للمواطنة وجوه و إسقاطات كثيرة و متعددة و من تلك الوجوه المشاركة في السلطة و المشاركة في الثروة ..
والمواطنة بين مختلف أطياف الوطن الواحد على مختلف مشاربهم و عقائدهم و انتمائهم هي الركيزة الأساسية في تحقيق الحياة الكريمة و العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين مختلف الأفراد بغض النظر عن اتجاههم و ميولهم و منبتهم.
ولطالما لم تطبق المواطنة في مختلف المجالات و الاتجاهات حيث ساد الوطن الحبيب الاستئثار بالسلطة و الثروة و المرجعية و الإعلام مما أدى إلى استشراء الفساد الأخلاقي و السياسي و الاقتصادي و ظهور طبقة برجوازية مستغلة قريبة من دوائر صنع القرار استأثرت في معظم مفاصل الحياة الاقتصادية و ساعد في ذلك بعض القرارات غير المدروسة التي مكنت تلك الطبقة من السيطرة و الاستحواذ على خيرات و مقدرات الوطن مما أدى إلى تعزيز الطبقية و اضمحلال الطبقة الوسطى التي تشكل الحامل و الرافعة الأساسية للتغير السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي في المجتمع حيث أنهكت تلك الطبقة بتفاصيل الحياة اليومية و غيبت بشكل مقصود أحيانا !!
وعانت الطبقة الوسطى في العقد الأخير من الإقصاء والتهميش الكبير حيث غابت عن الحياة السياسية بشكل كبير نتيجة التصحر السياسي وانعدام التعددية السياسية و سيطرة الفكر الواحد من خلال الحزب الواحد مما أدى إلى اغتصاب وإجهاض نمو و صيرورة أي فكر جديد يمكن من خلاله إغناء وإثراء الحالة السياسية.
وأرهقت الطبقة الوسطى في تأمين المعيشة وعانت شريحة كبيرة و خصوصا خريجي الجامعات من البطالة و عدم تكافؤ الفرص نتيجة ثقافة الواسطة التي أصبحت احد أدبيات المؤسسات الحكومية في التعين و القبول وكما أدى غياب السياسات الحكومية لمعالجة البطالة و الفقر و الظلم الاجتماعي و الآثار المترتبة عليها إلى نمو نوع من الفكر المتطرف بين شرائح المجتمع المختلفة حيث تشكل البطالة و الفقر والظلم الاجتماعي و الفهم الخاطىء للدين أهم أسباب التطرف الفكري في المجتمعات العربية.
وكما معروف أن الطبقة الوسطى أحد أهم انجازات عصر النهضة الأوربية والرافد الحقيقي لمختلف مظاهر التقدم و التطور في العالم الغربي من حيث السياسة و الاقتصاد و الأدب و الفن و مختلف المجالات لذلك تسعى اغلب الأنظمة السياسية التعددية بالمحافظة على تلك الطبقة و دعمها و توفير سبل الحياة الكريمة لها من منطلق إذا كانت هذه الطبقة بخير فالوطن بخير.
و خلاصة القول لا بد من إعادة إنتاج نظام سياسي تكون المواطنة أساسه يسمح بالتعددية السياسية و الفكرية والاقتصادية بعيد عن الإقصاء و التفرد و الاستئثار بالسلطة يعمل على تمكين مختلف طبقات المجتمع وخصوصا الطبقة الوسطى ويسمح لها بالمشاركة في شتى أشكال الحياة السياسية و الاقتصادية لما فيه خير للمواطن و الوطن.
سيد تمار حمود عيد تحية لكَ .