syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
غزو العراق الجائر و الخاسر ... بقلم : نصر زينو

سنبدأ بلا مقدمة ولا تمهيد بعرض وتحليل واستنتاج الغزو والاحتلال والجلاء بدراسة تحليلية مفتوحة

 


أولاً:أهداف الغزو:

لا بد من الحديث عن غزو أمريكا وحلفائها للعراق واحتلاله في آذار 2003، الذي يعتبر بحقٍ الإرهاب الأعظم في العصر الحديث، وإرهاب الدولة الرسمي الأسطع بامتياز والأنكى أنه جرى تحت شعار مكافحة الإرهاب؟! الذي كان له على ما أعتقد، ثلاثة أهداف رئيسية معروفة هي الأهم والأبرز التالية:

 

الهدف الأول الاساسي:

تدمير الدولة العراقية تدميراً كاملاً بمقوماتها، وبناها الفوقية والحقوقية، بتدمير رئاسة الجمهورية، والوزارات (ما عدا وزارة النفط )، والمؤسسات والدوائر والمصالح الرسمية، وحل الجيش والقوى الأمنية المختلفة، وبالتالي تحطيم الهياكل العامة، وركائز البناء السياسي والاجتماعي والثقافي، والقواعد الأساسية لوجود الدولة، عن سابق إصرار وتصميم حازمين، وكذلك تهشيم البنى التحتية للدولة، من كهرباء وماء واتصالات الخ، وأغلب أعمدة الاقتصاد الوطني أيضاً، وتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، ( الأكراد في الشمال، السنة وغيرهم في الوسط، والشيعة في الجنوب ).

 

وقد أقر الكونغرس الأمريكي، مشروع قانون تقسيم العراق هكذا ... وفيما بعد قام العراق، في تثبيت ذلك في دستوره ( على شكل الدولة الاتحادية )، الذي أقره البرلمان بوعي وحكمة وعقلاء شرفاء الأمة، المهيمن عليه أمريكياً أيضا، وقام الاحتلال ومن معه، بالتوازي مع هذه الأفعال الخطيرة، على وجود ومصير العراق، ببث الرعب والفوضى بين الناس، بالقتل المجاني المتعمد للأبرياء، واستباحة الأعراض والبيوت، وبالاعتقال العشوائي لمن تشاء بلا مبرر ولا سند قانوني، وإثارة الفتن بين أبناء الشعب الواحد، تهيئة لإشعال الحرب الأهلية عندما تشاء، إن استطاعت إلى ذلك سبيلا، لكنها لم ولن تستطيع!!

 

بالإضافة إلى وتشريد الآلاف بل الملايين من السكان من منازلهم، وأصبحوا لاجئين في وطنهم، أو في خارجه، ونشر الخراب والدمار والدماء والدموع في ربوع الوطن كافة، لإزالة الكيان الموحد من الوجود، وهذا الهدف هو مصلحة أمريكية وإسرائيلية هامة جداً، خاصة بعد أن أصبح العراق دولة قوية وغنية، ومستقرة سياسياً واجتماعياً، ومتطورة اقتصادياً وعلمياً وثقافياً، وتسير بخطى جدية وحقيقية على طريق التقدم والحضارة المعاصرة، وبالتالي أصبح خطراً، على أمن ومصالح أمريكا في المنطقة كما تدعي، خاصة بعد غزو العراق للكويت بإغواء أمريكي مرغوب لغاية في نفس يعقوب ( التي انكشفت فيما بعد )، والذي صار كارثة بالنسبة للعراق والعرب و لايزال ....  

 

وفي هذه المناسبة الأمر من العلقم نتذكر أن الغزو والاحتلال الأجنبي، لم يكن ليتم، لو لم تسمح الكويت للقوات الأمريكية والحلفاء، بالعبور عبر أراضيها إلى العراق، ( سيان برضاها ثأراً من العراق ،أو غصبا عنها ) واعتقد أن العراق وبعض القوميين العرب والمسلمين، لن يغفروا ذلك العمل الخسيس لحكام للكويت، وسيحاسبونهم مستقبلاً حساباً عسيراً على ذلك، والتاريخ لن يرحم أحداً، خاصة أن أياً من دول جوار العراق، لا العربية منها ولا الأجنبية، لم تسمح باستخدام أراضيها، لتنفيذ الغزو، ولو لم تفعل الكويت ذلك آنذاك، لاضطرت أمريكا وحلفاؤها، إلى اللجوء إلى التدمير الجوي للعراق، كما جرى في صربيا سابقاً، إذا كانت لا تزال مصرة على هذه الحرب؟!.

