syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
مشروعان، أيهما سينتصر؟ ...بقلم : د.قدري جميل

تتوالى فصول الأزمة السورية تباعاً.. وإذا كان الغرب الإمبريالي قد استعصى عليه التدخل العسكري المباشر بسبب التطورات الجديدة في الوضع الدولي، وأبرزها بروز الموقف الروسي والصيني المستقل


الذي كان تعبيراً أولياً عن انتهاء حقبة دولية ابتدأت في أوائل التسعينيات بمحاولة فرض القطب الأوحد عالمياً، فإن هذا الاتجاه في التطور أكد نفسه خلال الفترة القصيرة الماضية، ودفع بالمثال السوري كي يكون مختلفاً ومتميزاً عن النموذج اليوغوسلافي والعراقي والليبي، ويتحول بالتالي إلى فاتحة لعصر جديد تكسر فيه الهيمنة الإمبريالية الأمريكية- الغربية.

 

وهذا المثال مرشح كي يتحول إلى نموذج جديد إذا توافرت فيه العناصر الضرورية الأخرى، وخاصةً الداخلية منها، التي إذا استفادت من نشوء لحظة تاريخية عالمية جديدة فإنها سترتقي إلى مستوى نموذج جذاب وفاعل وقادر على أن يتحول إلى نموذج معد..

 

وحتى في الجامعة العربية لم تستطع حتى الآن القوى الملتحقة بالغرب الإمبريالي أن تنفذ ما طُلب منها، وهذا دليل على امتداد الاستعصاء نفسه على المستوى الإقليمي.

 

أي إن المشروع الغربي- الصهيوني المدعوم من الرجعية العربية الذي يحاول أن يتنكر تحت ستار الدفاع عن الديمقراطية وحماية المدنيين، والذي يهدف فعلياً إلى الفتك ببؤر المقاومة والممانعة في المنطقة، قد دخل مرحلة التعثر، ولكنه كي يصل إلى مرحلة الهزيمة النهائية لابد من فضح وتعرية القوى التي تمثله داخلياً وتحمل مشروعه، وخاصةً في وعي المجتمع السوري، كي يستطيع أن يأخذ موقفاً نهائياً منها، وأن يصفيها.

 

إن المشروع اللاوطني الخياني داخلياً قد استند موضوعياً في نشاطه وتأثيره على عاملين: الأول هو الدعم الخارجي السياسي والإعلامي والمادي على أمل الوصول إلى الدعم العسكري؛ والثاني هو أخطاء النظام في معالجة الأزمة..

 

إن إسقاط المشروع اللاوطني الخياني نهائياً يتطلب إلغاء هذين العاملين.. بالنسبة للعامل الخارجي فقد وصل إلى نقطة استحالة الدعم العسكري الخارجي والغربي تحديداً، بسبب الأوضاع المستجدة على الساحة الدولية، وهو سيحاول الاستعاضة عنه بتدخل خارجي عسكري من نوع آخر قد لا يكون غربياً مباشراً هذه المرة، وهو أمر تعترضه صعوبات كبيرة وستكون آثاره السلبية على أصحابه أكثر من آثاره السلبية على المستهدف منه إن حصل، مع كل تداعيات هذا الأمر على المنطقة برمتها وتركيبة أنظمتها السياسية في الأفق المنظور.

 

وإن لم يحصل، فإن التدخل العسكري سيأخذ أشكالاً غير مباشرة أكثر عبر دعم العنف والتسلح والمسلحين من كل شاكلة ولون، ما سيدفع الأزمة السورية إلى الامتداد زمنياً.

 

عند ذلك سيصبح موقف ودور النظام والمجتمع حاسماً في حسم الأزمة، ولمصلحة من؟

إن أخطاء النظام في معالجة الأزمة منذ بدايتها، عقّدت الأمور وأطالت الأزمة.. فالمسلحون قبل أن يكونوا ظاهرةً أمنية- عسكرية، هم ظاهرة اجتماعية، والقضاء عليهم نهائياً لا يتم إلاّ بكسب بيئتهم نهائياً، أما محاولة القضاء عليهم دون الأخذ بالحسبان بيئتهم فهو أقصر طريق لزيادتهم وتقويتهم، لذلك فكسب بيئتهم سياسياً- اجتماعياً والقضاء عليهم أمنياً- عسكرياً، هو الضمانة لإسقاط المشروع اللاوطني الخياني بشكل كامل.

