syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
لُغْـــــــزُ العـــراق ؟ الحلقة (3) الجزء الأول _أ_... بقلم : :نصر زينو

دراسة تحليلية

 الجزء الأول: الحرب على العراق – أسباب وسير الأحداث


أولاً: حيثيات ونتائج أولية

 

سبق وتحدثنا في الحلقتين الدراسيتين السابقتين من لغز العراق 1و2 عن الحرب الأمريكية، التي شنتها وحلفاؤها على العراق، هذه الحرب غير القانونية وغير الشرعية، حتى باعتراف الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان بذلك، ( والذي بسبب ذلك أقامت أمريكا الدنيا عليه ولم تقعدها.... )

 

لا بل كانت ببساطة حرباً بربرية ووحشية وهمجية، وغير أخلاقية أيضاً. على شعب آمن وسالم، تحت حجج وذرائع اقل ما يقال فيها أنها كاذبة بامتياز. بالإضافة لما رافق ذلك من أباطيل وأضاليل، حاولت أمريكا بها، تضليل العالم عن الحقيقية، في جهات العالم الأربع، حكومات وشعوباً بما فيها شعبها نفسه. ثبت بالأدلة القاطعة بطلانها ونفي وجودها، ولا حتى اثر لهذا الوجود، ولا لما ادعوا ويدعون زوراً وبهتاناً. فلا أسلحة دمار شامل وجدوا في العراق، والتي كانت المبرر الرئيس لإعلان الحرب، وهم يعلمون ذلك علم اليقين، فوكالة الطاقة الذرية نَفَت وجود أسلحة نووية في العراق، بما في ذلك البرامج والأدوات والوسائل، ونفت إمكانية النهوض بذلك من جديد، لعدم توفر الإمكانات المطلوبة، ولوجود مراقبة دقيقة ومستمرة ودائمة للمؤسسات والمنشآت والمصانع ذات الشأن، بالإضافة لقيام فرق التفتيش بتدمير كامل مخزون العراق من الأسلحة الكيميائية والجرثومية وبشكل نهائي  وذلك حتى قبل العدوان الأمريكاني البريطاني عام 1998 على العراق، وقد أثبتت فرق التفتيش التي شكلتها قيادة الحرب بعد احتلال العراق، وجابت البلاد طولاً وعرضاً وأخذت وقتها الكافي لتنفيذ تفتيشها الدقيق والشامل والمستمر، وأعلنت بكل موضوعية وصراحة عدم عثورها لأي اثر لأسلحة الدمار الشامل إطلاقاً، مؤكدة ما أعلنه كبير المفتشين الدوليين هانز بليكس بهذا الشأن... وحديثاً جداً وبشكل كامل أعلن البيت الأبيض الأمريكي يوم أمس 12/1/2005 انتهاء عمليات التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، وعدم العثور على أي اثر لوجود هذه الأسلحة فيه بشكل نهائي وقطعي.... بعد أن أعلن بهدوء فريق (ميتش) العراق برئاسة تشارلز وولغرد المؤلف من 200 خبير وعالم انتهاء التفتيش والبحث، التي استمرت لما يقارب العامين، شملت جميع الأماكن المختارة في كافة أنحاء البلاد، وبكل حرية وموضوعية ودقة. وفي أي وقت شاء وبأي وسيلة وأداة واسلوب اعتمد، ولم يتم العثور على أسلحة دمار شامل في العراق.  

 

واستغل الديمقراطيون هذا الإعلان النهائي، وتساءلوا إذن لماذا قامت الحرب طالما ليس هناك أسلحة دمار شامل، ولا يوجد خطر جدي على الولايات المتحدة وكلفت ملايين الدولارات، وزُهقت فيها آلاف الأرواح، لذلك لابد من تقديم تفسير لهذه الحرب الخاطئة ...؟ ورغم ذلك وبعده أعلن الرئيس الأمريكي بوش الابن، بان الحرب على العراق كانت تستحق التضحية، ولا بد منها، وصحيحة بالنتيجة .... لكنهم رغم هذا الإعلان الواضح تركوا الباب، في هذا المجال، مفتوحاً لاستمرار التضليل المتعمد. هذا بالإضافة لما قام به العراق ذاتياً بتدمير ما طًلب منه من أسلحته، واستمراره بتدمير صواريخه لمجرد مخالفتها المدى المسموح به بـ 50-150كم حتى بدء الحرب عليه، وكان كما هو معروف، قد قدم تقريراً شاملاً ودقيقاً وصادقاً لما لديه من أسلحة وبرامجها، وكميتها، وأماكنها .... الخ للأمم المتحدة

