syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
أيها السوريون لا تحرقوا بلدكم، وقوداً لصراعات أمريكا و أهدافها ... بقلم : د. عبد الحميد سلوم

عندما توقفت الحرب العالمية الثانية عام 1945 في وسط برلين إعتقد العالم أن الحروب توقفت ، إلا أنه تبدى لاحقا أن الأمر  لم يكن على هذا النحو من البساطة إذ سرعان ما  نشبت حرب جديدة بين حلفاء الأمس ضد النازية


أي  الإتحاد السوفييتي وحلفائه من طرف والولايات المتحدة وحلفائها من طرف آخر عرفت بالتاريخ بالحرب الباردة بين الشيوعية  والرأسمالية استمرت 45 عاماً إلى أن تفكك الإتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات وقبلها حلف وارسو الذي كان قد تأسس عام 1955    والذي انضمت بلدانه فيما بعد إلى الحلف الأطلسي الذي تأسس عام  1949  !!!!!  .  

 

ومرة أخرى إعتَقَد العالم أن الحرب الباردة انتهت بفرط العقد السوفيتي ، واختيار كل من بلدانه طريقها المستقل الخاص وأن السلام  سيعم العالم ، إذ أن  ما كانت تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية تهديدا لم يعد قائماً !!! إلا ان هذا الاعتقاد بدا فيما بعد أنه ضرب من الوهم أيضا  إذ بدأت ترتفع أصوات في الغرب ولدى الصهاينة تقول أن العدو الحالي للغرب بعد الشيوعية أصبح الإسلام !!!! وبعد  عَقدٍ من ذلك شهدنا أحداث الحادي عشر من أيلول 2001  وانطلقت بعدها مباشرة حرب أمريكية من نوع آخر  أسمتها الولايات المتحدة الحرب ضد الإرهاب وكانت حصيلة هذه الحرب إحتلال دولتين هما أفغانستان والعراق  وتخليف الملايين من القتلى والجرحى والمشوهين والمهجرين والمعاقين  !!!!!.

 

وبعد مرور  ما يقرب العقد على هذه الحرب الأمريكية الأطلسية ضد الإرهاب  قُتل ابن لادن في عملية كوماندوز أمريكية في مخبأه في الباكستان وألقيت جثته في البحر  بحسب الرواية الأمريكية ( ولم نسمع أياً ممن ينفخون في نار الفتنة الطائفية في هذه الأمة الإعتراض على ذلك بصفة ان ابن لادن كان مسلم  ولا يجوز رمي جثته بهذا الشكل )  !!!! .

 

ومن جديد اعتقَدَ العالم أن الحروب الأمريكية انتهت . إلا أن  الولايات المتحدة خَيّبت الظن مجددا  وشرعت مرة جديدة بالتدخل العسكري المباشر تحت عناوين متعددة وكاذبة بنفس الوقت ، وإرسال قوات عسكرية ، وكما عادة الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1945 ، تحت ذريعة إما الدفاع عن النفس او لأسباب إنسانية او الحرب الوقائية أو الأمن القومي الأمريكي أو الترويج للديمقراطية والحرية !!!!!  وكان آخر هذا المسلسل المأساوي التدخل العسكري المباشر في ليبيا التي نتمنى لشعبها الشقيق التعافي  بأسرع وقت وإن كنا نعتقد أن ذلك ليس بأمر يسير ، وكذلك إرسال قوات أمريكية الى الكونغو وجنوب السودان  وافريقيا الوسطى ، وفي كل مكان تحت ذريعة مختلفة  !!! .

 

حروب الولايات المتحدة لم تنتهي ولن تنتهي إلا بالسيطرة على كل العالم إن تمكنت ، وعلى مبدأ الشاعر والفيلسوف الألماني الشهير  "غوته"  :   "إ ن كان الله غير موجود فعلينا أن نوجده"   !!!   وهكذا بالنسبة للولايات المتحدة إن كان العدو غير موجود فعليها أن  توجده !!!!  .

