في إحدى القضايا المنظورة أمام القضاء للبت فيها في إحدى المجتمعات البسيطة قبل حوالي خمسة عقود كانت القضية جريمة قتل طعناً في الصدر ولم يعترف المتهم بارتكاب جريمة القتل ولكن أمام القاضي ثلاثة شهود إثبات ضد المتهم ..
كان محامي الدفاع مقتنعاً ببراءة المتهم الذي كان فقير الحال ووجد نفسه وراء القضبان يواجه حكم الإعدام و يدافع عنه لان طبيعة شخصيته لا توحي بأنه قادر على طعن دجاجه ولكن ثلاثة شهود إثبات يدلون بنفس الشهادة أثار شكوك المحامي الذي خطرت له فكره وطلب من القاضي إخراج الشهود من قاعة المحكمة وإعادتهم للشهادة بحيث لا يسمع أي شاهد ما يقوله الشاهد الآخر وهنا كان سؤال محامي الدفاع للشهود عن المتهم نفس السؤال للثلاثة شهود ما لون خرزة الزينة على مقبض الخنجر الذي طعن فيه المتهم الضحية وكانت إجابة الثلاثة واحد احمر والثاني اخضر والثالث ازرق وبعد الانتهاء من إدلاء الشهود الثلاثة بشهاداتهم أمام القضاة سأل المحامي القضاة هل من الممكن أن يجلب لون خرزة الخنجر نظر الشهود في موقف ارتكاب جريمة قتل بهذه البشاعة الأمر الذي استدعى القضاة إلى طلب الشهود مرة ثانيه للشهادة وإبلاغهم أنهم سوف يحاكمون بسبب شهادة الزور مما اضطرهم لقول الحقيقة واعترفوا أنهم لم يشاهدوا المتهم يقتل الضحية ولكنهم قبضوا مبلغاً محترماً مقابل شهادتهم ضد المتهم الذي لم يسبق إن شاهدوه وتوصلت العدالة إلى أن القاتل هو الشخص الذي فبرك الشهود
وأما في عالم اليوم ومع تطور قدرات العلم في كشف الجناة فان الأمر المثير للشك هو أن يقدم البعض على إطلاق أحكام فورية عند وقوع حدث ما ويحدد الجاني او الجناة وقبل مضي عدة دقائق على وقوع الحدث الأمر الذي يدل على أن هدف الأساسي توجيه أصابع الاتهام لطرف بعينه لأسباب لا علاقة لها بالحدث الذي يمكن أن يكون الفاعل طرف آخر غير الذي تم توجيه أصابع الاتهام له وعند وقوع ضحايا في أعمال فوضى لا يمكن تحديد الفاعل بعد عدة دقائق من لحظة وقوع الحدث والأغرب في الأمر هو تداول الخبر على لسان أشخاص أكاديميين يفترض أن يتوافر فيهم صفات اقلها منطق العقل في الحكم على الأمور حتى لو كانوا مصابين بفيروسات الحقد و الكراهية وعمى البصيرة التي لا تبرر كيل التهم جزافا لان هناك بديهيه مفروغ منها بأن من يرفض الظلم عن قناعة حقيقية لا يمارسه لان تصرفه يكون مشابها لشهود الزور في جريمة القتل المذكورة آنفا وحتى لو كان تصرفه دون مقابل والغرض منه انتقام بحت من طرف يضمر له الكراهية
ولان الصدق والمصداقية تمثلان انعكاسا لشخصية الإنسان و لا يفترض ان تكونا مرهونتين بالظروف والعواطف والمشاعر بل بتركيبة شخصية الإنسان ونقاء ضميره فان السؤال هو إذا كانت الأحكام في تحديد الجناة في مجال الجريمة بهذه السهولة فلماذا تخسر البلدان المليارات على أجهزة الأمن والنيابيات العامة والمحاكم وتدريب خبراء كشف الجرائم وتستغرق الإجراءات والمحاكمات شهورا وربما عدة سنوات حتى التحقق من الجناة ولاستعاضوا عن كل ذلك بفئة المتفذلكين ممن يوزعون صكوك الاتهام والبراءة مزاجيا حسب مشاعر الحب والكراهية والموالاة والمعارضة ولا يمكن القول لهؤلاء إلا ارحموا عقول البشر لأنه ليس كل الناس بلا عقول وان كان البعض يفكر بمشاعره وعواطفه فلا يتوقع من الآخرين أن يكون تفكيرهم على نسق أفكاره التي تتحكم بها المشاعر ويغيب فيها دور العقل عن الفعل لأنه رحل في إجازة مفتوحة
لا يمكن لاي قاضي ان يحكم الا بما هو منظور امامه في الوقائع والشهود اما موضوع الضمير فلا يكفي عندما يكون الشهود من ارض الواقعة فلا دلائل غير الشهود الموجوددين فيا عزيزي ضع نفسك مكان القاضي كلو بينكر وبيحلف اخوكم مهند
برأيي أنه الله يعين القاضي فالقاضي لا يحكم بعلمه الشخصي إنما يحكم حسب الأدله و القرائن و الشهود............الخ بنفس الوقت أنا بتمنى أنو لما يكون الموضوع بيتعلق بحياة انسان أن ياخد الوقت الكافي للأثبات و أن لا يكتفي القاضي بشهادة الشهود لأننا بزمن والعياذ بالله الواحد مشان كم ليرة بيشهد زور ...