syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
كان يا ما كان سيادة المدير الفارس ... بقلم : نزار الحسين

ما زالت مجموعة من القصص و الروايات الشعبية في مناطق البادية السورية قيد التداول في المجالس , فمنها الإيجابي و منها السلبي الذي يؤججّ أحقاد و ثارات قديمة أكل عليها الدهر و شرب  


و من هذه الروايات و الأقوال ( اللي ما يبوق مو زلمة ) أي الذي لا يسرق ليس برجل , و لا يخفى على عاقل ما تحمله هذه المقولة من تضاد مع الخُلق و الشرع , رغم اتساع تداولها في فترة ما قبل الخمسينيات من القرن المنصرم , و كانت للأسف عادة محمودة بين معظم القبائل و خصوصاً السرقة الجماعية ( الغزو ) التي تقوم بها جماعة أو عشيرة بالإغارة على مجموعة بيوت أو عشيرة أخرى , و تقوم بسلبها مالها و حلالها و في بعض الأحيان استباحة نسائها , وهذا يرجع للجاهلية الأولى , و كانت إلى حد كبير السرقات الفردية مذمومة .

 

خطر ببالي أن أكتب هذه الكلمات بعد أن شهدت مشادة كلامية بين اثنين من أصدقائي أحدهم قال للآخر : إنكم أي العشيرة الفلانية تمتهنون السرقة ( بواقين ) فاستشاط غضب الثاني فردّ عليه : عندما كنتم لا تجرؤون على الخروج في الليل لقضاء حوائجهم من الخوف كنا نصول و نجول !!! و الآن انتم حرامية هذا العصر ( فبجرّة قلم ) تسرقون الملايين و تعيدون هذا البلد إلى الوراء مئات السنين .

 

نعم خطر ببالي إجراء مقارنة بين الغزو البدوي و الغزو الحديث .

 

فأما الغزو البدوي القديم يكون جماعي كما أسلفنا و هو محمود آنذاك , و السرقة الفردية فهي مذمومة إلى حد ما و يكون في الأغلب ليلاً , أما الغزو الحديث فيكون الغازي فارساً أيضاً , لكنه لا يمتطي ظهر حصان أو فرس إنما يمتطي صهوة مؤسسة أو شركة أو دائرة حكومية , و أيضاً هو لا يغزو دائرة أو مؤسسة أخرى إنما يغزو دائرته التي أؤتمن عليها كأن تقول بأن شيخ العشيرة يسرق و ينهب عشيرته و هذا لا يحصل إلا بالغزو الحديث , و قد تكون أيها القارئ العزيز قد كوّنت نظرة سلبية عن هذا الفارس الحديث ( المدير ) , و توقعت أنه منبوذ من قبل المجتمع كالسارق العادي تكون متوهماً لان السارق ( المدير ) في هذه الحالة يكون مرهوب الجانب واسع الإحترام ( حسب كمية المال المسروق ) و كلمته ما تصير اثنين بالبلد , و أينما حلّ يقال " هلا أبو فلان , هلا استاذ " أما الفارس النزيه عفواً المدير النزيه فلا قيمة له بالمجتمع  

 

 بالنهاية نقول رحم الله بيغو لو أنه رأى بيغوات هذا الزمن لألقى بنفسه في نهر الخابور مكتوف اليدين ....   

  

2012-03-02
التعليقات