 

فالولايات المتحدة استبدلت آخر أعدائها لعقد من الزمن ( تنظيم القاعدة ) بعدو جديد قديم هو الصين ، والسبب في ذلك هو الخوف والخشية من هذا التنين العملاق الصاعد بنجاح باهر  الذي أصبحت الولايات المتحدة مدِينة له بالمليارات وأضحت الأصوات ترتفع لدى بعض قادة الإتحاد الأوروبي بطلب الدعم منه للتغلب على أزمتهم الإقتصادية !!!! .

 

إذاً الولايات المتحدة ترتعد من هذا التنّين الذي تمتد أذرعته الإقتصادية والتجارية والإستثمارية  والصناعية والعمرانية والخدمية والدبلوماسية والسياسية بنجاح وقوة وسلام واحترام نحو قارات العالم بدون التدخل في شؤون البلدان أو زعزعة أمنها واستقرارها  كما تفعل الولايات المتحدة !!! وهذا الخوف أشار إليه الجنرال بترايوس القائد العسكري السابق والرئيس الحالي لجهاز السي آي إيه ، وكذلك مساعد وزير الدفاع الأمريكي بريان وتمن ، وتحدثت عنه بوضوح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لدى حضورها اجتماع افريقي في نيروبي عاصمة كينيا قبل أشهر قليلة ، عندما حذّرت ، ومن شدة غيظها ،  الأفارقة من الصين مُتهمة إياها أنها تطمع بخيرات بلدانهم   !!!!   وهذا فعلاً من عجب العجائب الأمريكية  !!!!!  .

 

فالولايات المتحدة عندما  رَكِبت ما يعرف بقارب الربيع العربي رأيناها  تحمست لبعضه أكثر  بكثير  ولكن أين ؟؟  في البلدان فقط التي مازال للصين وروسيا نفوذ وعلاقات اقتصادية وتجارية قوية ، ومازالت ترفض الصعود في السفينة الأمريكية وتلتزم بتعليمات القبطان ، وللولايات المتحدة والغرب تصفية حسابات معها ، كما كانت الحالة في ليبيا وكما هي الحالة اليوم في سوريا ، ولذا لم تتحمس لليمن ولا للبحرين بمقدار 1%  بل تعتيم كامل  على كل ما يحصل في البحرين لأن تلك البلدان هي بالأساس مكان نفوذ وهيمنة وتبعية أمريكية قوية  !!!!  .

 

فتدخُلْ الناتو في ليبيا، بقرار صنعه بنفسه في مجلس الأمن الدولي ، ولم يلتزم إطلاقا  بولاية ذاك القرار وحدوده ، قد دفع بالصين إلى إجلاء 30 ألف عامل صيني من ليبيا ، بحسب ما نقلته بعض الصحف !!!  وعلينا أن نعلم أن ليبيا تحت حكم (القذافي )  كانت أكبر مُزَوِّد للصين بالفيول مقابل إقامة الطرق والجسور والسدود .. !!!!   وأن الحماس الفرنسي البارز لذاك التدخل تحدثت عنه صحيفة ليبراسيون حينما كشفت في أيلول الماضي أن المجلس الإنتقالي الليبي قد وعد فرنسا بان يكون لها حصة 35 % من إجمالي إنتاج النفط الليبي مقابل (   In Exchange   وهذا هو المصطلح الذي تم استخدامه ) الدعم الكامل والدائم للمجلس الوطني الانتقالي ..!!   وهنا لا أقصد بأي حال الدفاع عن نظام القذافي  ، الذي كان أبرز قادة المعارضة اليوم جزأ منه ، ولا عن أمزجته وتقلباته ونهجه بالحكم  بل كل ذلك  كان موضع إنتقاد  !!!  .

