from arabtimes....
مع تطور الأحداث في سوريا بالأخص، وانكشاف دلائل التحالف المفضوح بين تنظيم القاعدة والمملكة السعودية ودُويلة قطر، والغرب الصليبي، لتدمير الشعب السوري، ومع عجز تحالف الشّر هذا، بدأت بعض أطراف المؤامرة على سوريا والعالم العربي والإسلامي ككل، تدخل مرحلة الإرباك وفقدان التوازن
ونخص هنا بالذات السعودية وقطر، لأنهما
لعبتا دور البيدق في المؤامرة لا غير، من خلال تمويل جماعات الموت، وتسليحها،
لنشر ما سمّوه ب "الربيع العربي"، لكن بالموازاة مع حالة الإرتباك، نرى أن
الدول المُهندسة للمؤامرة، انطلقت عبر سيناريوهات عديدة، في إيجاد المخارج لها
من المستنقع الذي غرقت فيه، دونما حساب لما قد يلحق ببيادقها من أضرار ومصائب،
فكان أن أسقطت فرنسا رأس الفتنة ساركوزي، وضاعفت الولايات المتحدة الأمريكية من
تصريحات مسؤوليها الكبار خاصة العسكريين منهم، والتي تصبّ كلّها في كون تنظيم
القاعدة قد أصبح لاعبا رئيسيا في هذا "الربيع العربي".
وبحسب المتتبعين لكلّ هذه التطورات، والتحوّلات في المواقف، أن الغرب وعلى رأسه
أمريكا، استطاع وبخبث كبير، أن يُلحق أضرارا كبيرة بالعديد من الدول العربية،
وعلى رأسها ليبيا وسوريا واليمن، وحتى مصر وتونس، وفي الوقت نفسه، نجح في توريط
دُويلة قطر والمملكة السعودية في مستنقع تنظيم القاعدة، وبما أن الغرب وبالأخص
أمريكا، لها نهج براغماتي في التعامل مع كلّ القضايا، فإنها رسمت ومنذ البداية
خطّة للإيقاع بدول الخليج العربي المُوالية، وبدول العالم العربي والإسلامي
المُمانعة كسوريا وإيران على وجه الخصوص
ونحن نرى اليوم، كيف أن الغرب، وأمريكا، قد فتحوا منافذ النجدة، لهم فقط، وأغلقوا الباب على العرب والمسلمين، بكلّ أطيافهم وألوانهم، لتحضيرهم لاقتتال طويل، لن يخدم في النهاية سوى الغرب وأمريكا، لكنّ حتّى هذا الغرب، أخطأ في حساب تداعيات مؤامراته، وما يُمكن أن ينجرّ عنها من كوارث، فالغرب ظلّ يُراهن على اختلاق الأزمات بعيدا عن جغرافيته، باختلاق ذرائع قوية لدفع الدول الخليجية بالأخص وعلى رأسها السعودية إلى مضاعفة الإنفاق العسكري
وبالتالي نهب ثروات بلدان الخليج، دونما إقحام عساكره في حروب شبيهة بالحرب في العراق وأفغانستان، ونجح إلى حدّ ما في ليبيا، لكنه اصطدم بالصخرة السورية العتية غير القابلة للإنكسار، وبفعل عامل الوقت، الذي كان في صالح سوريا، لم تقو البيادق على مواصلة تنفيذ المؤامرة كما كان مُخطّطا لها في البداية، بل إن دورها العميل انكشف لغالبية الشعوب العربية، فكان أن أصيبت بحالة هستيرية، أفقدتها اتزانها، وعوض أن تستمرّ في عملياتها التخريبية بشكل مُستتر، خرجت إلى العلانية، وراحت تدعو إلى تسليح ما أسمتها ب "الثورة" في سوريا، ولمّا لم تُفلح في ذلك كذلك، انطلقت في اللعب جهارا وفي وضح النهار، مع التنظيمات التكفيرية
فكان أن أفرجت السعودية عن المئات من عناصر القاعدة المتواجدين بسجونها، بعد أن اشترطت عليهم "الجهاد" في سوريا، كما أنّ دُويلة قطر، وأميرها المنقلب على أبيه، استغلت وزنها في ليبيا وتونس، وراحت تصدر السلاح والمُقاتلين إلى سوريا، عن طريق تركيا ولبنان، الذي انكشفت فيه فضيحة تهريب الأسلحة في قضية سفينة السلاح "لطف 2" التي حجزها الجيش اللبناني، والغريب بحسب الملاحظين، أنه مباشرة بعد اكتشاف فضيحة تهريب الأسلحة عبر لبنان الذي تحرسه قوات اليونيفيل، وتصاعد موجة التفجيرات الإرهابية في سوريا، يخرج الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ليشير بأصابع الإتهام إلى القاعدة في هذه التفجيرات
