syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
بين المتنبي وأبو ليل ... بقلم : ابراهيم فارس فارس

كثيرا ًما يزخر أدبنا وشعرنا العربي بشعراء أفذاذ ، حفظ التاريخ آثارهم الأدبية بماء الذهب ، فخلدت عبر التاريخ ... ولعل من فحول الشعراء وأحد أمرائهم المرموقين ، الشاعر الكبير : أبو الطيب المتنبي .


وكثيرا ًما نقرأ لهذا الشاعر أشعاره الخالدة ونرددها بنشوة واعتزاز ، سواء تلك التي قالها في بلاط سيف الدولة ، أو كافور الاخشيدي ، أو بلاط الأمراء من بني فارس أو العراق .. اسمع المتنبي يقول :

أنا الذي نظر الأعمــى الى أدبـــي                  وأسمعت كلمــاتــي من بـه صـمـــم

وهو الذي قال ذات مرة :

إذا غامرت في شـــرف مـــروم                  فــلا تقـنــع بـمـا دون الـنـجــوم

ولكن المتنبي ، الشاعر العملاق ، إنسان بالنتيجـة ، وهو عملاق في بلاط الشعر وميادينه ، لكنه وأمام ذاته مجرد إنسان كغيره له همومه وتصرفاته وسلوكه الأقرب الى عامة الناس قولاً وفعـــلاً !

فقد كان المتنبي الشاعر العظيم ، يتجول ذات يوم في سوق شعبي ، وكان يريــد شراء حاجة له ، فوجد ضالته في دكان بائعها صبي صغير ، فتسلل الى خلده أنه ربما اشترى منه مبتغاه بنصف السعر لصغره! لكن الصبي كان عنيدا ً وخيب للمتنبي أمـله ، فما تراجع عن السعر قيد أنملة ، فضاق المتنبي به ذرعاً وسأله بنزق وحدة : ما اسمك أيها الولد ؟ فقال له: زيتـون ! فقال له المتنبي:

سـمّـوك زيتـونـا ً وما أنـصـفـوا                 ولـو أنصـفـوا سـمّـوك زعـــرورا

فـا لزيتـون فيـه زيـــت وأنت                     لا زيــت فيـــــك  ولا  نـــورا

فقال له الصبي ، ما اسمــك يــا عــم ؟ فأجــابـه المتنبي بزهــو : أنا المتنبي يا ولــد !

فقال لــه الصبــي:

يـا لـعـنـة  الـله صــبــي                  فــي لحيــة المـتــنـــبي

إن كنـت أنت نـبـيــــــي                   فالقرد لا شــك ربـــــــي

ومثل أبي الطيب ، أبو نواس ، الشاعر العباسي المعروف ، شاعر الخيال المتدفق ، والحس العفوي ، والرقة والسذاجة الحلوة وشاعر الخمرة واللهو في آن معــــا ً !

فقد كان أبو نواس ذات مرة في مجلس لهو وغناء وطرب ، وكان الخليفة حاضرا ً والى جانبه احدى جواريه المدللات .. وبينما ابو نواس في انسجام بما يجري حوله ، أشار الخليفة الى جاريته أن تأخذ كأس مدامه وتضعه  في حجرها ففعلت ! فما كان من أبي نواس إلا أن  ارتبك وحار ما يفعل !! فلا هو قادر على استرجاع الكأس من مكانه خشية غضب الخليفة ،وقد أصبح بلا كأس !! فرأى الخليفة حيرته

فقال له :ما بك يا أبا نواس ، ما قصتك ؟

فقال له: يا مولاي ،  

                         قصتي أعظم قصــــة               صــارت الظبيـة لصـــــة

                         سرقت كأس مدامــــي               وامتصاصـي منـه مصـــــة

                         خبـأتـــه فـي مـكان               فـي فـؤادي  منـه غصـــــة

                         لا أسميــه وقــــاراً                للخليفــة فيــه حــصــــة

فضحك الجميع حتى انقلبــوا على قفــــاهــم فـرحــا ً  وســرورا ً !!