 

عندما كانت تحصل مشكلة في الماضي في بعض المجتمعات كانوا يقولون فورا : فَتِّش عن المرأة  !!  أما اليوم وحيث تحصل مشكلة فعلينا أن نفتِّش عن النفط !!!  وهكذا علينا أن نُفتِّش عن النفط وعن الصراع الدولي على المصالح والنفوذ لنفهم أسباب التدخل الأمريكي الأطلسي في ليبيا  وليس عن الحرية والديمقراطية  التي لم تكن سوى الذريعة !!!!  وهاهو السفير الأمريكي في ليبيا  Gene Cretz  يقولها بلا حرج  :   " نحن نعرف أن النفط هو الجوهرة  في تاج المصادر الطبيعية الليبية" !!!  والمشكلة مع الغرب  أنه يبيح لنفسه أية وسيلة من أجل مصالحه النفطية والإقتصادية ضاربا بعرض الحائط كل شيء ، بل هو يعتبر أن النفط العربي خصوصا ملكا له وأنه هو من إكتشفه ولولاه كان العرب حتى اليوم ( يتبولون ) فوقه ، كما قال أحدهم في مسرحية  (باي باي لندن ) الكويتية !!! وهذا ما عبّر عنه بوضوح مسؤول فرنسي سابق عندما صرّح ذات مرة  : " أنه  من سوء حظ الغرب أنّ نفطهم وُجِدَ تحت رمال العرب " !!!  وبذات السياق تحدث  وزير خارجية أمريكي سابق في التسعينيات وقت حصار العراق أمام وزير خارجية الهند حينئذ ، وسمعتها منه خلال محاضرة ألقاها في أبو ظبي بعد إحتلال العراق ، إذ نَقَل عن الأمريكي قوله : " إن حضارة الغرب تعتمد في 80 % منها على نفط هذه المنطقة ولن نسمح لشيطان أن يتربع عليه " !!  وطبعا هو كان يقصد الرئيس الراحل صدام حسين !!!   .

 

إن التدخل  الأطلسي والأمريكي في ليبيا وإرسال قوات للبلدان التي أسْلَفتُها ( اوغندا وجنوب السودان وافريقيا الوسطى )  قد  هيّأ الفرصة ربما أمام الولايات المتحدة لتأسيس القيادة العسكرية في افريقيا المسماة (افريكومAFRICOM )  والتي رفضتها الحكومات الأفريقية بالماضي  خوفاً من التوترات الإقليمية التي قد  تتسبب  بها ..!!!  .

 

وبحسب تسريبات ويكيليكس فإنه بموجب الخطة الإستراتيجة الأمريكية لمكافحة الإرهاب تنشط على مستوى العالم  60 الف من القوات الخاصة بما فيها فرق الموت   DEATH SQUADS   في 75 بلد ، وسيرتفع قريبا الى 120 بلد !! وطبعا بعض البلدان العربية التي تشهد توترات بتحريض أمريكي هي من بين هذه البلدان !!  وكما أشار وزير الدفاع السابق ديك تشيني في إستراتيجيته الدفاعية للتسعينيات فان الولايات المتحدة  "ترغب بأن تحكم العالم"  !!  وهي وجدت فيما يسمى الربيع العربي فرصة تاريخية ليس لخدمة الشعوب التي تعودت على قتلها منذ ايام الهنود الحمر ، وانما لخدمة استراتيجيتها تلك والإستثمار في تحركات هذه الشعوب لبسط نفوذها وسيطرتها وسياستها ونجاح مخططاتها في حكم العالم وتشكيل جبهة عريضة وواسعة بقيادتها ، وهذه المرة  بالعزف على أوتار الحرية والديمقراطية ولكن بألحان ومفردات وتوزيع وإنتاج أمريكي !!! الحرية التي تريدها الولايات المتحدة في دول وترفضها في دول اخرى  مجاورة لها ( وكأن شعوبها ليست من بني البشر ) بحسب ما تقتضيه المصالح  وليس المبادئ ، وشرط أن تكون قوى "الحرية والديمقراطية" المُعتَمدة أمريكيا في المنطقة العربية  أولا : تدور في دائرة الفلك الأمريكي لجانب بلدان الخليج وبقية الأنظمة الملكية الشمولية !!! وثانيا :  تستنكر  إطلاق صاروخ بإتجاه اسرائيل ، كما بتنا نسمع من معارضين سوريين وبالصوت العالي ممن يتهجم على صواريخ حماس والجهاد رغم أنه شاهد بأم عينيه كيف أطلق هؤلاء سراح أكثر من ألف أسير بفضل مقاومتهم وصواريخهم تلك !!! وثالثا : الإستعداد الكامل للسلام والتطبيع وبالشروط الإسرائيلية ...( وبلا مصالح وطنية وبلا  بطّيخ ) !!! ورابعا : شطب كل ما يُسَمى ثقافة مقاومة أو ثقافة قومية وعروبية أو تصدٍ لمشاريع أمريكية ، فأمريكا أصبحت "شقيقة" (كما سمعنا عدة مرات من قادة  ليبيا الجدد ) وربما الشقيقة الكبرى ، وشقيق شقيقي هو شقيقي ولذا باتت اسرائيل (الشقيقة) أيضا وليست المُحتل والغاصب ، (وبين الأهل ما فيه كلفة) !!!  .