 

 كل ذلك لم ينفع في ردع أمريكا من شن الحرب، مستخدمة تقارير مخابراتها المضللة، وتقارير المخابرات البريطانية، ورئيس حكومتها السيد طوني بلير الذي أعلن بتقريره الشهير في أيلول 2002، أن العراق قادر في غضون 45 دقيقة على إطلاق أسلحة دمار شامل، على بريطانيا، أو على الأقل إطلاق صواريخ بالستيه قادرة على تدمير قواعدنا في قبرص ( لها قاعدتان ). واستناداً لهذا التقرير أصدرت الحكومة البريطانية تحذيراً بهذا الشأن بالشهر نفسه، والذي أثار جدلاً واسعاً، في بريطانيا . وقد وصف باتلر هذا التحذير " بأنه ادعاء لا يقوم على معلومات لها مصداقية " وقد اعترف بلير صراحة بان الأدلة على وجود أسلـحة تدمير شامل لدى صدام " كانت بالفعل اقل يقينيـه؟ " وان مصادر المعلومات حولهــــــا " كانت اضعف " مما تم الإعلان عنه في ذلك الوقت، لكنه أكد أن النظام العراقي " كان يعتزم ويسعى لامتلاك هذه الأسلحة " رافضاً الاعتراف بان الحرب على العراق كانت غير شرعية .... وقد أعرب عن اعتقاده وسط انتقادات المعارضين للحرب داخل البرلمان، بأنه كان يتوقع العثور على " أسلحة كيماوية وبيولوجية فعلية يمكن استخدامها عند دخولنا الحرب ". وقد أعرب اندر موري زعيم تحالف أوقفوا الحرب " عن اعتقاده بان الشعب البريطاني لن يغير موقفه المعارض للحرب التي جر بلير بريطانيا إليها تنفيذاً لوعده لبوش بالمشاركة فيها " وطالب بلير بالاستقالة من رئاسة الحكومة .... وبالمناسبة، أقول انه من حسن حظ العالم المعارض للحرب، والعرب والمسلمين خاصة. انه كانت في أمريكا حملة انتخابية حامية الوطيس لانتخاب الرئيس، خلال عمليات التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل، وإلا كانت أمريكا زرعتها في أماكن مختلفة من البلاد، ومن ثم وجدتها،

 

لإثبات صدقيتها بإعلان هذه الحرب، وأنها كانت حرباً مشروعة ومبررة، وطبعاً هي قادرة على ذلك .... ولا رادع أخلاقي يمنعها، فالحرب بالأساس كلها غير أخلاقية كما أسلفت ....

 

- هذا بالإضافة لبطلان الادعاء الكاذب الآخر للحرب، وهو وجود علاقة لنظام صدام مع تنظيم القاعدة، المسؤول عن أحداث 11 أيلول كما ادعوا ... رغم معرفتهم الأكيدة على أن النظام العراقي وعلى رأسه صدام، على نقيض تماماً فكرياً وعقائدياً واستراتيجياً، مع ما يؤمن به زعيم القاعدة (أسامة بن لادن) وأتباعه ومؤيديه، بالإضافة للتناقض الحقيقي في العمل والسلوك والتعامل والحكم ... فهذا رغم ادعائه الإيمان بدين الإسلام، إلا انه بتصرفاته وتصريحاته لا يمت للإسلام وحضارته الإنسانية القائمة على التسامح والمحبة والتعاون، وتقديس النفس والروح الإنسانية، وتحريم قتلها إلا بالحق، فأين الحق من بن لادن هذا ؟!! ورغم ذلك لم تعثر قوات الاحتلال على أي وثيقة أو دليل، أو شاهد، على وجود علاقة بين صدام والقاعدة .. وقد نفى وزير خارجية أمريكا نفسها وغيره من المسؤولين الأمريكان وجود مثل هذه العلاقة قطعياً، لكنهم رغم ذلك ما يزالون يرددون هذه الإكذوبة ..

