syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
القلب بين الرحمة و الحضارة ... بقلم : بقلم الدكتور مصطفى ماهر عطري

جاءت كلمة الرحمة من الرحم و اتسعت لها القلوب لاحتضانها حتى التي ليس بينها صلة أرحام و الحقيقة أن الله عز و جل ما خلق الإنسان ليشقى و إنما ليكون خليفته على الأرض ....


 كل شيء خلقه للتيسير و الخير في أول أمره ,و طلب من الإنسان التفكير و حسن التدبير على أساس المحبة و السلام , و لكن مع الأسف اختلفت الطباع , و تكاثرت الأطماع , و تركب البسيط و تعقد المركب ,و سار الإنسان من مدينة إلى مدينة ,حتى وصل به الأمر إلى حضارة أم المادة و الدم في القرن الحادي و العشرين و تورطنا فيها بالحروب و الفتن و الدماء و الأحقاد و تلويث البيئة و انتشرت أمراض عصرية لم تعرفها الحضارات السابقة و بدأ الإنسان سلخ إنسانية أخيه الإنسان نظراً لانتشار تجارة الأعضاء البشرية و عبادة إله المال و الذهب رغم أنف كل القيم و الأخلاق و التقاليد و رسالات الرسل و الأنبياء ؟!...

 

نعم نحن نعيش اليوم في حضارة ألبسناها لباس العنف و الإجرام و خلعنا عنها لباس المحبة و السلام لأن الحضارة الحالية غنية بالكوارث و النكبات و الزلازل و الأعاصير و انتشار الحروب المفتعلة , و شيطنة البشر و العودة إلى جاهلية أشد من الجاهلية الأولى !...

لقد فقد البشر إنسانيتهم و تآزرهم و محبتهم في أيام المصائب و المحن حتى بين أفراد الأسرة الواحدة ,فالتفت الإنسان نحو صداقة الحيوان و كان الكلب حارساً و رفيقاً و أنيساً على الطريق ...لقد قال مارك توين يوماً خذ كلباً ضالاً جائعاً و أطعمه و املأ معدته , إنه لن يعض اليد التي أحسنت إلية أبداً و هذا هو الفارق الكبير بين الناس و هذا الحيوان الوفي الأمين؟...

 

و لما ذهب نابليون ليعيش في منفاه لم يكن وحده فقد فوجئ الجميع بكلبه الصغير "لوريل" يسير وراءه إلى المنفى !..

إن جميع أهل الفكر و العلماء يطلبون من الناس الآن أن يرتدوا إلى الطبيعة الأولى ,إلى الزرع و الحصاد ,إلى اليقظة على الشمس و النوم مع غروبها و إلى الحرص على السلام و تجنب الحروب و الفتن و إلى العودة للقلوب المحبة و الوجه الباسمة .

 

ولقد كان الكاتب العالمي برناردشو معجباً طوال حياته بشخصية نبي الإنسانية محمد صلى الله عليه و سلم فكان يرى في حياته و رسالته تجسيداً للبطولة الإنسانية كما يفهمها,و لقد أراد برناردشو أن يكتب مسرحية تتناول حياة لرسول صلى الله عليه و سلم إلا أن السلطات البريطانية منعته لأن ذلك سيثير مشاعر رعاياها من المسلمين لأن الدين الإسلامي يحرم تمثيل شخصية الرسول على المسرح مع ذلك نطق برناردشو في مسرحياته بكثير من التعليقات التي تشير إلى حياة النبي الكريم فالشيخ في مسرحية (العودة إلى متوشالح) يقول عن النبي صلى الله عليه و سلم (إنه عميق الحكمة ...) كما أنه في مسرحية (القديس جان دارك )الكثير من الإشارات إلى النبي صلى الله عليه و سلم.و في قول مأثور له يقول عن النبي محمد عليه الصلاة و السلام : أما أنا فأرى واجباً أن يدعى محمد (منقذ الإنسانية )و أعتقد أن رجلاً مثله لو تولى زعامة العالم الحديث لنجح في حل مشكلاته و أحل فيه السعادة و السلام .

 

و لقد استطاع المخرج الحلبي الراحل مصطفى العقاد من خلال فيلمه الرسالة أن ينجح في إبراز دور النبي محمد صلى الله عليه و سلم في إنقاذ الإنسانية و أن يكون بحق نبي المحبة و السلام ,رغم الصعوبات التي عارضته في إخراج و تمويل هذا الفيلم بل و منعت مشيخة الأزهر أن يكون اسم الفيلم محمد رسول الله ؟!...

 

و أخيراً وضعت نقابة الأطباء في حلب كافة العراقيل أمام إقامة ندوة طبية بعنوان (معاكسة الأمراض الحضارية بالدليل الحي ) و التي كان من المقرر أن تقام بتاريخ 27 شباط 2011 ,إلا أن اللجنة الثقافية و رئيس النقابة لم يفهموا المغزى الحقيقي لأهمية تلك المحاضرة , و التي حضر من أجلها بعض المرضى الغربيين ليشهدوا على صدق العلاج ,و رغم أن هذه الندوة قد عرضت في مؤتمر موناكو العالمي للقلب في شهر تشرين الثاني 2009 م إلا أنني وجدت يومها أننا أصبحنا نقرأ الطب الـ (الطب ) من الشمال إلى اليمين فكان المعنى النهائي لذلك كلمة (بط ) فقلت في نفسي حزيناً: ماذا يعرف البط عن أهمية الماء الذي يسبح فيه طوال حياته ؟!..