 

لا أعتقد أن أحدا في الكون يُعادي الحرية والديمقراطية ، ولكن الكثير يُجادل أنها ليست الحرية المُمَولّة بالبترو دولار ( المعادي لكل أشكال الحرية والديمقراطية في موطنه ) والمُقَيَّدة بشروط أمريكا ، وهي من تُحدد  سقفها وتوجهاتها وترسم أبعادها وأهدافها وتنتقي قَبَضاياتها من حملة الجنسيات الغربية الذين لا يعرف أبنائهم ربما اللغة العربية ، ولا يعرفون سورية .. !! فهذه مشاريع فتنة وحروب داخلية  وكانتونات ليس إلا !!!!

 

وهذا ما تريده الولايات المتحدة والشواهد ماثلة أمامنا  !!!!  وهناك أيضا من يُجادل لماذا لم نسمع في هذا الربيع العربي كلمة أو جملة أو موقف ضد اسرائيل ؟ ولماذا المتظاهرون في بعض الأماكن سعيدون جدا على نهاية معمر القذافي وحزينون جدا على نهاية صدام حسين ؟ ولماذا يدعمون الثورة في اليمن ويتجاهلون كلياً الثورة في البحرين ؟؟!! . وهذا بحسب العديدين يطرح تساؤلات عديدة عن ماهية هذه التظاهرات وغاياتها  !!! ..

 

الجميع يعلم أن ما يهم الولايات المتحدة في منطقتنا هو النفط وأمن إسرائيل ومستقبلها ، ومحاصرة النفوذ الصيني المتصاعد وما تبقى من أماكن نفوذ روسي وخاصة في مناطق احتياطات النفط الكبيرة  كما افريقيا والشرق الاوسط وآسيا الوسطى !!!  وقد إتّبعت الولايات المتحدة استراتيجية قديمة جديدة في خططها الجديدة   وهذه المرة بالدعم المباشر للقوى الدينية التي تحظى بمباركة  أمريكية المدعومة سَلَفا من المؤسسات الدينية المتطرفة والتكفيرية ، مع صبغها ببعض المساحيق  العَلمانية والليبرالية، لتمكينها من استلام زمام الحكم في بلدانها وهذا كانت تعارضه الولايات المتحدة في الماضي وتخشاه حتى وقت قريب إلا أنها باتت على ما يبدو تعتقد أن القوى الدينية المقصودة  هي أربح ما يمكن الإستثمار به ، كما حصل في زمن الحرب الباردة ولدى مواجهة السوفييت بأفغانستان، وذلك إلى جانب الأنظمة الملكية الشمولية الدائرة في الفلك الأمريكي ، لاسيما أن هذه القوى لديها حساسية خاصة من الصين كبلد مازال ينتهج الآيدلوجية الشيوعية وكذلك من روسيا بسبب التوترات والأعمال العسكرية في بعض الجمهوريات الروسية المسلمة كما الشيشان والداغستان وانغوشيا ، وهذه كلها تقع في شمال القوقاز الروسي .!!!