 

- وعند هذا العجز المريع، وهذا الفشل الذريع بإثبات أي من مُبررْي الحرب المعلنين على ارض الواقع، كان على الرئيس الأمريكي وتابعه رئيس الوزراء البريطاني تقديم سبباً وجيهاً آخر للحرب، فكان إسقاط نظام صدام حسين الدموي القمعي المرعب والظالم، وتحرير الشعب العراقي من ربقته، وإحلال الديمقراطية فيه، واستبداله بنظام حر وديمقراطي، يختاره الشعب العراقي بإرادته الحرة كما يدعون .... والمضحك المبكي في هذا الأمر، هو انه لم يكن في بالهما قبل وقوع الحرب وفشلهما في إثبات مبرراتها المعلنة، رغم بذل الجهود الكبيرة والمكثفة والحثيثة للحصول على ذلك، لكن عبثاً، رغم اعتقادي بان هذه الجهود تضليلية تظاهرية إعلانية، لان أمريكا وبريطانيا، كانتا على يقين تام بعدم وجودها إطلاقاً، وبالتالي من المستحيل العثور عليها. فكان إسقاط النظام السبب الوحيد المعتمد والمعلن والصامد لشن الحرب، والذي يقول عنه بلير بأن " التخلص من نظام صدام حسين لم يكن خطأ على الإطلاق " ووصف العراق والمنطقة والعالم كله بـ" المكان الأكثر أماناً بدون صدام " !!! وهذا يعني انه أصبح للحرب هدفاً استراتيجياً هاماً، وهو تحرير العراق من نظامه، ونشر الديمقراطية والحرية في ربوعه، ومن بعده في المنطقة بكاملها .... ويبدو بلير في هذه الحرب الناطق الرسمي باسم بوش، والمدافع الأذكى عن أفعاله القبيحة كما درجت وسائل الإعلام على ذلك .... ويعلن رئيسه بوش مراراً وتكراراً أن إسقاط نظام صدام حسين، يستحق التضحية والمجازفة، ويبرر بشكل أكيد الحرب على العراق، كخطوة أولى لنشر الحرية والديمقراطية فيه، وتالياً في العالم العربي والإسلامي، كمضمون لمشروعه للشرق الأوسط الكبير، وبسط العولمة الأمريكية عليها وعلى العالم اجمع ....

 

ولكن السؤال هنا يطرح نفسه؟ وهل لا يكون هذا إلا عبر نهر من دماء الأبرياء، ودمار البلاد، وخراب بيوت العباد، ونشر الرعب والفوضى وفقدان الأمن والأمان؟!!!

 

وحتى هذا السبب ( إسقاط نظام صدام ) المعتمد كمبرر للحرب، كان أكذوبة فاضحة ومجلجلة، فلو كان صحيحاً ما يدعون، لماذا لم يسقطوه في حرب الخليج الثانية ( تحرير الكويت )؟ هل لأنهم لم يريدوا ذلك؟ أم أنهم فعلاً لم يكونوا قادرين على ذلك؟... وبالتالي نصل إلى نتيجة، أن قرار الحرب على العراق واحتلاله، كان متداولاً في أروقة أصحاب القرار في أمريكا، قبل أحداث 11 أيلول 2001 الشهيرة بأكثر من عشر سنوات، حسب ما قاله الإعلام الموثق، وما قرار بوش الابن بإعلان الحرب، إلا خطوة تنفيذية لما كان مقرراً سابقاً، لذلك كان قراره انفرادياً، ومتحدياً لكل المعارضين لها في العالم، دولاً وشعوباً ومؤسسات دولية.... خاصة بعد التحضير الكبير والمكلف والمعلن لهذه الحرب، ولأسباب غير ما ذكرت إطلاقاً .... وما اعترافات الجندي " تيم اوبرين "من المارينز، كما تقول " الغارديان " عن كتابه " الأشياء التي يحملونها " إلا شاهد بسيط، الذي يعترف فيـه بأنــه " يمكنك أن تروي قصة حرب حقيقية، بولائها المطلق للفحش والشر .... فالحرب قذرة ودائماً خاطئة، ولكن في بعض الأحيان محتومة .... وقد وصف الضابط المسؤول عنا الوضع بأفضل طريقة، حين قال قبل أسبوع من مغادرتنا إلى الشرق الأوسط، لا تظنوا أنكم ذاهبون حتى تغدوا أبطالاً، لن تذهبوا لأجل أسلحة الدمار الشامل، ولن تذهبوا للتخلص من صدام، أو لجعل العراق آمناً، أو لأجل الديمقراطية، انتم ذاهبون لسبب واحد، انه النفط.