 

فألغيت المحاضرة أمام دهشة المرضى الغربيين ! و هذا هو حقيقة بعض علماء الطب عندنا رغم ما تقدمه الدولة من إسهامات لرفع المستوى الصحي , و هكذا نرى دعماً لهذه الحقيقة أننا لم نفهم بعد حقيقة علاج حبة حلب (اللايشمانيا) رغم أن الطبيب البريطاني الكسندر راسل و الذي عمل في حلب لمدة 25 سنة (1742-1768) و شرح بصورة تفصيلية عن حبة حلب من خلال كتابه الشهير (التاريخ الطبيعي لحلب ) و يعتقد بعضهم أن شهرة حلب تعود لتلك الحبة ؟!.. إنها سخرية الزمن في طمس الحقائق العلمية ,علماً بأن الدكتور راسل قد اعترف أن أهالي حلب الأوائل على دراية كبيرة بتلك الحبة إلى درجة أنهم يفرقون بين جنسين رئيسيين في الحبات ,الذكر و الأنثى؟!... ولكن لم نعرف بحلب حتى الآن أن القضاء على تكاثر ذباب الرمل هو أفضل وسيلة للعلاج و لمنع انتشار هذا المرض ,نظراً لاهتمامنا بالبط أكثر من الطب ؟!.. و في حلب نرى العجب !...و أخيراً يقتضي فهم الحضارة إلى حضارة !؟...

 

2011-10-20
التعليقات
الصيدلاني محمد
2011-10-24 00:48:16
حدا ضايعلوا نمر ؟؟
لقد لفت نظري تعليقك الغريب ودفعني إلى إعادة قراء المقال من جديد ظناً مني أنني ربما أسقطت بعض السطور سهواً و لكن عندما أعدت القراءة لم أجد أي شئء في المقال يشير إلى الطب النبوي أو الحجامة أو غيرها مما ذكرت .ما علاقة الأمراض الحضارية بما ذكرت .ألا تعلم أن الأمراض الحضارية هي الأمراض الناتجة عن الحضارة الحديثة من تلوث و عادات غذائية وصحية خاطئة لاأظن أن لها علاقة بالطب النبوي لأنها لم تكن موجودة أيام النبي ص.و هل فهمت من المقال أن الكاتب يدعوإلى علاج اللشمانيا بالحجامة .شكلك أنت النقيب إلي حكا عنو

سوريا
المحامي حسام
2011-10-22 12:29:14
والله صدقت
شكرا للدكتور الماهر والمفكر على هذه المقاله التي وضع يده بها على الجرح الذى يعاني منه مجتمعنا اليوم واضيف انه علينا اليوم ان نعمل جميعا للعوده لحضارتنا وقيمنا التي ابتعدنا عنها وهذا لن يكون الا بالعمل الجاد والمخلص لبناء هذا الوطن0

سوريا
نمر وردي
2011-10-22 03:27:55
شو هاد؟
"معاكسة الأمراض الحضارية بالدليل الحي"؟؟ يعني انا مع النقابة انو تلغي هيك محاضرة... شو طب نبوي وهراطق وخزعبلات ... لايمتى هاد التخلف؟ في الماضي سمحت النقابة بالدجل تبع الحجامة وملحقاتها وصارو البعض مليونيرات من وراها وكانت اكبر غلطة للنقابة وهي نفسها اعترفت بهاد الغلط وصلحته من فترة قليلة... يا اخي في ناس للان بتدفع مصاري مشان يجي حدا ويصلي على اورامها السرطانية .. لك عم نحكي عن تكاليف اكتر من علاج حقيقي... مو معقول النصب والاحتيال لوين.

سوريا
طبيب طفران
2011-10-20 21:43:15
الله يجعلها نقابة و الله يجعلوا نقيب
عزيزي الكاتب الظاهر إنك جاي من المريخ ...شو محاضرات و ما محاضرات ...نقابتنا أكبر من هيك شغلات ..الشباب الله يعطيهم العافية مفكرين شغلتهم بس يقبضوا الرسوم آخر السنة...

سوريا
د.سامح
2011-10-20 21:35:09
حبة حلب ...
شكراً للزميل د.مصطفى على هذا المقال الرائع و شكر خاص لتنويهه إلى المشكلة القديمة المتجددة المتمثلة في حبة حلب و ما نشاهده من اهمال في علاج سبب هذه الآفة من جذورها ...يا سيدي يبدو لأن البط وقف فعلاً عاجزاً أمام هذه الذبابة ...

سوريا
طبيب
2011-10-20 10:50:48
مقالة جيدة
شكرااا لك الزميل الدكتور مصطفي ماهر عطري على هذه المقالة وحقاا بتنا في هذا الزمن لا اجتماع للقلب والعقل معا... استغرب من رد النقابة(التي يفترض انا تكون بجانبنا) هذا الموقف.. لانه للاسف اصبحت النقابات مراكز ومقاعد للتشريف اصحابهااا.... ويا ليت الاصلاح يبتذأ بالنقاباتنا.... شكرااا سيريا نيوز

سوريا