 

 هذا فضلا عن أن هذه القوى الدينية  المعنية  يمكن الرهان عليها في ضرب ما تبقى من إرث قومي وعروبي ما زالت سورية حاملة له !!! ولو أن الولايات المتحدة لديها قليل من الشك أن هذه القوى ستلتَفُّ حول برنامج  المقاومة ضد اسرائيل لإستبعدتها ونعتَتْها بما تنعت به حماس وحزب الله بالإرهابيين وليس (المقاتلين من أجل الحرية ) !!!!  وسأشير هنا إلى ما قرأته في بعض التعليقات ، أن بعض رجال الدين حَوّلوا الاسلام الى بورصة دينية للفتاوى و للولايات المتحدة  كما بورصة  وول ستريت المالية ، تستثمر فيها كيفما تشاء ، فيوماً  تحارب الإسلام والمسلمين والحركات الاسلامية وتنبذها متهمة إياها بالإرهاب أو التطرف ،  ويوماً آخراً تقترب منها وتُقَربها وتراهن عليها  بحسب البورصة  !!!!  .

 

وإن سعي الولايات المتحدة لتمكين بعض القوى الدينية الداعمة لها في بعض البلدان العربية من استلام زمام الأمور مع تطعيمها ببعض العَلمانيين  سيجعلها بطبيعية الحال رهينة للفضل الأمريكي عليها وداعمة للسياسات والخطط الأمريكية ( والإنسان عبد الإحسان ) ، فالمعادلة واضحة  وغير قابلة  للتعديل لديها  !!!   ويبدو ان الولايات المتحدة توصلت مع هذه القوى  الى اتفاق حول هذه المعادلة   وذلك بحسب العديد من التحليلات  !!!!  .

 

ومن هنا  شاهدنا ونشاهد كيف ان التناغم والتنسيق متكامل وعلى أشدّه  بين الولايات المتحدة والقوى الدينية المعنية وبعض البلدان الخليجية ضد الأنظمة التي عاندت وتعاند السياسات الأمريكية في المنطقة بينما هذا التنسيق والتناغم لم يكن قائماً إطلاقا في حالة البلدان التي كانت أنظمتها تسير في الفلك الأمريكي مع بلدان الخليج  ، كما مصر وتونس ، بل العكس بلدان الخليج قَلِقَت من تغيير الرئيسَين المصري والتونسي غير أنها  سعت بعد ذلك مع الولايات المتحدة لتقوية ودعم القوى الدينية المرتبطة بها لإحتلال الصدارة وركوب  الموجة  !!!  .

 

إذاً عادت الولايات المتحدة مجدداً لتُنتج وتشكل من بعض الأطراف الدينية والخليجية وتركيا جبهة جديدة تريدها الولايات المتحدة سندا لصراعاتها وأهدافها ،  وكأن التاريخ يعيد نفسه لدى مواجهة الخطر الشيوعي السوفييتي ، وهذه المرة  المستهدَف أولا هو الصين وروسيا !!!  وكل ذلك لن يكون إلا على حساب المصالح القومية العربية  ووحدة شعوبها وبلدانها وحرفها بالكامل عن قضاياها القومية وفي مقدمتها قضية فلسطين  ، وعن عدو العرب الأول ، اسرائيل  !!!  .

 

ان الصين وروسيا تدركان كلية أبعاد اللعبة والمخططات الأمريكية وتدركان أيضاً ان من أهداف الولايات المتحدة من ركوب موجة الحراك العربي  هو تحجيم وتقليص دور الصين وروسيا في المنطقة العربية ... ولذا لم يسمحا بتمرير قرار  في مجلس الأمن  ضد سورية لا سيما بعد أن تأكدت لهما نوايا الولايات المتحدة في ليبيا  !!!!  وسبق أن كانت الصين أول من نادى بعالم متعدد القطبية وعمّقت من العلاقات بينها وبين روسيا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية .... فهما تدركان جيداً أهداف الولايات المتحدة  في  تطويقهما ، فضلاً عن المعاداة لإيران والتربص بها كونها عقبة أمام المشاريع الصهيو           أمريكية !! وكان احتلال افغانستان والعراق جزأ من هذا المخطط وكذلك نصب الدرع الصاروخي بشرق أوروبا والرادارات في تركيا والتخطيط لضم بلدان في  ظَهر  روسيا كما جورجيا وأذربيجان لحلف الناتو ، وكل ذلك يأتي في سياق هذا المخطط المتكامل عالميا  !!!!!  .