 

وكذلك نؤكد، أن هذا الهدف، هو مصلحة إسرائيلية حقيقية، وهامة جداً وملحة جداً وعاجلة جداً، ( كما قلنا )لأن تدمير العراق بما يملك من قوة حقيقية ووجود حضاري، بل وتدمير كل مقومات حضوره الفاعل في المنطقة، مما سيبعده كثيراً كخطر على إسرائيل، ويخرجه أيضاً من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي، إلى أمد بعيد جداً، وقد تحقق هذا الهدف بامتياز، وبهذا المعنى والمضمون، يمكن القول أن هذه الحرب الأمريكية، هي حرب بالنيابة عن إسرائيل حقيقة وواقعاً ملموساً، قبل أن يكون هدفاً ومصلحة أمريكية، وإلا لما أقدمت على تدمير مقومات الدولة، للبلد الذي ستحتله وتحكمه حكماً مباشراً، بواسطة حاكم أمريكي مطلق الصلاحية والمسؤولية في التصرف بشؤونه، ( كما في عصور الاستعمار ) الذي نفذ حكمه بدقة وحزم وقسوة، وأخطاء كثيرة، ولما بحل على حل الجيش والأجهزة الأمنية أيضاً، والقيام بأدوارهم ومهامهم، التي لم ولن تفلح بها أبداً، رغم تكبدها هذه الخسائر الفادحة والفاضحة، ولما اضطرت إلى لملمة لماً بديلاً، ولا إلى إعادة بناء ما خربت.

 

وكان يفرض العقل والمنطق والمصلحة عدم احتلال العراق، الذي لم يبق منه إلا الاحتلال الإسرائيلي، وما أضافته أمريكا الآن من احتلال للعراق وأفغانستان فقط، مع إنها تعرف بتجربتها الخاصة مظالم ومصائب الاستعمار وكوارثه على الشعوب المبتلاة به، بالأخص إن أمريكا هذه لم تجن من هذه الحرب، إلا الخسائر في كل شيء، حتى إنها رغم عظمتها وجبروتها، لم تفلح بالأدلة القاطعة، في إدارة العراق المحتل، كما يجب، ولا حققت مشروعها في المنطقة، رغم أنها جعلت من العراق أمثولة مفزعة جداً لحكام وشعوب المنطقة، لكنها ارتدت عليها بالعكس، فاكتسبت حقداً وغضباً وتمرداً وموتاً أكيد للحل العسكري أينما كان، وانكساراً فظيعاً لهيبتها الأعظم في العالم ... إلا أنها أرضت إسرائيل أكثر الرابحين مجاناً، من هذه الحرب المدانة والفاشلة بامتياز ...!!

كما يفرض العقل والمنطق عليها، أن ترحل نهائياً عن هذا البلد بكرامة وشرف، وبدون قيد ولا شرط، وإلا فلترحل والحكام والشروط معاً؟ لا بل الأفضل لهؤلاء الحكام الذين جاؤوا معها، أن يرحلوا معها أيضاً، لأنهم يعرفون قسوة قصاص شعبهم وجبروته؟!.

 

والهدف الثاني الأساسي:

 

للاحتلال هو: استكمال الاستيلاء على منابع النفط في الخليج، بالإضافة لما يثيره النفط العراقي، الذي يحتل ثالث احتياطي في العالم، من شهية للقادة الأمريكيين، الذين أغلبهم لهم علاقة أكيدة بمسائل النفط، كما هو معروف، وبالشركات النفطية العالمية، الأمريكية أيضاً، فقد عمل الجميع، مسؤولون وشركات، على سرقة ونهب النفط، بما لا يحصى من مليارات الدولارات بالإضافة إلى تصديره بشكل رسمي، وتوزيع العائدات بالمليارات أيضاً هنا وهناك وهنالك.