 

حرب لأجل النفط، عبارة يدركها جيداً الجنود في العراق، هذا هو السبب الوحيد الذي بقي من تلك الحرب، تاركاً أولئك الذين في ارض المعركة، مع سبب وحيد للقتال، ألا وهو العودة أحياء لوطنهم. وعندما يتسرب هذا النوع من اليأس، يغدو من السهل أن تعتبر الأشخاص في الجانب الآخر اقل من البشر، ومن السهل أن ترتكب بحقهم أشياء فظيعة، هل اعتبر الجنود الذين قاموا بتلك الأعمال في أبو غريب، العراقيين مساوين لهم؟ " ويتابع الجندي القول بان الأشياء التي يحملها والجنود الآخرون هي كوابيس وعذاب ضمير، لما ارتكبوا من فظائع ومذابح بحق العراقيين الأبرياء، وستظل ترافقهم مدى حياتهم، وتنغصها وتقلقها جدياً، وعلى المسؤولين عن هذه الحرب وما جرى فيها من أفعال مشينة، أن يتحملوا مسؤولياتهم، لكنهم لم ولن يفعلوا ....

 

وأقول حتى النفط، لم يكن سبباً وحيداً كافياً ومعقولاً، لشن حرب شاملة ومدمرة، على دولة مستقلة، وعلى شعب مسالم، عانى من الحصار ما فيه الكفاية من المآسي والآلام والكوارث، وفقد أكثر من مليون من أبنائه، وفقد معهم أكثر من عشر سنوات، من عمر البناء والتنمية والتقدم والتطور الحضاري، مجاناً وهدراً وبلا مبرر يستحق الذكر، بسبب العنجهية والغطرسة الأمريكية والصهيونية .... فالحرب حرب صهيونية، بأدوات أمريكية وعون إسرائيلي، ولمصالح صهيونية أولاً وأمريكية ثانياً، تتلخص بتدمير العراق كدولة وككيان عظيم، وحضارة أعظم، وقدرات وطاقات وثروات بشرية واقتصادية وسياسية وثقافية ومعنوية .... هائلة، ويشكل خطراً على إسرائيل جدياً ومقلقاً، فلا بد من بعثرته وشرذمته وتمزيقه إلى أشلاء، بتقسيمه إلى دويلات صغيرة ضعيفة وهزيلة، لا تقوى على فعل شيء مؤثر، وبالتالي إنهاء دوره الوطني والقومي الكبير المرتقب والواعد، وما إقرار أن العراق دولة فيدرالية، إلا خطوة عملية وحقيقية على هذا الطريق .... ومن المعلوم أن الذي يقف وراء هذه الحرب العدوانية القذرة، هو الاحتكار الرأسمالي الصهيوني، الممثل للشركات الكبرى للنفط والسلاح، والذي يتحكم بأصحاب القرار في الإدارة الأمريكية، تحقيقاً لأهداف يهودية شاملة بالسيطرة على العالم، من خلال السيطرة والتحكم بأقوى قوى العالم ....

 

ونسيت بالمناسبة أمريكا وشعبها، تحذير رئيسها فرانكلين منذ أكثر من قرنين من الزمن، وبالتحديد منذ عام 1789، بوثيقة تاريخية تضمنت نصيحة إلى البرلمان بان تكون أمريكا بكامل الحيطة والحذر من اليهود وأعمالهم وإلا ....، ولم تعمل بها. فتحقق لليهود ما حذر شعبه منه، وهم يسيطرون الآن على أمريكا، الدولة الأعظم في العالم، والقطب الأوحد على الكرة الأرضية، حتى الآن .... والشواهد الدالة على ذلك كثيرة، فإنشاء إسرائيل، ورعايتها الدائمة، ودعمها المستمر بلا حدود، وتبني سياستها، ونهجها الإرهابي العنصري العدواني الدائم على العرب، وعلى كل من يعارض سياستها، أو ينتقدها مهما كان مصاغاً باسلوب ناعم، وتنفيذ كل ما تريده إسرائيل، فكانت الحرب على العراق، وكانت الهجمة الشرسة على سوريا ولبنان وإيران، والتحريض لشن عدوان آثم عليهم، عندما تتوفر الظروف والشروط المناسبة لذلك ....

 

ولا تزال الحرب الإعلامية والنفسية مستمرة عليهم وعلى غيرهم من العرب والمسلمين .... والقليل من يقدر على التمييز بين سياسة البلدين أمريكا وإسرائيل .... ولن يكون قانون مكافحة العداء للسامية الشهير الذي أصدرته أمريكا آخر الشواهد ....

 

ثانياً: سقوط بغداد والنظام

عزيزي القارئ، اطلنا عليك وأسهبنا، باستعراضنا هذا، لكن الموضوع وخطورته وأخطاره تستحق ذلك .... ونعود إلى الدراسة التحليلية حلقة رقم 1 من لغز العراق، وأقول كانت هناك عدة أجوبة محتملة على السؤال الكبير: لماذا سقطت بغداد والنظام بهذه الكيفية والسرعة؟!