 

ومرة أخرى أناشد أبناء شعبي السوري الغالي بأن لا نجعل من أنفسنا وقوداً لمخططات ومشاريع أمريكا وحلفائها وتابعيها ،فهي لا تريد لنا الخير ، وإلا ما كانت مُتحيزة بالمطلق لصالح إسرائيل والصهاينة ومعادية بالمطلق لفلسطين والعرب ... وسأقتبس من بعض التعليقات التي قرأتها في أحد المواقع ما يلي : "" حيث تضع الولايات المتحدة يدها فهذا يعني ان أصابع الشيطان تحرث و تعبث وتلهو وتسرح وتعمل وتلعب ... بل أن الشيطان إعترض عند ربه وطلب إعفائه من وظيفته ، وحينما سأله عن السبب أجاب : لم تعد مكائدي وحيَلي وشروري شيئاً امام مكائد الولايات المتحدة وحيَلها وشرورها وقد تحولتُ الى شيطان قزم لا حول ولا قوة له أمام ذاك الشيطان العملاق ولهذا أرغب بالإستقالة من وظيفتي ""!!!!

 

  فلا أحد يريد معاداة الولايات المتحدة ولكن نريدها أن تقينا شرورها ليس إلا !!!  ولنتقي الله في وطننا وشعبنا ونجلس سوية لنستعرض كل مشاكلنا  وهمومنا بوضوح وصراحة ، ونجد حلولا لها بأنفسنا ، وإن لم  نستطع ذلك بأنفسنا فلا نتوقع من الخارج  أن يجد لنا حلولا حتى  لو كان مُلتَفا  بمائة عباءة عربية !!! فالخارج يعمل من أجل أهداف الخارج مُستَثمِرا بالجراح الداخلية النازفة ،  والجميع يلحظ أنه كلما مالت الأمور نحو التهدئة كلما إزداد التحريض والتدخل الخارجي !!!! وهذا يعني ببساطة أن الخارج بات يلعب بشكل خطير في الداخل السوري وهذا أمر خطير وغير مقبول لأنه لن يقود إلا إلى حالة خطيرة  يجب أن نعمل جميعا بمسؤولية وجدّية لتفاديها فلا نحرق بيتنا السوري لا سمح الله ، فحينها لن ينجو أحد !!!.  فالجميع مُتفق أن هناك أخطاء وفساد وتقصير وسلبيات متراكمة على مدى سنين ،، ومُتفق أيضاً أن الإصلاح ضروري ومُلِحٌّ على كافة الأصعدة  والإنتقال نحو الديمقراطية هو الهدف  للجميع، والخلاف هو على الكيفية والمقاربة ، ومطلوب من الجميع  مقاربات منطقية وعقلانية تقود البلد الى مرسى آمن وسالم  والإبتعاد عن العناد والتعنت والشعارات المتطرفة التي تُفرِّق ولا تُوحِّد  وتؤدي إلى الهلاك وليس الخلاص !!!  فالحل في الحالة السورية ليس في الشارع  وإنما على مائدة الحوار  ، إلا إنْ كان هناك من يريد أخذ البلد إلى المجهول وتحويلها إلى حالة صومالية ، لا سمح الله !! .

  يقول الكاتب الثائر فرانتس فانون ، وهو من جزيرة  المارتينيك ، المستعمرَة الفرنسية في البحر الكاريبي ويتحدر من أصول افريقية ، في كتابه (جِلد أسوَد وأقنعة بيضاء BLACK SKIN… WHITE MASKS ) الصادر عام 1952 : لا يهم كثيراً ما هو لون جِلدك وإنما القوى التي تخدمها والملايين التي تَخُونها !!!  وأنا لست في موقع التخوين  لأحد على مساحة الوطن العربي ، ولكن  من يخدم مصالح القوى الخارجية ، أياً  كان وأياً كانت ، عن عمدٍ أو عن جهلٍ ، كيف له أن يكون مع الملايين من أبناء شعبه وأمته  !!! ؟؟ .

