أسئلة كثيرة تراود المواطن أهمها ماذا بعد؟
أسعار جديدة للمازوت انعكست على تكلفة النقل والمواد الغذائية والاستهلاكية وغيرها في الأسواق, ترافقت مع زيادة الرواتب والأجور بنسبة 25%.
هذه الزيادة كانت ضرورة وحاجة ملحة لتغطية ارتفاع الأسعار وإذا بها تمتص وتكاد لا تكفي لتعويض الارتفاع بأجور النقل.
هناك أزمة ثقة بين المواطن والحكومة.
ولعله الحظ العاثر الذي رافق عملية التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي الذي ترافق مع أزمات عالمية للأسعار فزاد من بعد المسافة بين الحكومة والشعب, أو لعله قرار صحيح ومحتم صدر بتوقيت غير مناسب..
• لحظة الحقيقة:
إن دعم المشتقات النفطية استنزف مئات المليارات من الخزينة الحكومية سنوياُ (ومعظمها بالعملة الصعبة) وانعكس بشكل أو بآخر على حياة الشريحة الأقل دخلاُ من المواطنين فلم يعد من الممكن القبول باستمرار الوضع القائم.
إن زيادة الاستهلاك من قبل المواطنين بسبب زيادة عدد السكان المواطنين والمقيمين إضافة إلى وجود نسبة كبيرة من غير السوريين المستفيدين من الدعم عن طريق التهريب... ذلك أدى إلى تضخم في استهلاك المواد المدعومة حكومياُ والمواطن السوري محدود الدخل هو الأقل استفادة من نظام الدعم.
وبهذا أصبحت فكرة الدعم غير واقعية وغير قابلة للاستمرار...
والسؤال هنا هل لدى الحكومة دراسة متكاملة للانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لقرارها؟
• حكومة الأرقام:
تختص الحكومة الحالية بطرحها العديد من الأرقام والمؤشرات بشكل شبه يومي وأعتقد أن الحكومة قد لعبت دوراُ ليس لها حينما ركزت على تحسين آليات احتساب الأرقام بدلاُ من وضع آليات تطوير الأداء.
صحيح أن المنظمات الدولية تهتم بإصدار مؤشرات عن كل بلد وذلك لتوضيح مكامن القوة ونقاط الضعف وتكون تقاريرها حافزاُ للحكومات لتطوير الأداء استناداُ للأدوات التي تمتلكها الحكومة والتي يمكنها إحداث التغيير المطلوب, أما في حالتنا فيبدو أن الحكومة قد وضعت نفسها مكان هذه المنظمات وأصبحت تركز على إصدار الأرقام بأفضل شكل ممكن وتركت إدارة التغيير لجهات أخرى ربما القدر!
• إدارة أزمة...أو أزمة إدارة؟
أعلنت الحكومة منذ أشهر عن عزمها لإعادة توزيع الدعم من خلال تحريك أسعار المشتقات النفطية ومنذ ذلك الحين وأسعار السلع والمنتجات أخذت بالارتفاع الجنوني وبدأت تحلق منذ أكثر من عام.
ألم يكن بالإمكان تجنيب المواطن هذه الزيادة بالأسعار باتخاذ القرار بشكل مفاجئ ودون الاعلان عن النوايا بزيادة أسعار المشتقات النفطية والذي نتج عنه تخزين كميات كبيرة سرية من المازوت للاستفادة من فارق السعر بعد إعلان التعرفة الجديدة؟
لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن سعر المازوت الحر بل صدر قرار عن وزير الاقتصاد إلى البائعين...
وهنا تبرز أهمية الحكمة بإدارة الأزمة
والسؤال المطروح هل نجحت الحكومة بإدارة الأزمة؟
وهل اتخذت الإجراءات الكفيلة لحماية المواطن من استغلال وجشع بعض ضعاف النفوس الذين استغلوا تأخر صدور التعرفة الجديدة للنقل... فبعض السائقين أو شركات النقل أضربت عن العمل, وبعضها تقاضى أجور مضاعفة أو عشوائية...
