syria.jpg
مساهمات القراء
خواطر
حبيبتي ضائعة...بقلم : محمد عصام الحلواني

كان المطر ينهمر بغزارة والبرد قارص . وقف تحت أحدى الأشجار في الشارع المظلم والفارغ من المارة . كان يضم ياقة قميصه ليتقي لفحات البرد القادم مع هبات الرياح التي تتخلل عظامه .

وقف ينظر يمينا وشمالاً وهو يرتجف من البرد . كأنه يبحث عن أحد ما أو شيء ما .


كان غارقاً في الفكر : كيف رحلت ولم تلتفت وتركته مع برد الشتاء .

تركته مع الوحدة ومع الألم الكبير الذي يعتصر قلبه فينهمر الدمع بأرق من الماء وأغزر من المطر .

كان يصرخ في أعماقه ويتأوه فتخرج الآهات على لسانه غصباً .

أين رحلت حبيبتي ؟  وهل أنت الآن أمام الموقد تتدثرين جمالك . ويدفئ قلبك الحنون جميع من حولك .

لمن تركتني ؟ . للضياع .  للوحوش التي تنهش لحمي . للناس تأكلني نظراتهم . لمن تركتني . لنفسي . أم للهوى واللهو ولمغامرات الحب الكاذبة التي لا تنتهي .

 

هل أخافك مني شيء حتى رحلتِ .

كان ينظر فيرى وجهها في كل شيء حوله .

 مر من أمامه رجل مسن يمشي بكل طاقته ليصل بيته ويتقي هذا البرد .

لمح العجوز طيفا فالتفت العجوز نحوه فإذا الشاب . و رفع رأسه ليرى من هو هذا المجنون الذي يقف هنا في هذا الشتاء .

 

 سأله بني ما وقوفك هنا ومن أنت وما أسم أبيك ؟ .

 أجاب الشاب أنا فلان وبيتي هناك . وقد أتيت إلى هنا مع حبيبتي ثم أضعتها .

 فسأله العجوز متعجباً . وما كانت ترتدي حبيبتك وما لون ملابسها وكيف تضيع . أهي طفلة صغيرة ؟ .

 

 أجاب الشاب هي أجمل نساء الكون . فتاة في مقتبل العمر ترتدي فستان مزركش بالياسمين وتضع على جيدها عطر الورد الجوري  . وعلى كتفيها وشاح أزرق متموج . ولها عينان خضراوان بهما بريق وحنو ما مثله بين العالمين . وشعر كستنائي وقلب أبيض كبير يتسع الكون جمالاً . وهنا دمعت عينا الشاب من جديد .

 

 فاقترب منه العجوز وهو يربت على كتفه ويقول له : هون عليك بني لا تبكي لابد أن تجدها .

بني ما أسمها : أقترب الشاب من العجوز وهمس في أذنه اسمها .. فبكى العجوز بكاءً شديداً وقال له : بني هلم نبحث عنها سوياً . فأنا أيضاً أعرفها وأفتقدها . سقا الله أيام كنت شاباً ألاعبها وأتفحص كل شيء فيها وأشم عطرها ويسحرني جمالها .

 

تعال بني لنبحث هناك وهنا ربما نجدها أو تجدنا هي .

سارا تحت المطر يبكيان ويصرخان سوريا حبيبتي أين أنت  .

وما من مجيب .

 

دمشق محمد عصام الحلواني 9/11/2012 م الساعة الثامنة مساءً .

 

2012-11-15
التعليقات
سلاف
2012-11-27 21:45:52
بكيتني
الله يسامحك بكيتني ..لأن حالي يشبه حالك وأنا في سورية بحثت عنها فغربتي في بلدي بدأت مع الأزمة ..سافرت علي أجدها بين الناس ..لكن هنا في السويد لايعرفوا من حبيبتي وحبيبتك سوى اسمها

سوريا