2011-11-23
التعليقات
لينا نيا
2011-11-25 10:14:36
إلى الاخ Mekan
أقدر لك تعليقك، ولكنك للأسف فهمتني غلط، أولاً أنا لا أعتبر نفسي سوى مواطنه سوريه كعامه الشعب وليست لدي الثقافه التي تتصورها، أنا كان تعليقي فقط على القبول بالتدخل الخارجي من بعض المواطنين اللذين لا يعلمون او يقدرون حجم الضرر الذي سوف يحل ببلدنا إذا أصبح هناك تدخل خارجي،بالنسبه لسؤالك الأخير عن أخطاء الدوله فلا شك بأن هناك الكثير من الأخطاء المقترفه بحق المواصن والتي للأسف مازالت موجوده، ولكنني وللأمانه غير قادره للإجابه لأنني نفسي لاأعلم، لكن فقط أعلم بأنه هنا نتكلم عن أشخاص أخطؤوا في حقنا وبالت

سوريا
دكتورة ملتاعة
2011-11-24 20:12:00
أستغيث معك
شكرا" للدكتور لفكره و لمقالته الملمة والمتناسقة والمستوعبة كل الاوضاع ......أضم صوتي لصوتك باستغاثة للسوريون......" أيها السوريون لا تحرقوا بلدكم، وقوداً لصراعات أمريكا و أهدافها "

سوريا
mekan
2011-11-24 06:38:36
الى اخت لينا
موامرة, مقاومة, تطبيع, ممانعة, عدم خراب الوطن, حرب اهلية في شي كمان انا نسيتو طيب اخت لينا معروف انو في علم النفس لما الطفل (و خديني على اد عقلي ) لما ما بيفهم على الاستاذ او المدرب بحاول المدرب انو يغير شوي من تقنيات التعليم تبعو و على اعتبار انو نحنا اطفال في فهم يلي عم يصير في الوطن و الامور هي كلها ليش حضرتكن انتو المثقفين و النخبويين ما فهمتو للشعب كل هالحكي هاد ممكن اسالك شو كانت عم تعمل 3 حكومات متتالية اجت من 11 سنة لهلا شو كانت عم تعمل نايمة يعني بشو كانو مشغولين بالله

سوريا
لينا نيا
2011-11-23 22:22:02
إلى المغترب‌ مع إحترامي
مع أحترامي للجميع فأنا‌أسألك‌ هل ‌تتمتع بكل‌ حريتك و كرامتك‌ في بلد الغربه لاأريدك أن‌ تجاوبني أريدك‌أن تجاوب نفسك لأنني عشت في الغربه مده عشرين عاما في أرقى دول أوروبا وأعلم عن ما أتكلم أنت‌ أستاذي يا إما مازلت جديدا في الغربه أو مر على غربتك زمن طويل أنساك التاريخ بمجمله وأنساك أن تحترم طريقه كلامك عن بلدك ومع أبناء وطنك هذأ إذا كنت سوريا

سوريا
مجدي
2011-11-23 14:53:26
الشكر
شكرا جزيلا الى الكاتب واريد ان اقول خير الكلام ما قل ودل الكلام المكتوب معانيه لا تقدر بثمن ................شكرا

سوريا
مغترب
2011-11-23 13:13:57
أعطنا كرامة في بلدنا ثم دعنا نتحدث
وكأننا محور العالم ولم يظل لأمريكا هم غير سوريا. يا رجل متى سيكبر عقلكم؟

سوريا
لينا نيا
2011-11-23 10:13:11
المشكله مو هون
أستاذي أقدر لك هذا التوضيح الصريح ولكن المشكله هي أن الطبقه التي تستخدم الإنترنت وتقرأ مقالات كماقالاتك هم طبقه مؤهله لأن تستوعب وأن تفهم حقيقه مايجري وهؤلاء أكثر الناس رفضاً للتدخل الخارجي ولكن المصيبه الحقيقيه هي في هؤلاء الناس الذين لايوجد لديهم اي قابليه لقرائة أو فهم أي تحليلات مهما كانت مقنعة هؤلاء من هم الخطر الكبير في بلدنا لأن جهلهم يسوقهم إلى الإعتقاد بأن التدخل الخارجي هو الحل، أنا شخصياً فقدت الأمل بإقناع هذه الطبقه بحقيقه مايجري و بكل صراحه وللأسف اشعر أحياناً كأنني أتكلم [مع حيط]

سوريا