إضافة إلى حدوث أزمة الرغيف بكافة محافظات القطر نتيجة الخلل حول كيفية إيصال المازوت إلى الأفران.
إن زيادة الرواتب والأجور ليست كافية لمعالجة الأزمة الناجمة عن رفع الدعم عن المازوت لأن هذه الزيادة سوف تضاف إلى عوامل التضخم وسوف تتآكل بارتفاع الأسعار.
إن تآكل الأجور الحقيقية ولا سيما لذوي الدخل المحدود سوف يعني على مستوى الاقتصاد الكلي تقليصاُ في حجم الادخار وهو الشرط اللازم لتمويل الاستثمار كأحد عوامل النمو الاقتصادي إضافة إلى تخفيض حجم الاستهلاك الحقيقي بمعنى آخر تخفيض مستوى الرفاه الاجتماعي والاقتصادي.
وتبعاُ لذلك فإن معدل الفقر سوف يتأثر لجهة ارتفاع قيمته بانتقال العديد من الشرائح الاجتماعية التي تقع على حدود الفقر إلى خانة الفقر.
وبالنسبة لموضوع دعم التدفئة المنزلية بقسائم 1000 لتر مازوت لكل أسرة سورية دون التمييز بين الأسر التي تحتاج للدعم والأسر التي تبحث عن البطر والرفاهية, أيضاُ لم يتم التمييز بين المناطق وطبيعة المناخ الجوي...
وباعتقادي أن المشكلة الحقيقية ليست مشكلة التدفئة فالأهم أن المازوت مكون أساسي من مكونات الإنتاج والمطلوب هو البحث عن وسيلة لتخفيض تكلفة الانتاج.
• مصادر دخل الحكومة... وأوجه الإنفاق...
من أين تحصل الحكومة على إيراداتها؟ وكيف تنفقها؟ ومن هو المستفيد؟
اعتقد أن تفكيك خيوط هذه المشكلة كفيل بإيجاد الحلول الأنجع...
فالمشكلة الرئيسية لدى الحكومة هي انخفاض الدخل الناجم عن الضرائب إضافة إلى عدم وجود عدالة ضريبية فمعظم الضرائب التي تحصل عليها الحكومة مصدرها المواطنين محدودي الدخل, بينما يتهرب كبار رجال الأعمال من دفع الضرائب وهذا يجعل من دخل الحكومة الضريبي محدوداُ...
ولم تنجح الحكومة في إيجاد آليات للحد من التهرب الضريبي.
وبما أن من الصعب إلزام كبار رجال الأعمال بتغطية حصتهم من الضرائب فإن المنطق يقتضي أن يتم سحب الدعم منهم لأن الدعم هدفه اجتماعي حصراُ.
• آليات تصحيح الدعم في شقه الاجتماعي:
إن التصدي لقرار بحجم وأهمية تصحيح الدعم يحتاج لاتخاذ الاستعدادات الكافية وربما تأسيس برنامج خاص يسمح بالتصدي لحزمة المشكلات المرافقة للدعم ولعملية تصحيحه...
وبالنظر إلى الشريحة الأضعف - المواطن محدود الدخل – حريُ بالحكومة اتخاذ الإجراءات الكفيلة برفع الحيف عنه... كإحداث صندوق دعم مادي للأسر محدودة الدخل, وتحديث الخدمات الصحية, وتصحيح آليات دعم التعليم ما قبل الجامعي.
إضافة إلى إعادة النظر في النظام الضريبي وتعديل شرائح الدخل المعفاة من الضرائب بما ينسجم مع معدلات إنفاق الحد الأدنى, والحد من ضرائب المبيعات لصالح الضرائب على الأرباح الفعلية.
وتفعيل منظومة النقل الجماعي بكفاءة مرتفعة.