كما أن الأمريكيين بحدّ ذاتهم أقرّوا بوجود القاعدة في سوريا، هذا التحوّل الكبير والخطير، وضع القطريين والسعوديين على وجه الخصوص في موقف حرج للغاية، ولم تجد معه السعودية من مخرج، سوى الإستنجاد بالزعيم الجديد للقاعدة أيمن الظواهري، الذي خرج وعلى غير العادة ليُهاجم السعودية ويدعو لتغيير النظام بها، لكنّ المحللين رأوا أن خروج الظواهري بهذا الشكل وفي هذا التوقيت، المُراد منه، إظهار أن السعودية ليست في منأى عن خطر القاعدة، وبالتالي، فهي وعكس ما هو معروف ومُؤكّد، لا تتحكم في تنظيم القاعدة ولا تُوجّهه
لكن الظاهر أن ورقة الظواهري لن تجدي في اللعب هذه المرة، لأن السعودية وعبر وزير داخليتها، كشفت حجم تورّطها في الأعمال الإرهابية في سوريا، وقد يكون ذلك مُجرّد بداية لكشف أدوارها في تسليط هذا التنظيم الإرهابي، للفتك بمُناوئيها في إيران والعراق، واليمن، وأفغانستان وباكستان وغيرها. ولم لا يمكن القول اليوم، ما دام أن شكل التفجيرات التي وقعت في سوريا، مُشابه تماما لشكل التفجير الذي أودى بحياة سعد الحريري في بيروت، بأن السعودية والقاعدة متورّطتان في عملية الإغتيال هذه !؟
وحتى وإن لم يثبت تورّط السعودية في اغتيال الحريري، فتورطها مع القاعدة في سوريا أصبح شبه محسوم ومؤكد، ما سيجعلها عرضة لابتزاز غير مسبوق من قبل أمريكا وإسرائيل، إلى درجة أنها سوف لن تحلم يوما باسترداد ودائعها التي تقدر بمئات الملايير من الدولارات المودعة في البنوك الأمريكية، لأنه يكفي والحال كذلك أن ترفع أمريكا غطاءها عن الأسرة الحاكمة في السعودية وحتى قطر، ليجد حكام هاذين البلدين أنفسهم أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة مساندة الارهاب الدولي، وبذلك فأمريكا ومن ورائها إسرائيل، ورّطتا هؤلاء الأمراء العملاء الأغبياء، واليوم أصبحوا تحت رحمتهما، بل وسيكونون مجبرين على تنفيذ أية أجندة لتدمير العالم العربي والإسلامي، وهو الأمر الذي يستدعي من الدول التي وقعت ضحية مؤامرات "الربيع العربي"، أن تُمارس الضغوط على السعودية وقطر بالدرجة الأولى، لمطالبتهما بتعويض الأضرار، ولمَ لا التلويح بالحرب عليهما، ما دام أنهما يُشكلان أكبر خطر على الأمن العربي والإسلامي.
كما أنه على الدّول التي كانت مجدولة لدخول هذا الربيع، أن تأخذ الحذر من السعودية وقطر، وتعمل على مُحاصرتهما وبقوة، ومعهما الجماعات المُستفيدة من الرشاوى السعودية والقطرية، وأعني هنا الجماعات الإسلامية التي تهافتت عليهما طلبا للعطايا، وهو ما تأكّد عندنا في الجزائر، مع بعض الإسلاميين الذين أغدقت عليهم السعودية وقطر بالمال، لفتح الأبواب لفتنة الربيع العربي، لكنهم تقزّموا وحصدوا أنكر هزيمة لهم ولأسيادهم القطريين والسعوديين الذين و أمام المأزق الكبير لن يجدوا من مخرج هذه المرة سوى تصدير جماعاتهم الإرهابية إلى الغرب وأمريكا مباشرة ليس إلا