syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
أنتظريني إني أت ... بقلم : محمد عصام الحلواني

تطاول بعنقه بين الناس ليرى أين تقف وهو يبحث عنها بشغف وقلق كبيرين . وكانت قطرات العرق تقطر من جبينه ووجهه .

بدا عليه الارتباك وظن أن الجميع كانوا يراقبونه .


وهي كانت تبحث يمينا وشمالا . علها تلمح قميصه أو لون ملابسه بين الناس . لم يكن طويلا كفاية لتميزه بين الواقفين . ولم تكن ترتدي شيئا ميزا ليميزها من بين الناس . وقد أكتظ بهم الشارع .

 

مضى وقت قبل أن تلمحه وتلوح له بيدها . فرآها و كان بينهما مجموعة من الناس . حاول دفعهم عن طريقه ليصل إليها  فلم يستطع . فصرخ بأعلى صوته وهو يمتطي كتف أحدهم ( انتظريني إني آت إليك ) . كان الناس يندفعون كالسيل وكلما تقدموا دفعوها بعيداً عنه . وكان كلما حاول التقدم نحوها يتصادم هو والناس ولم يدر ماذا يفعل . فلم تنفعه كل قوته ومرونة جسده في التقدم نحوها  . وكان يراها تبتعد عنه .

 

مر وقت وغابت من جديد ولم يعد يراها أوتراه هي بدورها . الغضب كان يتملك كيانه بأكمله . والشعور بالوهن والخوف كان يسيطر عليها .  

 

بعد قليل وصلت المركبة وحملت الجميع . وصعدت معهم مرغمة وكأنها جزء من جسد واحد لا يستطيع الانفصال عنه . ورأى المركبة تأخذ مجموعة منهم وتبتعد . فارتعد قلبه متراقصا من الخوف أن تكون بين هؤلاء الذين حملهم المركب .

 

واستجمع قواه كلها وبدأ معركة التجاوز لكل من يقف في طريقه . وبعد جهد كبير وصل للمقدمة . وقد كان الجميع يحاول الرجوع بعكس اتجاهه خوفا من أن تعود المركبة . وصل فوجد قضبان حديدية ثخينة تقف بينه وبين التقدم للأمام . وبحث عنها بجنون . وسأل عنها الناس جميعا فلم يجبه أحد .

 

جلس واضعا رأسه بين قدميه ينظر نحو الأرض وهو يبكي بحرقة ومرارة شديدين .

 

ولم تمض برهة إلا والمركبة تعود . فصعد مع كل من صعدوا مرغما أيضا . وسارت بهم المركبة . وكان لها صوت مخيف ودوي مرعب . وبعد قليل توقفت المركبة وألقت بكل من كان على متنها بوحشية على الأرض . وقد كاد أن يلفظ أنفاسه فقد وقع فوقه عدد كبير من الناس . ولما أستطاع أن يفر من تحتهم . ركن إلى زاوية ما في المكان .

 

 فلمح رأس حبيبته على الأرض ملقاً والدماء لازالت تسيل منه . وبينما هو غارق في صدمته . وينظر لها بغصة وألم كبيرين مصدوما لا يستطيع الحراك .

 

 مد ديك كبير يده إلى الغرفة وأمسكه من رقبته ووضعه على منصة وقطع رأسه . وكم كانت الرحلة من على المنصة إلى الأرض طويلة جداً وعميقة جداً بالنسبة للرأس فهو لم تفارقه الروح بعد . ولم يستوعب صدمة أن يقتل بهذه الطريقة وبهذه السرعة . وعلى يد أحد الديوك . أكلي لحوم البشر .

المدشرة . ( بدل المدجنة ) .

 وتدعي أنك شيء كبير وتستطيع أن تجترح المستحيل .

ما أنت إلا فرخ بشر في المدشرة .

 

2013-05-23
التعليقات
محمد عصام الحلواني
2013-05-28 15:48:44
الشكر الجزيل لكل من تعنى وعلق على كلماتي
الأساتذة والمحترمون جميعا أحبتي : سلام الله من قلبي لكم شكرا لمروركم الرائع والمثمر أخاكم الأقل محمد عصام الحلواني

سوريا
afjsa1
2013-05-27 21:28:26
لوحة الرسام...
الأخ العزيز محمد...تتقن العزف بروعة منقطعة النظير على أوتار الأحاسيس الإنسانية، لينفجر معك كل ما قد دفناه في خفايانا، وينطلق معلناً التمرد على كل ما يتناقض مع الحالة الإنسانية، ولكن التسليم لقضاء الله وقدره ديدننا، وبه نستمر بالحياة. صورة ولا أحلى تجعل القلم ينساب على اليراح وتتفتح القرائح، نحتاج في كل حين لأمثالك حتى يذكروننا بأننا ننتمي لتجمع أقل ما يقال عنه بأنه إنساني، أتمنى عليك المثابرة والمتابعة وإلى الأمام بإذن الله تعالى!!!

سوريا
بسمة الحزن
2013-05-26 23:26:22
مؤثرة
قصة معبرة وكبيرة بحروفها ومعانيها سلمت يداك

سوريا
م فواز بدور
2013-05-25 01:15:04
الاستاذ محمد عصام حلواني الرائع
انتظريني إني لا استطيع الحياة بعدك كما كنت لا استطيع الموت قبلك

سوريا
عهد ابراهيم
2013-05-23 17:02:54
الحياة فانية
أخي العزيز إن الحياة فانية ووجودنا فيها مؤقت ولا يبقى لنا بين الناس والأحباء إلا الذكرى التي تكون إما حسنة أو سيئة ونحصل عليها من خلال أعمالنا وأفعالنا ودمت بألف خير .

سوريا
هبة
2013-05-23 09:59:58
:(
كتير مؤثرة يعطيك العافية

سوريا