 

لذلك فالمشروع الوطني لمواجهة المشروع اللاوطني هو مشروع سياسي- اجتماعي قبل أن يكون إجراءات أمنية- عسكرية.. وهذا المشروع السياسي- الاجتماعي لا يمكن أن يظهر إلاّ بالقطيعة التامة مع سياسات النظام الاقتصادية- الاجتماعية نفسها ما قبل الأزمة، أي إحداث انعطاف جذري في هذا المجال.

وهذا الأمر لا يمكن أن يتم دون إجراءات سياسية- اجتماعية جريئة تصب في هذا الاتجاه، وتتلخص في إبعاد القوى الاقتصادية- الاجتماعية المستفيدة من تلك المرحلة والمفرخة للأزمة، المصرة اليوم على حلها الأمني أحادي الجانب، لأنه طريقتها الوحيدة كي لا تتضرر مصالحها الاجتماعية- الاقتصادية الضيقة المعادية لمصالح الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

 

والخلاصة، فإن المشروع الوطني هو مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي، والمشروع اللاوطني الخياني هو مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي.

لذلك فإن المخرج الوحيد اليوم هو السير نحو حكومة وطنية تحمل مشروعاً سياسياً ديمقراطياً جوهره الدفاع عن الوطن وحماية الوحدة الوطنية وما يطابقه اقتصادياً واجتماعياً باتجاه مصلحة الجماهير الواسعة، والقوى التي تحمل هذا المشروع موجودة موضوعياً في النظام والمعارضة، وحول حكومة كهذه يمكن أن يلتف الشعب ويتم إسقاط المشروع اللاوطني نهائياً..

 

2011-12-13
التعليقات
سوري
2011-12-15 10:21:30
احترنا معاك
في احد الايام كنت اتبع برنامجا على قناة الجديد شارك به السيد قدري جميل , كان بصفة معارض وشارك معه بالحوار اخد محللي النظام وشخص لبناني ( على اساس مستقل ) المهم احد الاسئلة قال المحلل البناني انو مافي جماعات مسلحة بالدرجة التي يروج لها النظام فقاطعه السيد قدري جميل ونافيا ذلك ومؤكدا على وجود عدد كبير من العصابات المسلحة , فتعرفو شو جاوبو المزيع ؟؟؟؟ قالو انتي صرت موالات والسيد المحلل البناني صار معارضة !!!! فالله يخليك يا دكتور ارسيلك على بر ولا تدمر مستقبلك مو حلوة بحقك .

سوريا
من طلابك
2011-12-14 17:17:15
نقد للدكتور المحترم
كنت يا دكتور قدري أفتخر أنني من الطلاب الذين تخرجوا على يديك وخاصة في دبلوم التخطيط وكنا نسمع منك أثناء أسلوب مميز في الداء والسرطان المزمن في مشكلة سوريا وكنت لا تؤمن حتى بمفهوم الاصلاح بل كنت تنادي بالانقلاب على والواقع المزري لاقتصادنا بسبب السياسات الفاشلة ولكن في الأحداث تفاجئنا بموقفك والذي كنا نتوقع أنك ستكون في مقدمة المعرضين وأنك ستقف حتى ضد الحوار و.... واعتذر منك يا دكتور المحترم على ما كتبته من نقد ولكن من محبتي لك نرجوك أن لا تدمر تاريخك وأن تحافظ عليه

سوريا
مجد العربي
2011-12-14 12:53:10
من يسمع من العرعور و القرضاوي لا يسمع صوت العقل
في هذا المقال تجاهل لمن يوقدون جذوة الفتنة الطائفية و يجب التاكيد دائما على ان وجود الحماية الأمنية للناس ضروري لان هناك من ينتظرنا في الخارج ليستغل الظروف و يشعل الفتنة فكل ما يهمهم هو طائفة الرئيس

سوريا
عهد ابراهيم
2011-12-14 12:45:48
حقبة جديدة
نحن أمام حقبة جديدة لم تكن بحسبان الدول الإستعمارية وذيولها بعض الدول العربية , والمعارضة اللاوطنية المتآمرة والمدفوع ثمنها أصبحت غير مشرفة حتى عند من كانوا يدعموها وقد علقوا عليها آمالاً أصبحت كالسراب , ومنذ بداية الأزمة ذكرت في إحدى مقالاتي أنه سيأتي يوم لن نسمع فيه صوت هذه المعارضة اللاوطنية وستتخلى عنها كل الدول التي دعمتها وهذا ما نحن فيه الآن , ويجب القضاء على المسلحين حالياً حتى لا تنشغل الدولة فيما بعد بهم وخاصة أمام هذه الإصلاحات التي تقوم بها حتى لا نعاني من ميليشيات مثل ليبية وشكرا.