 

هذا الاحتلال الذي كلف الخزينة الأمريكية الكم الهائل من المال، والشعب الأمريكي الدماء الغالية، وقد عمت الاضطرابات والمظاهرات والاحتجاجات، الشعب الأمريكي، منادياً لا للدماء مقابل النفط العراقي أبداً، نريد فقط عودة أبنائنا إلى الوطن أحياء سالمين من ساحات القتال، الموجودة في غير مكانها وزمانها (العراق) وأهدافها إطلاقاً؟! وليس للشعب الأمريكي مصلحة فيها أبداً .....

 

وكان هدف الاستيلاء على النفط، تنقيباً واستخراجاً وتكريراً وتصديراً وتسويقاً للعالم، والتحكم بكل ذلك، يراود أمريكا والغرب منذ حرب 1973المجيدة، واستخدام النفط كسلاح فعال في المعركة آنذاك، ( حتى وصل الأمر ببعضهم، إلى اعتبار النفط ثروة عالمية وليست خاصة، وما الدول التي اكتشف النفط في أراضيها، إلا حراس سيئون، ولا يستحقون من هذه الثروة، إلا نصيب لا يتجاوز 20% فقط منها ؟! ولو طبق هذا الرأي، لسلبوا هذه الثروة من أصحابها الشرعيين، وأفقروها وهي تتفرج فكأنها لم تسمع بهذا الأمر الأخطر أبداً، وإذا كان الأمر صحيحاً، فلماذا لا يطبق حتماً هذا المبدأ، على بقية الثروات المشابهة، في الغرب والعالم؟! ).

 

وقد حصلوا في الحقيقة والواقع على ما أرادوا، بوجود القواعد العسكرية الأمريكية والأوروبية، في أراضي هذه الدول النفطية، وهم يتحكمون الآن بكل ما يتعلق بالنفط، فيها شاءت أم أبت، وأقرت أم لم تقر، لا بل ذهبت إلى ابعد من ذلك، وقامت بسلب رأسمالها من الدولار النفطي، بالحروب المخطط لها سلفاً، والمقصودة التي أشعلتها في المنطقة، كالحرب العراقية الإيرانية؟ وحرب تحرير الكويت الملغومة إلى حرب تحرير العراق المزعوم كذباً ونفاقاً؟.بالإضافة إلى الحروب الأخرى، التي تستنزف العرب بشدة والتي وراءها أمريكا كما في فلسطين ولبنان والصومال والسودان، ومحاولة اكتمال سلب أموال هذه الدول، وذلك بفرض المعونات المالية على هذه الدول، لصالح أمريكا والغرب، للمساعدة في إنقاذ النظام الرأسمالي الغربي،الذي يتهاوى وعجباً وألف عجب؟ يا عرب النفط وعرب غير النفط ؟!! فاغلب أخوانكم العرب يعيشون تحت خط الفقر العالمي؟!.وليس المطلوب صدقة منكم أبداً، وإنما استثماراً واسعاً وفعالاً وعاجلاً، ولو بجزء صغير مما لديكم من رأسمال هائل في الغرب؟! أو بجزء أصغر مما قدمتموه، عوناً للغرب المأزوم، وخسائركم أكبر من أن تحصى في هذه الأزمة المالية العالمية؟ فأين الحلال والحرام يا خلق اللّه؟!!!

 

والهدف الثالث الأساسي :

 

جعل العراق الضحية المحطمة تحطيماً وحشياً، أمثولة لزعماء وقادة دول وشعوب المنطقة، فمصير كل من يعترض أو يحتج أو يمانع أو يخالف، السياسية الأمريكية المرسومة، والمراد فرضها على المنطقة بالقوة، كمشروع استعماري تقسيمي وتفتيتي لها، وبسط النفوذ والسيطرة عليها، والهيمنة على مقدراتها وقراراتها، فلا يحق لأحد من هؤلاء الزعماء والقادة، إلا أن يقبل ما يملى عليه، وإلا فمصيره، كمصير العراق المدمر بوحشية والممزق بقسوة والمسيب باستهتار مقيت ومباحاً للسفلة والسفهاء من كل الأجناس، لتزداد هذه الأنظمة رعباً وقلقاً، وبالتالي خنوعاً وطاعة، لما يصدر إليها من أوامر وتعليمات أمريكية مباشرة ووقحة، وتنفيذها بلا تردد أو تأخير قطعاً.

