ضخامة عدد اللايكات والتعليقات في صفحة الفيسبوك الخاصة لأي شخص لم تعد تؤشر على فعالية المحتوى الذي يُطرح فيها ومدى سموه وتميزه ورقيه كما يظن الكثيرون ، فمن موقع خبرة في هذا المجال أعرف بأن حشد عددٍ من اللايكات قد يفوق ما برأس هيفاء وهبي من شعر بات من الأمور السهلة والمضحكة لا وبل السخيفة والتي قد لا تكلف سوى خمسة دولارات وربما أقل ، وفضاء الإنترنت يعج بمن يبيع هذه الخدمة لمن يريد ...
هذا العدد الضخم من الإعجاب كان يجدي نفعاً عند
انطلاق خدمة الفيسبوك أما الآن وبعد تطورها الهائل وخضوعها لمباضع شتى أنواع
التحاليل - ومنها طبعاً النفسي - فالمقياس الأدق والأصدق لسمو الصفحة ورقيها هو عمق
تأثر زائرها بمحتوياتها وتلائمه مع توجهاتها على مختلف الصعد وأيضاً بنوعية
أصدقائها وتفاعلهم مع (الحدث) والواقع بمنطقية الفكر لابعبثيته وانحطاطه وسخفه
ومجموع كل هذه الدلائل سترسم حتماً في ذهن الزائر صورة لذاك الشخص الواقف خلف
الصفحة وستضيئ بعضاً من جوانب حياته الواقعية للآخرين وبالتالي مدى انسجامه مع
واقعه ومجتمعه وتصالحه مع نفسه ..
فنحن اليوم نعيش في زمن انعكست فيه الحياة الافتراضية الفيسبوكية على واقعنا الفعلي
المُعاش وباتت تؤثر في نفوسنا حزناً و فرحاً و حتى غيظاً كما لو إن مايحدث في
حياتنا الافتراضية واقعاً قائماً
تتحرك له مشاعرنا سلباً أو إيجاباً يستوجب ردات فعلٍ قد تصل حد العنف اللفظي ربما
أو أكثر ، وهذا الشعور إن لم نعي له ونضبط إيقاعه جيداً ولا نجعله يتسع لأكبر من
حجمه قد يردينا في متاهات المرض النفسي المرهق وربما المزمن ، فقضية أن لا يضع
صديقي (لايكاً )على أحد (بوستاتي )لاتعادل عندي أبداً أن يراني ذات الصديق في
الشارع ويتجاهلني عمداً وكأني لاشيء أمامه ، فهذا شيء وذاك شيء آخر ومختلف تماماً ،
الأولى لاتستوجب التفكير فيها مطلقاً والثانية قد تكون سبباً وجيهاً لإعادة التفكير
بعلاقة الصداقة التي تجمعنا..وأقول إعادة نظر تستوجب السؤال والتقصي والتحري
والمعاتبة وليست قطعها وكفى الله المؤمنين شر القتال ...
فصفحة الفيس بوك اليوم باتت بيتاً الافتراضي الذي هو نسخة مصغرة عن بيتتا الفعلي ،
يؤمه الزائرون والأصدقاء ويتجولون في غرفه ويطلعون على تحفه ونحن فقط القادرين على
أن نخصص مانريده خاصاً وأن نعمم ما نريده عاماً للجميع ، فليس زائر البيت مباح له
الاطلاع على كل ما للبيت من أسرار أسرية بالمقابل فله الحق علينا كضيف أن لايسمع
إلا طيباً وأن لايرى إلا طيباً أيضاً ومن حسن الضيافة وآدابها أن يغادر الزائر
بيتنا راضي النفس ومنشرح الصدر ، ومن فنون الضيافة أن نعطي الزائر انطباعاً جيداً
عنا يدل على اتزان الشخصية واهتماماتها وتوجهاتها واعتدالها بالرأي والفكر وحتى
بالنكتة والمزاح ...
أروي كل هذا وقد شكا لي أحدهم بأنه محبط ومتوتر ومتوعك نفسياً لأنه يكتب على حائطه
( دُرراً ) ومقطوعات نثرية خالدة ولايحصد إلا أربعة لايكات بالكثير ثلاثة منها من
زوجته وولديه علماً بأن
قائمة أصدقائه أصبحت بالمئات (اللهم لاحسد )..كتمتُ ضحكتي وكنت أود أن أقول له :
- شو حضرتك أفلاطون يعني ..؟
لكني أحجمتُ عن هذا هيبةً (للمأساة)التي يعيشها نديمي هذا وهي تصحر بوستاته من
اللايكات التي يراها بالعشرات على بوستات الآخرين فيطير صوابه ..
ودخلت معه بنقاش طويل لإعادة (دوزانه)من جديد ألهمني لأن أقول ماقلته لكم أعلاه ،
وأكتب الآن مطمئناً بأن صاحبي هذا لايتابعني هنا لأن ماجمعني به هو لقاء صدفة عابرة
في إحدى سهرات السمر العادية ...
لكن بصدق أتمنى له أن تغزوه اللايكات من كل حدبٍ وصوب لأن وضعه بقطع القلب ...
أنا بعكسو لهاد نديمك..ما بطيق حدا يعملي لايك ويجاملني وخصوصا الأصدقاء يلي انا ضايفتن؟!.. قال يعني معجبين!!.. وهنن كلن أقارب واهل..!. ما حبيت فكرة الفيسبوك.. قمت عملت فكرة لحالي وحذفت كل الأصدقاء يلي ضايفتن قصدي الاهل يعني..وسمحت لكل العامة تدخل صفحتي ومين ما بدو يقرأ ويعلق من دون ما ضيف حدا.. لشو يعني هالضيافة؟! وهيك ما بغصب حدا على قراءتي ولا بخجلو يعلقلي.. وقلو لهاد نديمك الله يجعلها اكبر المصائب..