ولا نحسب أن الطرفة وسرعة البديهة ملك لأمثال أولئك ، فثمة من في العوام من لديه خفة دم ما يماثل ما لدى أولئك وقد يفوقهــم أحيــانــاً!

ففي خمسينات القرن الماضي ، كان ثمة رجل من ضيعتنا يقال له : أبو ممدوح الجسري . وكان هذا الرجل شكلا، الطول مثل العرض ، وذي خفة دم لا مثيل لها حتى لينسي جلساءه همومهم ،ويجلى عن صدورهم بحديثه كرب أزمانهم ! وذات يوم ، ركب أبو ممدوح بغلته من بستانه قاصداً قريته وكانت على بعد ساعتين مشيا ً وكان الجو تموز والطريق وعرة ! وفجأة أشارت له امرأة عابرة سبيل وطلبت أن يحملها معه ، فسر الرجل وقال في خلده : جاء الرزق على رجليه !.

ركبت المرأة خلفه وأحاطت خاصرتيه بيديها كيلا تقع ، فسرت في جسد أبي ممدوح قشعريرة الغريزة وجعل خياله يحلق في أفق المتعة ، لكن أخلاقه وخشية أن يقال عنه قليل حياء منعه أن يتصرف بما لا يليق ، أو أن ينبس ببنت شفة !!

فجأة ، قالت له المرأة : عجب شقد  الساعة يا حجي ؟ وكانت الساعة حلم الفقير في ذلك الزمان،

؟  فقــــال: عشـــــرة قبــل الظـهــر !   وبعـــد ســير طويـــــــل،

سألته المرأة مجددا ً : عـجـب .. شـقـد صـارت الساعـة يـا حجــي ؟ فقال لها : عشـرة قبـل الظهـــر !! فاستغربت المرأة وقالت : من ساعة قـلـتـلي ، عشـرة ؟! فقال بحبور

وغمــز : آ.. صـارلـو العقرب واقف أكتر من ســاعة ؟؟!!

وذات يوم ، كان لدينا في تلك القرية حلاق يقال له أبو الليل ، وكان ابو الليل هذا ضعيف نظر ، فعين لا يرى فيها ، وأخرى يرى بها قليلا ، وهو حلاق !! وبينما كان يحلق شعر زبون ، تنهد ابو عبدوالجالس منتظرا ً دوره ، ولكن من قلب محروق ! فتعجب أبو الليل من طول زفراته وسأله باستغراب :

اشبك خــاي  ابو عبدو ، خــير ؟! فقال له : من هذه الدنيا يا ابو الليــل ! فقال له: ليش لك خاي،ما شا الله : دار وسيعة ، و فرس سريعــة ، ومــرا مطيعــة ! فقال له ابو عبدو:

منين يا خيــو ؟ الد ار عم تهبــط ، والفرس عم تلبـط ، والمــرا عم تـ **** ؟؟!!

2010-12-02
التعليقات
منصور
2015-05-17 21:44:08
إعجاب
والله حلوة يا فارس

ليبيا
البازي
2010-12-02 14:08:29
اين الثرى من الثريا
شو جاب لجاب يا صاحبي

سوريا
صديق قديم...
2010-12-02 08:00:49
مرحى..
حياك الله يا أبا عمار .. فأنت لست مهندسا مرموقا وحسب ، بل كاتبا وشاعرا وموسيقيا وخطاطا ومبدعا ....وأنا أقرأ كل ما تكتبه باستمتاع ... الله يكتر من أمثالك ومرحى لك ....

سوريا
السـ حسام ـــوري
2010-12-02 03:27:25
مممم
حلوه بس خدعتني مرتين متتاليتين ياابراهيم ..بالاول شفت اسم المتنبي مع ابو الليل فقلت المقال من اسم ابو الليل شكلو من الحارة لانو عنا ابو الليل كمان ..بس قريتو ورجعت تحكي عن المتبني ونوادره ..ضيعتني ..ورجعت بالأخير ع ابو الليل وابن الضيعه ...حلوه منك ..بس لو كاتب القصتين الأخيرات كقصص قصيرة مو كان احسن واحلى ؟؟ وبالعموم شكرا الك مقال حلو

سوريا