 

وهذا أمر مخيف حقاً للجميع إلا من كان مصيره بيد شعبه، لا بيد أمريكا قطعاً، بعكس الهدف المعلن بشكل قاطع ومفضوح الذي يتلخص بإسقاط النظام الدكتاتوري في العراق ، ونشر الحرية والديمقراطية والاستقرار والازدهار في ربوعه، وجعله واحة جاذبة لشعوب المنطقة، وهذا كان أهم هدف جوهري معلن، نفاقاً وتضليلاً، للحرب الإرهابية الاحتلالية المدمرة، وللحرب النفسية القذرة المستمرة، والأفدح تخريباً وإحباطاً واستسلاماً ،على اغلب حكام وشعوب المنطقة العربية والإسلامية، وحتى العالم، ولكن هذا المشروع الأمريكي والإسرائيلي الرهيب المرسوم للمنطقة، والذي حشدت له أكبر الطاقات المادية والإعلامية، قد أحبطته المقاومة الوطنية والإسلامية، والقوى الشعبية الشريفة، ودول الممانعة الداعمة لها، حتماً الآن، لكن لا يزال أصحابه، يحاولون إحياءه والوصول إلى أهدافه، ولو بلبوس مغاير، وأساليب جديدة أخرى، أكثر تضليلاً وخداعاً وأذكى وسيلة، برغم أنهم يعرفون أنه يترنح ويهم عملياً بالسقوط المريع، أليس كذلك..؟!

 

ثانياً: ملامح نتائج الغزو:

 

وفي سياق الحديث، عن هذه الحرب الدموية الحاقدة والمرعبة ( التي ذكرنا ).فإن الرابح الأكبر أولاً من هذا الغزو الأمريكي، هم الأكراد، فقد شكلوا كياناً كردياً، بحكومة وبرلمان وقوى عسكرية ومليشيات، وكل مقومات الدولة المستقلة، ولم يبق لهم سوى، انتظار الفرصة المناسبة لإعلان الاستقلال النهائي، ولولا مراعاة أمريكا لمصالح تركيا الحيوية الوطنية والقومية، لما تأخرت في الموافقة على إعلان استقلال كردستان، غير مكترثة لا بمصالح إيران ولا سوريا بالمطلق...!

 

والرابح الأكبر الثاني، هم المعارضة العراقية في الخارج، بألوانها المختلفة، التي جاءت إلى السلطة مع الاحتلال، بعد تسويقه وتسهيله، وبعض الشيعة العراقية أيضاً، في إيران،جماعة الثورة الإسلامية الذين شاركوا في السلطة بشكل أساسي، ولحق بهم عدد لا يحصى من العملاء والتابعين، وفيما بعد بعض رجال الصحوة وغيرهم من السنة .... الخ، والخاسر الأكبر هو الشعب العراقي، الذي دفع أكثر من مليون شهيد ويزيد، وأكثر منهم جرحى ويتامى وأرامل وثكالى ومعوقين، وأكثر من أربع ملايين لاجئ متشرد خارج العراق ، وأكثر من مليونين مهاجر متشرد داخل العراق ، وعشرات آلاف من المعتقلين العراقيين الأبرياء، بينهم الأطفال والنساء في السجون الأمريكية والعراقية، فالكارثة كبيرة، وكبيرة جداً، ( وهكذا تكون امريكا قد قتلت وشرّدت وسجنت من العراقيين، أكثر بألف مرة مما كانت ستفعلة الحرب الأهلية، المهدد بها دائماً فيما لو حصلت، لا سمح الله).