 

وكانت اقرب الإجابات إلى الواقع، هي انه كان هناك قرار كبير وخطير، أياً كان صاحبه، يقضي بإخلاء بغداد وعدم المواجهة مع القوات الأمريكية فيها، حفاظاً عليها وعلى سكانها من التدمير والحرق، لأن الأمريكان سينفذون في حربهم هذه، سياسة الأرض المحروقة عند اللزوم، (( والفلوجة مثال صارخ  على ذلك )) خاصة وأنهم استخدموا ويستخدمون أسلحة محظورة دولياً، وقنابل طائرات ب52 زنة 9.5 طن، والتي تعادل كما هو معروف بقوتها التدميرية، قوة قنبلة نووية تكتيكية، بالإضافة لاختلال موازين القوى بشكل هائل لصالح الأمريكان وحلفائهم، مما يجعل ظروف وشروط المواجهة مع القوات الغازية في بغداد مستحيلة، ولا قِِبَلَ للقوات العراقية عليها وعلى تحمل تبعاتها الخطيرة والكبيرة جداً، وسوف تكون المواجهة الحقيقية والفعالة لهذه القوات المعتدية في أماكن وأزمان وأساليب ووسائل، تفرضها الظروف ووالوقائع، على القوى المقاومة للاحتلال الغاشم مستقبلاً. وهذا ما حصل وما يحصل من مواجهات دامية وحقيقية.، منذ بدأت المقاومة المسلحة لقوى العدوان المحتلة للعراق، كما كان يقتضي القرار المذكور، رغم أن ما قيل عن صفقة، قد عقدت بين قادة الحرس الجمهوري والأمريكان لتسليم بغداد خالية في حينه، وفيها ما فيها، ثبت عدم دقة ما ورد في ذلك السيناريو المتخيل، إلا إخلاء بغداد، ودخول القوات الغازية بأمان، والانقضاض عليها فيما بعد، واستمرار هذا الانقضاض حتى رحيل الاحتلال على ما اعتقد .... وبقرار الإخلاء، تخلى النظام عن السلطة وسقط.

 

وكان كذلك الجواب المفترض الأقرب للواقع، على السؤال الخطير والكبير الآخر: أين ذهب الجيش العراقي بجحافله وفرقه وعدته وعتاده، الذي لا يستهان به؟!! هو أن الجيش في غالبيته، ومع اغلب ما لديه من سلاح وعتاد، قد اختفى تحت الأرض،  كحكاية اختفاء الجن، وباعتبار أن المعتدين يمقتون الأساطير المرعبة، خاصة عندما يجهلون متى تقوم عليهم القيامة في هذه البلاد؟ ومن أي ارض يخرجون وكيف؟ وكما قلنا في هذا المقام، وقال العراقيون المقاومون رداً على إعلان الأمريكان انتهاء الحرب في أيار: أن الحرب لم تبدأ بعد...!!! وقلنا وقال العراقيون لهؤلاء الغزاة، أن ارحلوا عن ارض العراق المقدسة، بأسرع ما تستطيعون، قبل أن تدفنوا فيها كما دُفن الكثير من الغزاة والمعتدين من أمثالكم عبر تاريخها، وحقناً لدمائنا ودمائكم، وإلا فالموت يتجول بأرض العراق بحرية، وطالبوه أكثر مما تعدون // العمليات الاستشهادية // ولا قِبَلَ لكم بالمواجهة هنا .... ويمكن القول هنا، أن حقيقة تبخر الجيش العظيم والقوى الأمنية الشريفة، لا يعرفها إلا أصحابها وبعض العائدين من الجهاد في العراق بعد توقف القتال النظامي، إلا كأنهم عملياً كالخلد المبصر والمسلح بالإيمان ووسائل الكفاح، مع عدم الإساءة لهم بهذا التشبيه الذي قد يكون بليغاً....

2011-12-09
التعليقات
ع.س
2011-12-09 14:22:51
أين ذهب الجيش العراقي
سجل جيش الاحتلال الأميركي حتى 2008 أكثر من 164 ألف عملية للمقاومة البطلة ضده تراوح تصنيفها بين الهامة إلى العنيفة جدا وأغلبها من التصنيف الثاني، فإذا نجحت كل عملية للمقاومة بقتل جندي واحد فقط، يمكن توقع المصير المظلم للجيش الأميركي حتى وإن لم تصدر حصيلة حقيقية لخسائره في يوم من الأيام

سوريا