العمل ، وتوسيع القدرات الإدارية و بناء الكفاءات حتى نستطيع كأفراد و مؤسسة تحفيز واستنهاض أعلى مستوى من القدرات الكامنة لنمو بريدنا السوري.

2010-10-06
التعليقات
عبد الرحمن تيشوري - شهادة عليا بالادارة
2011-07-15 11:18:31
اشكر كل من اضاف وايد ومدح وانتقد واشكر سيريا نيوز
اوافقكم تماما وخاصة الدكتور ملهم وحول فكرة ارسال كشوف للمواطنين بالبريد فكرة ممتازة تفعل عمل المؤسسة لكن المؤسسة بحاجة الى ذهنية جيديدة

سوريا
hazarba
2010-10-07 07:06:14
مع الشكر الجزيل للكاتب
فعلاً يا صديقي فمساهمتك صحيحة و دقيقة، و أكبر دليل هو التنامي الذي تشهده سوريا بالأخص في قطاع الصيرفة و الذي يشكل البريد أحد أهم شركائه للعمل في السوق، فأنا أعمل في مؤسسة بريدية عربية متقدمة عالمياً على جميع المستويات و المفارقة بأن أغلب كادرها القيادي قد تخرج من معهد الاتصالات بسوريا، و بذلك فقد تجسد لي المثل الذي يقول " رب تلميذ فاق أستاذه" و بصدق أقول لك بأن هذه المؤسسة بفضل ارادة تغيير صادقة تحولت بغضون أربعة أعوام الى قطاع تنموي يدعم اقتصاد الدولة و محج للرحلات العلمية كنموذج ريادي يحتذى

الإمارات
د. م ملهم حسن شيخ السوق
2010-10-06 21:14:58
شكرا على هذا الموضوع
استاذ عبد الرحمن..يوجد بسوريا كثيرمن الامكانات المهدورة و التي يمكن ان تنعكس ايجابا على دعم خزينة الدولة و انت قمت مشكورا بذكر هذا المثال..لي الملاحظات التالية..لا اعتقد ان البيروقراطية و كاسلوب ادارة يمكن ان تكون عائق امام هذا القطاع و لكن لا بد من اعادة هيكليته و تحديد التسلسل الهرمي و التعليمات و تسلسل التحكم الاداري..سيما و ان هذا القطاع قديم جدا.امر آخر..كل الدول المتقدمة..تلزم المواطنين على استعمال البريد لاستلام مراجعاتهم ووثائقهم و جوازات سفرهم..و هي تقوم بذلك لتخفيف الازدحام و امور اخرى

الإمارات
بسام الحمصي
2010-10-06 21:10:20
الحاجة أم الاختراع
عزيزي الكاتب الحاجة أم الاختراع، فلا يمكن أن تحيي مؤسسة لا حاجة منها. يمكن أن تنبض الحياة في مؤسسة البريد إذا أجبرنا شركة الكهرباء وشركة المياه وشركة الهاتف بإرسال كشف بالفاتورة وإخطار الدفع إلى منزل المشترك، مجرد هذا الإجراء سيجعل مؤسسة البريد مؤسسة مفعمة بالحيوية، وبالباقي تحصيل حاصل. طبعاً إرسال الإخطاء هو حق من حقوق المشترك في الدول المتقدمة، وجميع المؤسسات، البنك، الراتب. انظر كيف إدارة المرور في حيرة من أمرها بالطريقة التي سترسل بها إخطار المخالفات المرورية بعد إلغاء اجراءات الترسيم؟ ...

سوريا