 

رغم وجود قطاعات وشرائح من الشيعة في العراق، هم ضد الاحتلال ويشاركون بالمقاومة الوطنية والقومية والإسلامية، سواء كانت تلك المشاركة سلمية بالمظاهرات والاحتجاجات والاضطرابات، أو بالكفاح المسلح بكل الوسائل والأساليب والأدوات المتاحة، موحدة الهدف، المتمثل بطرد الاحتلال، واسترداد الحرية والاستقلال والسيادة، للعراق موحداً أرضاً وشعباً ودولة، فإذا ما توحدت المقاومة المسلحة، بكل فصائلها وبانتماءاتها وألوانها وتوجهاتها، وقواها وخطابها السياسي، ومنهاجها النضالي، والتفت حول قيادتها الموحدة بالهدف، والمتنوعة بالأساليب والوسائل والسبل المختلفة في الطاقات والإمكانات، وخاضت قتالاً مريراً وقاسياً قوات العدو المحتل وحلفائه والمرتزقة واستخباراته والموساد وعملائه والتابعين ولا تزال.

 

أما مساءلة المتعاونين، فتترك إلى ما بعد التحرير، بما فيهم الآثمين الملوثة أيديهم بدماء وحرمات الشعب العراقي، ( إلا من تمادى من كبار المسؤولين إلى الحد التباهي بالطغيان، الذي لا يطاق ولا يغتفر )، ليحاكموا أمام القضاء العادل والمستقل، وفق القانون والدستور، بكل الحرية والديمقراطية، ( وليس كقانون اجتثاث البعث الديكتاتوري الإرهابي، كمحاكم التفتيش وكان فضيحة كبرى وعار اكبر لدعاة كذبة الحرية الديمقراطية الأكثر نفاقا و تضليلاً )، وكل ذلك خدمة للوحدة الوطنية الأهم والأغلى، وحفاظاً عليها وصوناً لها، لأن اغلب المسؤولين، كما تعرفون هم من المتعاونين مع الاحتلال حكماً وبداهة، ولا يجوز إثارة الفرقة والخصومة حالياً، لمصلحة الوطن والشعب، والحقيقة المرة، ويا للآسف إن كل وأغلب المنتفعين من وجود الاحتلال، كل على طريقته ودوافعه يجمعهم قاسم مشترك، هو القتل الوحشي المتعمد للأبرياء من الشعب العراقي، والتدمير المتشظي لممتلكاته، والتخريب المنظّم والمخيف لبنيته النفسية ومعنوياته، واعتقال الكثير من أبنائه، وتشريد الأكثر، من قوات الاحتلال وحاشيته الأنجاس المناكيد والموساد، إلى بعض المنحرفين أو المضلَلين من تنظيم القاعدة ،والى بعض الفاسدين والمفسدين، أي كانوا، من الفئتين الأكبر ،الشيعة والسنة، وبعض أسياد الفتنة الملعونة.

 

كل ذلك يجري بتواتر عجيب، وتوتير أعجب، كلما لاح شبح احتمال رحيل القوات الأمريكية للإحباط ذلك وإبعاده ( والشواهد تُدمعُ الحجرَ ) ليبقى ويبقى معه في الساحة العراقية، المتكسبون من كل الفئات والمشارب، من وجوده، رغم معرفتهم إن ساعة الحساب قادمة لا محالة، ( وقد يفرون قبلها )، ورغم معرفتهم أيضاً، أن العراق، وطن عربي حر أبيٌ، لا يقبل الذل والهوان والضيم، وإذا ما تصالح فيه المواطنون فيما بينهم، مصالحة حقيقية ودائمة، جالبة لهم معها الخير والمحبة والأمان أيضاً، فإنه سيجبر الاحتلال وكل من معه، بمقاومته الباسلة والشريفة والاستشهادية أيضاً، وبتضحيات أبنائه الأغلى والأسمى، على الرحيل عن ارض الوطن والى الأبد، يجر أذيال الخيبة والعار والهزيمة الساطعة كالشمس ... وسوف يكون الحساب عسيراً لمن أساء للشعب العراقي العظيم، وقيمه ومثله وشرفه وكرامته وعزته، ورموز شعبه وحضارته، فلن يسامح أو يتسامح مع العملاء والقتلة حتماً، والتاريخ يشهد، الذي لن يجامل ولن يرحم أحداً، وغداً لناظره قريب إن شاء الله، الفرج قريب جداً ....