سوريا
زهرة
2011-12-14 11:23:56
هل لديكالحق
ليس لك الحق في تحديد من الوطني ومن الخائن لان البعض قد يعتبرك لا وطني مرتبط بالمشروع الروسي مثلا لذلك علينا اولا الاتفاق على ما يحقق مصلحة الوطن وسيادته وكرامة مواطنيه جميعا دون تفرقه دون مصالح لاحد اليس الغريب وجود كثير من الاحزاب ترفع شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية لكنها تخون الغير عندما يتظاهر مناديا بالحرية والكرامة ويبرر للسلطة سحقهم وقمعهم وكم الافواه

سوريا
morad
2011-12-14 10:26:08
للسوريين
ما أحوجنا لأمثالك من العقلاء كي نستطيع تجاوز الأزمة

سوريا
bassel
2011-12-13 19:34:46

و الله حيرتنا انت معارضة ولا موالاة مع مين بتتصنف !!!!

سوريا
خالد نعمة
2011-12-13 19:16:37
الحامل الحقيقي للمشروع الوطني
كي ينجح المشروع الوطني في مواجهة المشروع اللاوطني، لا بد أيضاً من تحالف قوى اليسار في جبهة واحدة، لأن الحامل الحقيقي لهذا المشروع الوطني هو قوى اليسار الحقيقية المبعثرة الآن بين جبهة السلطة وخارجها. ودون هذا التحالف اليساري الواسع الطيف، الذي لا قيود فيه على مشاركة الآخرين من ذوي الرأي المختلف، فإنه لا أمل كبير بنجاح المشروع الوطني، وستبقى كل نجاحات تحصل، لو حصلت، محدودة وغير محصنة.

سوريا
Someone
2011-12-13 14:31:33
Ostaz Kadri
والله يا قدري بيك ماني شايف أي ربط بين مقدماتك الأيديولوجية و خطابك اليساري التحليلي و بين نتائجك حول الحكومة الوطنية أي ربط... يا عمي مو زابطة معك مسكة العصا من النص.. خود شي موقف أكثر مصداقية وواقعية و بلالك هـاد الخطاب الفوقاني..

سوريا
دبور
2011-12-13 14:30:32
صحيح..وتحية كبيرة لك
لا بد من قصاص لمن كان يقنعنا بأننا بخير ونحن لسنا كذلك بيوم من الايام!و الحقيقة هي بأنه كان ولمدة عقود رغم الخطط الخمسية والعشرية- لفريق اقتصادي- كان يلعب بنا كالكرة وهو لا يستحق أن يكون بأحسن حالاته (فريق حارة) ..! لم تعد المسألة بسيطة كما نظن..! فحين تصبح الخيانة وجهة نظر!! و يصبح رغيف الخبز..حلم للبشر..!!يصبح الشعار:الشعب.. يريد.. تربية من جديد..!

سوريا
نسر
2011-12-13 09:26:22
المواقف
عندما يتعلق الامر بالوطن ويكون هناك تناقض فرعي وتناقض رئيس يتم تجميد التناقض الفرعي حتى الانتهاء من التناقض الرئيس وكل انسان واعي يدرك ان المعادله هي حرب على موقف وموقع وفاعلية سوريا وهو ليس الوقت لكيل التهم لمن دافع ولا يزال يدافع عن الوطن وفي اي دوله ليس هناك مدينه فاضله ولكل خشب سوسه وللحديد صدأه ولكن ان لا نستسلم للسوس ولا للصدأ وكثيرا ما تكون القيادات التي يفترض ان تدافع عن حقوق الوطن او الشعب حريصة على مكاسبها ومواقعها والدفاع عن نشر قطر لصورة خريطة فلسطين المشوهه من جناحي السلطه امر معيب

سوريا