ومن المفيد الإشارة إلى ضرورة أن ترافق سياسة رفع الدعم عن حوامل الطاقة إلى الانتقال التدريجي إلى استخدام طاقات بديلة أقل تكلفة.
• اقتصاد السوق الاجتماعي:
ترشيد الدعم وما تلاه من أحداث يشير إلى الضجة في الشارع السوري وهي ظاهرة طبيعية نتيجة اختلاف الآراء والمصالح.
فإذا كان ما تتخذه الحكومة من إجراءات للتحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي هنا يجب البحث عن إجابة مطلوبة من الحكومة على تساؤل المواطن:
بأي معيار يمكن قياس التطورات الحاصلة حتى نتبين هل نحن نسير باتجاه جانب السوق أم الجانب الاجتماعي؟
- باستخدام معايير السوق:
تمكين القطاع الخاص في قطاعات كانت حكراً للدولة (مصارف – تأمين...), تحرير التجارة الخارجية, تحرير الأسعار, تشجيع الاستثمارات الخاصة, تخفيض العبء الضريبي...
- باستخدام معايير الجانب الاجتماعي:
هي المعايير التي تعزز دور الدولة بأدوات متنوعة مثل تعزيز الإنفاق الحكومي وضبط الأسعار وربطها بالأجور ومكافحة البطالة...
بقياس الإصلاحات التي تمت حتى اليوم وفق المعايير المذكورة نجد أن غالبيتها تمت لمصلحة السوق على حساب البعد الاجتماعي.
وهذا هو واحد من أهم مصادر الخلل الذي لا بد من إصلاحه في المستقبل القريب كي لا يتفاقم.
• سيناريو بديل:
ما سبق من شرح مستفيض حول قرار رفع الدعم وأسبابه وحتميته وتوقيته والإجراءات المرافقة وتوافقه مع التحولات الاقتصادية المحلية المرتبطة بأوضاع خارجية و.... لم يتم إيصاله إلى المواطنين بشكل صحيح.
المواطن يحتاج لتهيئة نفسية وتهدئة حتى يتقبل قراراً مجحفاً.
وهنا نستعرض سيناريو بديل ربما كان أفضل على مستوى تقبل المواطن لقرار الحكومة ولتخفيف آثار الصدمة في الأسواق:
تبدأ الحكومة بإحداث صناديق الدعم المختلفة وفق توجهاتها القطاعية وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية.. وتربط مصالح المواطنين بهذه الصناديق.
تأمين النقل الداخلي العام الجماعي بشكل لائق ومحترم وبنوعية جيدة وأسعار منافسة للقطاع الخاص بحيث تغطى حاجة المحافظات وتحل مشكلة الاختناقات.
إصدار حزمة من القرارات اللازمة المرافقة لقرار رفع الدعم... تحسين المعيشة ولقرار تعليق الاستيراد
يجب تسوية الاجور ومجاراتها لمستوى معيشة كريم
إن ترتيب الأحداث والإجراءات المرافقة لهذا القرار بطريقة مختلفة ربما كانت خففت عن المواطن معاناة كبيرة ومضاعفة مرة لأخطاء ارتكبت داخل الحكومة ومرة لظروف عالمية خارجة عن إرادة الحكومة.
فالج لا تعالج
والله للأسف خربت البلد،وين كانت سوريا ووين صارت بسبب افضال حزب البعث علينا حيث أعاد البلد 200سنة للوراء،في الخمسينيات كانت سوريا رقم7 عالميا بالمنسوجات وفي سوريا وفي تلك الفترة كان أول مصنع للكابلات في المنطقة وأول مصنع سيارات ايضا في المنطقة والبلاد العربية،أما عن الجامعات فقد كانت معترفة عالميا والتي عام 1959 اعترفت بها جامعة السوربون العريقة كجامعة متوازية معها...أما الآن فللاسف على ما فعله حزب البعث بالبلاد،فلدينا والله جميع المؤهلات لنكون في أوائل بلدان العالم.
تخبط