 

وباختصار شديد، فأن المسؤول عن كل ما حل في العراق، ولا يزال من مظالم وكوارث وويلات، وما سال على أرضه من أنهار غزيرة من الدماء والدموع البريئة، وما يُعمم فيه من فوضى وإثارة للفتن، والضغائن والأحقاد، وما يُزرع على أرضه من تشظي وتشرذمٍ وفرقةٍ، بين أبناء الشعب الواحد، هو أحد اثنين حتماً::

2ـ أو تنظيم القاعدة الجهلة منه والمضللون جداً! والفاسدون والمفسدون أياً كانوا من السلطة، بإرادته أو بدون؟!

 

أو ربما يكون الطرفان، يلتقيان من حيث الهدف والنتائج، ولو اختلفا في الأساليب؟! والحساب قادم للمذنبين بإذن الله ؟!

وإلا لماذا لا يستنكر هذا التنظيم الأعمال القذرة، كائناً من كان فاعلها، لو كان في الحقيقة ضدها.

 

ثالثاً :جلاء الغزاة والأمل:

 

واعتقد أخيراً أنه لن يرتاح العراق وشعب العراق، وأرض الرافدين، ويستقر بأمان، إلا برحيل أخر جندي أجنبي نهائياً عن وطنه العزيز وان شاء الله هذا اليوم قريب جداً..

ولا بد بعد مرور هذا الزمن العصيب على العراق والأمة، من إن نضيف استكمالاً للبحث بعد تحقق الأمل ورحيل الاحتلال في 31/12/2011 لكن هذا الرحيل كان ناقصاً كما سنرى، ولقد جرى،كما هو متوقع ومعلن، في هذا اليوم التاريخي العظيم في حياة العراق الشقيق والأمة العربية والإسلامية، الاحتفال بخروج الاحتلال من بلاد الرافدين، وليس خروج آخر جندي من هذه البلد العزيز كما هو المأمول المنطقي، لذلك جاء الاحتفال خجولاً وباهتاً مع غصة في قلوب ملايين العراقيين الأحرار، لبقاء قاعدة عسكرية أمريكية مدججة بالسلاح، في السفارة الأمريكية في بغداد وملاحقها، التي تعتبر أكبر سفارة في التاريخ حتى المعاصر منه أيضاً، من حيث المساحة والعديد والعتاد، مما جعلها أكبر مصدر خطر على أمن العراق واستقلال إرادته وقراراه، بشكل ما وقدر ما ومعرقلاً بطريقة ما لحرية اتحاد القرار السياسي الوطني، وهي بذلك كأنها دولة ضمن الدولة، كدولة الفاتيكان في روما، مع تضادههما بالجوهر والفعل حكماً...

 

لذلك تقع على المقاومة الوطنية العراقية الحرة ، استمرار مقاومتها بمختلف الوسائل والأساليب المشروعة المتاحة، بقوة وتصميم لاستكمال تحرير العراق، وإخراج أخر جندي أمريكي من أرضه الطاهرة، والجهاد المقدس من اجل وحدة وطنية صلبة، تجمع كل أطياف ومكونات الشعب، تفرض على الأرض السلوك الوطني الشريف المخلص على جميع القوى السياسية والوطنية، لإنهاء كل أشكال العنف المنتشر في البلاد، قتلاً عشوائياً وتدميراً وتخريباً متعمداً، للمؤسسات والمنشآت ولكل ما يطاله الإرهابيون بلا هدف نبيل إلا بث القلق والرعب والفوضى على طول البلاد وعرضها، لعرقلة مسيرة البناء والأعمار، وتأمين الأمن والأمان وتوفير الحاجات الضرورية الملحة للشعب فمن يا ترى يقف خلف هذه الأعمال الإرهابية الكارثية، إلا العملاء وأعداء الوطن؟ وأقول في هذا السياق من جاء على ظهور الدبابات الأجنبية، وأباح وطنه لأمريكا وحلفائها، فاستباحوه قتلاً وتدميراً لحضارته ماضياً وحاضراً ...، وتهجيراً لأهله وفتنة قذرة بين طوائفه وأطيافه ...، بوحشية وهمجية الغاب، حتى سمي العراق كالجزائر ببلد المليون شهيد رسمياً، هي وهو بالحقيقة والواقع بلد المليون ونصف شهيد...!! ،مع ما يزيد عن أربعة ملايين مهاجر، ناج بنفسه وعياله،من جحيم الاحتلال وشركاته الأمنية المرتزقة، ومن رعب استخباراته والموساد الأخطر بامتياز أيضاً .

 

فهل يصدّقن أحد ،أن هؤلاء الناس وطنييون، أو يمكن أن يكونوا كذلك، تحت أي ظرف ومكان كان ؟!

ولهؤلاء نقول، اتقوا الله بأنفسكم ووطنكم ،وكفوا عن أن تكونوا السبب، في بث الفوضى بالقتل والتدمير لكل شيء في الوطن العزيز، الذي نؤمن أنه سيحتفل قريباً باستقلاله الناجز، بخروج آخر جندي محتل من بلاده، وعودة السفارة الأمريكية في بغداد إلى حجمها الطبيعي كبقية سفارات العالم .

 

وبالإيجاز نقول أن الرابح الأكبر من الحرب على العراق واحتلاله، وتدميره كقوة عسكرية واقتصادية وحضارية ...، هو اسرائيل بالمطلق، وبالمقابل كان الخاسر الأكبر في الحقيقة، ليس العراق وحده، وإنما العرب والمسلمين كافة، وكانت أمريكا التي خسرت أكثر من عشرين ألف قتيل، وأكثر من مائة ألف جريح، ونحو ثلاثة آلاف مليار دولار...، لم تربح النفط والغاز بالمطلق، ولكنها في الوقت ذاته خسرت العالم، بما امتلأ عليها حقداً وكراهية، وسقطت في نظر هذا العالم المتطلع إليها، كمنارة للحضارة وديمقراطية وحقوق الإنسان...،بحيث لم يبق من كل هذا، إلا التقدم العلمي والتقني الهائل ،والتكنولوجيا العصرية والرقمية الباهرة...

 

وسقطت أيضاً بقية القيم الأخلاقية التي تستند إليها، خاصة بعد انكشافها وعوراتها وسيئاتها ...، بأعمال الاحتلال المشينة في أفغانستان والعراق ولا تزال، ولم ينس العالم أعمالها القذرة في الصومال وفي الكثير غيره ...، وخاصة تدمير ليبيا وتمزيقها، فكانت بذلك ليست اقل خسارة من العرب والمسلمين، بل ربما أكثر، وبالاختصار ظهرت أمريكيا على حقيقتها وحشاً كاسراً في الداخل والخارج،ومفترساً مالياً في كل مكان و لأي كان لا فرق المهم أن يمتلئ بطن الحوت....!!

أعتقد أن العراق، رغم كل شيء، ورغم المآسي والويلات والمصائب والكوارث التي حلت به ولاتزال فلولها تحتضر ...، سيعود قريباً جداً، موحداً أرضاً وشعباً وقيادة، وقوياً وقادراً وشامخاً ...، نافضاً عن عباءته غبار التفرقة والفيدرالية، وموطداً اللامركزية الإدارية الواسعة في الحكم، وليأخذ دوره الرائد والخلاق على ساحة الوطن العربي والإسلامي والعالم وان شاء الله هذا اليوم ليس بعيد جداً،...بإذن الله...والقمة العربية القادمة في بغداد إشارة وبشارة معاً.

 

وهكذا نقول في الخلاصة مؤكدين أن غزو أمريكا ومن معها العراق، قد نجح، وتدميره كقوة عسكرية واقتصادية وحضارية ...، وتدميره كدولة ونظام مؤسسات ( الجيش والأمن وغيرها كثير ... )، وتخريب البنى التحتية له والفوقية، وما طالت يداه أيضاً ...، لمصلحة إسرائيل أولاً ...!! كما تعلمون جيداً.

 

ولكن هذا الغزو الهمجي الجائر، قد فشل فشلاً ذريعاً، بتقسيم العراق إلى دويلات عرقية طائفية متصارعة ...، ولكنه ترك في هذا المجال آثاراً سلبية جدية، وجراحات عميقة نازفة، سيتمكن شعب العراق العريق من التغلب عليها، وعلاجها بنجاح والشفاء التام منها أيضاً بإذن الله ...، وفشل الغزو بالتأكيد أيضاً من تأمين استمرار بقائه وقواعده العسكرية في بلاد الرافدين، لضمان استمرار نهبه للنفط والغاز والثروات ...، وبالتالي التحكم الدائم بالقرار السياسي الوطني فيها ...، إلى ما شاء الله، كما هو الأمر في دول الخليج العربي ( المحتلة )، حسبما كان مخططاً وحالماً منذ زمن بعيد ...!!

 

وأخيراً رحل الغزاة، تحت ضربات المقاومة الوطنية العراقية الحرة الشريفة، بأطيافها الشاملة لكل مكونات الشعب وقواه السياسية الفاعلة، والداعمين لها من أحرار العالم ...، رحلوا حاملين معهم الخيبة والمرارة والخسارة الفادحة، تاركين خلفهم الخراب والدمار والدموع ...، والأمل الكبير بغد مشرق جميل ومزدهر ...، يزهر فيه الربيع الطلق، ويثمر النخيل الشامخ، وتشرق شمس المحبة والأمن والسلام على الرافدين المقدسة الطاهرة الخالد ...، ويفرد طير الفرح والسعادة والرضا جناحيه، على ربوعها، ويبسطهما بالخيرات والبركات والنعم الألهية على ابنائها الابرار ...، وغداً لناظره قريب ... وقربي جداً ...، بفضل الله، فتفاءلوا واتحدوا وانتصروا وشدوا العزائم واصنعوا المكارم، فأنتم أهلها وكرامها دائماً وأبداً ... وعليكم السلام.

 

رابعاً: خاتمة الأحزان والأوجاع

 

وختاماً أقول يا أيها الناس أني غاضب جداً من القادرين على صفع أسياد الشر الطواغيت، كائناً من كانوا، وأينما كانوا وكيفما كانوا، بالوسائل المتاحة الأشد قسوة وتأثيراً وإيلاماً، ولو حتى بالأداة الأرحم المعروفة، عجباً لا يفعلون !! مايجب عليهم أن يفعلوه وطنياً وقومياً وإنسانياً؟! أم شلّت أيديهم ؟!!

 

وياأيها الناس أني غير راض، عن القادرين على التضحية بأنفسهم، كيف يمسكون أنفسهم من إرسال بعض القادة والساسة، الأبرز آثاماً وخيانة،إلى جهنم وبأس المصير، لوقف مسلسل إرسالهم غيرهم إلى ذلك المصير؟! أم أنكم عاجزون جبناء ؟!!

وأني عاتب على القادرين أيضاً، من أهل العراق وفلسطين والعرب أجمعين، كيف يتركوا الأشد كفراً ونفاقاً، يسرحون ويزرعون في الأرض فساداً، وفي النفوس والعقول خراباً، وفي الأوطان ذلة واستسلاماً، ويملأون الوطن دماءً ودموعاً ولا من ناصر؟! وهم فوق ذلك الأكرمون فوق الناس، وأنتم الساكتون بذلة واستكانة عن حقكم وحق الناس...!!

 

أنا من أنا ؟ أنا الشعب الأشرف الأطهر والأقوى والأشجع والأصبر من أيوب، ولن أرحم لا العملاء والمتخاذلين ولا الفاسدين والجلادين، فانتظروني.

عجباً وألف عجب منك يا هذا الزمان الأغبر ...!! ألا فتبصروا واتعظوا وأدوا الواجب المقدس، وضعوا أخيراًَ يا أبنائي الأوفياء، حداً شاملاً لأحزاني وأوجاعي، وإلى الأبـــد بمشيئة الله.

 

والسلام عليكم ياالأحرار العالم الأعزاءء

2012-04-13
التعليقات